أحاديث الرسول عن الظلم

كتابة:
أحاديث الرسول عن الظلم

أحاديث الرَّسول في النهي عن الظُّلم

جاءت أحاديث نبويَّةٌ شريفةٌ كثيرة تتحدث عن الظُّلم وتبيِّن حرمته وتحذِّر منه، ومنها ما نصَّ على الظُّلم بلفظه، ومنها ما تحدَّثت عن صورٍ وأمثلةٍ له، ومن هذه الأحاديث:

  • حديث النَّبيّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- فيما يرويه عن الله عزَّ وجلَّ: (يا عبادي إنِّي حرَّمتُ الظلمَ على نفسي وجعلتُه بينكم محرَّمًا، فلا تظَّالموا، يا عبادي كلكم ضالٌّ إلا من هديتُه، فاستهدوني أَهْدِكم، يا عبادي كلكم جائعٌ إلا من أطعمتُه، فاستطعموني أُطعمكم، يا عبادي كلكم عارٍ إلا من كسوتُه، فاستكسوني أكْسُكُم، يا عبادي إنَّكم تُخطئون بالليلِ والنَّهارِ، وأنا أغفرُ الذنوبَ جميعًا، فاستغفروني أغفرُ لكم، يا عبادي إنَّكم لن تبلغوا ضُرِّي فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفَعوني، يا عبادي لو أنَّ أوَّلكم وآخركم وإِنْسَكم وجِنَّكم، كانوا على أتقى قلبِ رجلِ واحدٍ منكم، ما زاد ذلك في ملكي شيئًا، يا عبادي لو أنَّ أوَّلَكم وآخركم وإنْسَكم وجِنَّكم كانوا على أفجرِ قلبِ رجلٍ واحدٍ ما نقص ذلك من ملكي شيئًا، يا عبادي لو أنَّ أوَّلَكم وآخرَكم وإنسَكم وجِنَّكم، قاموا في صعيدٍ واحدٍ فسألوني، فأعطيتُ كل إنسانٍ مسألتَه، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقصُ المِخْيَطُ إذا أُدْخِلَ البحرَ، يا عبادي إنَّما هي أعمالكم أُحصيها لكم ثمَّ أوفِّيكم إياها، فمن وجد خيرًا فليحمدِ اللهَ، ومن وجد غيرَ ذلك فلا يلومَنَّ إلا نفسَه).[١]
ففي هذا الحديث القدسيِّ حرَّم الله تعالى الظُّلم على نفسه ونهى العباد عن أن يظلموا بعضهم بعضاً؛ ذلك في دلالة على عِظَم حرمته، وشدّة قبح ارتكابه.
  • قال صلى الله عليه وسلم : (اتَّقوا الظُّلمَ، فإنَّ الظُّلمَ ظلماتٌ يومَ القيامةِ، واتَّقوا الشُّحَّ فإنَّ الشُّحَّ أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءَهم واستحلُّوا محارمَهم).[٢] ففي الحديث أمر بالابتعاد عن الظُّلم وشبَّهه بالظُّلُمات التي ستحيط الظَّالم يوم القيامة يوم لا ينفعه إلا عمله.
  • في رواية أنس بن مالك عنه -عليه الصلَّاة والسَّلام- أنَّه قال: (اتَّقوا دعوةَ المظلومِ، و إن كان كافرًا، فإنه ليس دونها حجابٌ).[٣]
فبين الحديث تحذير الني -عليه الصَّلاة والسَّلام- للظَّالم من دعوةٍ تصيبه ممَّن ظلمه، وكيف أنَّها ليس بينها وبين الله حجابٌ أو حاجزٌ، كناية عن سرعة استجابتها.
  • قوله -عليه الصَّلاة والسَّلام- : (انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا، فقال رجلٌ: يا رسولَ اللهِ، أنصرُه إذا كان مظلومًا، أفرأيتَ إذا كان ظالمًا كيف أنصرُه ؟ قال: تحجِزُه، أو تمنعُه من الظلمِ فإنَّ ذلك نصرُه).[٤]
ففيه حثِّ النبي المسلمين على نُصرة إخوانهم المسلمين ظالمين ومظلومين، ففهم الصحابة -رضي الله عنهم- أن ينصروا المظلوم، وتعجّبوا وتساءلوا عن نُصرة الظالم، فبيَّن لهم رسول الله أن نُصرة الظالم تكون بنهيه ومنعه عن الظُّلم.

