أحكام العدة في الإسلام

كتابة:
أحكام العدة في الإسلام

مفهوم العدة

العِدَّةُ لغة: مصدر للفعل عَدَّ يَعُدُّ، عَدّاً، وقد أخذت العدّة من العَدَد والإحصاء؛ لاشتمالها عليه من الأشهر والأقراء، والعِدّة شرعًا: اسم لمدّة معينة تتربّص فيها المرأة؛ التزامًا بأوامر الله تعالى، وتفجّعًا على زوج، وتأكّدًا من براءة رحمها، وتكون العِدّة من آثار الوفاة أو الطّلاق.[١] فالعِدّة: اسم، ورد ذكرها في آيات في القرآن الكريم، حيث قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ}.[٢] والعِدَّةُ: الجماعةُ، يقال: عِدَّةُ رِجال وعِدَّةُ كُتُب، وعِدَّة المُتَوَفَّى عنها زوْجُها والمُطَلَّقةِ: مدّةٌ حدَّدها الشّرع، تقضيها المرأَة دون زواج بعد وفاة زوجها عنها أو بعد طلاقها، والجمع عِدَدٌ، والعُدَّةُ: الاستعداد، وما أُعِدَّ لأمْرٍ يَحْدُثُ، والجمع: عُدَدٌ، وسيتمّ التّركيز في هذا المقال على أحكام العدة في الإسلام.[٣]

أحكام العدة في الإسلام

بعد التّعريف بالعدّة لغة واصطلاحًا، لا بدّ من معرفة أحكام العدة في الإسلام، والتّفصيل في كلّ حكم من هذه الأحكام فأحكام العدة في الإسلام هي:[٤]

  • تحريم الخطبة: لا يجوز التّصريح بالخطبة للمعتدّة من طلاق أو وفاة، لأنّ الرّجعيّة في حكم الزّوجة المطلّقة دون الثّلاث، ولبقاء بعض آثار الزّوج في المتوفّى عنها زوجها أو المطلّقة طلاقًا بائنًا، ولا يجوز التّلميح بالخطبة في عدّة الطّلاق الرّجعيّ أو البائن بينونة صغرى، ويجوز في عدّة الوفاة، والبائن بينونة كبرى.
  • حرمة الزّواج: لا يجوز عقد النّكاح على المعتدّة لغير الزّوج حتّى انقضاء عدّتها، وإذا تزوجت من غير زوجها في عدّتها، فالزّواج باطل، ويحقّ لزوجها إرجاعها إلى عصمته بعد انتهاء عدّتها ممّن تزوّجها، إلّا في الطّلاق الثّلاث فلا تحلّ له حتّى تنكح غيره.
  • حرمة الخروج من البيت: لا يجوز للمعتدّة من طلاق رجعي أو بائن بينونة صغرى أو كبرى أو متوفّى عنها زوجها الخروج من بيتها إلّا لضرورة أو عذر.
  • وجوب النّفقة على الزّوج: يحقّ للمعتدّة من طلاق رجعيّ النّفقة والسّكن، وكذلك للمعتدّة من طلاق بائن وهي حامل، فإن لم تكن حاملًا، فلا نفقة ولا سكنى لها، وللمعتدّة من وفاة السّكن مدّة العدّة، ولا نفقة لها لانتهاء الزّوجيّة بالوفاة.
  • وجوب الإحداد: يجب الإحداد على الزّوجة المعتدّة لوفاة زوجها مدّة العدّة، وهي أربعة أشهر وعشرة أيّام، بأن تبتعد عن كلّ أشكال الزّينة المرغّبة في الزّواج.
  • ثبوت الإرث في العدّة: إذا مات أحد الزّوجين قبل انقضاء العدّة من طلاق رجعيّ، يرثه الآخر، وإن كان الطّلاق في المرض وبرضى الزّوجين فلا توارث بينهما، وإن لم يكن برضى الزّوجة، ورثته.
  • ثبوت نسب الحمل ولحوق الطّلاق: يثبت حمل المعتدّة من طلاق رجعيّ أو بائن أو من وفاة الزّوج وتنتهي عدّتها بالوضع، وكذلك يلحق المعتدّة من طلاق رجعيّ ما يقع عليها من طلاق جديد من الزّوج فإن طلّقها الثّالثة بانت منه بينونة كبرى.

