أحاديث قدسية عن الاستغفار

كتابة:
أحاديث قدسية عن الاستغفار

حديث قدسي يحث على الاستغفار

ثبت في صحيح مسلم عن أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه-: (عَنِ النبيِّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، فِيما رَوَى عَنِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أنَّهُ قالَ: يا عِبَادِي إنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ علَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بيْنَكُمْ مُحَرَّماً، فلا تَظَالَمُوا، يا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إلَّا مَن هَدَيْتُهُ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ، يا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ، إلَّا مَن أَطْعَمْتُهُ، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ، إلَّا مَن كَسَوْتُهُ، فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ، يا عِبَادِي إنَّكُمْ تُخْطِئُونَ باللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ).[١]

هذا الحديث القدسي الطويل يشتمل على الكثير من الأوامر الإلهية التي جاءت بأبلغ أسلوبٍ وأجمل عبارةٍ، فالله -تعالى- يُبيّن لعباده أنّ الظلم لا يقع منه فهو منزّهٌ عن ذلك، وحرّم على العباد أن يظلموا بعضهم بعضاً، ويُبيّن لهم أيضاً أنّهم سيكونون في ضلالٍ إن لم يهدهم هو -سبحانه- ويأمرهم بطلب هدايته والعمل بمقتضاها.[٢]

وكذلك الأمر بالنسبة للجوع والعري فالعبد لا يُمكنه إطعام نفسه أو سترها باللباس إن لم يرزقه الله -تعالى- ذلك، ولهذا فعليه طلب ذلك من ربّه الكريم، ثمّ يُبيّن الله -تعالى- كثرة الذنوب التي يقترفها بنو آدم في جميع أوقاتهم، وأنّه هو الذي يغفر الذنوب ويمحوها بالتوبة والاستغفار، ولهذا فهو -عزّ وجلّ- يحثّ عباده على الاستغفار ويأمرهم به.[٢]

حديث قدسي يحذر من الانشغال عن الاستغفار

عن معقل بن يسار -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (يقولُ ربُّكُم: يا ابْنَ آدَمَ! تَفَرَّغْ لِعبادتِي، أملأْ قلْبَكَ غِنًى، وأملأْ يدَيْكَ رِزقاً، يا ابنَ آدمَ! لا تُباعِدْ مِنِّي، أملأْ قلبَكَ فَقْرًا، وأملأْ يدَيْكَ شُغْلاً).[٣]

ويُبيّن هذا الحديث خطر الانشغال عن العبادة ويُحذّر من ذلك، ويُظهر عاقبة كثرة العبادة وتفريغ القلب لها، فالله -تعالى- يقول لعباده إنّكم إن فرّغتم قلوبكم لعبادتي بالاستغفار والذكر وغيرها من العبادات؛ جعلت قلوبكم غنيّةً عن غيري، فليس لكم حاجةً عند أحدٍ سواي، وكفيتكم حاجتكم من الرزق أيضًا، أمّا إن ابتعدتم عنّي؛ فقلوبكم ستمتلئ بالفقر إلى الناس، وستشتغلون أشغالاً ليس بها منفعةٌ حقيقيةٌ لكم، ولن تُحصّلوا خيراً.[٤]

حديث قدسي عن فضل المداومة على الاستغفار

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ عَبْداً أصابَ ذَنْباً -ورُبَّما قالَ أذْنَبَ ذَنْباً- فقالَ: رَبِّ أذْنَبْتُ -ورُبَّما قالَ: أصَبْتُ- فاغْفِرْ لِي، فقالَ رَبُّهُ: أعَلِمَ عَبْدِي أنَّ له رَباً يَغْفِرُ الذَّنْبَ ويَأْخُذُ بهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي، ثُمَّ مَكَثَ ما شاءَ اللهُ ثُمَّ أصابَ ذَنْباً، أوْ أذْنَبَ ذَنْباً، فقالَ: رَبِّ أذْنَبْتُ -أوْ أصَبْتُ- آخَرَ، فاغْفِرْهُ؟ فقالَ: أعَلِمَ عَبْدِي أنَّ له رَباً يَغْفِرُ الذَّنْبَ ويَأْخُذُ بهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي، ثُمَّ مَكَثَ ما شاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أذْنَبَ ذَنْباً، ورُبَّما قالَ: أصابَ ذَنْباً، قالَ: رَبِّ أصَبْتُ -أوْ قالَ أذْنَبْتُ- آخَرَ، فاغْفِرْهُ لِي، فقالَ: أعَلِمَ عَبْدِي أنَّ له رَباً يَغْفِرُ الذَّنْبَ ويَأْخُذُ بهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ثَلاثاً، فَلْيَعْمَلْ ما شاءَ).[٥]

يظهر في هذا الحديث سعة رحمة الله -عزّ وجلّ- وعظيم مغفرته، ويُبيّن فضل المداومة على الاستغفار، فالله -تعالى- يغفر لعباده جميع ذنوبهم ما داوموا يستغفرونه ويجدّدون التوبة الصادقة منها، حتّى وإن عادوا إليها وكرّروا فعلها، ولكنّ هذا يتعلّق بالذنوب والخطايا التي ليس للآخرين حقوق فيها، فتلك لا بدّ فيها من إعادة الحق إلى صاحبه مع الاستغفار والتوبة منها.[٦]

حديث قدسي عن سعة مغفرة الله

عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (قالَ اللهُ -تعالى-: يا ابنَ آدمَ إنَّكَ ما دعَوتَني ورجَوتَني غفَرتُ لَكَ على ما كانَ فيكَ ولا أُبالي، يا ابنَ آدمَ لو بلغَت ذنوبُكَ عَنانَ السَّماءِ ثمَّ استغفرتَني غفرتُ لَكَ ولا أبالي، يا ابنَ آدمَ إنَّكَ لو أتيتَني بقِرابِ الأرضِ خطايا ثمَّ لقيتَني لا تشرِكُ بي شيئاً لأتيتُكَ بقرابِها مغفرةً).[٧]

يدل الحديث على فتح باب التوبة أمام العاصي مهما بلغت ذنوبه وكثُرت خطاياه، فالله -عزّ وجلّ- مغفرته واسعةٌ بحيث لو كانت ذنوب العبد تملأ ما بين السماوات والأرض ثمّ دعا ربّه، ورجاه، واستغفره، وتاب من أفعاله؛ فسيغفر له الله -عزّ وجلّ- ولن تكون كثرة ذنوبه سبباً في عدم المغفرة.[٨]

المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم:2577، حديث صحيح.
  2. ^ أ ب الملا على القاري، كتاب مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، صفحة 1611-1612. بتصرّف.
  3. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن معقل بن يسار، الصفحة أو الرقم:3165، حديث صحيح.
  4. الملا على القاري، كتاب مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، صفحة 3238. بتصرّف.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2707، حديث صحيح.
  6. ابن الملك، ابن الملك، صفحة 141. بتصرّف.
  7. رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:127، حديث صحيح.
  8. مظهر الدين الزيداني، كتاب المفاتيح في شرح المصابيح، صفحة 148. بتصرّف.
5100 مشاهدة
للأعلى للسفل
×