أحكام المسح على الجبيرة

كتابة:
أحكام المسح على الجبيرة

الطهارة في الصلاة

تعدّ الصلاة شرطًا أساسيًّا من شروط الإسلام، وركنًا أساسيًا فيه، ولأدائها لا بدّ من تحرّي شروط صِحّتها، وأبرزُ شرطٍ من شروطها: الطّهارة؛ فالوضوءُ أساسُ صِحّة الصلاة؛ وذلك لما ورد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- حيث قال: "لا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلاةَ أحَدِكُمْ إذا أحْدَثَ حتَّى يَتَوَضَّأَ"،[١] فَمَن صلّى وهو محدِثٌ فصلاتُه باطلة، ويجب عليه إعادتها بعد تجديد وضوئه، ومَن صلّى وهو ناسٍ أنّه محدِثٌ فلا بدّ له من إعادة صلاته فورَ تذكّرها مهما كانت المدّة؛ فقد قال الإمام ابن باز: "لو صلّى يعتقد أنه على طهارة، ثم بان بعد الصلاة أنه محدِث، أو أنه لم يغتسل من الجنابة، فإن عليه أن يتطهّرَ ويُعيدَ بإجماع أهل العلم"، أمّا العاجز عن الطّهارة فمباحٌ له أن يُصلّيَ من غيرها، ولا يتوجبُ عليه إعادتها، وفي بعض الحالات وجبت الطّهارةُ والوضوء قبل الصلاة بطرقٍ مختلفة، كحالة وجود الجَبيرة، وسيعرض المقالُ شرحًا عن موضوع الطّهارة في حال وجود الجبيرة، وأحكام المسح على الجبيرة.[٢]

مفهوم المسح على الجبيرة

هناك بعض الأمور المُباحة -بشروط- في الوضوء، في حال كسر أو جرح عُضوٍ من أعضاء الجسم التي يتوجب غسلُها أثناء الوضوء، ويستبدلُ ذلك بالمسح على ذلك العضو، ومنها في حال وجود الجبيرة، والجبيرةُ أو الجِبارة هي: خشبٌ أو قصبٌ يُشدّ على موضع الكسر أو الخلع في عضوٍ ما، في معناها: ما يُوضع على موضع الطهارة لسببٍ وحاجة، مثل الجبس أو اللزقة، ولذلك سيورد المقالُ أحكام المسح على الجبيرة، وشروطها وطريقتها الصحيحة تِباعًا.[٣]

أحكام المسح على الجبيرة

دينُ الإسلام دين يُسرٍ لا دين عسر، وكل أحكامه تقوم على ما يمكن أن يسهّل على المسلم أداء عباداته، ولا سيما في الحالات الخاصّة، ومنها كما سلف الوضوءُ في حالة وجود الجبيرة، وقد وردت أحكامُ المسح على الجبيرة وطرقها وما إلى ذلك كما بيّنها العلماء، وذلك ما سيتحدّث عنه المقالُ فيما يأتي:

حكم المسح على الجبيرة

بدايةً فإن المسح أثناء الوضوء على الجبيرة بدلًا من الغسل أمرٌ مشروعٌ في حال الحاجة ووجود العُذر، وذلك ينوب عن الغسل والتيمّم، فمن الواجب المسحُ على الجبيرة لأداة الصلاة، ويُؤثَم تاركهُ فتفسد صلاته، وذلك عند المذاهب الأربعة.[٤] والدليل على مشروعيّة المسح قول ابن عمر: "من كان له جرحٌ معصوبٌ عليه توضأ ومسحَ على العصائب، ويغسلُ ما حول العصائب"، أمّا عن النّبيّ فلم ترِد أحاديثٌ صحيحةٌ في ذلك، بل وردت بعضُ الأحاديث ضعيفةِ السّند في أحكام المسح على الجبيرة وشروعها، وقد قال البهيقيّ في سُننه: "ولا يثبُت عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في هذا الباب شيء -أي باب المسح على العصائب والجبائر- وأصحُّ ما رُوي فيه حديثُ عطاء بن أبي رباحٍ وليس بالقويّ، وإنما فيه قولُ الفقهاء من التابعين ممّن بعدهم، مع ما روينا عن ابن عمرَ في المسح على العصابة."[٥]