أسباب العدة

بعد الحديث عن أحكام العدة في الإسلام لابدّ من بيان أسباب العدّة، فعدّة المتوفى عنها زوجها أو المطلّقة طلاقًا رجعيًّا أو بائنًا ثابتة في الكتاب والسّنة، وإجماع المسلمين؛ وهي واجبة لقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}.[٥] وقوله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}.[٦] وقول الله تعالى في عدّة المتوفى عنها زوجها: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}. [٧] فلكلّ حدث أسبابه، فكذلك لعدّة الزّوجة المطلّقة أو المتوفّى عنها زوجها أسباب، ومن هذه الأسباب التي ذكرها الفقهاء لمشروعيّة العدّة: إحداد الزّوجة المتوفّى عنها زوجها، إذ ليس من المعقول أن تتخلّى المرأة عن زوجها فور وفاته وتبادر بالزّواج من زوج آخر، فيكون ذلك نسيان للودّ والعشرة التي كانت بينهما، وكذلك من أسباب العدة التّأكّد من براءة الرّحم، فإذا تزوّجت، يكون ذلك بعد تيّقنها من فراغ رحمها، وومن الأسباب أيضًا إمكانية المراجعة بين الزّوجين، إذ تعدّ العدّة فرصة لعودة الزّوجين لبعضهما، لعلّ الله يحدث بعد ذلك أمرًا، ومن خلال ما تقدّم يجب أن يُعرف بأنّ أسباب العدّة ليست متوقّفة على براءة الرحم فقط.[٨]

الحكمة من العدة

لمتابعة البحث وبعد بيان أسباب العدّة والتي جاءت بعد الحديث عن أحكام العدة في الإسلام، بقي معرفة الحكمة من العدّة، وكما سبق ذكره فإنّ العدّة هي مدة شرعها الباري سبحانه، لمعانٍ وحكم كثيرة، منها: التّيقن من براءة رحم الزّوجة من الحمل، ومنها: ألّا يختلط ماء الزّوجين في رحم واحد، فتختلط الأنساب وتضيع وتفسد، ومن أجل تعظيم عقد الزّواج ورفع شأنه وقدره وإظهار مكانته وشرفه، ولتطويل مدّة الرّجعة على الزّوج المطلّق وزوجته المطلّقة، لعلهما يندمان على ما وقع بينهما، فيؤوبان ويندمان على فعلتهما، فيجدا الفرصة المناسبة ويتراجعان عن الطّلاق، وكذلك لتعظيم حقّ الزّوج، وإظهار عظمة فقده وبأنّه أعظم من الوالد والوالدة والولد، والأخ والأخت، وإظهار ذلك بالابتعاد عن كلّ أشكال الزّينة في فترة العدّة، ولذلك شرع الله تعالى لها الإحداد على الزّوج أكثر من الإحداد على والديها وأخوتها وأبنائها، ومنها أيضًا أخذ كلّ التّدابير لحقّ الزّوج، ومصلحة الزّوجة، وحقّ الولد إن وجد، والقيام على أكمل وجه بحقّ الله تعالى، الذي فرض العدّة عليها، ويرى كثير من أهل العلم بأنّ حكم العدّة حكم تعبّديّ،[٨] أي أمرٌ أمرَ به الشّارع؛ ولو لم يفقه معناه المسلم، عليه الالتزام به، إذ لا بدّ لكلّ مسلم ومسلمة أن يمتثلا لأمر الله تعالى وحكمه، حتى ولو جهلا الحكمة من وراء هذا الحكم والتّشريع، حيث قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}.[٩][١٠]

المراجع

  1. "تعريف العدة"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-04-18. بتصرّف.
  2. سورة الطلاق، آية:1
  3. "تعريف و معنى العدة"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-04-18. بتصرّف.
  4. "أحكام المعتدة"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-04-18. بتصرّف.
  5. سورة البقرة، آية:228
  6. سورة الطلاق، آية:4
  7. سورة البقرة، آية:234
  8. ^ أ ب "أسباب مشروعية العدة"، www.dar-alifta.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-04-18. بتصرّف.
  9. سورة الأحزاب، آية:36
  10. "عدة المرأة (1)"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-04-18. بتصرّف.
4456 مشاهدة
للأعلى للسفل
×