محتويات
قصيدة: خمس أغنيات إلى حبيبتي
- على جناح طائرٍ
- مسافر
- مسافر
- تأتيك خمس أغنيات حبٍّ
- تأتيك كالمشاعر الضريرةِ
- من غربة المصبِّ
- إليك: يا حبيبتي الأميرة
- الأغنية الأولى
- ما زلت أنت أنت
- تأتلقين يا وسام الليل في ابتهال صمتٍ
- لكن أنا، أنا هنا:
- بلا (أنا)
- سألت أمس طفلة عن اسم شارعٍ
- فأجفلت ولم تردْ
- بلا هدى أسيرُ في شوارع تمتدّ
- وينتهي الطريق إذا بآخر يطل
- تقاطعُ
- تقاطعُ
- مدينتي طريقها بلا مصير
- فأين أنت يا حبيبتي
- لكي نسير
- معًا
- فلا نعود
- لا نصل
- تشاجرت امرأتان عند باب بيتنا
- قولهما علي الجدران صفرة انفعال
- لكن لفظًا واحدًا حيّرني مدلولهُ
- قالته إحداهن للأخرى
- قالته فارتعشت كابتسامة الأسرى
- تري حبيبتي تخونني
- أنا الذي أرشُّ الدموع نجم شوقنا
- ولتغفري حبيبتي
- فأنت تعرفين أنّ زمرة النساء حولنا
- قد انهدلت في مزلق اللهيب المزمنةِ
- وأنت يا حبيبتي بشر
- في قرننا العشرين تعشقين أمسياته الملوّنةِ
- قد دار حبيبتي بخاطري هذا الكدر
- لكني بلا بصر
- أبصرت في حقيبتي تذكارك العريق
- يضمُّنا هناك في بحيرة القمر
- عيناك فيهما يصل ألف ربّ
- وجبهة ماسيّة تفنى في بشرتها سماحة المحبّ
- أحسست أنّي فوق فوق أن أشكّ
- وأنت فوق كل شكّ
- وإنّي أثِمت حينما قرأت اسم ذلك الطريق
- لذا كتبت لكِ
- لتغفري
- ماذا لديك يا هوى
- أكثر مما سقيتني؟
- قمت بها بلا ارتحال
- حبيبتي: قد جاءني هذا الهوى
- بكلمة من فمك لذا تركته يقيم
- وظلّ يا حبيبتي يشبّ
- حتى يفِع
- حتى غدا في عنفوان ربّ
- ولم يعد في غرفتي مكان
- ما عادت الجدران تتّسع
- حطمت يا حبيبتي الجدران
- حملته، يحملني
- إلى مدائن هناك خلف الزمن
- أسكرته، أسكرني
- من خمرة أكوابها قليلة التوازن
- لم أفلت
- من قبضة تطير بي إلى مدى الحقيقة
- بأنّني أصبت، أشتاق يا حبيبتي[١]
قصيدة: البكاء بين يدي زرقاء اليمامة
- أيتها العرّافة المقدَّسةْ
- جئتُ إليكِ مثخنًا بالطعنات والدماءْ
- أزحف في معاطف القتلى، وفوق الجثث المكدّسة
- منكسر السيف، مغبَّر الجبين والأعضاءْ.
- أسأل يا زرقاءْ
- عن فمكِ الياقوتِ، عن نبوءة العذراءْ
- عن ساعدي المقطوع وهو ما يزال ممسكًا بالرّاية المنكَّسة
- عن صور الأطفال في الخوذات ملقاةً على الصحراءْ
- عن جاريَ الذي يَهُمُّ بارتشاف الماء
- فيثقب الرصاصُ رأسَه في لحظة الملامسة!
- عن الفم المحشوِّ بالرمال والدماء!
- أسألُ يا زرقاء
- عن وقفتي العزلاء بين السّيف والجدارْ!
