العلم والحضارة
إذا كانت الحضارة عبارةٌ عن تمثيلٍ لما وصلت إليه أيّ من الأمم عبر الناتج المعرفي الذي ينبع من العقل والتفكير، وبما يمثله ذلك من أثرٍ عمرانيٍ وعلنيٍ يبعث بروحها إلى الرقي ويجعلها منسجمةً مع حالاتها الواقعية، ومحققةً بذلك حاجاتها الأساسية، فإن ذلك يجعل التفكير بارتباط الحضارة بالعلم أمرًا ضروريًا، وهذا صلب موضوع المقال في سعيه لذكر أبرز اختراعات المسلمين في القرون الوسطى، فالأصل أنّ الاختراعات هي سعي المعنيين بالعلم إلى تطوير الحضارة ورفدها بما يحقق الغاية كما ورد في التعريف، وبحيث تحقق هذه المخترعات الحاجات الأساسية وحتى الرفاهية منها، وفي نظرةٍ على عناصر الحضارة يجد الباحث أنّ متابعة العلوم بمختلف أنواعها واتجاهاتها عنصرًا مهمًا من عناصر الحضارة وتكوينها.[١]
النهوض الحضاري
بينما كان العرب يذهبون بعيدًا عن صفحات التاريخ وتكاد الأمم لا تلقِ لهم بالًا، فلا تراهم أكثر من بدوٍ متخلفين وقطاع طرق -على حسب المراجع- وإذ بنورٍ ربانيٍ يضيء عتمة حالهم وانحطاط حضارتهم حين بعث الرسول محمدٍ -صلّ الله عليه وسلم- رسولًا منهم وإلى الناس كافة، فكانت اللحظة حسمًا لما امتدّ من الانحطاط الحضاري وتأسيسًا لحضارةٍ عظيمةٍ تنير بمنجزاتها الدنيا على امتداد ما يقارب العشرة قرون، ثم بعد هذا وعلى وعدٍ من الله بأن ينصر من ينصره، وإثر عوامل عديدةٍ لا يتسع المقام لسردها بدأت شمس هذه الحضارة بالأفول.
[٢] ولأنّ العادة التي يعرفها ويلاحظها الجميع تقول بأنّ المنتصر هو من يكتب التاريخ، بناءً على هذه العادة فقد امتدت الأيادي وعبثت، فبدلت وزيفت وطمست ما استطاعت إليه سبيلًا، وفي محاولةٍ لتسليط الضوء على أبرز اختراعات المسلمين في القرون الوسطى، تلك العصور التي كانت عصورًا مظلمةً في أوروبا، فإنّه لمن المناسب أن يُفتًتح الحديث حول ذلك بهذا الاقتباس المهم، "وعلى الرغم من ذلك فإنّ من يتصفح مئة كتابٍ تاريخيٍ، لا يجد اسمًا لذلك الشعب -الشعب العربي- في ثمانيةٍ وتسعين منها".[٢]
أبرز اختراعات المسلمين في القرون الوسطى
قامت الحضارة العربية الإسلامية، منيرةً العالم والدنيا بأسرها بالعدل والعلم والإيمان، وظل المسلمون على أساسات حضارتهم وركائزها يتبنون فكرة إنارة الأرض، ورفدها بكلّ ما هو ذو نفعٍ وضرورةٍ، بل حتى وإنّهم تخطوا الضروريات إلى الكماليات والترفيه، حتى ولا شك أنّ الحضارة العربية الإسلامية بلغت من العلم مبلغًا لا تشقّ غباره أمةً من الأمم في ذلك الوقت، ولن يكون من المبالغة أن يُقال بأنّ أبرز اختراعات المسلمين في القرون الوسطى، كانت ولمّا تزل الركائز الأساسية للرقي العلمي في الوقت الحاضر، وأنّ كثيرًا من أهم وأبرز اختراعات المسلمين في القرون الوسطى تم نسبها إلى غيرهم من الغربيين، خاصةً عقب سقوط غرناطة والأندلس، وفيما يأتي سردٌ سريعٌ لأبرز اختراعات المسلمين في القرون الوسطى:[٣]
- الكاميرا: ويأتي اسمها من القُمرة بمعنى الغرفة المظلمة، وقام باختراعها العالم المسلم ابن الهيثم.
- الطائرة: وكانت بدايةً مظلةً من القماش والخشب، وقد نجح في الطيران بها عباس بن فرناس.
- الكيمياء: وهي أساس آليات الفلترة والتقطير، وهو اختراع الكيمياء الحديثة لابن حيان.
- الميكانيكا: حيث تم تصميم الصمامات لأول مرة في التاريخ، والآليات ذاتية الحركة والمسير الجزري أو الجزائري.
- الصابون.
- المواد العازلة.
- الأقواس الهندسية.
- معدات الجراحة الطبية.
- المخدر الطبي.
- اللقاحات والمطاعيم الطبية.
- الدورة الدموية.
- طواحين الهواء.
- أقلام الحبر الجاف.
المراجع
- ↑ رالف لنتون، أحمد فخري، أحمد الشلق (2010)، شجرة الحضارة .. قصة الإنسان منذ فجر ما قبل التاريخ حتى بداية العصر الحديث، القاهرة- مصر: المركز القومي للترجمة، صفحة 20-21، جزء 1. بتصرّف.
- ^ أ ب زيغريد هونكه، فاروق بيضون، كمال دسوقي (1993)، شمس العرب تسطع على الغرب (الطبعة الثامنة)، بيروت- لبنان: دار الجيل، دار الافاق الجديدة، صفحة 11. بتصرّف.
- ↑ محمد الإمام (2008)، معابر الحضارة الإسلامية إلى أوروبا (الطبعة الأولى)، عمان- الأردن: دار المأمون للنشر والتوزيع، صفحة 9-13. بتصرّف.