أخلاقيات البحث العلمي والتربوي

كتابة:
أخلاقيات البحث العلمي والتربوي

مفهوم أخلاقيات البحث

أخلاقيات البحث، هي تطبيق القواعد الأخلاقية ومفاهيمها على جمع المعلومات الخاصة بالافراد في موضع البحث، فيما يخص تحليلها والإبلاغ عنها ونشرها، وتتضمن مبادئ القبول الفعال الخاص بالأشخاص والمتعلق بالخصوصية والسرية والموافقة عن علم، وغالبًا ما يظهر الباحثون في العلوم المختلفة الغطرسة في معاملتهم للأفراد موضع البحث، مبررين أفعالهم بالبحث عن الحقيقة، لذلك يتم تصحيح هذا الاتجاه، من خلال اعتماد معايير السلوك الرسمية، وزيادة التركيز على إجراءات البحث الأخلاقية، وتعد القضايا الأخلاقية مسألة أكثر بروزًا، خاصة فيما يتعلق بدراسات الحالة، وبعض تصميمات البحوث الأخرى، التي تركز على عدد قليل جدًا من الحالات،[١] وهناك بعدان رئيسيان على الأقل لأخلاقيات البحث وهي، الأخلاقيات الإجرائية، والتي تنطوي عادة على طلب الموافقة الأخلاقية من الأفراد ذو الصلة بإجراء البحوث التي تنطوي على البشر؛ والأخلاقيات في الممارسة، والتي تشمل القضايا الأخلاقية اليومية التي تنشأ أثناء إجراء البحث.[٢]

أخلاقيات البحث العلمي والتربوي

من المهم النظر في القضايا الأخلاقية من المراحل الأولى لمشروع البحث العلمي، أو التربوي، ومنذ بداية عملية التصميم، عادةً ما يتم اتخاذ قرارات مؤقتة حول طبيعة عينة البحث والمنهجية المتبعة فيه، وحتمًا تعني هذه القرارات طرقًا معينة للتفاعل مع الأشخاص المشاركين في مشروع البحث، سواء كان بحثًا علميًا، أو بحثًا في التربية، وقد يحاول الباحثون التعبير عن الأهداف المتوقعة من البحث للفرد الذي يكون هدف البحث، وغالبًا ما يلقي الأخير الضوء على القضايا الأخلاقية المحتملة، وقد تنطوي أهداف البحث على إجراء مقارنات واسعة النطاق بين مجموعات من البشر أو بين عدد من المنظمات في نفس الوقت، وعندما يكون الأمر كذلك، قد تكون أخلاقيات الموقف أقل تطلبًا إلى حد ما، حيث يمكن دمج البيانات، وبالتالي إخفاء الهوية الفردية، لكن ومع ذلك، إذا كان الهدف في جزء من البحث الإثنوغرافي أو الميداني هو استكشاف تاريخ حياة عدد صغير نسبيًا من الأفراد، فقد يكون من المهم التأكد من فهمهم لهدف البحث ووظيفته، قبل الموافقة على إجراءه، وبالتأكيد، عندما يكتب الباحثون أهداف البحث، تميل هذه الأهداف إلى الإشارة إلى أشكال معينة من المنهجية وجمع البيانات، وفي المقابل، تثير هذه الأهداف القضايا الأخلاقية الخاصة بها، وبعبارة أخرى، في مرحلة إعداد أهداف مشروع بحثي، يُنصح الباحث بالنظر جيدًا إلى أخلاقيات البحث في البداية، قبل محاولة صياغة وتفعيل البحث.[٣]

أبرز أخلاقيات البحث العلمي والتربوي

هناك العديد من الأساليب الأخلاقية التي من الضرورة الالتزام بها من قبل الباحث والمنظمات العلمية، لذلك تحاول الأنظمة العلمية مراقبة الأبحاث التي يجريها الباحثين على الأفراد الخاضعين للتجربة، ويجب إحياء القيم الأخلاقية البحثية، من قبل الباحثين، حتى لا تسبب العواقب غير الأخلاقية ضررًا للأفراد الذين يجري البحث عليهم بشكل خاص، والمجتمع بشكل عام، وكذلك حتى تبقى المنظومة العلمية في كامل مصداقيتها، تجاه الأفراد المعنيين بالبحث، [٤]،وفيما يأتي أبرز الأخلاقيات التي يجب أن يلتزم بها الباحث العلمي:[٥]