- عن صرخة المرأة بين السَّبي والفرارْ؟
- كيف حملتُ العار؟
- ثم مشيتُ دون أن أقتل نفسي دون أن أنهار
- ودون أن يسقط لحمي من غبار التربة المدنسة
- لا تغمضي عينيكِ، فالجرذان
- تلعق من دمي حساءَها ولا أردُّها
- تكلمي لشدَّ ما أنا مُهان
- لا اللَّيل يُخفي عورتي كلا ولا الجدران
- ولا اختبائي في الصحيفة التي أشدُّها
- ولا احتمائي في سحائب الدّخان
- تقفز حولي طفلةٌ واسعةُ العينين عذبةُ المشاكسة
- كان يَقُصُّ عنك يا صغيرتي ونحن في الخنادْق
- فنفتح الأزرار في ستراتنا ونسند البنادقْ
- وحين مات عَطَشًا في الصحَراء المشمسة
- رطَّب باسمك الشفاه اليابسة
- وارتخت العينان
- فأين أخفي وجهيَ المتَّهمَ المدان؟
- والضحكةَ الطروب: ضحكتهُ
- والوجهُ والغمازتانْ
- أيّتها النبيّة المقدسة
- لا تسكتي فقد سَكَتُّ سَنَةً فَسَنَةً
- لكي أنال فضلة الأمانْ
- قيل ليَ "اخرسْ"
- فخرستُ وعميت وائتممتُ بالخصيان
- ظللتُ في عبيد عبسِ أحرس القطعان
- أجتزُّ صوفَها
- أردُّ نوقها
- أنام في حظائر النسيان
- طعاميَ: الكسرةُ والماءُ وبعض الثمرات اليابسة
- وها أنا في ساعة الطعانْ
- ساعةَ أن تخاذل الكماةُ والرماةُ والفرسانْ
- دُعيت للميدان!
- أنا الذي ما ذقتُ لحمَ الضأن
- أنا الذي لا حولَ لي أو شأن
- أنا الذي أقصيت عن مجالس الفتيان
- أُدعى إلى الموت ولم أدعَ إلى المجالسة
- تكلمي أيتها النبية المقدسة
- تكلمي تكلمي
- فها أنا على التراب سائلٌ دمي
- وهو ظمِئُ يطلب المزيدا
- أسائل الصمتَ الذي يخنقني:
- ما للجمال مشيُها وئيدا
- أجندلًا يحملن أم حديدا
- فمن تُرى يصدُقْني؟
- أسائل الركَّع والسجودا
- أسائل القيودا:
- ما للجمال مشيُها وئيدا
- ما للجمال مشيُها وئيد؟
- أيتها العَّرافة المقدسة
- ماذا تفيد الكلمات البائسة؟
- قلتِ لهم ما قلتِ عن قوافل الغبارْ
- فاتهموا عينيكِ، يا زرقاء، بالبوار
- قلتِ لهم ما قلتِ عن مسيرة الأشجار
- فاستضحكوا من وهمكِ الثرثار!
