أبيات شعر عن الحبيب البعيد

كتابة:
أبيات شعر عن الحبيب البعيد

شعر عن انتظار الحبيب الغائب

إن الانتظار شيء صعب جدًا، فكيف إذا كان الشخص المُنتَظر هو الحبيب! ومن القصائد التي قيلت عن انتظار الحبيب الآتي.


قصيدة: يا صاح عن بعض الملامة أقصر

قال الشاعر جميل بثينة:[١]

يا صاحِ عَن بَعضِ المَلامَةِ أَقصِرِ

إِنَّ المُنى للِقاء أُمّ المِسوَرِ

وَكَأَنَّ طارِقَها عَلى علَلِ الكَرى

وَالنَجمُ وَهنًا قَد دَنا لِتَغورِ

يَستافُ ريحَ مَدامَةٍ معجونَةٍ

بِذَكيِّ مِسكٍ أَو سَحيقِ العَنبَرِ

إِنّي لَأَحفَظُ غَيبَكُم وَيَسُـرُّني

لَو تَعلَمينَ بِصالِح أَن تُذكَري

وَيَكونُ يَومٌ لا أَرى لَكِ مُرسَلًا

أَو نَلتَقي فيهِ عَاي كَأَشهُرِ

يا لَيتَني أَلقى المَنِيَّةَ بغتَةً

إِن كانَ يَومُ لِقائِكُم لَم يقدرِ

أَو أَستَطيعُ تَجَلُّدًا عَن ذِكرِكُم

فَيفيقُ بَعضُ صَبابَتي وَتُفَكِّري

لَو تَعلمينَ بِما أُجِنُّ مِنَ الهَوى

لَعَذَرتِ أَو لَظَلَمتِ إِن لَم تَعذِري

وَالله ما لِلقَلبِ مِن عِلمٍ بِها

غَيرُ الظُنونِ وَغَيرُ قَولِ المُخبِرِ

لا تَـحسَبي أَنّي هَجَرتُكِ طائِعًا

حدَثٌ لَعَمرُكِ رائِعٌ أَن تُهجَري

وَلَتَبكِيَنّي الباكِياتُ وَإِن أَبُح

يَومًا بِسِرِّكِ معلِنًا لَم أُعذَرِ

يَهواكِ ما عِشتُ الفُؤادُ فَإِن أَمُت

يَتبَع صَدايَ صَداكِ بَينَ الأَقبُرِ

إِنّي إِلَيكِ بِما وَعَدتِ لناظِرٌ

نَظَرَ الفَقيرِ إِلى الغَنِيِّ المُكثِرِ

تُقضى الدُيونُ وَلَيسَ يُنجِزُ مَوعِدًا

هَـذا الغَريمُ لَنا وَلَيسَ بِمُعسِرِ

ما أَنتِ وَالوَعد الَّذي تَـعِديني

إِلّا كبَرقِ سَحابَـةٍ لَم تُـمطِرِ

قَلبي نَصَحتُ لَهُ فَرَدَّ نَصيحَتي

فَمَتى هَجَرتيهِ فَمِنهُ تَكَثَّري

قصيدة: ألا إن قلبي من فراق أحبتي

قال الشاعر بشار بن برد:[٢]

أَلا إِنَّ قَلبي مِن فِراقِ أَحِبَّتي 
وَإِن كُنتُ لا أُبدي الصَبابَةَ جازِعُ

وَدَمعِيَ بَينَ الحُزنِ وَالصَبرِ فاضِحي

وَسِتري عَنِ العُذّالِ عاصٍ وَطائع

قصيدة: طول اغتراب وبرح شوق

قال الشاعر ابن جبير الشاطبي:

طُول اغترابٍ وبَرح شَوقِ

لا صَبرَ والله لي عَلَيه

إليكَ أشكو الّذي أُلاقِي

يا خَيرَ من يُشتكى إليه

ولي بِغرناطةٍ حَبيب

قد غَلّقَ الرَّهنَ في يَدَيه

ودَّعته وهو بارتمَاض

يَظهر لي بعضَ ما لَدَيه

فلو تَرى طَلَّ نَرجسيهُ

يَنهَلُّ في وردِ صَفحَتَيه

أَبصرتَ درًا على عَقيقٍ

من دَمعِه فوقَ وَجنَتَيهِ

قصيدة: بلغ الشوق لعمري ما أراد

قال الشاعر عبد الغفار الأخرس:

بلَغَ الشَّوْقُ لعمري ما أرَادَ

وقَضَى مِن مُهجةِ الصَّبِّ المُرادا

فليَدَعْهُ في الهوى عاذِلُه

يَحْسَبُ الغيَّ وإنْ ضَلَّ رشادا

يُرسِلُ الوَجْدَ إلى أجفانه

رُسُلَ الأدمُع مَثْنى وفُرَادَى

لم يُرقْها عَبرةً إلاَّ إذا

اتَّقَدَتْ نارُ الجَوى فيهِ اتّقادَا

قد مَنعتُم أعيُني طِيْبَ الكَرَى

فحريٌّ أنْ يُصارَ مِنَ الرُقَادَا

وبخلتُم بخيالِ طارقٍ

لو دنا ما بِتُّ أشكوه البِعَادا

فابْخَلوا ما شِئْتُم أن تَبْخَلوا

إنَّ طَرْفِي كَانَ بالدَّمْعِ جَوَادا

أهلَ وُدّي لِمَ لا ترعَوْن لي

ذِمَّةَ الوُدِّ وأرعاكُم وِدَادَا

أنْفَدَ الصَّبُّ عليكُم صَبْرَه

وَهُو لا يَخْشَى عَلَى الدَّمع نفَادَا

وعَلَى مَا أَنا فِيْهِ مِنْ جوًى

ما أظنُّ الوَجْدَ يَبْقى لِي فُؤادَا

فَسَقَى عَهْدَ الهَوَى مِنْ مربعٍ

بِتُّ أَسْقِيهِ مِنَ القَطرِ العِهادا

أيُّ ربع وَقَفَ الرَّكبُ به

ذاكرًا بالربع سَلْمَى وسُعَادا

وبكى أرْسُمَ رسمٍ دارسٍ

أحْسَنَ القطرُ بكاها وأجادا

يَقِفُ المغرمُ فيها وِقفةً

يخضل السَّيف عليْها والنِجَادَا

ما حَضَ النُّصحَ به مُجتهِدا

أَخْطَأَ الرَّأْي بِهِ والاجْتِهادا

ذاكرًا في الربع أيّامَ الهَوَى

منْ لِأيامِك فِيها أنْ تُعَادَا

أينَ أسْرَابِك ما إن سَنَحَتْ

أعْيَتْ القانِصَ إلاَّ أن يُصادا

وإذا ما نَظَرَتْ أو خَطَرَتْ

عَرَّفَتْك البيضَ والسُّمْر الصِعَادا

ولكَمْ من طُرَّةٍ في غُرَّةٍ

خلَعَ الليلُ على الصُّبحِ السَّوادا

وقَوامٍ يَرقُصُ البانُ له

وتَثَنَّى مُعْجَباً فيه ومَادا

آهٍ من فَاتكةٍ ألحاظُهُ

فتكةَ السَّهمِ إذا أصْمَىَ الفٌؤادَا

لا تؤاخِذْ بِدَمِي ناظِرَهُ

وقَتيلُ الحبّ يأبَى أَنْ يُفَادَى

قد بَلَوْتُ الدهر وَصلًا وقلى

وَوَرَدْتُ الحبَّ غمرًا وثمَادا

فتمنَّيْتُ مع الوَصْل القلَى

وتخيَّرْتُ علَى القُربِ البِعَادَا

عَرف العالمَ من خالَطَهم

واستَفَاد العِلمَ فيهم وأَفَادا

وإذا ما اتَّقد النَّاسَ امرؤٌ

زهَدَ النَّاسَ وملَّ الانتِقَادا

قُلْ لِمَنْ ظنَّ عليًا راجيًا

أنْ يُبَارَى في المَعَالِي أَوْ يُحَادَى

وإذا ما قَدَحَتْ أيديهُمُ

بزنادٍ كانَ أوْرَاهُم زِنَادَا

بَعُدَ النجمُ على طالِبِه

ومِنَ المُعْجزِ يَومًا أنْ يُرَادَا

رفعةٌ قائمةٌ في ذاتِه

أطِرافًا يَبْتَغيهَا أم تِلَادَا؟

قَمرُ النادِي إذَا نَادَيتَه

حبَّذا النّادِي مجيبًا والمُنادى

لِمُلِمٍ تَتَرجَّى نَقْصَه

ونوالٍ تبتَغي منه ازديادَا

أبحُر الجُودِ وكلٌّ مِنهمُ

ربَّما أَرْبَى عَلَى البَحْر وزَادَا

جَاذَبوا العَلياءَ فانْقَادَت لهم

يوْمَ قَادُوهَا مِن الخَيْل جِيَادَا

ولئِن لانُوا قُلوبًا خَشَعَتْ

فَلَقَدْ كَانُوا عَلَى الكُفْرِ شِدَادَا

أعْرَضوا عَن عَرض الدُّنيا وَمَا

زُوِّدوا غيرَ التُّقَى فِي الله زَادَا

سادَةَ الدُّنيَا وأعْلامَ الهُدَى

أكرمَ الخلقِ عَلَى الله عِبَادَا

حَسْبُ آلِ البَيْتِ مِنْ مُفْتَخِر

ولَبيتِ المجد مذ أضحى عمادا

سيْدٌ فِي الغرّ مِنْ أبْنَائِهِم

لِمَبانِي مَجْدهم شاد وسادا

مُنعِمٌ أمرح في أنعامِهِ

وَإِذَا مَا زدْته بالشُّكرِ زَادَا

يَا أَبَا سلْمَان يا ربَّ النَّدَى

وَالأيَادِي البِيض مَا أعْطَى وَجَادا

قُدْتَها مستصعباتٍ في العُلى

قد أبَتْ إلاَّ لِعَليَاك انْقِيَادَا

رُبَّ أنْفٍ شامخٍ أرْغَمْتَه

فاستَحَالَتْ نَارُهُ فِيكَ رَمَادَا

قد جَنَيْتَ العزَّ غضًا يانعًا

ومَضَى يخرُط شَانِيكَ القَتَادَا

مَنَعَ الصدقُ أكاذيْبَ العِدَى

فإِذَا خَاضٌوا بِهَا خَاضٌوا عِنَادَا

عَقَدَ اللهُ به ألْسِنَةً

كَانَت عَلَى الزّورِ حِدَادَا

لَسْتُ أسْتَوفِي ثَنَائِي فِيكُم

ولَو أَنِّي أجعَلُ البَحْرَ مِدَادَا

أنا مِمّن يَرتَجِي إِحْسَانِكُم

أبَدَ الدَّهر وإن مَاتَ وبَادَا

قد مَلأتُ الأرْضَ فيكم مِدَحًا

ذَهَبَتْ فِي الأَرْضِ تَستَقْري البِلَادا

كلَّما أنْشَدَها مُنْشِدُها

أطّربَ الإنْسانَ فِيها والجَمَادَا

ولَقَد ألتَذُّ فِي مَدْحِي لَكُم

فِي الأحَاديثِ وإنْ كانَ مُعَادا

وإذا أمْلَقْتُ أيْقَنْتُ الغِنَى

ثقةً بالجُودِ مِنْكُم واعتِمَادَا

قصيدة: وعد الغياب

قال الشاعر يوسف الدّيك:

عِدْنِي حَبِيبِي
بأنّك مَهْمِا ابتَعَدتَ وغِبْتَ
سَتَبقَى وَفِيًّا لِعَهْد الصَّفَاء
عِدْنِي
لَعَلّ الليَالِي تَمُرّ
تُهَدْهِدُ ضِلْعِي بهَدأَة وَعْدِ الوَفَاء
عِدْنِي
بأنك نبضٌ بقلبي تظل
لأبْقَى بِقَلْبِكَ .. شُريَان قَلْبِك
وأنّي بِرُغْمِ المَسَافَاتِ مَا بَينَنَا
رُغْمَ الحُدُودِ .. البِحَارِ .. السُدُود
أعيشُ بقُرْبِك
عِدْنِي حَبِيبِي
بأنَّك إِنْ حَلّ قَهْرِي
وإنْ ضَلّ صَبْرِي
وضَاقَت بأنّة رُوحِي أَحْزانُ عُمرِي
وصِحْتُ مِنَ الشّوْقِ
عُدْ يَا حَبِيبِي
عِدْنِي تَعُودُ
هُوَ الحُبّ يَزْهُو ويَحْلُو
بطِيبِ الوُعُودِ وَصِدقِ العُهُودِ
عِدْنِي
برُغْمِ اغْتِرَابِكَ فِي طرقَاتِ السُّكون
ألّا تُغَيّبَ حُلمَ التَّلاقي
وألاّ تَخُون
ووعدٌ بأَنَّكَ مَهْمَا تَغِيبُ
سَتَبْقَى النّدَى فِي صَبَاحِي
وتَبْقَى الحَبِيب
وإن هنتُ عندكَ لسْتَ تَهُون
عِدْنِي
برمشكَ حِين يرفُّ
يغازلُ عَيْنِي
وصَدْرُكَ حِينَ يجفُّ بأَنْ تَحْتَضنّي
لجُنْحِ اللّيَالِي خَيَالًا جميلًا
وألاّ تَدَعَنِي
وَعِدْنِي
وعِدْنِي .. وعِدْنِي
عِدْنِي بأن تتنفّسَ من رئتيّ
إذا احتجتَ شَهْقةً من حنين
وأن تُطفِئ النّارَ فِي شَفَتَيّ
وَتَحرُسَ خَدًّا لظَته السِّنين
وعِدْنِي حَبِيبِي
ألّا تَغِيبَ وَلا تَبْتَعِدْ
وتَلْمِس عَينِي كَرِمْشِي
إِذَا أغْمضَت نَتَّحِد
أُحِبُّك ، عِدْنِي
أحبّك حَتَى وإِنْ لَمْ تَعِدْ

قصيدة: يا لهيب النار يا جمر الغضى

قال الشاعر صاحب القصيدة:

يا لَهِيبَ النَّارِ يَا جَمْر الغَضَى

الفؤادُ فِي اشتِياقٍ في لَظَى

بالسُّهاد في اللّياليسَاهِر

فِي دُروبِ العَاشِقِين قَدْ مَضَى

والنُجوم غَائبَاتٌ والقَمَر

والعُيُونُ وامِقَاتٌ للفَضَا

تائِهٌ يَبْكِي ويَسْرِي فِي الضَنَى

الزّمَان مِن زَمَان قَد قَضَى

بالبِعَاد والرّحيلِ فِي الدُّنا

بابْتِعَادِي عَنْ حَبِيبي قَد رَضَا

لا تظنُني لَحْظَةً أَنْسَاك

إنّي فِي هَوَاكَ والفُؤَاد ذَا

يدُقّ كلّ وجدَانِي ينَاجِيكَ غَرَاما

خَفْقَة في خَفْقَة حَتّى ترقّ

إنّني أذوي اشتياقًا فِي البِعَاد

يا حَيَاتِي إنَّ قَتْلِي لا يحقّ

شعر عن جفاء الحبيب

يكون الجفاء بالبُعد عن الحبيب وهجرانه، وهذا ممّا يُؤلم القلب ويُوجعه، ومن القصائد التي جسّدت هذه المعاني ما يأتي:


قصيدة: ولي فؤاد إذا طال العذاب به

قال البُحتري:

خِلٌّ قَريبٌ بَعيدٌ في تَطَلُّبِهِ

وَالمَوتُ أَسهَلُ عِندي مِن تَغَضُّبِهِ

وَلي فُؤادٌ إِذا طالَ العَذابُ بِهِ

طارَ اِشتِياقًا إِلى لُقيا مُعَذِّبِهِ

يَفديكَ بِالنَفسِ صَبٌّ لَو يَكونُ لَهُ

أَعَزُّ مِن نَفسِهِ شَيءٌ فَداكَ بِهِ

قصيدة: أشكو الفراق إلى التلاقي

قال ابن الروميّ:[٣]

