أخلاقيات الإعلام

كتابة:
أخلاقيات الإعلام

حرية الصحافة

إنّ حرية الصحافة والإعلام هي حقّ من حقوق الإنسان، وهذا الحقّ يقرّه القانون للأفراد دونَ استثناء، إن معظم الصحفيّين يدركون أنّ عليهم التزامًا بضرورة الدفاع عن حرية الصحافة عند تعرضها للانتهاك، وهذا الانتهاك يعد جزءً لا يتجزأ من عملهم، ولعل المضايقات التي تتعرّض لها حرية الصحافة والتعذيب وعمليات القتل التي مني بها الكثير من الصحفيين والإعلاميين خير دليل على استهداف الحقّ والحقيقة، بغية إخفائها عن أعين الجمهور، ومن المؤشرات المرجعية التي تعتمدها المنظمات الدولية وغير الحكومية: احترام القوانين المنظمة لقطاع الصحافة، ودرجة حرية الممارسة الصحفية، وحقّ الحصول على المعلومة بالمجال الحكومي، والضمانات المؤسّساتية لحماية الصحفيّين، حياد وشفافية الدعم الحكوميّ للصحافة، وبعد هذا الحديث لا بد من معرفة أخلاقيات الإعلام.[١]

أخلاقيات الإعلام

تاليًا سيتم الحديث عن أخلاقيات الإعلام في ضوء التحدّيات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتطورات السريعة والمتعددة، برزت واجبات وأخلاقيات جديدة ألقيت على عاتق الهيئات الإعلامية، للجدية في تبني مواثيق للشرف الإعلامي الهادف لتوطيد العلاقة بين الهيئات والمؤسسات الإعلامية والمجتمع، من خلال مجموعة من معايير وأخلاقيات المهنة والتي تعرف بأخلاقيات الإعلام، وأبرزها ما يأتي:[٢]

  • تحرّي الصدق والدقة: إن من أهم أخلاقيات الإعلام الالتزام بتحري الدقة والصدق والشفافية والنزاهة المهنية كمبدأ أساسي في ممارسة الإعلام بمختلف وسائله، والحرص على إيصال المادة الإعلامية إلى متلقيها بصورة متكاملة وموثوقة وواضحة لا شك في صحتها أو لبس في دقّتها، والكفّ عن بث الشائعات والاتهامات، مع ضمان حق الغير في الرد والتعقيب الموضوعي والمسؤول والمبني على الحقيقة والنزاهة كضرورة لكسب الاحترام.
  • الوضوح وعدم الغشّ: عدم غشّ الرأي العام باستخدام الإمكانيات التكنولوجية والتقنية من أجل وضع صور لوقائع ما مع أخبار وقائع أخرى، أو ممارسة الخدع البصرية أو ابتداع مكالمات على الهواء مباشرة من الغرف المجاورة للاستوديوهات وإيهام المشاهدين أنّها من المتابعين.
  • توخّي مصلحة المجتمع: على الإعلاميّين البحث عن الأخبار التي تخدم الجمهور برغم كل العراقيل، لا التي تخدم مصلحة فصيل أيديولوجيّ أو سياسيّ معيّن، فالحقيقة يجب أن تقال لأنّ الإعلامي شاهد على عصره وأمام الله والناس على الحقيقة.
  • احترام رغبات المصادر: الأصل أن ينسب الخبر إلى مصدره وكل رأي إلى صاحبه، وغير ذلك يستثنى في حالات الضرورة لأسباب تقتضيها خصوصيّات المصدر أو صاحب الرأي، وعند رفض المصدر الكشف عن هويته ينبغي التحقق من دوافعه ومبرراته، فإذا كانت خالية من الشبهات يجب احترام رغبته، ويجب النظر للمصادر الرسمية وغير الرسمية بنفس القدر من الأهمية، فالمادة الإعلامية لا تكتسب أهميتها من أسماء الشخصيات اللامعة فيها، فلا يجوز إهمال أو إغفال خبر أو تقرير يهم الرأي العام لمجرد أن أطرافه أو رواته من غير المشاهير، ويجب الحذر في التعامل مع المصادر غير المعتمدة أو غير المتعارف عليها والتي تطلب مقابلًا ماديًا لتوفير المعلومات.
  • الاستعداد لتحمل المسؤولية: يعترف الإعلاميون ومؤسساتهم بمسؤوليتهم عن تقديم تحليل واع وتعليقات ومقالات رأي عن الأحداث والموضوعات العامّة، وهم يقبلون الالتزام بتقديم هذه المادة بواسطة أشخاص مشهود لهم بالكفاءة والخبرة والحكم السليم، وعلى الإعلاميين أن يكونوا جديرين بها والاستعداد عند وقوع الخطأ وإصلاحه وتحمل تبعاته.
  • الحياد التام: عدم الإيحاء لمصادر التحقيقات الصحفية والبرامج الحوارية بالإدلاء بآراء معينة على حساب الحقيقة، أو أن يوحي للضيف أو الشخصية المقابلة تبنّي وجهة نظر ما على حساب الحقيقة، فهذا مخالف لأخلاقيات الإعلام.
  • عدم الخوض في أعراض الناس: وذلك في عدم الخوض في الملفات البوليسية قبل إصدار الأحكام القضائية، في مثل هذه الحالات يجب على الإعلامي معالجة هذه الموضوعات بهدف التوعية لا إلى إثارة الغرائز والنعرات.
  • النزاهة: عدم قبول الإعلاميّ رشاويَ من أيّ نوع، سواء كانت في شكل هدايا عينيّة أم شيكات بنكيّة أم عضويّة لجان بمكافآت ماليّة وغيرها؛ لأنّه إذا قَبِل بها فسيضطر للخضوع لأهواء الراشي، وتكون الرشاوي فَخًا لتهديده بها عند الضّرورة.

