أثر شعر المتنبي في الشعر العربي قديمًا وحديثًا

كتابة:
أثر شعر المتنبي في الشعر العربي قديمًا وحديثًا


أثر شعر المتنبي في الشعر العربي قديما وحديثا

لقد كان للمتنبي كبير الأثر في الشعر العربي قديمًا وحديثًا وذلك من خلال تناوله لبعض الموضوعات التي تركت أثرًا في الشعراء القدماء والمحدثين، فشعر المتنبي كان وسطًا بين صنعة مسلم بن الوليد وبين سجيّة البحتري، فجمع بين القديم والحديث، وقد كان من الرواد المهمتين بالنحو فتبعه في ذلك الكثيرون.[١]


جمع المتنبي بين القديم والحديث حتى في طرحه لموضوعاته، فافتخر بنفسه على طريقته الخاصة متجاوزًا فخر الجاهليين وانتمائهم لقبائلهم لاعتداده بنفسه واعتنائه بالأنا، ومن أبرز الموضوعات التي كان للمتنبي فيها تأثير واضح وصْفه للممدوح وحروبه بطريقة تتجاوز الواقع وكأنّه يصف ملحمةً بطوليةً يُخلّد صاحبها، ويجعله بطلاً أسطوريًّا لا مثيل له.[٢]


من الأمور التي كان للمتنبي فيها تأثير واضح في حركة الشعر قديمًا وحديثًا تعظيمه لشأن الفرد مخالفا بذلك النمط القديم في إعلاء قيمة القبيلة، وعدم إيلاء الفرد اهتمامًا كبيرا، فقد مدح ورثى لكن بطريقة تركت بصمتها حتى يومنا الحاضر، فتفوق الفرد على الجماعة في الشعر العربي، ومن الأفكار التي ابتكرها المتنبي في أشعاره وما زالت حاضرةً حتى اليوم ربطه المدح والحماسة بالشعور الديني والقومي، وتمجيده للأبطال.[٢]


أثر المتنبي في الإيقاع والصورة الشعرية قديما وحديثا

كان للمتنبي أثر كبير في تغيير نمط الإيقاع الشعري عند العرب، وجدّد في الصور الشعرية، وانعكس ذلك على الشعر قديمًا وحديثًا، فقد جاء الإيقاع عند المتنبي من تكرار الأصوات، واستخدم الحروف التي تناسب مقاله، فعند الحرب استخدم الأصوات القوية، واستخدم الموازنة بين العبارات، جاءت ألفاظه متناسبةً، وتفعيلاته متناسقةً، وبالغ باستخدم الاستعارة، وكانت عنده أحيانًا غامضةً، وبالغ في صوره ولعل غايته في ذلك بيان عظمة الممدوح.[٣]


تأثر الشعراء بالمتنبي

وقد تأثر بالمتنبي العديد من الشعراء قديما منهم ما يأتي:

أبو العلاء المعري والمتنبي

يعدّ أبو العلاء المعري تلميذًا للمتنبي من جوانب متعددة منها: تشاؤمه من الدنيا وثورته على الدهر، على أنّ المتنبي كان عاشقًا للدنيا راغبًا فيها، أمّا أبو العلاء فقد كان ناقمًا عليها، رافضًا لملذاتها كما يظهر في لزومياته، فقد حرم نفسه من الزواج وحرّمها من الحصول على أعطيات الخلفاء، وكان معتزلًا للدنيا والناس أمّا المتنبي فقد كان شاغلًا للدنيا وللناس.[٤]

البارودي والمتنبي

تأثر البارودي رائد الاتجاه الكلاسيكي في العصر الحديث بالمتنبي، ومن ذلك معارضته الشعرية حيث قال البارودي في قصيدة :[٥]

رضيت من الدنيا بما لا أودّه

وأي امرئ يقوى على الدهر[٦]

معارضا المتنبي في قصيدته التي قال فيها:

أودّ من الأيام ما تودّه

وأشكو إليها بيننا وهي جنده[٧]

محمود درويش والمتنبي

لقد أبدى شاعرنا المعاصر محمود درويش إعجابه الشديد بالمتنبي ودافع عن مدحه للولاة والخلفاء ، وقد كتب محمود درويش قصيدة (رحلة المتنبي إلى مصر) متأثرا فيها باغتراب المتنبي إلى مصر[٨] وبدأها ببيت للمتنبي:[٩]

وأنا الذي اجتلب المنية طرفه 
فمن المطالب والقتيل القاتل

وهو إن جعل عنوان قصيدته رحلة المتنبي لكن مضمونهارحلته هو.[١٠]

المراجع

  1. ضيف الله السعيد، المتنبي في المشروع النقدي عند طه حسين، صفحة 10-50. بتصرّف.
  2. ^ أ ب عباس حسن، المتنبي وشوقي دراسة ونقد وموازنة، صفحة 289- 310. بتصرّف.
  3. عباس حسن، المتنبي وشوقي دراسة، صفحة 209-246. بتصرّف.
  4. شوقي ضيف، الفن ومذاهبه في الشعر العربي، صفحة 343- 349. بتصرّف.
  5. البارودي، ديوان البارودي، صفحة 1-12. بتصرّف.
  6. موقع الديوان ، "رضيت من الدنيا بما لا اوده "، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 14/4/2022.
  7. "أود من الايام"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 14/4/2022.
  8. د.عادل الأسطة (19/2/2012)، "محمود درويش والمتنبي (1)"، مؤسسة فلسطين للثقافة ، اطّلع عليه بتاريخ 14/4/2022. بتصرّف.
  9. "لك يا منازل في القلوب منازل "، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 14/4/2022.
  10. محمود درويش، الديوان الأعمال الأولى، صفحة 419. بتصرّف.
3578 مشاهدة
للأعلى للسفل
×