أبيات شعرية رومانسية

كتابة:
أبيات شعرية رومانسية


قصيدة سأضمر وجدي في فؤادي وأكتم

يثول عنترة بن شداء:

سَأُضمِرُ وَجدي في فُؤادي وَأَكتُمُ

وَأَسهَرُ لَيلي وَالعَواذِلُ نُوَّمُ

وَأَطمَعُ مِن دَهري بِما لا أَنالُهُ

وَأَلزَمُ مِنهُ ذُلَّ مَن لَيسَ يَرحُمُ

وَأَرجو التَداني مِنكِ يا اِبنَةَ مالِكٍ

وَدونَ التَداني نارُ حَربٍ تَضَرَّمُ

فَمُنّي بِطَيفٍ مِن خَيالِكِ وَاِسأَلي

إِذا عادَ عَنّي كَيفَ باتَ المُتَيَّمُ

وَلا تَجزَعي إِن لَجَّ قَومُكِ في دَمي

فَما لِيَ بَعدَ الهَجرِ لَحمٌ وَلا دَمُ

أَلَم تَسمَعي نَوحَ الحَمائِمِ في الدُجى

فَمِن بَعضِ أَشجاني وَنَوحي تَعَلَّموا

وَلَم يَبقَ لي يا عَبلَ شَخصٌ مُعَرَّفٌ

سِوى كَبِدٍ حَرّى تَذوبُ فَأَسقَمُ

وَتِلكَ عِظامٌ بالِياتٌ وَأَضلُعٌ

عَلى جِلدِها جَيشُ الصُدودِ مُخَيِّمُ

وَإِن عُشتُ مِن بَعدِ الفُراقِ فَما أَنا

كَما أَدَّعي أَنّي بِعَبلَةَ مُغرَمُ

وَإِن نامَ جَفني كانَ نَومي عُلالَةً

أَقولُ لَعَلَّ الطَيفَ يَأتي يُسَلِّمُ

أَحِنُّ إِلى تِلكَ المَنازِلِ كُلَّما

غَدا طائِرٌ في أَيكَةٍ يَتَرَنَّمُ

بَكَيتُ مِنَ البَينِ المُشِتِّ وَإِنَّني

صَبورٌ عَلى طَعنِ القَنا لَو عَلِمتُم


قصيدة أحبك حتى ترتفع السماء

يقول نزار قباني:

أريدك ، أن تكوني حبيبتي
حتى تنتصر القصيدة..
على المسدس الكاتم للصوت..
وينتصر التلاميذ
على الغازات المسيلة للدموع
وتنتصر الوردة..
على هراوة رجل البوليس
وتنتصر المكتبات..
على مصانع الأسلحة..
حتى أستعيد الأشياء التي تشبهني
والقطط الشامية التي كانت تخرمشني
والكتابات .. التي كانت تكتبني..
أريد.. أن أفتح كل الجوارير
التي كانت أمي تخبئ فيها
خاتم زواجها..
وأساورها الذهبية المبرومة..
ومسبحتها الحجازية..
وخصلةً من شعري الذهبي.
بقيت تحتفظ بها..
منذ يوم ولادتي..
كل شيءٍ يا سيدتي
دخل في (الكوما)
انتصرت على قمر الشعراء
تفوقت على نشيد الإنشاد..
وقصائد لوركا.. وماياكوفسكي..
وبابلو نيرودا..
أريد أن أحبك، يا سيدتي..
قبل أن يصبح قلبي..
قطعة غيارٍ تباع في الصيدليات
فأطباء القلوب في (كليفلاند)
كما تصنع الأحذية..
السماء يا سيدتي، أصبحت واطئة..
والغيوم العالية..
أصبحت تتسكع على الأسفلت..
وجمهورية أفلاطون.
وشريعة حمورابي.
ووصايا الأنبياء.
صارت دون مستوى سطح البحر
ومشايخ الطرق الصوفية..
أن أحبك..
حتى ترتفع السماء قليلاً..
وجمهورية أفلاطون.
وشريعة حمورابي.
ووصايا الأنبياء.
وكلام الشعراء.
صارت دون مستوى سطح البحر
لذلك نصحني السحرة، والمنجمون،
ومشايخ الطرق الصوفية..
أن أحبك..
حتى ترتفع السماء قليلاً..


