أثقل ما يوضع في الميزان يوم القيامة

كتابة:
أثقل ما يوضع في الميزان يوم القيامة

حسن الخلق أثقل ما يوضع في الميزان يوم القيامة

روى أبو الدرداء -رضيَ الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فقال: (ما من شيءٍ يُوضَعُ في المِيزانِ أثْقلُ من حُسْنِ الخُلُقِ)،[١][٢] فقد فضّل رسول الله الخُلُق الحسن على الصّيام، والقيام، ويوم القيامة حين توضع الأعمال في الميزان فإنّ أثقل ما يوضع فيه هو الخلق الحسن.[٣]

وذلك أن الصّيام والقيام يرتبط بذات نفس المسلم، ويكون الجهاد فيهما من المسلم لنفسه، أمّا الأخلاق فإنّها ترتبط بذات المسلم والآخرون معه، وعليه أن يجاهد نفسه فيه ومعه أنفس الآخرين الذين يتعامل معهم، ويتحملّهم ويعاملهم بالأخلاق الحسنة.[٣]

وأخبر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بذلك فقال: (إنَّ المُؤمِنَ ليُدرِكُ بحُسْنِ خُلُقِهِ درجةَ الصَّائمِ القائمِ.)،[٤] كما أخبر أنّ أصحاب الخلُق الحسن هم أقرب النّاس يوم القيامة من رسول الله، فقال: (ألا أُخبركم بأحبِّكم إليَّ وأقربِكم مني مجلساً يومَ القيامةِ؟ فأعادها مرتَين أو ثلاثًا، قالوا: نعم يا رسولَ اللهِ! قال: أحسنُكم خُلُقاً).[٥][٦]

مجالات حسن الخلق

يتّصف المسلم بمكارم الأخلاق ومحاسنها، ويكون هذا الخلق صادراً منه اتّجاه خالقه واتّجاه المخلوقات، فيُحسن المسلم خُلُقَه مع الله بالرّضا بما كتبه الله له، وأخذ ذلك على وجه القبول وانشراح الصدر، بعيداً عن الحزن والضجر.[٧]

وإن أصابه ما يكره؛ صبر على قدر الله وكان مستسلماً له بلقبه، راضياً بذلك بلسانه،[٧] ويشمل أيضاً أن يُصّدق المسلم أخبار الله ويتلقّاها بالقبول دون شكٍّ أو ريبٍ، ثمّ يقوم بتنفيذ أمر الله دون ترددٍ أو تهاونٍ،[٨] أمّا مع الخلق فإنّ حسن الخلُق يتجلّى باجتناب مضرّتهم وأذاهم، وبشاشة الوجه حين لُقياهم.[٧]

فضل حسن الخلق

جعل الله لحسن الخلُق فضائل عظيمةً، منها ما ورد في القرآن الكريم ومنها ما ورد في السنة الشريفة، وهذه الفضائل تعود على صاحبها في الدنيا والآخرة، ولأهمية ذلك فقد وَصف بعض السلف حُسن الخُلُق بأنّه الأساس الذي يقوم عليه الإسلام، ثمّ إن الله -تعالى- وصف سيّدنا محمد فقال -تعالى-: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)،[٩][١٠] ومن هذه الفضائل ما يأتي:[١١]

  • امتثال أمر الله -تعالى-

وقد ورد ذلك في القرآن الكريم، قال الله -تعالى-: (خُذِ العَفوَ وَأمُر بِالعُرفِ وَأَعرِض عَنِ الجاهِلينَ).[١٢]

  • الاقتداء برسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-

وذلك يحقيق النجاح والسعادة الدنيويّة والأخروية، فقد روى أنس بن مالك -رضيَ الله عنه- فقال: (كانَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا).[١٣]

  • دخول الجنة

إن أكثر ما يُدخل النّاس الجنّة في الآخرة ويبلغه درجة الصائمين القائمين ويثقل ميزانه يوم القيامة هو حُسن الخلق، فقد روى أبو هريرة -رضيَ الله عنه- فقال: (سُئِلَ عن أكثرِ ما يُدخِلُ الناسَ الجنةَ؟ تقوى اللهِ وحسنُ الخُلقِ وسُئِل عن أكثرِ ما يُدخِلُ الناسَ النارَ؟ فقال الفمُ والفرجُ).[١٤]

  • القرب من رسول الله في المجلس يوم القيامة

قال -عليه السّلام-: (إنَّ مِن أحبِّكم إليَّ وأقربِكُم منِّي مجلساً يومَ القيامةِ أحاسِنُكم أخلاقاً، وإنَّ أبغَضَكم إليَّ وأبعدَكم منِّي مجلساً يومَ القيامةِ الثَّرثارونَ، والمتشدِّقون والمتفَيهِقونَ، قالوا: يا رسولَ اللهِ! قد علِمنا الثَّرثارونَ والمتشَدِّقون، فما المتفَيهِقونَ؟ قال: المتكبِّرونَ).[١٥]

