أجمل قصائد أبي الطيب المتنبي

كتابة:
أجمل قصائد أبي الطيب المتنبي

الحب ما منع الكلام الألسنا

من قصائد المتنبي في الحب:[١]

الحُبُّ ما مَنَعَ الكَلامَ الألْسُنَا

وألَذُّ شَكْوَى عاشِقٍ ما أعْلَنَا

ليتَ الحَبيبَ الهاجري هَجْرَ الكَرَى

من غيرِ جُرْمٍ واصِلي صِلَةَ الضّنى

بِتْنَا ولَوْ حَلّيْتَنا لمْ تَدْرِ مَا

ألْوانُنَا ممّا اسْتُفِعْنَ تَلَوُّنَا

وتَوَقّدَتْ أنْفاسُنا حتى لَقَدْ

أشْفَقْتُ تَحْتَرِقُ العَواذِلُ بَينَنَا

أفْدي المُوَدِّعَةَ التي أتْبَعْتُهَا

نَظَراً فُرادَى بَينَ زَفْراتٍ ثُنَا

أنْكَرْتُ طارِقَةَ الحَوادِثِ مَرّةً

ثُمّ اعْتَرَفتُ بها فصارَتْ دَيْدَنَا

وقَطَعْتُ في الدّنْيا الفَلا ورَكائِبي

فيها وَوَقْتيّ الضّحَى والمَوْهِنَا

فوَقَفْتُ منها حيثُ أوْقَفَني النّدَى

وبَلَغْتُ من بَدْرِ بنِ عَمّارَ المُنى

لأبي الحُسَينِ جَداً يَضيقُ وِعاؤهُ

عَنْهُ ولَوْ كانَ الوِعاءُ الأزْمُنَا

وشَجاعَةٌ أغْناهُ عَنْها ذِكْرُها

ونَهَى الجَبَانَ حَديثُها أن يجُبنَا

نِيطَتْ حَمائِلُهُ بعاتِقِ مِحْرَبٍ

ما كَرّ قَطُّ وهَلْ يكُرُّ وما کنْثَنَى

فكأنّهُ والطّعْنُ منْ قُدّامِهِ

مُتَخَوِّفٌ مِنْ خَلفِهِ أنْ يُطْعَنَا

نَفَتِ التّوَهُّمَ عَنْهُ حِدّةُ ذِهْنِهِ

فقَضَى على غَيبِ الأمورِ تَيَقُّنَا

يَتَفَزّعُ الجَبّارُ مِنْ بَغَتاتِهِ

فَيَظَلّ في خَلَواتِهِ مُتَكَفِّنَا

أمْضَى إرادَتَهُ فَسَوْفَ لَهُ قَدٌ

واستَقرَبَ الأقصَى فَثَمّ لهُ هُنَا

يَجِدُ الحَديدَ على بَضاضةِ جِلْدِهِ

ثَوْباً أخَفَّ مِنَ الحَريرِ وألْيَنا

وأمَرُّ مِنْ فَقْدِ الأحِبّةِ عِندَهُ

فَقْدُ السّيُوفِ الفاقِداتِ الأجْفُنَا

لا يَستَكِنّ الرّعبُ بَينَ ضُلُوعِهِ

يَوْماً ولا الإحسانُ أنْ لا يُحْسِنَا

مُسْتَنْبِطٌ من عِلْمِهِ ما في غَدٍ

فكأنّ ما سيَكونُ فيهِ دُوِّنَا

تَتَقاصَرُ الأفهامُ عَنْ إدْراكِهِ

مِثْلَ الذي الأفْلاكُ فيهِ والدُّنَى