أَشْكُو الفُرَاقَ إِلَى التَّلاقِي

وإِلَى الكَرَى سَهرَ المَآقِي

وإلى السُّلوِّ تفجُّعي

وإلى التَّصبُّر ما أُلاقي

وإلى الذِي شَطّتْ به

عَنِّي النَّوَى طُولَ اشْتِيَاقِي

وطَوَتْ حَشَايَ عَلَى الجَوَى

لمّا طَوَتْه يَدُ الفُرَاق

صَبرًا فَرُبّ تَفَرُّقٍ

آتٍ بقربٍ واتِّفَاقِ

قصيدة: إذا الخلّ لم يهجرك إلا ملالة

قال أبو فراس الحمداني:

إِذا الخِلُّ لَم يَهجُركَ إِلّا مَلالَةً

فَلَيسَ لَهُ إِلّا الفِراقَ عِتابُ

إِذا لَم أَجِد مِن خُلَّةٍ ما أُريدُهُ

فَعِندي لِأُخرى عَزمَةٌ ورِكابُ

وَلَيسَ فِراقٌ ما اِستَطَعتُ فَإِن يَكُن

فِراقٌ عَلى حالٍ فَلَيسَ إِيابُ

صَبورٌ وَلو لَم تَبقَ مِنّي بَقِيَّةٌ

قَؤولٌ وَلَو أَنَّ السُيوفَ جَوابُ

وَقورٌ وَأَحداثُ الزَمانِ تَنوشُني

وَلِلمَوتِ حَولي جيئَةٌ وَذَهابُ

وَأَلحَظُ أَحوالَ الزَمانِ بِمُقلَةٍ

بِها الصْدقُ صِدقٌ وَالكِذابُ كِذابُ

بِمَن يَثِقُ الإِنسانُ فيما يَنوبُهُ

وَمِن أَينَ لِلحُرِّ الكَريمِ صِحابُ

وَقَد صارَ هَذا الناسُ إِلّا أَقَلَّهُم

ذِئابًا عَلى أَجسادِهِنَّ ثِيابُ

تَغابَيتُ عَن قَومي فَظَنّوا غَباوَتي

بِمَفرِقِ أَغبانا حَصىً وَتُرابُ

وَلَو عَرَفوني حَقَّ مَعرِفَتي بِهِم

إِذاً عَلِموا أَنّي شَهِدتُ وَغابوا

وَما كُلُّ فَعّالٍ يُجازى بِفِعلِهِ

وَلا كُلُّ قَوّالٍ لَدَيَّ يُجابُ

وَرُبَّ كَلامٍ مَرَّ فَوقَ مَسامِعي

كَما طَنَّ في لَوحِ الهَجيرِ ذُبابُ

إِلى الله أَشكو أَنَّنا بِمَنازِلٍ

تَحَكَّمُ في آسادِهِنَّ كِلابُ

تَمُرُّ اللَيالي لَيسَ لِلنَفعِ مَوضِعٌ

لَدَيَّ وَلا لِلمُعتَفينَ جَنابُ

وَلا شُدَّ لي سَرجٌ عَلى ظَهرِ سابِحٍ

وَلا ضُرِبَت لي بِالعَراءِ قِبابُ

وَلا بَرَقَت لي في اللِقاءِ قَواطِعٌ

وَلا لَمَعَت لي في الحُروبِ حِرابُ

سَتَذكُرُ أَيّامي نُمَيرٌ وَعامِرٌ

وَكَعبٌ عَلى عِلّاتِها وَكِلابُ

أَنا الجارُ لا زادي بَطيءٌ عَلَيهُمُ

وَلا دونَ مالي لِلحَوادِثِ بابُ

وَلا أَطلُبُ العَوراءَ مِنهُم أُصيبُها

وَلا عَورَتي لِلطالِبينَ تُصابُ

وَأَسطو وَحُبّي ثابِتٌ في صُدورِهِم

وَأَحلَمُ عَن جُهّالِهِم وَأُهابُ

بَني عَمِّنا ما يَصنَعُ السَيفُ في الوَغى

إِذا فُلَّ مِنهُ مَضرِبٌ وَذُبابُ

بَني عَمِّنا لا تُنكِروا الحَقَّ إِنَّنا

شِدادٌ عَلى غَيرِ الهَوانِ صِلابُ

بَني عَمِّنا نَحنُ السَواعِدُ وَالظُبى

وَيوشِكُ يَومًا أَن يَكونَ ضِرابُ

وَإِنَّ رِجالًا ما اِبنَكُم كَاِبنِ أُختِهِم

حَرِيّونَ أَن يُقضى لَهُم وَيُهابوا

فَعَن أَيِّ عُذرٍ إِن دُعوا وَدُعيتُم

أَبَيتُم بَني أَعمامِنا وَأَجابوا

وَما أَدَّعي مايَعلَمُ الله غَيرَهُ

رِحابُ عَلِيٍّ لِلعُفاةِ رِحابُ

وَأَفعالُهُ لِلراغِبينَ كَريمَةٌ

وَأَموالُهُ لِلطالِبينَ نِهابُ

وَلَكِن نَبا مِنهُ بِكَفَّيَّ صارِمٌ

وَأَظلَمَ في عَينَيَّ مِنهُ شِهابُ

وَأَبطَأَ عَنّي وَالمَنايا سَريعَةٌ

وَلِلمَوتِ ظُفرٌ قَد أَطَلَّ وَنابُ

فَإِن لَم يَكُن وُدٌّ قَديمٌ نَعُدُّهُ

وَلا نَسَبٌ بَينَ الرِجالِ قُرابُ

فَأَحوَطُ لِلإِسلامِ أَن لا يُضيعَني

وَلي عَنكَ فيهِ حَوطَةٌ وَمَنابُ

وَلَكِنَّني راضٍ عَلى كُلِّ حالَةٍ

لِيُعلَمَ أَيُّ الحالَتَينِ سَرابُ

وَما زِلتُ أَرضى بِالقَليلِ مَحَبَّةً

لَدَيكَ وَما دونَ الكَثيرِ حِجابُ

وَأَطلُبُ إِبقاءً عَلى الوُدِّ أَرضَهُ

وَذِكري مُنىً في غَيرِها وَطِلابُ

كَذاكَ الوِدادُ المَحضُ لا يُرتَجى لَهُ

ثَوابٌ وَلا يُخشى عَلَيهِ عِقابُ

وَقَد كُنتُ أَخشى الهَجرَ وَالشَملُ جامِعٌ

وَفي كُلِّ يَومٍ لَفتَةٌ وَخِطابُ

فَكَيفَ وَفيما بَينَنا مُلكُ قَيصَرٍ

وَلِلبَحرِ حَولي زَخرَةٌ وَعُبابُ

أَمِن بَعدِ بَذلِ النَفسِ فيما تُريدُهُ

أُثابُ بِمُرِّ العَتبِ حينَ أُثابُ

فَلَيتَكَ تَحلو وَالحَياةُ مَريرَةٌ

وَلَيتَكَ تَرضى وَالأَنامُ غِضابُ

وَلَيتَ الَّذي بَيني وَبَينَكَ عامِرٌ

وَبَيني وَبَينَ العالَمينَ خَرابُ

قصيدة: صبرًا على هجرها إن كان يرضيها

قال إيليا أبو ماضي:

