أجمل شعر محمود درويش

كتابة:
أجمل شعر محمود درويش

أجمل شعر محمود درويش

كتب الشاعر محمود درويش العديد من القصائد العظيمة، ومنها ما يأتي:

أجمل حب

يقول الشاعر محمود درويش في قصيدة أجمل حب:

كما ينبت العشب بين مفاصل صخرة

وجدنا غريبين يوما

وكانت سماء الربيع تؤلف نجما... ونجما

وكنت أؤلف فقرة حب..

لعينيك.. غنيتها!

أتعلم عيناك أني انتظرت طويلا

كما انتظر الصيف طائر

ونمت.. كنوم المهاجر

فعين تنام لتصحو عين.. طويلا

وتبكي على أختها،

حبيبان نحن، إلى أن ينام القمر

ونعلم أن العناق، وأن القبل

طعام ليالي الغزل

وأن الصباح ينادي خطاي لكي تستمرّ

على الدرب يوما جديداً!

صديقان نحن، فسيري بقربي كفا بكف

معا نصنع الخبر والأغنيات

لماذا نسائل هذا الطريق.. لأي مصير

يسير بنا ؟

ومن أين لملم أقدامنا؟

فحسبي، وحسبك أنا نسير...

معا، للأبد

لماذا نفتش عن أغنيات البكاء

بديوان شعر قديم؟

ونسأل يا حبنا! هل تدوم؟

أحبك حب القوافل واحة عشب وماء

وحب الفقير الرغيف!

ونبقى رفيقين دوما

لمساء آخر

كلّ خوخ الأرض ينمو في جسد

وتكون الكلمة

وتكون الرغبة المحتدمة

سقط الظلّ عليها

لا أحد

لا أحد...

وتغنّي وحدها

في طريق العربات المهملة

كل شيء عندها

لقب للسنبلة

وتغنّي وحدها :

البحيرات كثيرة

وهي النهر الوحيد.

قصّتي كانت قصيرة

وهي النهر الوحيد

سأراها في الشتاء

عندما تقتلني

وستبكي

وستضحك

وأراها في الشتاء.

إنني أذكر

أو لا أذكر

العمر تبخّر

في محطات القطارات

وفي خطوتها.

كان شيئا يشبه الحبّ

هواء يتكسّر

بين وجهين غريبين،

وموجا يتحجّر

بين صدرين قريبين،

ولا أذكرها...

لمساء آخر هذا المساء

وأنادي وردها

تذهب الأرض هباء

حين تبكي وحدها.

كلماتي كلمات

للشبابيك سماء

للعصافير فضاء

للخطى درب وللنهر مصبّ

وأنا للذكريات.

وهي الأولى. أنا الأول

كنّا. لم نكن

جاء الشتاء

دون أن تقتلني...

دون أن تبكي وتضحك.

قطار الساعة الواحدة

يقول محمود درويش:

رجل وامرأة يفترقان

ينفضان الورد عن قلبيهما،

ينكسران.

يخرج الظلّ من الظلّ

يصيران ثلاثة :

رجلا

وامرأة

والوقت...

لا يأتي القطار

فيعودان إلى المقهى

يقولان كلاما آخرا،

ينسجمان

ويحبّان بزوغ الفجر من أوتار جيتار

ولا يفترقان...

.. وتلفت أجيل الطرف في ساحات هذا القلب.

ناداني زقاق ورفاق يدخلون القبو والنسيان في مدريد.

لا أنسى من المرأة إلّا وجهها أو فرحي...

أنساك أنساك وأنساك كثيرا

لو تأخّرنا قليلا

عن قطار الواحدة.

لو جلسنا ساعة في المطعم الصيني ،

لو مرّت طيور عائدة.

لو قرأنا صحف الليل

لكنّا

رجلا وامرأة يلتقيان

هي في المساء

هي في المساء وحيدةٌ،

وأَنا وحيدٌ مثلها...

بيني وبين شموعها في المطعم الشتويِّ

طاولتان فارغتان (لا شيءٌ يعكرُ صَمْتَنَا)

هي لا تراني، إذ أراها

حين تقطفُ وردةً من صدرها

وأنا كذلك لا أراها، إذ تراني

حين أرشف من نبيذي قُبْلَةً...

هي لا تُفَتِّتُ خبزها

وأنا كذلك لا أريقُ الماءَ

فوق الشَّرْشَف الورقيِّ

(لا شيءٌ يكدِّر صَفْوَنا)

هي وَحْدها، وأَنا أمامَ جَمَالها

وحدي. لماذا لا تُوحِّدُنا الهَشَاشَةُ؟

قلت في نفسي

لماذا لا أذوقُ نبيذَها؟

هي لا تراني، إذ أراها

حين ترفَعُ ساقَها عن ساقِها...

وأنا كذلك لا أراها، إذ تراني

حين أخلَعُ معطفي...

لا شيء يزعجها معي

لا شيء يزعجني، فنحن الآن

منسجمان في النسيان...

كان عشاؤنا، كل على حِدَةٍ، شهيّاً

كان صَوْتُ الليل أزْرقَ

لم أكن وحدي، ولا هي وحدها

كنا معاً نصغي إلى البلِّوْرِ

(لا شيءٌ يُكَسِّرُ ليلنا)

هي لا تقولُ:

الحبُّ يُولَدُ كائناً حيّا

ويُمْسِي فِكْرَةً.

