آداب النصيحة في الإسلام

كتابة:
آداب النصيحة في الإسلام

النصيحة في الإسلام

جعل الإسلام النّصيحة حقًا من حقوق المسلم على أخيه، وخصّها بمكانةٍ عاليةٍ؛ فرتّب الشّرع عليها الأجر والثواب، وقد دلّت النّصوص الشرعية من الكتاب والسنّة على وجوب التناصح بين المسلمين والتعاون بينهم؛ فحثّت على الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، قال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)،[١] وإنّ للنّصيحة ضوابط وآدابٌ ينبغي مراعاتها، كما أنّ لها آثارًا إيجابيَّةً تعود على كلا النّاصح والمنصوح، بل وعلى المجتمع بأكمله بالخير والنفع.[٢][٣]




آداب النصيحة في الإسلام

للنصيحة آداب ينبغي للناصح مراعاتها والتحلي بها، فيما يلي ذكر وبيان جملةٍ منها.


أولًا: تجنّب النصيحة أمام النّاس

وذلك حتى تكون أكثر قبولً؛ إذ إنّ النصيحة أمام الناس تكون كنوعٍ من التوبيخ، وإحراج المنصوح، وهذا أمرٌ غير مقبولٍ، وقيل إنّ النصيحة أمام النّاس فضيحةٌ.[٤][٥]


ثانيًا: مراعاة النّصح برفقٍ ولين

فلا بدّ من أن تكون النّصيحة بأسلوبٍ تظهر فيه المودَّة والرأفة؛ ما يجعل المنصوح أكثر قبولًا لها، قال الله تعالى: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)،[٦] فالنصيحة بفظاظة وغلظة تنفّر المنصوح، وقد يدفعه ذلك للمعاندة، وتجلّى أسلوب الرفق في قصة الأعرابي الذي بال في المسجد وكان أسلوب اللين واللطف الذي استخدمه النبي -عليه الصلاة والسلام- معه سببًا لتفهّم الأعرابي وقبوله النصيحة.[٤][٥]


ثالثًا: أن يكون القصد بالنصيحة الخير والصلاح

فليس المقصود من النصيحة مجرد الكلام والنقد أو إحراج المنصوح، أو التعييب عليه بأخطائه، فالنصيحة حتى تكون مقبولة لا بدّ لها من أن تكون خالصةً لوجه الله تعالى، دون النّظر لثناء الخلق ودون قصد الكِبر والترفع عليه، مع ضرورة تجنّب غشّ المنصوح والاحتيال عليه في النصيحة.[٤][٥]


رابعًا: تحلي الناصح بالصّبر

فينبغي للناصح أن يكون متخلِّقًا بالأخلاق الحسنة؛ فيكون صبورًا في تحمّل عواقب نصيحته، فقد يتعرض للشتيمة أو التوبيخ أو ما شابه، فعليه الصبر وألّا يردّ الإساءة بمثلها.[٤][٥]


خامسًا: علم الناصح وعمله بما ينصح

وذلك حتى تكون النصيحة على الشكل الصحيح وتؤتي ثمارها المطلوبة، فجهل الناصح بما ينصح قد يؤدي للوقوع في مشاكل ومفاسد كثيرةٍ، كما أنّ على الناصح أن يكون عاملًا بنصيحته؛ فقد ذمّ الله تعالى من يأمرون بالمعروف ولا يأتونه؛ فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ* كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّـهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ).[٧][٤][٥]


سادسًا: اختيار الوقت والمكان المناسبين للنصيحة

وذلك حتى تكون أكثر قبولًا واستجابةً من قبل المنصوح؛ فالمؤمن الفطن من يتحرّى الوقت والمكان المناسبين في نصيحته؛ فيتجنّب مواضع الغضب مثلًا، ويتّبع أفضل الأساليب وأنفعها فيما ما يغلب على ظنّه أنّها الأنفع وفق ما يقتضه الموقف.[٤][٥]


سابعًا: عدم الإسهاب في النّصيحة

فخير الكلام ما قلّ ودلّ، وإنّ إطالة الكلام في النّصيحة وكثرة تكرارها قد يؤدي إلى ملل المنصوح وضجره منها، فعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: "كانَ عبدُ اللَّهِ يُذَكِّرُ النَّاسَ في كُلِّ خَمِيسٍ فقالَ له رَجُلٌ: يا أبا عبدِ الرَّحْمَنِ لَوَدِدْتُ أنَّكَ ذَكَّرْتَنا كُلَّ يَومٍ؟ قالَ: أما إنَّه يَمْنَعُنِي مِن ذلكَ أنِّي أكْرَهُ أنْ أُمِلَّكُمْ، وإنِّي أتَخَوَّلُكُمْ بالمَوْعِظَةِ، كما كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَتَخَوَّلُنا بها، مَخافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنا".[٨][٤][٥]


المراجع

  1. سورة المائدة، آية:2
  2. محمد حسان، دروس للشيخ محمد حسان، صفحة 5. بتصرّف.
  3. "كيفية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحكمة المقصودة فيه"، ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 30/1/2022. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت ث ج ح خ "آداب النصيحة (خطبة)"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 27/1/2022. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت ث ج ح خ "الدين النصيحة "، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 27/1/2022. بتصرّف.
  6. سورة آل عمران، آية:159
  7. سورة الصف، آية:2-3
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:70، حديث صحيح.
3068 مشاهدة
للأعلى للسفل
×