- وحين فُوجئوا بحدِّ السيف: قايضوا بنا
- والتمسوا النجاةَ والفرار
- ونحن جرحى القلبِ
- جرحى الروحِ والفم
- لم يبق إلا الموتُ
- والحطامُ
- والدمارْ
- وصبيةٌ مشرّدون يعبرون آخرَ الأنهارْ
- ونسوةٌ يسقن في سلاسل الأسرِ
- وفي ثياب العارْ
- مطأطئات الرأس لا يملكن إلا الصرخات الناعسة
- ها أنت يا زرقاءْ
- وحيدةٌ عمياءْ
- وما تزال أغنياتُ الحبِّ والأضواءْ
- والعرباتُ الفارهاتُ والأزياءْ
- فأين أخفي وجهيَ المُشَوَّها
- كي لا أعكِّر الصفاء الأبله المموَّها
- في أعين الرجال والنساءْ؟
- وأنت يا زرقاء
- وحيدة عمياء
- وحيدة عمياء[٢]
قصيدة العينان الخضراوان
- العينان الخضراوان
- مروّحتان
- في أروقة الصيف الحرّان
- أغنيتان مسافرتان
- أبحرتا من نايات الرعيان
- بعبير حنان
- سنتان و أنا أبني زورق حبّ
- يمتد عليه من الشوق شراعان
- كي أبحر في العينين الصافيتين
- إلى جزر المرجان
- ما أحلى أن يضطرب الموج فينسدل الجفنان
- وأنا أبحث عن مجداف
- عن إيمان
- والعينان الخضراوان
- مروّحتان
قصيدة: الوقوف على قدم واحدة
- كادت تقول لي من أنت؟
- العقرب الأسود كان يلدغ الشمس
- وعيناه الشّهيتان تلمعان
- أأنت؟
- لكنّي رددت باب وجهي واستكنت
- عرفت أنّها
- تنسى حزام خصرها
- في العربات الفارهة
- أسقط فى أنياب اللحظات الدنسةِ
- أتشاغل بالرشفة من كوب الصمت المكسور
- بمطاردة فراش الوهم المخمورِ
- أتلاشى فى الخيط الواهن:
- ما بين شروع الخنجر والرقبةِ
- ما بين القدم العاربة وبين الصحراء الملتهبةِ
- ما بين الطلقة والعصفور والعصفور
- يهتزّ قرطها الطويل
- يراقص ارتعاش ظلّه
- على تلفّتات العنق الجميل
- وعندما تلفظ بذر الفاكهة
- وتطفىء التبغة فى المنفضة العتيقة الطراز
- تقول عيناها: استرح!
- والشفتان شوكتان
- تبقين أنت: شبحًا يفصل بين الأخوين
- وعندما يفور كأس الجعة المملوء
- فى يد الكبير:
- يقتلك المقتول مرتين
- أتأذنين لي بمعطفى
- أخفى به
- عورة هذا القمر الغارق فى البحيرة
- عورة هذا المتسوّل الأمير
- وهو يحاور الظلال من شجيرة إلى شجيرة
- يطالع الكفّ لعصفور مكسّر الساقين
- يلقط حبّة العينين
- لأنه صدّق ذات ليلة مضت
- عطاء فمك الصغير
- عطاء حلمك القصير[٣]
قصيدة: خطاب غير تاريخي
- ها أنتَ تَسْترخي أخيرًا
- فوداعًا
- يا صَلاحَ الدين
- يا أيُها الطَبلُ البِدائيُّ الذي تراقصَ الموتى
- على إيقاعِه المجنونِ
- يا قاربَ الفَلِّينِ
- للعربِ الغرقى الذين شَتَّتتْهُمْ سُفنُ القراصِنة
- وأدركتهم لعنةُ الفراعِنة
- وسنةً بعدَ سنة
- صارت لهم "حِطينْ"
- تميمةَ الطِّفِل, وأكسيرَ الغدِ العِنّينْ
- جبل التوباد حياك الحيا
- وسقى الله ثرانا الأجنبي
- مرَّتْ خيولُ التُركْ
- مَرت خُيولُ الشِّركْ
- مرت خُيول الملكِ النَّسر
- مرتْ خيول التترِ الباقينْ
- ونحن جيلًا بعد جيل في ميادينِ المراهنة
- نموتُ تحتَ الأحصِنة
- وأنتَ في المِذياعِ, في جرائدِ التَّهوينْ
- تستوقفُ الفارين
- تخطبُ فيهم صائِحًا: "حِطّينْ"
- وترتدي العِقالَ تارةً,
- وترتدي مَلابس الفدائييّنْ
- وتشربُ الشَّايَ مع الجنود
- في المُعسكراتِ الخشِنة
- وترفعُ الرايةَ
- حتى تستردَ المدنَ المرتهنة
- وتطلقُ النارَ على جوادِكَ المِسكينْ
- حتى سقطتَ أيها الزَّعيم
- واغتالتْك أيدي الكَهَنة!
- (وطني لو شُغِلتُ بالخلدِ عَنه)
- (نازعتني لمجلسِ الأمنِ نَفسي!)