صَبرًا عَلى هَجرِها إِن كانَ يُرضيها

غَيرُ المَليحَةِ مَملولٌ تَجَنّيها

فَالوَصلُ أَجمَلُهُ ما كانَ بَعدَ نَوىً

وَالشَمسُ بَعدَ الدُجى أَشهى لِرائيها

أَسلَمتُ لِلسُهدِ طَرفي وَالضَنى بَدَني

إِنَّ الصَبابَةَ لا يُرجى تَلافيها

إِنَّ النِساءَ إِذا أَمرَضنَ نَفسَ فَتىً

فَلَيسَ غَيرُ تَدانيهِنَّ يَشفَيها

فَاِحذَر مِنَ الحُبِّ إِنَّ الريحَ ما خَفِيَت

لَولا غَرامٌ عَظيمٌ مُختَفٍ فيها

يَمضي الصَفاءُ وَيَبقى بَعدَهُ أَثَرٌ

في النَفسِ يُؤلِمُها طَورًا وَيُشجيها

مَرَّت لَيالٍ بِنا ما كانَ أَجمَلُها

تَمَّت فَما شانَها إِلّا تَلاشيها

تِلكَ اللَيالي لا أَرجو تَذَكُّرُها

خَوفَ العَناءِ وَلا أَخشى تَناسيها

أَصبو إِلَيها كُلَّما ذُكِرَت

عِندي اِشتِياقًا إِلى مِصرَ وَأَهليها

أَرضٌ سَماءٌ سِواها دونَها شَرَفًا

فَلا سَماءٌ وَلا أَرضٌ تُحاكيها

رَقَّت حَواشيها وَاِخضَرَّ جانِبُها

وَأَجمَلُ الأَرضِ ما رَقَّت حَواشيها

كَأَنّ أَهرامُها الأَطوادُ باذِخَةً

هَذي إِلى جَنبِها الأُخرى تُساميها

وَنَيلَها العَذبُ ما أَحلى مَناظِرَهُ

وَالشَمسُ تَكسوهُ تِبرًا في تَواريها

كَأَنَّها كَعبَةٌ حَجَّ الأَنامُ لَها

لَولا اِلتَقى قُلتُ فيها جُلَّ بانيها

وَما أُحَيلى الجَواري الماخِراتِ بِهِ

تَقُلُّ مِن أَرضِهِ أَحلى جَوارِبُها

مِن كُلِّ رَعبوبَةٍ عَبلِ رَوادِفُها

تَأبى القُعودَ فَتَأبى أَن تُجاريها

ضَحوكَةِ الوَجهِ يُغرينا تَبَسُّمُها

إِن نَجتَديها وَيَثنينا تَثَنّيها

وَناهِدٍ حَجَبَت عَن كُلِّ ذي بَصَرٍ

حَشاشَتي خِدرُها وَالقَلبُ ناديها

في كُلِّ جارِحَةٍ مِنّي لَها أَثَرٌ

وَالدارُ صاحِبُها أَدرى بِما فيها

وَفي الكَواكِبِ جُزءٌ مِن مَحاسِنِها

وَفي الجَآذِرِ جُزءٌ مِن مَعانيها

إِن عَنَّفوني فَإِنّي لا أُعَنِّفُها

وَإِن أُسَمِّ فَإِنّي لا أُسَمّيها

يَمَّمتُها وَنُجومُ الأُفقِ تَلحَظُني

في السَيرِ شَذَرًا كَأَنّي مِن أَعاديها

كادَت تَسّاقَطُ غَيظًا عِندَما عَلِمَت

أَنّي أَأُمُّ الَّتي بِالنَفسِ أَفديها

أَسري إِلَيها وَجُنحُ اللَيلِ مُضطَرِبٌ

كَأَنَّهُ مُشفِقٌ أَن لا أُلاقيها

وَالشَوقُ يَدفَعُني وَالخَوفُ يَدفَعُني

هَذا إِلَيها وَهَذا عَن مَغانيها

أَطوي الدياجي وَتَطويني عَلى جَزَعٍ

تَخشى اِفتِضاحي وَأَخشى الصُبحَ يَطويها

فَما بَلَغتُ مَغاني مَن شُغِفتُ بِها

إِلّا وَقَد بَلَغَت نَفسي تَراقيها

هُناكَ أَلقَيتُ رَحلي وَاِنتَحَيتُ إِلى

خودٍ يَرى الدُميَةَ الحَسناءَ رائيها

بيضٌ تَرائِبُها سودٌ ذَوائِبُها

زُجٌّ حَواجِبُها كُحلٌ مَآقيها

قامَت تُصافِحُني وَالرِدفُ يَمنَعُها

وَالوَجدُ يَدفَعُها وَالقَدُّ يَثنيها

دُهِشتُ حَتّى كَأَنّي لَم أَرَها

وَكِدتُ وَالله أَنسى أَن أُحَيِّها