مَنْ لَيسَ مِنْ قَتْلاهُ من طُلَقائِهِ

مَنْ لَيسَ ممّنْ دانَ ممّنْ حُيِّنَا

لمّا قَفَلْتَ مِنَ السّواحِلِ نَحْوَنَا

قَفَلَتْ إلَيْها وَحْشَةٌ من عِندِنا

أرِجَ الطّريقُ فَما مَرَرْتَ بمَوْضِعٍ

إلاّ أقامَ بهِ الشّذا مُسْتَوْطِنَا

لَوْ تَعْقِلُ الشّجَرُ التي قابَلْتَها

مَدّتْ مُحَيّيَةً إلَيكَ الأغْصُنَا

سَلَكَتْ تَماثيلَ القِبابِ الجِنُّ من

شَوْقٍ بها فأدَرْنَ فيكَ الأعْيُنَا

طَرِبَتْ مَراكِبُنَا فَخِلْنا أنّها

لَوْلا حَيَاءٌ عاقَها رَقَصَتْ بنا

أقْبَلْتَ تَبْسِمُ والجِيادُ عَوَابِسٌ

يَخْبُبْنَ بالحَلَقِ المُضاعَفِ والقَنَا

عَقَدَتْ سَنابِكُها عَلَيْها عِثْيَراً

لوْ تَبتَغي عَنَقاً عَلَيْهِ لأمْكَنَا

والأمْرُ أمرُكَ والقُلُوبُ خوافِقٌ

في مَوْقِفٍ بَينَ المَنيّةِ والمُنى

فعَجِبْتُ حتى ما عَجبتُ من الظُّبَى

ورأيْتُ حتى ما رأيْتُ منَ السّنى

إنّي أراكَ منَ المَكارِمِ عَسكَراً

في عَسكَرٍ ومنَ المَعالي مَعْدِنَا

فَطَنَ الفُؤادُ لِما أتَيْتُ على النّوَى

ولِمَا تَرَكْتُ مَخافَةً أنْ تَفْطُنَا

أضحَى فِراقُكَ لي عَلَيْهِ عُقُوبَةً

لَيسَ الذي قاسَيْتُ منْهُ هَيّنَا

فاغْفِرْ فِدًى لكَ واحبُني مِنْ بعدها

لِتَخُصّني بِعَطِيّةٍ مِنْها أنَا

وَانْهَ المُشيرَ عَلَيكَ فيّ بِضِلّةٍ

فالحُرُّ مُمْتَحَنٌ بأوْلادِ الزّنَى

وإذا الفتى طَرَحَ الكَلامَ مُعَرِّضاً

في مجْلِسٍ أخذَ الكَلامَ اللَّذْ عَنى

ومَكايِدُ السّفَهاءِ واقِعَةٌ بهِمْ

وعَداوَةُ الشّعَراءِ بِئْسَ المُقْتَنى

لُعِنَتْ مُقارَنَةُ اللّئيمِ فإنّهَا

ضَيْفٌ يَجرُّ منَ النّدامةِ ضَيْفَنَا

غَضَبُ الحَسُودِ إذا لَقيتُكَ راضِياً

رُزْءٌ أخَفُّ عليّ مِنْ أنْ يُوزَنَا

أمسَى الذي أمْسَى برَبّكَ كافِراً

مِنْ غَيرِنا مَعَنا بفَضْلِكَ مُؤمِنَا

خَلَتِ البِلادُ منَ الغَزالَةِ لَيْلَها

فأعاضَهاكَ الله كَيْ لا تَحْزَنَا


ألا لا أري الأحداث مدحا ولا ذما

المتنبي يرثي جدّته في القصيدة الآتية:[٢]