- نم يا صلاحَ الدين
- نم تَتَدلى فوقَ قَبرِك الورودُ
- كالمظلِّيين
- ونحنُ ساهرونَ في نافذةِ الحَنينْ
- نُقشّر التُفاحَ بالسِّكينْ
- ونسألُ الله "القُروضَ الحسَنة"
- فاتحةً:
- آمينْ.[٤]
قصيدة: لا تصالح
- لا تُصالحْ!
- ولو منحوك الذهب
- أترى حين أفقأ عينيك
- ثم أثبت جوهرتين مكانهما
- هل ترى؟
- هي أشياء لا تشترى
- ذكريات الطفولة بين أخيك وبينك
- حسُّكما فجأةً بالرجولةِ
- هذا الحياء الذي يكبت الشوق حين تعانقُهُ
- الصمتُ مبتسمين لتأنيب أمكما وكأنكما
- ما تزالان طفلين
- تلك الطمأنينة الأبدية بينكما:
- أنَّ سيفانِ سيفَكَ
- صوتانِ صوتَكَ
- أنك إن متَّ:
- للبيت ربٌّ
- وللطفل أبْ
- هل يصير دمي بين عينيك ماءً؟
- أتنسى ردائي الملطَّخَ بالدماء
- تلبس فوق دمائي ثيابًا مطرَّزَةً بالقصب
- إنها الحربُ
- قد تثقل القلبَ
- لكن خلفك عار العرب
- لا تصالحْ
- ولا تتوخَّ الهرب
- لا تصالح على الدم حتى بدم
- لا تصالح! ولو قيل رأس برأسٍ
- أكلُّ الرؤوس سواءٌ
- أقلب الغريب كقلب أخيك
- أعيناه عينا أخيك
- وهل تتساوى يدٌ سيفها كان لك
- بيدٍ سيفها أثْكَلك
- سيقولون:
- جئناك كي تحقن الدم
- جئناك كن يا أمير الحكم
- سيقولون:
- ها نحن أبناء عم
- قل لهم: إنهم لم يراعوا العمومة فيمن هلك
- واغرس السيفَ في جبهة الصحراءِ
- إلى أن يجيب العدم
- إنني كنت لك
- فارسًا
- وأخًا
- وأبًا
- ومَلِك!
- لا تصالح
- ولو حرمتك الرقاد
- صرخاتُ الندامة
- وتذكَّر
- (إذا لان قلبك للنسوة اللابسات السواد ولأطفالهن الذين تخاصمهم الابتسامة)
- أن بنتَ أخيك "اليمامة"
- زهرةٌ تتسربل في سنوات الصبا
- بثياب الحداد
- كنتُ، إن عدتُ:
- تعدو على دَرَجِ القصر،
- تمسك ساقيَّ عند نزولي
- فأرفعها وهي ضاحكةٌ
- فوق ظهر الجواد
- ها هي الآن صامتةٌ
- حرمتها يدُ الغدر:
- من كلمات أبيها،
- ارتداءِ الثياب الجديدةِ
- من أن يكون لها ذات يوم أخٌ!
- من أبٍ يتبسَّم في عرسها
- وتعود إليه إذا الزوجُ أغضبها
- وإذا زارها.. يتسابق أحفادُه نحو أحضانه،
- لينالوا الهدايا
- ويلهوا بلحيته -وهو مستسلمٌ-
- ويشدُّوا العمامة
- لا تصالح!