باتَت تُكَلِّمُني مِنها لَواحِظُها

بِما تُكِنُّ وَأَجفاني تُناجيها

حَتّى بَدا الفَجرُ وَاِعتَلَّت نَسائِمُهُ

وَكادَ يَنشُرُ أَسراري وَيُفشيها

بَكَت دُموعًا وَأَبكَتني لدُموعُ دَما

وَرُحتُ أَكتُمُ أَشياءً وَتُبديها

كَأَنَّها شَعَرَت في بُعدِنا أَبَدًا

فَأَكثَرَت مِن وَداعِيَ عِندَ واديها

فَما تَعَزَّت بِأَنَّ الدَهرَ يَجمَعُنا

يَومًا وَلا فَرِحَت أَنّي أُمَنّيها

تَقولُ وَالدَمعُ مِثلُ الطَلِّ مُنتَثِرٌ

عَلى خُدودٍ خَشيتُ الدَمعَ يُدميها

وَأَلهَفَ نَفسي عَلى أُنسٍ بِلا كَدَرٍ

تُرى تَنالُ مِنَ الدُنيا أَمانيها

فَقُلتُ صَبرًا عَلى كَيدِ الزَمانِ لَنا

فَكُلُّ حافِرِ بِئرٍ واقِعٌ فيها

قصيدة: لا تذكري الأمس

قال فاروق جويدة:

لا تذْكُري الأمْسَ إنّي عِشتُ أُخفِيه
إنْ يَغفر القَلبُ جُرحي من يُدَاوِيه؟
قَلبِي وَعَيناكِ والأَيّامَ بَيْنَهُمَا
دَرْبٌ طَويلٌ تَعِبْنَا مِنْ مآسِيه
إنْ يَخْفق القَلْبُ كَيفَ العُمر نُرجِعه؟
كُل الذي مَاتَ فِينا كَيفَ نُحْييه؟
الشَّوْقُ دَرْبٌ طَوِيلٌ عِشْت أَسْلكه
ثُمّ انْتَهَى الدّرْبُ وارْتَاحَتْ أَغَانِيه


شعر عن أول لقاء مع الحبيب

إنّ التمتُّع برؤية الحبيب يُنعش القلب، فتعود للحياة بهجتها وللقلب دقّته، وقد أبدع الشعراء في هذا اللون من القصائد.


قصيدة: يا حبيب الروح يا روح الأماني

قال إبراهيم ناجي:

يا حَبِيْبَ الرُّوْحِ يا رُوْحَ الأمانِي

لَسْتَ تَدْرِي عَطَشَ الرُّوْحِ إِلَيْكَ

وحَنِينِي في أَنِيْنٍ غَيْرِ فَاني

للرَّدَى أَشْرَبُهُ منْ مُقْلَتَيْكَ

آهِ مِِنْ ساعةِ بَثٍّ وَشُجُونْ

وَلَقَاءٍ لَمْ يَكُنْ لِي في حِسَابْ

وَحَدِيثٍ لَمْ يَدُرْ لِي فِي الظُّنُونْ

يا طَوِيْلَ الهَجْرِ يَا مُرَّ الغِيَاب

حَلَّ يا سَاحِرُ صَفْوٌ وَسَلامْ

بَعْدَ فَتْكِ البَيْنِ بالقَلْبِ الغَرِيْبْ

وَدَنَا رَوْضٌ وَظِلٌّ ُ وَغَمَامْ

بَعْدَ فَتْكِ النَّارِ بالعُمْرِ الجَدِيْبْ

قصيدة: حلم اللقاء

قال عبد الرحمن العشماوي:

قرِّبْ خُطاكَ فإنَّني مُشْتاقُ

عندي الحنينُ وعندكَ الإشفاقُ

أتُراكَ لم تعلمْ بحالي بِعَدم

عصفتْ براحة قلبيَ الأشواقُ

قرِّب إليَّ الماءَ إنِّي لظاميءٌ

ولديكَ أنتَ الماءُ و الترياقُ

مهما تطاولَ عنكَ ليلُ صبابتي

فأنا إلى فجر المُنى توَّاقُ

ما دام لي حُلُمُ اللِّقاءِ فإنَّني

أحيا بهِ مهما يطولُ فِراقُ

قصيدة: رأيتك حين يفيق القمر

قال الشاعر صاحب القصيدة:

رأَيْتُكَ حِينَ يفيقُ القَمَرُ
وحينَ تُحَاكِي العُيونُ السّهرَ
وحينَ الرُؤي تَسَافر خَوفًا
وحينَ تُناجِي النُجومُ السّحرَ
رأيتُكَ حُلمًا وصَحْوًا وَوجْدًا
ولَيْلًا وصُبْحًا وبَحْرًا جَمِيلًا
يُردّد أصْداء لَحنِ السَفرِ
رأَيْتُكَ طِفْلًا صَغِيرًا يَبْكي
ويَضْحَكُ عِندَ نُزوِل المَطَرِ
وعقلًا كبيرًا يَفُوقُ خَيَالِي

