أحكام القرآن لابن العربي

كتابة:
أحكام القرآن لابن العربي

التعريف بكتاب أحكام القرآن لابن العربي

كتاب أحكام القرآن من تأليف أبي بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن العربي، يفسر فيه أحكام القرآن الكريم على مذهب المالكية، بعد أن كتب في علوم القرآن في التوحيد وفي الناسخ والمنسوخ، يقول في كتابه "أحكام القرآن": "وقد نجز القول في القسم الأول من علوم القرآن وهو التوحيد، والقسم الثاني وهو الناسخ والمنسوخ، على وجه فيه إقناع بل رعاية لمن أنصف وكفاية، بل سمة لمن سلّم للحق، فتعين الاعتناء بالقسم الثالث وهو القول في أحكام أفعال المكلفين الشرعية"، وقد أنهى تأليف الكتاب سنة 503هـ.[١]


طبع كتاب أحكام القرآن لابن العربي مرات عديدة لأهميته؛ فهو متداول بكثرة بين أيدي طلبة العلم، فطبع طبعته الأولى في1331هـ، في مجلدين بواسطة مطبعة سعادة في القاهرة، وطبع عدة مرات بتحقيق علي حمد البيجاوي، وصدرت طبعات أخرى للكتاب منها طبعة دار المعرفة في بيروت سنة 1392هـ، وطبعة دار الكتب العلمية في بيروت سنة 1424هـ الموافق بتعليق حمد عبدالقادر عطا.[٢]


يعتبر العلماء كتاب ابن العربي أحكام القرآن فى مقدمة الكتب المهمة؛ كونه مرجعًا للتفسير الفقهي حسب قواعد المذهب المالكي، فيفسر الآيات الدالة على الأحكام معتمدًا القواعد الفقهية لمذهب الإمام مالك.[٣]


سبب تأليف كتاب الأحكام

يعود سبب تأليف الإمام ابن العربي كتاب "أحكام القرآن" لما يلي:[٤]

  • الرغبة في إفراد آيات الأحكام بكتاب خاص بعد أن ألّف فى مجالات متعددة في الدراسات القرآنية.
  • حرص ابن العربي على تأليف كتاب شامل وجامع في التفسير الفقهي متبعًا قواعد وأصول فقه الإمام مالك -رضى الله عنه-.
  • الرغبة في تدوين الفقه المستنبط من الآيات عن طريق الاجتهاد، أو ما أخذه عن شيوخه مشافهة وسماعًا.


منهج ابن العربي في الكتاب

يتصف منهج ابن عربي في الكتاب بالأمور الآتية:


  • التأكد من القضايا المختلف فيها بالرجوع إلى دلالات القرآن والسنة، وتوضيح معاني آيات الأحكام بشكل محكم واضح الأسس متين المعالم، وفي هذا المقام يقول ابن العربي رحمه الله:" فنذكر الآية، ثم نعطف على كلماتها، بل حروفها، فنأخذ بمعرفتها مفردة، ثم نركبها على أخواتها مضافة، ونحفظ في ذلك قسم البلاغة، ونتحرز عن المناقضة في الأحكام والمعارضة، ونحتاط إلى جانب اللغة ونقابلها في القرآن بما جاء في السنة الصحيحة، ونتحرى وجه الجمع".[٥]


  • البدء بذكر السورة ثم يذكر عدد آيات الأحكام فيها، وبعد ذلك يباشر بشرحها بالترتيب، ويذكر سبب النزول إن وجد، ويبين ما فى الآية من وجوه البلاغة والإعراب والبيان، ويذكر الآيات والأحاديث المتعلقة بأحكام الآية؛ فيفسر القرآن بالقرآن، وويوضح كذلك القراءات الأخرى للآيات، قد يستشهد بالشعر، كما يبين الأقوال فى المسألة ويرجح بينها.[٦]


  • استخدام "فقة التنزيل"؛ بمعنى تنزيل الأحكام على الواقع، وتجدر الإشارة إلى أن ابن العربي رحمه الله كان من أوائل من فعل ذلك في كتابه أحكام القرآن.[٧]


  • استخدام التنزيل على الواقع فى تفسير القرآن؛ حيث كان ابن العربي من أوائل العلماء الذين استخدموا هذا النهج، والمتتبع لهذه القضايا فى كتابه أحكام التنزيل يلاحظ أن أغلب التنزيل عنده يفيد المباشرة، ويتعلق بالمسائل الفقهية والتشريعية المرتبط بآيات الأحكام، وعندما تولى ابن العربي القضاء، أنزل على الواقع حكمه على المحاربين، وأحيا قضية الحكمين عند الخلافات الزوجية، كما أن كثرة سفره وترحاله فى طلب العلم دفعه لفهم الواقع فنزل الآيات على الواقع المشاهد أمامه.[٨]