ألا لا أُري الأحداثَ مَدحاً ولا ذَمّا

فَما بَطشُها جَهلاً ولا كفُّها حِلمَا

إلى مثلِ ما كانَ الفتى مرْجعُ الفتى

يَعُودُ كمَا أُبْدي ويُكرِي كما أرْمَى

لَكِ الله مِنْ مَفْجُوعَةٍ بحَبيبِها

قَتيلَةِ شَوْقٍ غَيرِ مُلحِقِها وَصْمَا

أحِنّ إلى الكأسِ التي شرِبَتْ بها

وأهوى لمَثواها التّرابَ وما ضَمّا

بَكَيْتُ عَلَيها خِيفَةً في حَياتِها

وذاقَ كِلانا ثُكْلَ صاحِبِهِ قِدْمَا

ولوْ قَتَلَ الهَجْرُ المُحبّينَ كُلَّهُمْ

مضَى بَلَدٌ باقٍ أجَدّتْ لَهُ صَرْمَا

عرَفْتُ اللّيالي قَبلَ ما صَنَعَتْ بنا

فلَمَا دَهَتْني لم تَزِدْني بها عِلْمَا

مَنافِعُها ما ضَرّ في نَفْعِ غَيرِها

تغذّى وتَرْوَى أن تجوعَ وأن تَظْمَا

أتاها كِتابي بَعدَ يأسٍ وتَرْحَةٍ

فَماتَتْ سُرُوراً بي فَمُتُّ بها غَمّا

حَرامٌ على قَلبي السّرُورُ فإنّني

أعُدّ الذي ماتَتْ بهِ بَعْدَها سُمّا

تَعَجَّبُ مِنْ لَفْظي وخَطّي كأنّما

ترَى بحُرُوفِ السّطرِ أغرِبةً عُصْمَا

وتَلْثِمُهُ حتى أصارَ مِدادُهُ

مَحاجِرَ عَيْنَيْها وأنْيابَها سُحْمَا

رَقَا دَمْعُها الجاري وجَفّتْ جفونها

وفارَقَ حُبّي قَلبَها بَعدمَا أدمَى

ولم يُسْلِها إلاّ المَنَايا وإنّمَا

أشَدُّ منَ السُّقمِ الذي أذهَبَ السُّقْما

طَلَبْتُ لها حَظّاً فَفاتَتْ وفاتَني

وقد رَضِيَتْ بي لو رَضيتُ بها قِسْمَا

فأصْبَحتُ أسْتَسقي الغَمامَ لقَبرِها

وقد كنْتُ أستَسقي الوَغى والقنا الصُّمّا

وكنتُ قُبَيلَ الموْتِ أستَعظِمُ النّوَى

فقد صارَتِ الصّغَرى التي كانتِ العظمى

هَبيني أخذتُ الثأرَ فيكِ منَ العِدَى

فكيفَ بأخذِ الثّأرِ فيكِ من الحُمّى

وما انسَدّتِ الدّنْيا عليّ لضِيقِهَا

ولكنَّ طَرْفاً لا أراكِ بهِ أعمَى


يا سيف دولة دين الله دم أبدا

المتنبي يمدح سيف الدولة:[٣]

يا سيف دولةِ دين اللَه دُم أبدا

وعش برغم الأعادي عيشةً رغدا

هل أذهَلَ الناسَ إلا خيمةٌ سقَطَت

من المكارِمِ حتى ألقت العمدا

خرَّت لوجهكَ نحو الأرض ساجدةً

كما يَخِرُّ لوجهِ اللَه مَن سجَدا


أبا عبد الإله معاذ إني

قصيدة للمتنبي في العتاب:[٤]

أَبا عَبدِ الإِلَهِ مُعاذُ إِنّي

خَفِيٌّ عَنكَ في الهَيجا مَقامي

ذَكَرتُ جَسيمَ ما طَلَبي وَأَنّا

نُخاطِرُ فيهِ بِالمُهَجِ الجِسامِ

أَمِثلي تَأخُذُ النَكَباتُ مِنهُ

وَيَجزَعُ مِن مُلاقاةِ الحِمامِ

وَلَو بَرَزَ الزَمانُ إِلَيَّ شَخصاً

لَخَضَّبَ شَعرَ مَفرِقِهِ حُسامي

وَما بَلَغَت مَشيئتَها اللَيالي

وَلا سارَت وَفي يَدِها زِمامي

إِذا اِمتَللأََت عُيونُ الخَيلُ مِنّي

فَوَيلٌ في التَيَقُّظِ وَالمَنامِ


في الخد أن عزم الخليط رحيلا

مدح المتنبي بدر بن عمّار في القصيدة الآتية:[٥]