شعر عن بعد الحبيب لِنزار قباني

لطالما جاءت قصائد لنزار قباني أظهر فيها حُزنه ولوعته عند غياب المحبوب، ومن هذه القصائد:


قصيدة: حزن يغتالني

حُزنٌ يَغْتَالُني
وهَمٌّ يَقْتُلني
وظُلْمُ حبيبٍ يُعذّبني
آه مَا هذِهِ الحَيَاة؟
التي كلّها آلام لا تَنْتهي
وجُرُوحٌ لا تَنْبَرِي
ودُمُوعٌ من العُيُون تَجْرِي
جَرَحَتْ خَدّي
أرّقَتْ مَضْجَعِي
وسَلَبَتْ نَومِي
آهٍ يَا قَلبِي
يا لَكَ مِنْ صَبُورٍ
عَلَى الحَبيبِ لَا تَجُور
رغمَ ظُلمِهِ الكَثِير
وجُرحِه الكَبير
الذي لَا يَنْدَمل ولَا يَزُولُ
مَا زِلْتَ تُحِبّه
رغْم كُلّ الشّرُور
مَا زِلْتَ تَعْشقُه
رغمَ الجُور والفُجُور
مَا زِلْتَ تُحنّ إلَيه
رغمَ مَا فِيه مِن غُرُور
قَلْبِي، وَيْحَك قَلْبي
إلى مَتَى، إلى مَتَى؟
أخْبِرنِي باللّه عَليكَ إلى مَتَى؟
هَذا الصّبْر
وهَذَا الجَلَد والتّحمُّل
إلَى مَتَى هَذَا السَّهَر والتّأمُل؟
إلى مَتَى هَذه المُعَاناة والتّذلّل؟
كُفَّ عنْ هذا، كُفّ
فاكْرَه كَمَا كُرِهْت
واهْجُر كما هُجِرت
وعَذِّب كما عُذّبت
واظلِمْ كما ظُلِمت
واجرحْ كما جُرِحت
فَلَقَد عَانَيتَ كَثِيرًا
وصَبَرْتَ كَثيرًا وكثيرًا على حَبيبٍ لا يَعْرِفُ
للحُبّ مَعْنىً
أَمَا آن لَك يا قَلْبي أَنْ تُوقِفَ كُلّ هذا؟
فباللّهِ عَليكَ يَا قَلْبي
كُفّ!

قصيدة: أسألك الرحيلا

لنَفْترِقَ قَليلًا
لِخَير هَذا الحُب يَا حَبِيبِي
وخَيْرِنَا
لنَفْتَرِق قَلِيلًا
لأَنَني أُريدُ أَنْ تَزِيدَ في مَحَبّتِي
أُرِيدُ أَنْ تَكْرَهَنِي قَلِيلًا
بِحَقّ مَا لَدَينا
مِنْ ذِكرٍ غَالِيةٍ كَانَت عَلى كِلَينا
بِحَقّ حُبٍّ رائعٍ
مَا زالَ مَنْقُوشًا على فَمَينا
مَا زالَ مَحْفُورًا عَلى يَدَينا
بحقّ مَا كَتبْتَه إليّ مِنْ رسائلَ
وَوَجْهِكَ المَزْرُوع مِثْلَ وَرْدةٍ فِي دَاخِلي
وَحُبِّكَ البَاقِي عَلى شَعْري عَلى أَنَامِلي
بِحَقّ ذِكْريَاتِنا
وحُزْنِنا الجَمِيل وابتِسَامَنا
وحُبّنا الذي غَدَا أَكبر مِنْ كَلامنا
أَكْبر مِن شِفَاهِنا
بحَق أَحْلى قِصّةٍ للحُبّ فِي حَيَاتِنا
أَسْأَلُك الرَّحِيلا
لنَفْتَرِق أَحْبَابا
فَالطيْرُ فِي كُلّ مَوسمٍ
تُفَارِق الهِضَابَا
والشمْسُ يا حَبِيبي
تَكُونُ أَحْلَى عِنْدَما تُحاولُ الغِيَابَا
كُنْ فِي حَيَاتي الشّكَ والعَذَابَا
كُنْ مرةً أسطُورةً
كُنْ مرةً سَرَابا
وكُنْ سُؤَالًا في فَمي
لا يعرِفُ الجَوَابَا
مِن أجل حبٍّ رائعٍ
يَسْكُن مِنّا القَلْب والأَهْدَابَا
وكَي أَكونَ دَائِمًا جميلةً
وكي تَكونَ أَكثر اقْتِرَابَا
أَسْأَلُكَ الذَّهَابا