مواثيق شرف المهنة

بعد الحديث عن أخلاقيّات الإعلام وحرية الصحافة لا بد من الحديث عن مواثيق الشرف المهنية التي تُعدّ من أهم محدِّدات الأداء الأخلاقيّ لوسائل الإعلام، ورغم أنها تطمح إلى معايير مثالية فإن مواثيق الشرف المكتوبة تحدد بعض السلوكيّات الأخلاقية التي يجب الالتزام بها من جانب الإعلاميين في أدائهم المهني، ويعود أول ميثاق شرف صحفي في أمريكا إلى عام 1923م، عندما وضع اتحاد محرّري الصحف الأمريكية ما عرف باسم "ميثاق الصحافة"، وقد حدّد هذا الميثاق ما يأتي:[٣]

  • إنّ وظيفة الصحيفة هي أن تحقّق اتصال بالجنس البشري.
  • يجب أن يتوفّر في الصحفي أكبر قدر من الذكاء والخبرة والمعرفة بالإضافة إلى القدرة على الملاحظة الدقيقة والتحليل المنطقي.
  • أي صحفي يستخدم وضعة كصحفي لتحقيق منافع شخصية ضيقة لا يجب الثقة فيه.

وهناك ميثاق شرف لمالِكي الصحف والوسائل الإعلامية وضعه اتحاد ملاك الصحف في أمريكا، وبعد الحرب العالمية الثانية أصدرت نقابة مديري الراديو والتلفزيون ميثاقًا أخلاقيًا للعاملين في الإذاعة والتلفزيون دعت فيه المؤسسات الإذاعية بعدم إصدار أحكام مسبقة على المتهمين في قضايا جنائية، وطرق تغطية جلسات المحاكم، وعدم قبول إعلانات أو هدايا من المصادر، بالإضافة إلى وضع قيود على إذاعة الإعلانات الخاصّة بالتنجيم والقمار والخمور والإعلانات والمضامين الخاصة بالأطفال. أخيرًا، كان ما سبق شرحًا مفصّلًا موجزًا عن أخلاقيات الإعلام.[٣]

المراجع

  1. سعد المشهداني (2014)، الصحافة العربية والدولية (الطبعة الأولى)، الإمارات: دار الكتاب الجامعي، صفحة 36-38. بتصرّف.
  2. إبراهيم إسماعيل (2014)، الإعلام المعاصر (الطبعة الأولى)، قطر: وزارة الثقافة والفنون والتراث القطرية، صفحة 246-249. بتصرّف.
  3. ^ أ ب حسني نصر، سناء عبدالرحمن (2009)، التحرير الصحفي في عصر المعلومات: الخبر الصحفي (الطبعة الثانية)، الإمارات: دار الكتاب الجامعي، صفحة 281-282. بتصرّف.
3690 مشاهدة
للأعلى للسفل
×