محتويات
أحداث الفتنة
بدأت أحداث الفتنة قبل استشهاد عثمان بن عفان -رضي الله عنه- واعتراض المنافقين عليه وعلى ولايته، ومن ثمّ قتله من قبلهم، اختلف الصحابة حول أخذ الثأر مباشرة والذي كان قائمًا على هذا الفريق معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه-، وفريق يرى بأن يولى علي بن أبي طالب خليفة على المسلمين، واجتهد كلّ صحابي بما يرى، وفريق يرى اعتزال الفتنة كليًا وأشهر من تبنى هذا الرأي هو عبد الله بن عمر -رضي الله عنه-، فخرجت جموع من المسلمين وعلى رأسهم السيدة عائشة -رضي الله عنه- إلى البصرة للإصلاح، وذلك بعد قتل قتَلة عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، وسيتم ذكر أحداث معركة الجمل في بقية هذا المقال.[١]
ما قبل معركة الجمل
بعدما وصلَ جيش المطالبين بقَتل قتلة عثمان بن عفان إلى حدود البصرة، لم يوافق أميرها من قبل علي "عثمان بن الحنيف"؛ درءًا للقتال بين المسلمين، ولكنْ أتت جيوش القتَلة لاستفزاز جيش المسلمين، وهنا يذكر قتل الكثير من المسلمين الذين حاولوا الدفاع عن القتلة لمجرّد أنّهم من عشائرهم، وهكذا تأثير العصبية القبلية الجاهلية قد عاد يقوى عند تلك القبائل التي أسلمت في آخر عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- ثم استقرت في الأمصار بعيدة عن مركز الدولة، وقتل من جيش المنافقين 600 رجل، وأتى علي ومن معه من المسلمين إلى حدود الكوفة ليرى ما الله صانع بالمسلمين، ولكن أتاه خبر اقتتال الجيشين، وخاف أن تزيد الأمور سوءًا، وانتهى ذلك اليوم وكل من الفريقين "الصحابة، والقتلة" يجهز لغده.[٢]
وكانت عائشة قد رجعت للكوفة، ولكن أتاها خبر مقاتلة المنافقين لجيش عليّ، فركبت هودجًا وذهبت لملاقاة الجيش، على ظنٍّ منها أنه عندما يراها الجيش سيوقف القتال، فنشبت الحرب، وكان أمر الله قدرًا مقدورًا، وقامت الحرب على قدمٍ وساق، وتبارز الفرسان، وقد اجتمع مع كل طرفٍ حوالي عشرة آلاف مقاتل، وعلي يقول: "ألا كفوا ألا كفوا".[٢]
أحداث معركة الجمل
لمّا وصلت عائشة، أعطت المصحف لكعب بن سور، وقالت له: "خلِّ البعير وتقدم، وارفع كتاب الله وادعهم إليه"، فشعر أهل الفتنة بأن القتال سيتوقف إذا تركو كعبًا يفعل ما طُلب منه، فلمّا قام كعب ورفع المصحف وأخذ ينادي، تناولته النبال فقتلوه، ثم أخذوا بالضرب نحو الجمل، بغية قتل عائشة لكنّ الله نجاها، فأخذت تنادي: "أوقفوا القتال"، وأخذ علي ينادي وهو من خلف الجيش: "أوقفوا القتال"، وقادة الفتنة مستمرين، فقامت أم المؤمنين بالدعاء عليهم قائلة: "اللهم العن قتلة عثمان"، فبدأ الجيش ينادي معها، وكان علي جالسًا في آخر جيشه يبكي ما أصاب المسلمين، فسمع ذلك فصار يلعن قتلة عثمان كذلك، فارتفعت أصوات الدعاء في المعسكرين بلعن قتلة عثمان، وقتلة عثمان مستمرين بالقتال ثم أخذوا يرشقون جمل أم المؤمنين بالنبال، وعلي يصرخ فيهم أن كفوا عن الجمل، لكنهم لا يطيعونه، فصار الجمل كالقنفذ من كثرة النبال التي علقت به.[٣]
فأصدر علي الأوامر بألّا تلحقوا هاربًا، ولا تأخذوا سبيًا، فثار أهل الفتنة وقالوا: "تُحِلُّ لنا دمائهم، ولا تحل لنا نسائهم وأموالهم" فقال علي: "أيكم يريد عائشة في سهمه" فسكتوا، فنادى: "لا تقتلوا جريحًا، ولا تقتلوا مُدبرًا، ومن أغلق بابه و ألقى سلاحه، فهو آمن"، بعدها ذهب علي بن أبي طالب إلى بيت عبد الله بن بديل الخزاعي لزيارة عائشة والاطمئنان عليها، بعد أن أمر بعقر الجمل وأخذ عائشة فقال لها: "غفر الله لكِ"، قالت: "ولك، ما أردت إلا الإصلاح بين الناس"، وتلك أهم أحداث معركة الجمل.[٣]
نتائج معركة الجمل