التعريف بابن العربي مؤلف الكتاب

يمكن التعريف بالإمام ابن العربي رحمه الله من خلال النقاط التالية:[٩]


  • القاضي أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن العربي الأندلسي الإشبيلي المالكي، ولد في إشبيلية الخميس 22 شعبان سنة 468هـ في أسرة علمية قوية.


  • خرج في رحلة علمية، صحبه أبوه إلى المشرق فطاف بالعواصم الشهيرة؛ مثل بغداد والقاهرة ودمشق وخراسان، والتقى كبار علماء عصره.


  • اشهر شيوخه: أبو حامد الغزالي، وأبو بكرالشاشي، وأبو بكر الطرطوشي، والتبريزي وغيرهم.


  • حج إلى البيت الحرام وسمع من علماء الحجاز، فكان رحمه الله يأخذ من علماء كل بلد يرحل إليه، يتفنن في العلوم والاستبحار فيها، فأتقن مسائل الخلاف والكلام وتبحر في التفسير والفقه والأصول والحديث والرواية وغيرها.


  • من أهم تلاميذه رحمه الله :أبو القاسم محمد بن عبد العزيز الأنصاري، وأبو بكر محمد بن فتحون، وأبو عبد الله محمد اللخمي، وأبو عبد الله محمد بن إبراهيم المعروف بابن زرياب، وأبو نصر خاقان، وأبو البقاء الأموي، وابن الصقيل، وعبد الله بن علي الرشاطي، والقاضي عياض بن موسى اليحصبي.


  • من أهم مؤلفاته رحمه الله: قانون التأويل، أحكام القرآن، أنوار الفجر، الناسخ والمنسوخ، القبس في شرح موطأ الإمام مالك، العواصم من القواصم، عارضة الأحوذي في شرح الترمذي، المسالك على موطأ مالك، الإنصاف في مسائل الخلاف، أعيان الأعيان، المحصول في أصول الفقه، سراج المهتدين.


  • توفي رحمه الله على مقربة من فاس، في ليلة الخميس لثلاث خلت من ربيع الأول سنة 543هـ، وحُمل ميتًا على الأعناق إلى فاس حيث دفن من الغد خارج باب المحروق بتربة القائد المظفر.


كتاب أحكام القرآن لابن العربي من أهم كتب التفسير الفقهية، يفسر الأحكام الواردة في القرآن الكريم من وجهة نظر مالكية، اتبع الإمام في تفسيره ترتيب السور في المصحف، أمّا الآيات فقد رتبها بحسب وجود الأحكام فيها، مقسماً كل آية إلى مسائل فما يذكره من عدد الآيات في السورة هو عدد آيات الأحكام فيها وليس العدد الفعلي لآياتها.


المراجع

  1. بشير عثمان، منهج ابن العربي المالكي في تفسير آيات الأحكام آيات الصيام أنموذجا، صفحة 27. بتصرّف.
  2. مسعود عاد، قواعد الترجيح في التفسير عند القاضي أبي بكر بن العربي من خلال تفسير الربع الأول كتابه أحكام القرآن، صفحة 24. بتصرّف.
  3. حاج اسباغو، البحث الدلالي في أحكام القرآن لأبي بكر بن العربي الأندلسي، صفحة 32. بتصرّف.
  4. عبدالرزاق هرماس، مقدمة أحكام القرآن لابن العربي، صفحة 19. بتصرّف.
  5. محمد أبو بكر بن العربي، قَانون التَّأويْل، صفحة 122. بتصرّف.
  6. مسعود عاد، قواعد الترجيح في التفسير عند القاضي ألي بكر بن العربي، صفحة 1. بتصرّف.
  7. عبدالعزيز الضامر، تنزيل الآيات على الواقع عند المفسرين دراسة وتطبيق، صفحة 103. بتصرّف.
  8. عبدالعزيز بن عبدالرحمن الضامر، تنزيل الآيات على الواقع عند المفسرين، صفحة 103-110. بتصرّف.
  9. ضياء الزوبعي، ترجيحات ابن العربي المالكي، صفحة 149-151. بتصرّف.
6752 مشاهدة
للأعلى للسفل
×