- فما ذنب تلك اليمامة
- لترى العشَّ محترقًا فجأةً،
- وهي تجلس فوق الرماد
- لا تصالح
- ولو توَّجوك بتاج الإمارة
- كيف تخطو على جثة ابن أبيكَ؟
- وكيف تصير المليكَ
- على أوجهِ البهجة المستعارة
- كيف تنظر في يد من صافحوك
- فلا تبصر الدم
- في كل كف؟
- إن سهمًا أتاني من الخلف
- سوف يجيئك من ألف خلف
- فالدم الآن صار وسامًا وشارة
- لا تصالح،
- ولو توَّجوك بتاج الإمارة
- إن عرشَك: سيفٌ
- وسيفك: زيفٌ
- إذا لم تزنْ بذؤابته لحظاتِ الشرف
- واستطبت الترف
- لا تصالح
- ولو قال من مال عند الصدامْ
- ما بنا طاقة لامتشاق الحسام
- عندما يملأ الحق قلبك
- تندلع النار إن تتنفَّسْ
- ولسانُ الخيانة يخرس
- لا تصالح
- ولو قيل ما قيل من كلمات السلام
- كيف تستنشق الرئتان النسيم المدنَّس؟
- كيف تنظر في عيني امرأة
- أنت تعرف أنك لا تستطيع حمايتها؟
- كيف تصبح فارسها في الغرام؟
- كيف ترجو غدًا لوليد ينام
- كيف تحلم أو تتغنى بمستقبلٍ لغلام
- وهو يكبر بين يديك بقلب مُنكَّس؟
- لا تصالح
- ولا تقتسم مع من قتلوك الطعام
- وارْوِ قلبك بالدم..
- واروِ التراب المقدَّس
- واروِ أسلافَكَ الراقدين
- إلى أن تردَّ عليك العظام!
- لا تصالح
- ولو ناشدتك القبيلة
- باسم حزن "الجليلة"
- أن تسوق الدهاءَ
- وتُبدي لمن قصدوك القبول
- سيقولون:
- ها أنت تطلب ثأرًا يطول
- فخذ الآن ما تستطيع:
- قليلاً من الحقّ
- في هذه السنوات القليلةِ
- إنه ليس ثأرك وحدك،
- لكنه ثأر جيلٍ فجيل
- وغدًا
- سوف يولد من يلبس الدرع كاملةً
- يوقد النار شاملةً
- يطلب الثأرَ
- يستولد الحقَّ
- من أَضْلُع المستحيل
- لا تصالح
- ولو قيل إنّ التصالح حيلة
- إنه الثأرُ
- تبهتُ شعلته في الضلوع
- إذا ما توالت عليها الفصول
- ثم تبقى يد العار مرسومة (بأصابعها الخمس)
- فوق الجباهِ الذليلة!
- لا تصالحْ، ولو حذَّرتْك النجوم
- ورمى لك كهَّانُها بالنبأ
- كنت أغفر لو أنني متُّ
- ما بين خيط الصواب وخيط الخطأ
- لم أكن غازيًا
- لم أكن أتسلل قرب مضاربهم
- لم أمد يدًا لثمار الكروم
- أرض بستانِهم لم أطأ
- لم يصح قاتلي بي: "انتبه"!
- كان يمشي معي
- ثم صافحني
- ثم سار قليلًا
- ولكنه في الغصون اختبأ
- فجأةً:
- ثقبتني قشعريرة بين ضلعين
- واهتزَّ قلبي كفقاعة وانفثأ
- وتحاملتُ، حتى احتملت على ساعديَّ
- فرأيتُ: ابن عمي الزنيم
- واقفًا يتشفَّى بوجه لئيم
- لم يكن في يدي حربةٌ
- أو سلاح قديم،
- لم يكن غير غيظي الذي يتشكَّى الظمأ.[٥]
قصيدة: ضد من؟
- في غُرَفِ العمليات,
- كان نِقابُ الأطباءِ أبيضَ
- لونُ المعاطفِ أبيض
- تاجُ الحكيماتِ أبيضَ, أرديةُ الراهبات
- الملاءاتُ
- لونُ الأسرّةِ, أربطةُ الشاشِ والقُطْن
- قرصُ المنوِّمِ, أُنبوبةُ المَصْلِ
- كوبُ اللَّبن
- كلُّ هذا يُشيعُ بِقَلْبي الوَهَنْ
- كلُّ هذا البياضِ يذكِّرني بالكَفَنْ!
