أحكام نية شهر رمضان

كتابة:
أحكام نية شهر رمضان

ما هي نية شهر رمضان؟

تعرف النية بأنّها القصد إلى فعل أمر والعزم عليه، من غير شك أو تردد، ونية شهر رمضان هي قصد الصوم في شهر رمضان، فمتى علم المكلف بحلول رمضان وأنّه صائم فيه فتلك النية،[١] وأثر النية في الصيام هو تحقيق الأجر والثواب من الله تعالى، فبها يحكم على الصيام الشرعي الذي يستحق الثواب والأجر من وقت النية، لأن ما قبل النية لا يكون عبادة لعدم وجود قصد التقرب، كما ينبني على النية الكثير من الأحكام.[٢]


أين تكون نية صيام شهر رمضان؟

تكون نية صيام شهر رمضان في القلب، ولا تجزئ النية ولا تكفي إن كانت باللسان من غير استحضار القلب.[٣]


هل يمكن التلفظ بنية الصيام فقط دون القصد؟

لا يشترط التلفظ بالنية في الصيام ولا يكفي التلفظ بها فقط بل يجب العزم في القلب على الصيام، إلا أنّ الجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة قالوا بسنيّة التلفظ بالنية في الصيام، وقال المالكية بأن الأولى هو عدم التلفظ بها.[٣]


هل هناك دعاء مخصوص لنية الصيام؟ لمعرفة ذلك قم بالاطلاع على هذا المقال: دعاء نية الصيام


هل يكفي السحور عن نية الصيام؟

اتفق جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة أن السحور يكفي عن نية الصيام، إلا إذا أكل وشرب الشخص وهو ينوي عدم الصيام، وذهب الشافعية إلى أن السحور لا يكفي عن نية الصيام إلا إذا خطر له الصيام في وقت السحور وعزم عليه، أي عقد النية عليه وتسحر بنية الصيام والامتناع عن الأكل والشرب عند الفجر.[٤]


هل يجب تعيين نية صيام رمضان على وجه الخصوص؟

وأما تعيين نية صيام رمضان فقد اتفق الفقهاء غير الحنفية على وجوب تعيين النية في رمضان، وخالفهم الحنفية في ذلك وما يأتي تفصيل أقوالهم:[٤]

  • الحنفية: قالوا بصحة صيام رمضان بمطلق النية من دون تعيينها.
  • المالكية: قالوا بأنّه يجب تعيين نية رمضان كما يجب أن تكون جازمة.
  • الشافعية: قالوا بأنّه يجب كمال تعيين النية في رمضان، أي أن يعين النية بأنّها لصيام فرض رمضان في السنة التي يريد صيامها، والمعتمد عندهم أنّه لا يجب في التعيين نية أداء الفرض.
  • الحنابلة: قالوا بأن تعيين النية في الصيام يكون بأن يعتقد المكلف بأنّه سيصوم غدًا من رمضان، أي من خطر على باله الصيام فقد نوى.


شروط نية شهر رمضان

ما هي شروط نية الصيام في رمضان؟

وأما شروط النية التي ذكرها الفقهاء فهي ما يأتي:


تبييت النية

أي إيقاع النية ليلًا، وهذا الشرط اتفق عليه الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، لما روته أم المؤمنين حفصة -رضي الله عنها- عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- إنه قال: "مَنْ لمْ يُبَيِّتْ الصيامَ قبْلَ طُلوعِ الليلِ ، فلَا صِيامَ له"،[٥] ولأن النية تكون في بداية العبادة قياسًا على الصلاة.[٣]


تعيين النية

وهو شرط عند جمهور الفقهاء باستثناء الحنفية، فلم يشترطوا تعيين النية في الصيام الذي يتعلق بزمن معين كصيام شهر رمضان؛ لأن الزمن محدد ومخصص له، وذهب الجمهور إلى وجوب تعيين النية في صيام الواجب؛ لأن الصوم عبادة مضافة لوقت ما مثل صوم رمضان وغير ذلك.[٦]