أحاديث الرسول في بعض صور الظُّلم

جاءت بعض الأحاديث النَّبويَّة الشَّريفة تتحدَّث وتذكر بعض صور وأشكال الظُّلم دون النَّص الصَّريح على لفظة الظُّلم فيها، لكنَّها داخلةٌ تحت تعريف الظُّلم، ومنها على سبيل المثال:

  • عن النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- قال: (قال اللهُ: ثلاثةٌ أنا خصمهم يومَ القيامةِ: رجلٌ أعطى بي ثم غدرَ، ورجلٌ باع حرًّا فأكل ثمنَه، ورجلٌ استأجرَ أجيرًا فاستوفى منهُ ولم يُعْطِه أجرَه).[٥]
روى النَّبيّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- عن الله تعالى أنَّه خصمٌ يوم القيامة لثلاثة أصنافٍ من النَّاس ظلموا غيرهم، وتمثَّل ظلمهم في إعطاء العهد بالله تعالى ثمَّ عدم الوفاء به، ومن يأكل حقَّ الغير.
كالرجل الذي يبيع حُرَّاً وهو يعلم أنَّه حرٌّ فيسلبه حقَّه في العيش الحرِّ والتَّصرف في شؤونه وأموره بحريَّةٍ، وكالرجل الذي يستأجر أجيراً في عملٍ ولا يعطي هذا الأجير حقَّه بعد أن أدّى العمل المستأجر لأَجلِه.
  • ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- أنَّ النَّبيّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- قال: ( أتدرون ما المفلِسُ؟ قالوا: المفلِسُ فينا من لا درهمَ له ولا متاعَ فقال: إنَّ المفلسَ من أمَّتي، يأتي يومَ القيامةِ بصلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ ، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مالَ هذا، وسفك دمَ هذا، وضرب هذا فيُعطَى هذا من حسناتِه وهذا من حسناتِه، فإن فَنِيَتْ حسناتُه قبل أن يقضيَ ما عليه، أخذ من خطاياهم فطُرِحت عليه ثمَّ طُرِح في النَّارِ).[٦]
ففي هذا الحديث الشَّريف ذكر النَّبيّ -عليه الصَّلاة والسلَّام- صوراً متعدِّدةً للظُّلم؛ كالاعتداء على الآخرين بالشتم والقذف والضرب والإيذاء، وأخذ أموالهم دون حقٍّ.
ووصف النبي فاعل مثل هذه الأفعال بالمفلس؛ لأنَّه يوم القيامة يفلس من حسناته بعد توزيعها على من ظلمهم ردّاً لحقِّهم، فإن أفلست حسناته قبل أن يأخذ كلُّ من ظلمهم حقَّهم؛ أخذ هو من سيِّئاتهم، فترجح كفَّة سيئاته وتفيض، فيُلقى في النَّار عاقبةً لظلمه، وعقاباً له عليه.

أنواع الظُّلم

إنّ للظُّلم أنواعاً ثلاثةً بحسب تقسيم بعض الحكماء، هي:[٧]

  • ظلمٌ بين الإنسان والله تعالى، ويتمثَّل بالكفر بالله تعالى أو الشرك به أو النِّفاق، ومنه قول الله تعالى: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ).[٨]
  • ظلمٌ بين الإنسان وغيره من النَّاس؛ وذلك بأن يتعدّى عليهم أو على حقوقهم.
  • ظلم الإنسان لنفسه، ومنه قول الله تعالى: (قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).[٩]

والنَّوعان الأوّلان من أنواع الظُّلم داخلان في النَّوع الثَّالث من ظلم الإنسان لنفسه؛ لأنَّ في همِّ الإنسان بالظُّلم وارتكابه له ظلمٌ لنفسه، فعاقبة الظُّلم وضرره السيء عائدٌ على نفس الإنسان الظَّالم.[٧]

المراجع

  1. رواه مسلم، في الجامع الصحيح، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم: 2577.
  2. رواه مسلم، في الجامع الصحيح، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 2578.
  3. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 119، حديث حسن.
  4. رواه البخاري، في الصحيح، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 6952.
  5. رواه البخاري، في الصحيح، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2227.
  6. رواه مسلم، في الجامع الصحيح، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2581.
  7. ^ أ ب صالح بن حميد وآخرون، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم (الطبعة الرابعة)، جدة: دار الوسيلة، صفحة 4873، جزء 10. بتصرّف.
  8. سورة لقمان، آية: من الآية 13.
  9. سورة القصص، آية: 16.
5863 مشاهدة
للأعلى للسفل
×