وأنا كذلك لا أقول:

الحب أَمسى فكرةً


لكنه يبدو كذلك...

عاشق من فلسطين

عيونك شوكة في القلب

توجعني.. وأعبدها

وأحميها من الريح

وأغمدها وراء الليل والأوجاع.. أغمدها

فيشعل جرحها ضوء المصابيح

ويجعل حاضري غدها

أعزّ عليّ من روحي

وأنسى، بعد حين، في لقاء العين بالعين

بأنّا مرة كنّا وراء، الباب، إثنين!

كلامك كان أغنية

وكنت أحاول الإنشاد

ولكن الشقاء أحاط بالشفقة الربيعيّة

كلامك..كالسنونو طار من بيتي

فهاجر باب منزلنا، و عتبتنا الخريفيّة

وراءك، حيث شاء الشوق..

وانكسرت مرايانا

فصار الحزن ألفين

ولملمنا شظايا الصوت!

لم نتقن سوى مرثية الوطن

سننزعها معا في صدر جيتار

وفق سطوح نكبتنا، سنعزفها

لأقمار مشوهّة..و أحجار

ولكنيّ نسيت.. نسيت يا مجهولة الصوت:

رحيلك أصدأ الجيتار.. أم صمتي؟!

رأيتك أمس في الميناء

مسافرة بلا أهل.. بلا زاد

ركضت إليك كالأيتام،

أسأل حكمة الأجداد:

لماذا تسحب البيّارة الخضراء

إلى سجن، إلى منفى، إلى ميناء

وتبقى رغم رحلتها

ورغم روائح الأملاح والأشواق،

تبقى دائما خضراء؟

وأكتب في مفكرتي:

أحبّ البرتقال. وأكره الميناء

وأردف في مفكرتي:

على الميناء

وقفت.و كانت الدنيا عيون الشتاء

وقشرة البرتقال لنا. وخلفي كانت الصحراء!

رأيتك في جبال الشوك

راعية بلا أغنام

مطاردة، وفي الأطلال..

وكنت حديقتي، وأنا غريب الدّار

أدقّ الباب يا قلبي

على قلبي..

يقوم الباب والشبّاك والإسمنت والأحجار !

رأيتك في خوابي الماء والقمح

محطّمة.رأيتك في مقاهي الليل خادمة

رأيتك في شعاع الدمع والجرح.

وأنت الرئة الأخرى بصدري..

أنت أنت الصوت في شفتي..

وأنت الماء، أنت النار!

رأيتك عند باب الكهف.. عند الدار

معلّقة على حبل الغسيل ثياب أيتامك

رأيتك في المواقد.. في الشوارع..

في الزرائب.. في دم الشمس

رأيتك في أغاني اليتم والبؤس !

رأيتك ملء ملح البحر والرمل

وكنت جميلة كالأرض.. كالأطفال.. كالفلّ

وأقسم:

من رموش العين سوف أخيط منديلا

وأنقش فوقه لعينيك

وإسما حين أسقيه فؤادا ذاب ترتيلا..

يمدّ عرائش الأيك..

سأكتب جملة أغلى من الشهداء والقبّل:

فلسطينية كانت.. ولم تزل!

فتحت الباب والشباك في ليل الأعاصير

على قمر تصلّب في ليالينا

وقلت لليلتي: دوري!

وراء الليل والسور..

فلي وعد مع الكلمات والنور..

وأنت حديقتي العذراء..

ما دامت أغانينا

سيوفا حين نشرعها

وأنت وفية كالقمح..

سمادا حين نزرعها

وأنت كنخلة في البال،

ما انكسرت لعاصفة وحطّاب

وما جزّت ضفائرها

وحوش البيد والغاب..

ولكني أنا المنفيّ خلف السور والباب

خذني تحت عينيك

خذيني، أينما كنت

خذيني ،كيفما كنت

أردّ إلى لون الوجه والبدن

وضوء القلب والعين

وملح الخبز واللحن

وطعم الأرض والوطن!

خذيني تحت عينيك

خذيني لوحة زيتّية في كوخ حسرات

خذيني آية من سفر مأساتي

خذيني لعبة.. حجرا من البيت

ليذكر جيلنا الآتي

مساربه إلى البيت!

فلسطينية العينين والوشم

فلسطينية الاسم

فلسطينية الأحلام والهم

فلسطينية المنديل والقدمين والجسم

فلسطينية الكلمات والصمت

فلسطينية الصوت

فلسطينية الميلاد والموت

حملتك في دفاتري القديمة

نار أشعاري

حملتك زاد أسفاري

وباسمك صحت في الوديان:

خيول الروم! أعرفها

وإن يتبدل الميدان!

خذوا حذّرا..

من البرق الذي صكّته أغنيتي على الصوّان

أنا زين الشباب، وفارس الفرسان

أنا. ومحطّم الأوثان.

حدود الشام أزرعها

قصائد تطلق العقبان!

وباسمك، صحت بالأعداء:

كلي لحمي إذا ما نمت يا ديدان

فبيض النمل لا يلد النسور..

وبيضة الأفعى..

يخبئ قشرها ثعبان!

خيول الروم.. أعرفها

وأعرف قبلها أني

أنا زين الشباب، وفارس الفرسان

9415 مشاهدة
للأعلى للسفل
×