انتهت أحداث معركة الجمل التي سميت بذلك الاسم نسبة لانصراف أغلب القتال حول جمل عائشة -رضي الله عنها- بانتصار لجيش علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، وفي الأساس لم يقتتل جيشا المسلمين، إنما كانوا قد اتفقوا على الصُّلح، ولكن جيش السبئيين قد أغار على جيوش المدينة المنورة وبدأ بقتالهم، ويذكر أن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قد اجتنب القتال، وأخذ زاوية يبكي فيها ما يحدث للمسلمين من تفرقة وقتل فقد قال الحسن بن علي: "لقد رأيت عليًا يوم الجمل يلوذ بي وهو يقول: يا حسن! ليتني مت قبل هذا بعشرين سنة"، وكذلك سيدنا طلحة، لم يشارك بالقتال إنما جلس في آخر الجيش يبكي على ما أصاب المسلمين، فأصابه سهمٌ غادر، فنزف حتى مات، وقد استشهد في هذه المعركة العظيمة من كلا الفريقين عشرة آلاف، خمسة آلاف من جيش علي -رضي الله عنه-، وخمسة آلاف من جيش السيدة عائشة، وطلحة، والزبير رضي الله عنهم جميعًا، وكانت هذه الموقعة هي أشد ما أصاب المسلمين من فتن وتزعزع.[٤]
أقوال العلماء في معركة الجمل
قال الإمام الشعبي: "لمّا قُتِل طلحة و رآه علي مقتولًا، جعل علي يمسح التراب عن وجهه ويقول: عزيزٌ عليَّ أبا محمد أن أراك مُجدّلًا تحت نجوم السماء، ثم قال: إلى الله أشكو عجزي وبجري، وبكى عليه هو وأصحابه، واستشهد في هذه المعركة أيضًا سيدنا الزبير بن عوام إذ لمّا رآه علي بن أبي طالب ناداه، فأقبل حتى التقت أعناق دوابهما فقال له علي: "أتذكر يوم أتانا رسول الله وأنا أناجيك، فقال: أتناجيه! والله ليقاتلنك يومًا وهو لك ظالم!" فتذكر الزبير ذلك الحديث، فضرب وجه دابته فانصرف، وعزم على العودة إلى المدينة، فعرض له ابنه عبد الله بن الزبير فقال: مالك، قال: "ذكرّني علي حديثًا سمعته من رسول الله وإني راجع"، فقال له ابنه: "وهل جئت للقتال! إنما جئت تصلح بين الناس، ويصلح الله هذا الأمر"، لكنه بعد أن ابتعد على ساحة المعركة، لحق به أحد الأشقياء فقتله غدرًا وهو يصلّي، ثم عاد إلى علي وهو يظن أنه يكافئه، لكن عليًا ذكر حديثًا سمعه من رسول الله: "بَشِّرْ قَاتِلَ اِبْنِ صَفِيَّةَ بِالنَّارِ"[٥][٤]، فعلم ذلك الشقي أن عليًا قاتله، فهرب، فلحقه المسلمون، فقتل نفسه وانتحر.
وقال الإمام أبو بكر بن العربي المالكي: ولما ظهر علي جاء إلى أم المؤمنين فقال: "غفر الله لك" قالت: "ولك، ما أردتُ إلا الإصلاح" ثم أنزلها دار عبد الله بن خلف وهي أعظم دار في البصرة على سنية بنت الحارث أم طلحة الطلحات، وزارها ورحبت به وبايعته وجلس عندها، فقال رجل: يا أمير المؤمنين إن بالباب رجلين ينالان من عائشة، فأمر القعقاع بن عمرو أن يجلد كل منهما مئة جلدة وأن يجردهما من ثيابهما ففعل القعقاع ذلك وجلدهما ثم نزع ثيابهما ليكونا عبرةً لمن يحاول النيل من مكانة أم المؤمنين السيدة عائشة -رضي الله عنها- زوجة رسول الله -صلّى الله عليه وسلم-.[٤]
وأعاد علي بن أبي طالب أم المؤمنين عائشة إلى المدينة المنورة معزًزة مكرمة كما أمره النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكان ذلك عام 36 هـ. وفيما تقدّم تفصيلٌ موجز حول أحداث معركة الجمل ونتائجها.[٤]
المراجع
- ↑ "الطريق إلى موقعة الجمل"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 01-08-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "موقعة الجمل"، www.islamicweb.com، اطّلع عليه بتاريخ 01-08-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "موقعة الجمل "، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 01-08-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث "موقعة الجمل 656"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 01-08-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه الخطيب البغدادي، في الفصل للوصل المدرج في النقل، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 42.