أبي ذؤيب الهذلي

كتابة:
أبي ذؤيب الهذلي

أبو ذؤيب الهُذلي

كان أبو ذؤيب الهُذليّ أحد الشعراء المُخضرَمين، الذين عاشوا في الجاهليّة، وأدركوا الإسلام،[١]، وقد كان أبو ذؤيب معروفاً منذ قديم الزمان؛ فقد كانت له كُتُبٌ في النَّقد، والأدَب، والشِّعر، إلّا أنّه لم يُعرَف عنه الكثير من الأخبار؛ نَظراً لقلّة التحدُّث عنه أو عن آثاره؛ لذا تُعتبَر هذه المعلومات غير وافية عن هذا الشاعر، على الرغم من أنّه شاعر فحل، وأنّ حياته كانت زاخرةً بالعديد من الأحداث خلال الجاهليّة، والإسلام؛ إذ تميّزت شخصيّته بالغرابة، والتميُّز، وقد ظهر ذلك بشكل بارز وواضح في شِعره.


حياة أبي ذؤيب الهُذليّ

نَسَبُ أبي ذؤيب الهُذليّ

هو خويلد بن خالد بن محرث بن زبيد بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة بن إلياس بن مُضَر بن نزار، من قبيلة رأس الهَرم، ويُنسَبُ إلى هُذيل.[١]


حياة أبي ذؤيب الهذليّ

أسلم هذا الشاعر وحسُن إسلامُه، وجاهدَ في سبيل الله من خلال غَزوِهِ للفِرنجة،[١] وشارك في الغزوة التي فُتحِت من خلالها أفريقيا، حيث كانت بقيادة عبد الله بن سعد بن أبي السَّرح، في عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفّان -رضي الله عنه-؛ إذ عاد عبد الله بن الزبير، وأبو ذؤيب مع ما تبقّى من المُشارِكين في الغزوة، وهم يحملون راية النَّصر، وبعد فَتحِ مصر، هاجرَ أبو ذُؤيب إليها، وهناك أُصِيب أبناؤُه الخمسة بمرض الطاعون، وذلك في السنة الثامنة من الهجرة، وفَتَكَ بهم المَرضُ في العام نفسه،[٢] ولم يُذكَر الكثير عن فترة الطفولة الخاصّة بأبي ذؤيب، إلّا أنّ نشأَتَه يتيماً، أو في ظلّ والديه، كانت من أهمّ الأمور التي ذُكِرَت عنه، كما أنّ علاقَته بأفراد عائلته مُبهَمة؛ فلم تذكر المصادر سوى أنّ للشاعر ابن أُخت يُعرَف باسم خالد بن زُهير، دون ذكر أيّ معلومات عدا أنّه كان مُقارباً للشاعر في السّن، والدليل على ذلك قول الشاعر: فإنّي على ما كُنتَ تعلَم بيننا وليدَين حتى أنت أشمَط عانِس.

كما كان للشاعر قريبٌ اسمه نُشيبة، اتّصفَت علاقتُه به بالودِّية، وقد رثاه الشاعرُ في عدد كبير من القصائد بعد وفاته، أمّا فيما يخُصُّ أولاد الشاعر فلم يُعرَف سوى ابنه ذُؤيب، الذي تُوفِّي مع إخوته بعد إصابتهم بالطاعون، وقد رثاهم الشاعر في عينيّته المشهورة، كما أنّ من جُملة ما عُرِفَ عن أبي ذُؤيب الهذليّ، أنّه كان يتعقَّب النساء؛ إذ جمعته علاقة مع امرأة تُسمَّى أم عمرو، التي كانت تمتلكُ العديد من الأسماء، منها: أم حويرث، وأم سفيان، وأم الرهين، وفطيمة، وابنة السهميّ، وقد كانت أم عمرو خليلةَ بدر بن عويم، ابن عمّ أبي ذُؤيب، إلا أنّها تركته؛ من أجل أبي ذُؤيب؛ حيث اتّصفَت علاقتهم بالمثاليّة، والجمال في البداية، إلّا أنّها تحوَّلت إلى شقاء تامّ؛ وذلك بعد أن استعذبَت أم عمرو اللعب في عواطف الرجال؛ إذ خانت أبا ذُؤيب مع خالد بن زهير، ابن أخت الشاعر ورسوله إليها، وبذلك سقَت أبا ذُؤيب من الكأس ذاتها التي قُدِّمت لبدر، وقد قال الشاعر مُستنكِراً فِعلة أم عمرو:[٢]