الحكمة من مشروعية المسح على الجبيرة

شُرّع المسحُ على الجبائر؛ لكونها تحتاج مدّةً لإزالتها، ولا بدّ خلال تلك الفترة من تسهيل أمور الطّهارة للصلاة أو غيرها، والإسلامُ جعل من أحكامه أحكامًا تّتصفُ بالسهولة واللين؛ وذلك لإبعاد المشقّة والحرج عن المريض، أو إلحاق الضّرر به في حال وصول الماء إلى المكان المجروح، أو تحريك الجبيرة بما يتنافى مع إجراءات العلاج، فلا يكلّفُ اللهُ نفسًا فوق طاقتها، بل كان لكلّ قاعدةٍ شواذّ ضمن شروطٍ معيّنة.[٥]

شروط المسح على الجبيرة

بعد تبيين أحكام المسح على الجبيرة، والحديثِ عن مشروعيتها، لا بدّ من الوقوف على الشروط؛ إذ لا بدّ من توافر عدّة شروطٍ لجواز المسح على الجبيرة، منها:[٦]

  • أن يكون من الصعب إزالةُ الجبيرة، أو أن يكون في إزالتها ضررٌ أو زيادةٌ في المرض، أو يسبّبُ وصولُ الماء التقرّحاتِ أو الدمل وما شابه، أو كان ذلك يتسبّب في زيادة الألم؛ وذلك في أعضاء الغسل في حالة الوضوء، أو في أيّ عضوٍ من أعضاء الجسم في حالة الطّهارة من الحدث الأكبر.
  • أن لا يستطيع الغسل أو المسح على العضو بعينه، فيمسح بذلك على الجبيرة، وقد أجاز الحنفيّة بترك المسح كما الغسل إن كان في ذلك ضرر، أمّ الشّافعيّة فقد ورد عنهم: لا يُمسح على محلّ المرض بالماء، وإنما يُغسل الجزء الصحيح ويتيمّم عن الجزء العليل، ويُمسح على الجبيرة إن وُجدت.
  • ألّا تشغل الجبيرة مساحةً كبيرة، فإن شغلت فلا بدّ من نزعها إن لم تُحدِث ضررًا، وإن كان في ذلك ضررٌ يجب التيمّم في مكان الزيادة، ومسحُ مكان الجبيرة، وغسلُ ما دون ذلك.
  • ألا يكون الجبر بشيءٍ نجِسٍ كجلدِ ميتةٍ أو قماشةٍ نجِسة، أو بشيءٍ مُحرّمٍ كالحرير للرجال، فيكون المسحُ بذلك باطلًا، ولا تجوز الصّلاة بها؛ فلا طهارة في ذلك.
  • لم يُشتَرَط في وضعها الطّهارة؛ لغلبة عنصر المفاجأة في حالة الجبيرة، كالتّعرّض لحادثٍ مفاجئ، وذلك ما قاله الحنفيّة والمالكيّة، وهو الأقربُ للمنطق، أمّا الشّافعيّة والحنابلة فاشترطوا الطهارة المائيّة قبل وضع الجبيرة، وإزالتها للتّطهر والتيّمم إن كان في إزالتها حرجٌ ومشقّة.

كيفية المسح على الجبيرة

أمّا فيما يخصُّ طريقة المسح على الجبيرة، فأثناء الوضوء لا بدّ من غسل جميع الأعضاء الواجبِ غسلُها، وتعميمِ مكانِ الجبيرة بالمسح، أمّا إن كانت الجبيرةُ تأخذ مساحةً كبيرةً زائدةً عن الحاجة، فالواجبُ نقضُ تلك المساحة وغسلُ المكان، ولا يجوز المسحُ في تلك الحالة، أمّا إن كان في إزالتها ونقضِ الزائدِ عن الحاجة منها ضرر، ففي تلك الحالة يجب غسلُ الأعضاء الصحيحة، والمسحُ على الجبيرة كما ذُكِر سابقًا، والتيمّمُ في المكان الزّائد من الجبيرة؛ لضمان تمام الطّهارة وأخذِ الحيطة.[٧]

المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:6954، صحيح.
  2. "الطهارة شرط لصحة الصلاة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-13. بتصرّف.
  3. "أحكام مختصرة في المسح على الخفين (ومعه المسح على الجبيرة والعمامة)"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-13.
  4. "كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-13. بتصرّف.
  5. ^ أ ب "المسح على الجبيرة رابط المادة"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-13. بتصرّف.
  6. "كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-13. بتصرّف.
  7. "كيفية الطهارة إذا كسر أصبع فوضعت جبيرة إلى منتصف الذراع"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-13. بتصرّف.
4205 مشاهدة
للأعلى للسفل
×