الجزم بالنية

وهو شرط عند جمهور الفقهاء باستثناء الحنفية، فلم يشترط الحنفية في الصيام المقيد بزمن محدد كصيام رمضان أن تكون نيته جازمة، فمن نوى صيام ليلة الثلاثين من شهر شعبان ثم ظهر أنّها كانت من رمضان فإن صيامه صحيح بنيته تلك، أما الجمهور فقالوا بوجوب الجزم في النية، فمن نوى الصيام في ليلة الشك فكانت نيته إن كان رمضان فهو يصوم فرضًا، وإن لم يكن رمضان فصيامه نفلًا، أو واجب آخر قد عيّنه في نيته، فلا تجزئه نيته على الحالتين، لأنّه لم يجزم في النية بكونه صيام فرض، أو صيام نافلة.[٧]


تعدد النية بتعدد الأيام

وهو شرط عند جمهور الفقهاء غير المالكية، فذهب المالكية إلى جواز الصيام بنية واحدة لشهر رمضان على أن تكون في أوله، واستدلوا على ذلك بأن الواجب الذي أمر الله تعالى به هو صيام شهر رمضان كاملًا وهو زمن واحد وعبادة واحدة كغيره من العبادات التي فرضها الله تعالى على عباده، فتجزئ نية واحدة عن الواجب كالنيةللصلاة والزكاة والحج وغيره إلا إن حصل ما يلزم الفطر كالنفاس أو الحيض أو المرض فيلزم تجديد النية، ويرى الجمهور أن الصيام في كل يوم هو عبادة جديدة ومنفردة ولا تتعلق باليوم الذي يليه، واستدلوا على ذلك بأن ما يفسد صيام يوم في رمضان لا يفسد باقي الأيام.[٨]


حكم نية الصيام

هل النية ركن من أركان الصيام؟

لا خلاف بين الفقهاء في وجوب النية في كل أنواع الصيام، واختلفوا في كونها شرط أو ركن، فذهب الجمهور إلى أن النية شرط في صحة الصيام،[١] وقال الشافعية بأنّ النية ركن منأركان الصيام.[٣]


ولقراءة المزيد حول حكم نية الصيام يرجى الاطلاع على هذا المقال: حكم نية الصيام


متى تُعقد نية الصيام في رمضان؟

تُعقد نية الصيام في رمضان ليلًا قبل دخول الفجر، ولا يجزئ الصيام من النهار.[٩]


ولمعرفة الوقت الذي يجب أن تُعقد به نية الصيام في شهر رمضان يرجى الاطلاع على هذا المقال: متى تجب نية الصيام


هل يجب أن تُعقد نية الصيام في كل ليلة من رمضان؟

اختلف الفقهاء في حكم تجديد النية في كل ليلة من رمضان وتفصيل أقوالهم فيما يأتي:[١٠]

  • ذهب الحنفية والشافعية والحنابلة في الأصح من أقوالهم، أنّه يجب أن تكون النية في رمضان لكل يوم منفردًا عن الآخر؛ وذلك لأن رمضان صيامه واجب فكان من الواجب النية لكل يوم بمفرده.
  • ذهب المالكية والحنابلة في قول لهم، أنّه يكفي نية واحدة لشهر رمضان كاملًا، ولا يشترط تجديدها؛ لأنه نوى في وقت يصلح جنسه لنية الصوم.


ما حكم فسخ نية الصيام خلال النهار في رمضان؟

من نوى الإفطار وهو صائم في رمضان فقد أفطر؛ وذلك لأن النية ركن من أركان الصيام فمن نوى الإفطار وغير النية التي كان قد نواها فقد فسد صيامه والدليل على ذلك قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: "إنما الأعمالُ بالنياتِ وإنما لكلِّ امرئٍ ما نَوَى".[١١]


ويستدل بالحديث على ما سبق أن من استصحب النية في الصيام فيبقى على صيامه، ومن نوى الإفطار فقد قطع النية ويكون بذلك قد بطل صيامه وأفطر، وهو كمن نوى أن يقطع الصلاة فإن صلاته تنقطع بنيته تلك والله تعالى أعلم،[١٢] ومن تردد في قطع النية وهو صائم في نهار رمضان إلا أنّه لم يقطعها فإن صيامه صحيح ولا يبطل ما دام لم يجزم بذلك، وهذه ما ذهب إليه الحنفية والشافعية وقول للحنابلة، لأن الأصل بقاء النية وصحتها.[١٣]