قصيدة كأني أحبك

يقول محمود درويش:

لماذا نحاول هذا السفر
وقد جرّدتني من البحر عيناكِ
واشتعل الرمل فينا..
لماذا نحاولُ؟
والكلمات التي لم نقلها
تشرِّدنا..
وكل البلاد مرايا
وكل المرايا حجرْ
لماذا نحاول هذا السفرْ؟
هنا قتلوك
هنا قتلوني.
هنا كنتِ شاهدةَ النهر والملحمة
ولا يسأم النهرُ
لا يتكلّمُ
لا يتألمُ
في كلّ يوم لنا جثّةٌ
وفي كلّ يوم لهم أوسمة
هنا وقف النهر ما بيننا
حارساً
يجعل الضفتينْ
توأمين
بعيدين، كالقرب، عنّا
قريبين، كالبُعد، منّا
ولا بُدَّ من حارسٍ
آهِ، لا بدّ من حارس بيننا.
كأنّ المياه التي تفصل الضفتين
دمُ الجسدينْ
وكنّا هنا ضفتين
وكنّا هنا جسدين
وكلّ البلاد مرايا
وكلّ المرايا حجرْ
لماذا نحاول هذا السفرْ؟
كأنّ الجبال اختفتْ كلُّها
وكأنّي أحبّكِ
كان المطار الفرنسيُّ مزدحماً
بالبضائع والناس.
كُلُّ البضائع شرعيَّة
ما عدا جسدي
آه.. يا خلف عينيك.. يا بلدي
كنتُ ملتحماً
بالوراء الذي يتقدّمُ
ضيعت سيفي الدمشقيَّ متّهماً
بالدفاع عن الطينِ
ليس لسيفيَ رأيٌ بأصلِ الخلافةِ
فاتهموني...
علّقوني على البُرجِ
وانصرفوا
لترميم قصر الضيافة..
كأني أُحبُّك حقاً
فأغمدتُ ريحاً بخاصرتي
كنتِ أنت الرياحَ وكنتِ الجناح
وفتشتُ عنك السماء البعيدةْ
وقد كنتُ أستأجر الحُلْمَ
للحلم شكلٌ يقلِّدها
وكنتُ أُغنّي سدى
لحصان على شجرْ
وفي آخر الأرضِ أرجَعَني البحرُ
كلّ البلاد مرايا
وكل المرايا حجرْ
لماذا نحاول هذا السفر؟
تكونين أقرب من شفتيّ
وأبعد من قبلة لا تصلْ
كأنّي أحبُّك
كان الرحيلُ يطاردني في شوارع جسمكْ
وكان الرحيل يحاصرني في أزقّة جسمكْ
فأتركُ صمتي على شفتيك
وأترك صوتي على درج المشنقة
كأنّي أحبّكِ
كان الرحيل يخبئني في جزائر جسمك
واسع ضيق هذا المدى
والرحيل يخّبئني في فم الزنبقة.
أعيدي صياغة وقتي
لأعرف أين أموت سدى
مر يوم بلا شهداء
أعيدي صياغة صوتي
فإن المغني الذي ترسم الفتياتُ له صورةً
صادروا صوته
مرّ يوم بلا شهداء
وبين الفراغين أمشي إليكِ وفيكِ
وأولد من نطفةٍ لا أراها
وألعبُ في جثّتي والقمر
لماذا نحاول هذا السفر؟
وكل البلاد مرايا
وكل المرايا حجرْ
لماذا نحاول هذا السفر؟


قصيدة أحبيني

يقول بدر شاكر السياب:

وما من عادتي نكرانُ ماضيَّ الذي كانا،
ولكنْ… كلُّ من أحببتُ قبلك ما أحبوني
ولا عطفوا عليَّ، عشقتُ سبعًا كنَّ أحيانا
ترف شعورهن عليَّ، تحملني إلى الصينِ
سفائنُ من عطور نهودهنَّ، أغوص في بحرٍ من الأوهام والوجد
فألتقط المحار أظنُّ فيه الدرَّ، ثم تظلني وحدي
جدائلُ نخلةٍ فرعاءْ
فأبحث بين أكوام المحار، لعلَّ لؤلؤة ستبزغ منه كالنجمة،
وإذ تدمى يداي وتُنزع الأظفار عنها، لا ينزُّ هناك غيرُ الماء
وغير الطين من صدف المحار، فتقطر البسمة
على ثغري دموعًا من قرار القلب تنبثقُ،
لأنَّ جميع من أحببتُ قبلك ما أحبوني.
وأجلسهنَّ في شُرَف الخيال … وتكشف الحُرَق
ظلالًا عن ملامحهنَّ: آهِ فتلك باعتني بمأفونِ
لأجل المال، ثم صحا فطلَّقها وخلَّاها.
وتلك … لأنَّها في العمر أكبرُ أم لأنَّ الحُسنَ أغراها
بأني غير كفءٍ، خلفتني كلما شرب الندى ورقُ
وفتَّح برعمٌ مثلتُها وشممتُ ريَّاها؟
وأمسِ رأيتُها في موقف للباص تنتظرُ
فباعدتُ الخُطى ونأيتُ عنها، لا أريد القربَ منها، هذه الشمطاء
لها الويلات؟ ثم عرفتُها: أحسبتِ أن الحسن ينتصرُ
على زمن تحطَّم سور بابلَ منه، والعنقاء
رمادٌ منه لا يُذكيه بعث فهو يستعر؟
وتلك كأنَّ في غمَّازتيها يفتح السَّحَرُ
عيونَ الفُلِّ واللبلاب، عافتني إلى قصر وسيارة،
إلى زوج تغير منه حالٌ، فهو في الحارة
فقير يقرأ الصحفَ القديمةَ عند باب الدار في استحياء،
يحدِّثها عن الأمس الذي ولَّى فيأكل قلبها الضَّجَرُ.
وتلك زوجها عبدا مظاهرَ ليلها سَهَرُ
وخمرٌ أو قمارٌ ثم يوصدُ صُبُحَها الإغفاء
عن النهر المكركر للشراع يرف تحت الشمس والأنداء.
وتلك؟ وتلك شاعرتي التي كانت لي الدنيا وما فيها،
شربتُ الشعر من أحداقها ونعستُ في أفياء
تنشرها قصائدها عليَّ: فكل ماضيها
وكل شبابها كان انتظارًا لي على شطٍّ يهوِّم فوقه القمرُ
وتنعس في حِماه الطيرُ رشَّ نعاسَها المطرُ
فنبهها فطارت تملأ الآفاقَ بالأصداءِ ناعسةً
تؤج النور مرتعشًا قوادمُها، وتخفق في خوافيها
ظلالُ الليل. أين أصيلنا الصيفيُّ في جيكورْ؟
وسار بنا يوسوس زورقٌ في مائه البلور؟
وأقرأ وهي تُصغي والربى والنخل والأعناب تحلم في دواليها؟
تفرَّقت الدروب بنا نسير لغير ما رجعة،
وغيَّبها ظلامُ السجن تؤنس ليلها شمعه
فتذكرني وتبكي، غير أني لستُ أبكيها
كفرت بأمة الصحراء
ووحي الأنبياء على ثراها في مغاور مكةٍ أو عند واديها.
وآخرهنَّ؟
آه … زوجتي، قَدَري، أكان الداء
ليقعدني كأني ميتٌ سكران لولاها؟
وها أنا … كلُّ من أحببتُ قبلك ما أحبوني
وأنتِ؟ لعلَّه الإشفاق!
لستُ لأعذرَ اللهَ
إذا ما كان عطفٌ منه، لا الحب، الذي خلاه يسقيني
كؤوسًا من نعيمٍ
آهِ، هاتي الحبَّ، روِّيني
به، نامي على صدري، أنيميني
على نهديك، أوَّاها
من الحُرَق التي رضعتْ فؤادي ثمةَ افترست شراييني
أحبِّيني
لأني كلُّ من أحببتُ قبلك لم يحبوني
4588 مشاهدة
للأعلى للسفل
×