تُريدين كيما تجمعيني وخالداً
وهل يُجمَع السيفان ويحك في غِمد
أخالد ما راعيت من ذي قرابة
فتحفظني بالغيب أو بعض ما تبدي
دعاك إليها مُقلتاها وجيدها
فمِلتُ كما مال المُحِب عمداً
وكنت كالرقراق السراب إذا بدا
لقوم وقد بات المطيّ بهم يخدي
فآليت لا أنفك أحدو قصيدة
تكون وإياها بها مثلاً بعدي

وقد شهد حسّان بن ثابت على شعر أبي ذُؤيب الهُذلي؛إذ كتب الشاعر شعراً؛ لرثاء الرسول -صلى الله عليه وسلّم- بعد وفاته، فأنشد قائلاً:[٢]

رأيت الناس في عسلاتهم
ما بين ملحود له ومضرح
متبادرين لشرجع بأكفهم
نص الرقاب لفقد أبيض أروح
فهناك صرت إلى الهموم ومن
بيت جار المهموم يبيت غير مروح
كسفت لمصرعه النجوم وبدرها
وتزعزعت آطام بطن الأبطح
وتزعزعت أجبال يثرب كلها
ونخيلها لحلول خطب مفدح
ولقد زجرت الطير قبل وفاته
بمصابه وزجرت سعد الأذبح


شعر أبي ذؤيب الهُذليّ

يختصُّ أبو ذُؤيب الهذليّ بفنّ الرثاء الأدبيّ، وقد ظهر هذا الفنُّ بشكل واضح في قصيدته العينيّة الخاصّة برثاء أبنائه، حيث اهتمَّ النُّقاد به، وبشعره، وجعلوا له مكانةً خاصّة بين شعراء الرثاء، وبين شعراء عصره، وتُعتبَر القصيدة التي قالها الشاعر في أبنائه الخمسة بعد وفاتهم في مصر بمرض الطاعون، من التعبيرات الصادقة عن شعور الأب باللوعة، والألم الشديد؛ نتيجة موت جميع أبنائه في الفترة نفسها، وقد كانت أبيات القصيدة زاخرةً بمشاعر الألم، والحزن الكبيرين؛ حيث قال الشاعر:

أمِن المَنونِ وريبها تتوجَّع
والدهرُ ليس بمُعتبٍ من يجزعُ
قالت أُميمةُ ما لجسمك شاحباً
منذ ابتذلت ومثل مالك ينفع
أم ما لجنبِك لا يلائمُ مضجعاً
إلا أقضَّ عليك ذاك المضجع
فأجبتُها أنّ ما لِجسمي أنّه
أودى بَنيًّ من البِلادِ فودّعوا

وقد كتب الشاعر قصيدة عن قصّة الحمار الوحشيّ، وأبنائه؛ إذ تتلخَّص القصّة في أنّ هذا الحمار قد استقرَّ في مكان كثير الخصوبة، والماء، فلعب أبناء الحمار، واستمتعوا سويّاً ، وبعد مرور الوقت، بدأ المكان بالجفاف؛ لذا توجَّب على الحمار وأبنائه البحثُ عن مكان جديد ليعيشوا فيه، ومع البحث استطاعوا العثور على مَوضع آخر يُشابه المكان الآخر في الخصوبة، والماء، إلّا أنّ سعادتهم في إيجاد هذا المكان لم تكتمل؛ وذلك بسبب الهجوم الذي تعرَّضوا له من قِبل الصيّاد، وكلابه، فقاومَوا ذلك الهجوم، ودافعوا عن أنفسهم باستخدام قرونهم، إلّا أنّهم لم يستطيعوا الانتصار عليهم؛ ممّا أدّى إلى موت الحمار الوحشيّ، وبعض أبنائه، فيما فرّ البعض الآخر، ووصف الشاعر تلك القصة قائلاً:

والدهرُ لا يَبقى على حدَثانِه
جَوْنَ السُراة لهُ جدائدُ أريَعُ
صَخِبُ الشواربِ لا يزالُ كأنّه
عبد لآلِ أبي ربيعة مُسبعُ
أكل الجميمَ وطاوعتهُ سَمحجٌ
مثلُ القناةِ وأزعلتهُ الأمرعُ
بقرارِ قيعانِ سقاها وابلٌ
واهٍ فأنجمَ بُرهةً لا يقلِعُ


المراجع

  1. ^ أ ب ت مصطفى شيخ مصطفى (2/8/2010)، "أبو ذؤيب الهذلي"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 23/4/2018. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت سلوى محمد (21/6/2017)، "أبو ذؤيب الهذلي.. أدرك النبي على فراش الموت"، www.alittihad.ae، اطّلع عليه بتاريخ 23/4/2018. بتصرّف.
4206 مشاهدة
للأعلى للسفل
×