قصيدة: ما بين حب وحب

وما بين حُبٍّ وحُبٍّ .. أُحبُّكِ أنتِ
وما بين واحدةٍ ودَّعَتْني
وواحدةٍ سوف تأتي
أُفتِّشُ عنكِ هنا .. وهناكْ
كأنَّ الزمانَ الوحيدَ زمانُكِ أنتِ
كأنَّ جميعَ الوعود تصبُّ بعينيكِ أنتِ
فكيف أُفسِّرُ هذا الشعورَ الذي يعتريني
صباحَ مساءْ
وكيف تمرّينَ بالبالِ، مثل الحمامةِ
حينَ أكونُ بحَضْرة أحلى النساءْ؟
وما بينَ وعديْنِ .. وامرأتينِ
وبينَ قطارٍ يجيء وآخرَ يمضي
هنالكَ خمسُ دقائقَ
أدعوك فيها لفنجان شايٍ قُبيلَ السَفَرْ
هنالكَ خمسُ دقائقْ
بها أطمئنُّ عليكِ قليلًا
وأشكو إليكِ همومي قليلًا
وأشتُمُ فيها الزمانَ قليلًا
هنالكَ خمسُ دقائقْ
بها تقلبينَ حياتي قليلًا
فماذا تسمّينَ هذا التشتُّتَ
هذا التمزُّقَ
هذا العذابَ الطّويلا الطّويلا
وكيف تكونُ الخيانةُ حلاًّ؟
وكيف يكونُ النفاقُ جميلًا؟
وبين كلام الهوي في جميع اللّغاتْ
هناكَ كلامٌ يقالُ لأجلكِ أنتِ
وشِعْرٌ سيربطه الدارسونَ بعصركِ أنتِ
وما بين وقتِ النبيذ ووقتِ الكتابة يوجد وقتٌ
يكونُ به البحرُ ممتلئًا بالسنابلْ
وما بين نُقْطَة حِبْرٍ
ونُقْطَة حِبْرٍ
هنالكَ وقتٌ
ننامُ معًا فيه بين الفواصلْ
وما بين فصل الخريف وفصل الشتاءْ
هنالكَ فَصْلُ أُسَمِّيهِ فصلَ البكاءْ
تكون به النفسُ أقربَ من أيِّ وقتٍ مضى للسماءْ
وفي اللحظات التي تتشابهُ فيها جميعُ النساءْ
كما تتشابهُ كلُّ الحروف على الآلة الكاتبة
وفي اللحظاتِ التي لا مواقفَ فيها
ولا عشقَ، لا كرهَ، لا برقَ، لا رعدَ، لا شعرَ، لا نثرَ،
لا شيءَ فيها
أُسافرْ خلفكِ، أدخلُ كلَّ المطاراتِ، أسألُ كلَّ الفنادق
عنكِ، فقد يتصادفُ أنَّكِ فيها
وفي لحظاتِ القنوطِ، الهبوطِ، السقوطِ، الفراغ، الخواءْ
وفي لحظات انتحار الأماني، وموتِ الرجاءْ
وفي لحظات التناقضِ
حين تصير الحبيباتُ، والحبُّ ضدّي
وتصبحُ فيها القصائدُ ضدّي
وتصبحُ حتى النهودُ التي بايعتْني على العرش ضدّي
وفي اللحظات التي أتسكَّعُ فيها على طُرُق الحزن وحدي
أُفكِّر فيكِ لبضع ثوانٍ
فتغدو حياتي حديقةَ وردِ
وفي اللحظاتِ القليلةِ
حين يفاجئني الشعرُ دونَ انتظارْ
وتصبحُ فيها الدقائقُ حُبْلى بألفِ انفجارْ
وتصبحُ فيها الكتابةُ فِعْلَ انتحارْ
تطيرينَ مثل الفراشة بين الدفاتر والإصْبَعَيْنْ
فكيف أقاتلُ خمسينَ عامًا على جبهتينْ؟
وكيفَ أبعثر لحمي على قارَّتين؟
وكيفَ أُجَاملُ غيركِ؟
كيفَ أجالسُ غيركِ؟
وأنتِ مسافرةٌ في عُرُوق اليدينْ
وبين الجميلات من كل جنْسٍ ولونِ
وبين مئات الوجوه التي أقنعتْني .. وما أقنعتْني
وما بين جرحٍ أُفتّشُ عنهُ، وجرحٍ يُفتّشُ عنِّي
أفكّرُ في عصرك الذهبيِّ
وعصرِ المانوليا، وعصرِ الشموع، وعصرِ البَخُورْ
وأحلم في عصرِكِ الكانَ أعظمَ كلّ العصورْ
فماذا تسمّينَ هذا الشعور؟
وكيفَ أفسِّرُ هذا الحُضُورَ الغيابَ، وهذا الغيابَ الحُضُورْ
وكيفَ أكونُ هنا.. وأكون هناكْ؟
وكيف يريدونني أن أراهُمْ
وليس على الأرض أنثى سواكْ
أُحبُّكِ .. حين أكونُ حبيبَ سواكِ
وأشربُ نَخْبَكِ حين تصاحبني امرأةٌ للعشاءْ
ويعثر دومًا لساني
فأهتُفُ باسمكِ حين أنادي عليها
وأُشغِلُ نفسي خلال الطعامْ.
بدرس التشابه بين خطوط يديْكِ
وبينَ خطوط يديها
وأشعرُ أني أقومُ بِدَوْر المهرِجِ
حين أُركّزُ شالَ الحرير على كتِفَيْها
وأشعرُ أني أخونُ الحقيقةَ
حين أقارنُ بين حنيني إليكِ، وبين حنيني إليها
فماذا تسمّينَ هذا؟
ازدواجًا، سقوطًا، هروبًا، شذوذًا، جنونًا ..
وكيف أكونُ لديكِ؟
وأزعُمُ أنّي لديها.



لقراءة المزيد من الأشعار، إليك هذا المقال: أبيات شعر عن الفراق.

المراجع

  1. "يا صاحِ عَن بَعضِ المَلامَةِ أَقصِرِ"، الديواني، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-26. بتصرّف.
  2. " ألا إن قلبي من فراق أحبتي"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-26. بتصرّف.
  3. "أشكو الفراق إلى التلاقي .. ابن الرومي"، بوابة الشعراء، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-26. بتصرّف.
10058 مشاهدة
للأعلى للسفل
×