وأما من تردد في النية في صيام الواجب كصيام شهر رمضان قبل شروعه في الصيام فلم يبيت النية، كمن تردد أن يصوم يوم الغد من رمضان أو يفطر وبقي مترددًا حتى جاء اليوم التالي، ثم صامه فقد ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة ورواية عن الحنفية أن صيامه غير صحيح، ويجب عليه قضاء اليوم الذي تردد به، فالتردد ينافي معنى النية الذي يقتضي العزم والقصد ، وكما تبين فإن النية شرط للصيام، فإن فسدت فقد بطل ما يبنى عليه من صحة الصيام، وأصبح من الواجب قضاء اليوم.[١٤]


حكم من نوى صيام رمضان بعد الفجر: هل يصح صيامه؟

من نوى الصيام بعد طلوع الفجر لا ينعقد صيامه عن فرض رمضان، وعليه أن يقضي اليوم الذي لم ينو الصيام به من الليل، سواءً ترك النية ساهيًا عنها أو متعمدًا تركها، فالصيام لا يصح من دون النية كما تم بيانه سابقًا.[١٥]


حكم ازدواجية النية في صيام رمضان: نية صيام الفرض مع النافلة

هل يُمكن الجمع بين صيام قضاء رمضان وصيام ستة من شوال؟

لا يجوز الجمع بين نية صيام الفرض والنافلة؛ لأن الفريضة تختلف عن النافلة في أكثر من وجه، فصيام الفريضة يجب أن تبيت له النية من الليل، بخلاف صيام النافلة التي يجوز للشخص أن ينوي للنافلة من النهار ويكون صيامه صحيحًا، كما أن صيام النافلة يجوز للصائم أن يفطر بعدما شرع به، إذ إن الصائم في النافلة أمير نفسه يفطر متى شاء بخلاف صيام الفريضة الذي لا يجوز الإفطار بعد الشروع به.[١٦]


إذا ارتد المسلم ثم تاب: هل يجب تجديد نيته؟

إذا ارتد المسلم في نهار رمضان، بفعله أي شيء من المكفرات كسب الدين وغيره بعدما كان عزم على الصيام وعقد النية عليه، ثم تاب عن ذلك فإن عليه تجديد النية، ولا تجزئه النية السابقة.[١٧]


هل يصح الصيام بدون نية للفريضة؟ لمعرفة ذلك قم بالاطلاع على هذا المقال: هل يجوز الصيام بدون نية

المراجع

  1. ^ أ ب وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 1670. بتصرّف.
  2. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 1677. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ث وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 1671. بتصرّف.
  4. ^ أ ب وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 1678. بتصرّف.
  5. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن حفصة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:6535، حديث صحيح.
  6. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 1674. بتصرّف.
  7. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 1675. بتصرّف.
  8. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، صفحة 1677. بتصرّف.
  9. محمد صالح المنجد ، موقع الإسلام سؤال وجواب، صفحة 2396. بتصرّف.
  10. عبد الله الطيار ، الفقه الميسر، صفحة 32. بتصرّف.
  11. رواه الألباني، في غاية المرام، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم:14، حديث صحيح.
  12. سعيد بن وهف القحطاني، الصيام في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 200. بتصرّف.
  13. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية، صفحة 303. بتصرّف.
  14. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية، صفحة 302. بتصرّف.
  15. صالح بن فوزان، مجموع فتاوى فضيلة الشيخ صالح بن فوزان، صفحة 389. بتصرّف.
  16. أسامة سليمان، التعليق على العدة شرح العمدة، صفحة 16. بتصرّف.
  17. "مختصر أحكام النية في الصيام"، دار الإفتاء، اطّلع عليه بتاريخ 12/3/2021. بتصرّف.
4844 مشاهدة
للأعلى للسفل
×