- فلماذا إذا متُّ يأتي المعزونَ مُتَّشِحينَ
- بشاراتِ لونِ الحِدادْ؟
- هل لأنَّ السوادْ
- هو لونُ النجاة من الموتِ,
- لونُ التميمةِ ضدّ الزمنْ
- ضِدُّ منْ؟
- ومتى القلبُ في الخَفَقَانِ اطْمأَنْ؟
- بين لونين: أستقبِلُ الأَصدِقاء
- الذينَ يرون سريريَ قبرًا
- وحياتيَ دهرًا
- وأرى في العيونِ العَميقةِ
- لونَ الحقيقةِ
- لونَ تُرابِ الوطنْ![٦]
قصيدة: إلى صديقة دمشقية
- إذا سباكِ قائدُ التتار
- وصرتِ محظيّة
- فشدّ شعرًا منك سعار
- وافتضّ عذرية
- واغرورقت عيونك الزرق السماوية
- بدمعة كالصيف، ماسيّة
- وغبت في الأسوار
- فمن ترى فتح عين الليل بابتسامة النهار؟
- ما زلتِ رغم الصمت والحصار
- أذكر عينيك المضيئتين من خلف الخمار وبسمة الثغر الطفولية
- أذكر أمسياتنا القصار
- ورحلة السفح الصباحية
- حين التقينا نضرب الأشجار
- ونقذف الأحجار
- في مساء فسقية[٧]
قصيدة: الطيور
- الطيورُ مُشردةٌ في السَّموات
- ليسَ لها أن تحطَّ على الأرضِ
- ليسَ لها غيرَ أن تتقاذفَها فلواتُ الرّياح!
- ربما تتنزلُ
- كي تَستريحَ دقائقَ
- فوق النخيلِ النجيلِ التماثيلِ
- أعمِدةِ الكهرباء
- حوافِ الشبابيكِ والمشربيَّاتِ
- والأَسْطحِ الخرَسانية
- (اهدأ, ليلتقطَ القلبُ تنهيدةً, والفمُ العذبُ تغريدةً
- والقطِ الرزق)
- سُرعانَ ما تتفزّعُ
- من نقلةِ الرِّجْل
- من نبلةِ الطّفلِ
- من ميلةِ الظلُّ عبرَ الحوائط
- من حَصوات الصَّياح!
- الطيورُ معلّقةٌ في السموات
- ما بين أنسجةِ العَنكبوتِ الفَضائيِّ: للريح
- مرشوقةٌ في امتدادِ السِّهام المُضيئةِ
- للشمس
- رفرفْ..
- فليسَ أمامَك
- والبشرُ المستبيحونَ والمستباحونَ: صاحون
- ليس أمامك غيرُ الفرارْ
- الفرارُ الذي يتجدّد كُلَّ صباح[٨]
قصيدة: من أوراق أبو نواس
- الورقة الأولى
- ملك أم كتابة؟
- صاح بي صاحبي, وهو يلقى بدرهمه في الهواءِ
- ثمّ يلقفه
- خارجين من الدرس كنّا و حبر الطفولة فوق الرداء
- والعصافير تمرق عبر البيوت
- وتهبط فوق النخيل البعيد
- ملك أم كتابة؟
- صاح بي فانتبهت، ورفّت ذبابة
- حول عينين لامعتين
- فقلت: "الكتابة"
- فتح اليدّ مبتسمًا؛ كان وجه المليك السعيد
- باسمًا في مهابة.[٩]
للقراءة عن حياة الشّاعر، ننصحك بالاطّلاع على هذا المقال: نبذة عن أمل دنقل.
المراجع
- ↑ "خمس أغنيات إلى حبيبتي"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-23.
- ↑ "البكاء بين يدي زرقاء اليمامة"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-23.
- ↑ "الوقوف على قدم واحدة"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-23.
- ↑ "خطاب غير تاريخي"، أنفاس، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-23.
- ↑ "لا تصالح"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-23.
- ↑ "ضد من؟"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-23.
- ↑ "أمل دنقل"، أبجد، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-23.
- ↑ "الطيور"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-23.
- ↑ "من أوراق أبو نواس"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-23.