في الخَدّ أنْ عَزَمَ الخَليطُ رَحيلا

مَطَرٌ تَزيدُ بهِ الخُدودُ مُحُولا

يا نَظْرَةً نَفَتِ الرُّقادَ وغادَرَتْ

في حَدّ قَلبي ما حَيِيتُ فُلُولا

كَانَتْ مِنَ الكَحْلاءِ سُؤلي إنّما

أجَلي تَمَثّلَ في فُؤادي سُولا

أجِدُ الجَفَاءَ على سِواكِ مُرُوءَةً

والصّبرَ إلاّ في نَواكِ جَميلا

وأرَى تَدَلُّلَكِ الكَثيرَ مُحَبَّباً

وأرَى قَليلَ تَدَلُّلٍ مَمْلُولا

حَدَقُ الحِسانِ من الغواني هِجنَ لي

يَوْمَ الفِراقِ صَبابَةً وغَليلا

حَدَقٌ يُذِمّ مِنَ القَواتِلِ غيرَها

بَدْرُ بنُ عَمّارِ بنِ إسْماعِيلا

ألفَارِجُ الكُرَبَ العِظامَ بمِثْلِها

والتّارِكُ المَلِكَ العزيزَ ذَليلا

مَحِكٌ إذا مَطَلَ الغَريمُ بدَيْنِهِ

جَعَلَ الحُسامَ بمَا أرَادَ كَفيلا

نَطِقٌ إذا حَطّ الكَلامُ لِثامَهُ

أعْطَى بمَنْطِقِهِ القُلُوبَ عُقُولا

أعْدَى الزّمانَ سَخاؤهُ فَسَخا بهِ

ولَقَدْ يكونُ بهِ الزّمانُ بَخيلا

وكأنّ بَرْقاً في مُتُونِ غَمامةٍ

هِنْدِيُّهُ في كَفّهِ مَسْلُولا

ومَحَلُّ قائِمِهِ يَسيلُ مَواهِباً

لَوْ كُنّ سَيْلاً ما وَجَدْنَ مَسيلا

رَقّتْ مَضارِبُهُ فَهُنّ كأنّمَا

يُبْدينَ مِنْ عِشقِ الرّقابِ نُحُولا

أمُعَفِّرَ اللّيْثِ الهِزَبْرِ بسَوْطِهِ

لمَنِ ادّخَرْتَ الصّارِمَ المَصْقُولا

وَقَعَتْ على الأُرْدُنّ مِنْهُ بَلِيّةٌ

نُضِدَتْ بها هامُ الرّفاقِ تُلُولا

وَرْدٌ إذا وَرَدَ البُحَيرَةَ شارِباً

وَرَدَ الفُراتَ زَئِيرُهُ والنّيلا

مُتَخَضّبٌ بدَمِ الفَوارِسِ لابِسٌ

في غِيلِهِ مِنْ لِبْدَتَيْهِ غِيلا

ما قُوبِلَتْ عَيْناهُ إلاّ ظُنّتَا

تَحْتَ الدُّجَى نارَ الفَريقِ حُلُولا

في وَحْدَةِ الرُّهْبَانِ إلاّ أنّهُ

لا يَعْرِفُ التّحْرِيمَ والتّحْليلا

يَطَأُ الثّرَى مُتَرَفّقاً مِنْ تِيهِهِ

فكأنّهُ آسٍ يَجُسّ عَلِيلا

ويَردّ عُفْرَتَه إلى يَأفُوخِهِ

حتى تَصِيرَ لرَأسِهِ إكْليلا

وتَظُنّهُ مِمّا يُزَمْجِرُ نَفْسُهُ

عَنْها لِشِدّةِ غَيظِهِ مَشْغُولا

قَصَرَتْ مَخَافَتُهُ الخُطى فكأنّما

رَكِبَ الكَميُّ جَوادَهُ مَشْكُولا


المراجع

  1. المتنبي - أحمد بن حسين الجعفي المتنبي أبو الطيب، كتاب ديوان المتنبي، صفحة 150.
  2. "ألا لا أري الأحداث مدحا ولا ذما"، adab، اطّلع عليه بتاريخ 25-2-2019.
  3. "يا سيف دولة دين الله دم أبدا"، aldiwan، اطّلع عليه بتاريخ 25-2-2019.
  4. "أبا عبد الإله معاذ إني"، aldiwan، اطّلع عليه بتاريخ 25-2-2019.
  5. المتنبي - أحمد بن حسين الجعفي المتنبي أبو الطيب، كتاب ديوان المتنبي، صفحة 144.
6243 مشاهدة
للأعلى للسفل
×