  • بيت أعلى الجنة

ضمانة رسول الله لمن حسن خلقه ببيت في أعلى الجنّة، ففي الحديث الشريف قال: (أنا زعيمُ بيتٍ في ربضِ الجنةِ لمن ترك المِراءَ و إن كان محقًّا، و بيتٍ في وسطِ الجنة لمن ترك الكذبَ و إن كان مازحًا، و بيتٍ في أعلى الجنةِ لمن حَسُنَ خُلُقُه).[١٦]

  • الحصول على فضائل الخير

يجمع حسن الخلق لفضائل الخير كلّها، فقد قال رسول الله: (البِرُّ حُسْنُ الخُلُقِ، وَالإِثْمُ ما حَاكَ في صَدْرِكَ، وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عليه النَّاسُ).[١٧]

أعمال تثقل في الميزان

من الأعمال التي تُثقل ميزان العبد يوم القيامة:[١٨]

  • قول المسلم سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم

قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (كَلِمَتانِ خَفِيفَتانِ علَى اللِّسانِ، ثَقِيلَتانِ في المِيزانِ، حَبِيبَتانِ إلى الرَّحْمَنِ، سُبْحانَ اللَّهِ وبِحَمْدِهِ، سُبْحانَ اللَّهِ العَظِيمِ).[١٩]

  • قول المسلم سبحان الله، والحمد لله

قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (الطُّهُورُ شَطْرُ الإيمانِ، والْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلأُ المِيزانَ، وسُبْحانَ اللهِ والْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآنِ -أَوْ تَمْلأُ- ما بيْنَ السَّمَواتِ والأرْضِ).[٢٠]

  • احتباس الفرس في سبيل الله، والاعتناء به وتجهيزه للجهاد

قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَنِ احْتَبَسَ فَرَساً في سَبيلِ اللَّهِ إيمانًا باللَّهِ وتَصْدِيقًا بوَعْدِهِ، فإنَّ شِبَعَهُ ورِيَّهُ ورَوْثَهُ وبَوْلَهُ في مِيزانِهِ يَومَ القِيامَةِ).[٢١]

المراجع

  1. رواه الألباني ، في صحيح الترمذي، عن أبي الدرداء ، الصفحة أو الرقم:2003، صحيح .
  2. ابن شاهين (2004)، الترغيب في فضائل الأعمال وثواب ذلك (الطبعة 1)، بيروت :دار الكتب العلمية ، صفحة 109. بتصرّف.
  3. ^ أ ب أبو بكر الكلاباذي (1999)، بحر الفوائد المشهور بمعاني الأخبار (الطبعة 1)، بيروت :دار الكتب العلمية، صفحة 259. بتصرّف.
  4. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:4798، سكت عنه وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح.
  5. رواه الألباني ، في صحيح الترغيب ، عن عبد الله بن عمرو ، الصفحة أو الرقم:2650، صحيح .
  6. الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 336، جزء 80. بتصرّف.
  7. ^ أ ب ت محمد بن عثيمين (1426)، شرح رياض الصالحين، الرياض :دار الوطن للنشر، صفحة 556، جزء 3. بتصرّف.
  8. محمد بن عثيمين ، مكارم الأخلاق (الطبعة 1)، الرياض:دار الوطن، صفحة 16. بتصرّف.
  9. سورة القلم ، آية:4
  10. محمد عويضة ، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 455، جزء 6. بتصرّف.
  11. محمد عويضة ، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 270-271، جزء 10. بتصرّف.
  12. سورة الأعراف ، آية:199
  13. رواه مسلم ، في صحيح مسلم ، عن أنس بن مالك ، الصفحة أو الرقم:2310، صحيح .
  14. رواه الألباني ، في صحيح الترغيب ، عن أبي هريرة ، الصفحة أو الرقم:2642، حسن .
  15. رواه الألباني ، في صحيح الترغيب ، عن جابر بن عبد الله ، الصفحة أو الرقم:2897، صحيح لغيره .
  16. رواه الألباني ، في السلسلة الصحيحة ، عن أبي أمامة الباهلي ، الصفحة أو الرقم:273، حسن لغيره .
  17. رواه مسلم ، في صحيح مسلم ، عن النواس بن سمعان الأنصاري، الصفحة أو الرقم:2553، صحيح .
  18. مجموعة من المؤلفين (1433)، الموسوعة العقدية، صفحة 496، جزء 4. بتصرّف.
  19. رواه البخاري ، في صحيح البخاري ، عن أبي هريرة ، الصفحة أو الرقم:6682، صحيح .
  20. رواه مسلم ، في صحيح مسلم ، عن أبي مالك الاشعري ، الصفحة أو الرقم:223 ، صحيح .
  21. رواه البخاري ، في صحيح البخاري ، عن أبي هريرة ، الصفحة أو الرقم:2853 ، صحيح .
4590 مشاهدة
للأعلى للسفل
×