  • تقليل الضرر: من المحتمل أن تتسبب إستراتيجية البحث في إلحاق الضرر بالأفراد الخاضعين للدراسة، بالتالي يتوجب على الباحثين تحديد مدى خطورة ذلك الضرر، وهل هناك طريقة يمكن تبريرها للضرر، ويلاحظ أن الضرر هنا قد لا يقتصر فقط على العواقب بالنسبة للأشخاص الذين تتم دراستهم، مثل الضرر الذي يمكن أن يحدث في الدراسات السريرية، أو دراسات علم النفس مثل دراسة التنشئة الجماعية، ولكن يشمل الآخرين أيضًا، وحتى بالنسبة للباحثين الذين يعملون في نفس المكان، أو حتى للباحثين الذين يرغبون في تطوير البحث نفسه في المستقبل.
  • احترام الاستقلالية: من الهام أن تظهر عملية البحث الاحترام للناس، مثل السماح لهم باتخاذ القرارات لأنفسهم، ولا سيما حول ما إذا كانوا سيشاركون في البحث أساسًا أم لا يشاركون، وغالبًا ما يُنظر إلى هذا المبدأ على أنه إستبعاد أي نوع من الخداع، على الرغم من أن الخداع يتم رفضه أحيانًا على أساس أنه يسبب الضرر.
  • حماية الخصوصية: السمة الرئيسية للبحث هي جعل الأمور علنية، لتقديم الأوصاف والتفسيرات المتاحة للأفراد المشاركين، وهناك جدل حول ما الذي يجب عدم الإعلان عنه للأفراد، وما الذي يعنيه الحفاظ على سرية البيانات، وهل الاحتفاظ بالسرية ممكن أو مرغوب فيه دائمًا، وهل من الممكن أو من الواجب أن تكون الإعدادات الخاصة بالبحث و المفحوصين مجهولة في تقارير الأبحاث.
  • المعاملة بالمثل: يعتمد الباحثون في السماح لهم بالوصول إلى البيانات العامة على التعاون الذي يقدمه الأفراد، وهذا قد يشمل التعامل مع الأشخاص المتعاونين بطرق مختلفة، فعلى سبيل المثال، قد يخصص الأفراد بعض الوقت لإجراء المقابلات أو لملئ استبيان، ويمكن أن تؤدي عملية البحث أيضًا إلى تعطيل حياة الناس بطرق مختلفة و بدرجات متفاوتة، وبالنظر إلى ذلك، فإن هناك فوائد يمكن للمشاركين توقعها بشكل معقول في مقابل مشاركتهم بالبحث، لذلك فإن الباحثين معنيين بالتفكير في ما يجب تقديمه للمفحوصين.
  • المعاملة بإنصاف: يمكن القول بأن الأفراد والجماعات المختلفة التي يتعامل معها الباحث في سياق البحث يجب أن يعاملوا على درجة من العدل والمساواة، بمعنى أن لا يتم تفضيل أي شخص أو التمييز ضده بشكل غير عادل، فهي فضلًا عن كونها طرقًا غير أخلاقية للتعامل مع الأفراد، فهي قد تعني أيضًا الإخلال بالنتائج ومصداقيتها.

إن هذه المبادئ لا تشمل جميع المشكلات الأخلاقية ذات الصلة بالبحث العلمي، لكنها ربما تكون أهمها، ويوجد عدد كبير جدًا من المؤلفات حول الأخلاق في البحث التربوي، وأخرى تتعلق بالعمل العلمي والاجتماعي بشكل عام، وهناك أيضًا مؤلفات فلسفية عن الأخلاق بشكل عام، تحاول حل بعض المفاهيم الأخلاقية الرئيسة الخاصة بالبحث، بما في ذلك تلك المذكورة أعلاه، وبعض هذه المؤلفات معني باستكشاف طرق عامة مختلفة للتفكير في الأخلاق، مثل الأخلاق العامة، والأخلاق التابعة، وأخلاقيات تقديم الرعاية، وغيرها من المناهج، والبعض منها مكرس لما يسمى بالأخلاق التطبيقية، وبعبارة أخرى إستخدام أفكار الفلسفة لاستكشاف القضايا العامة المثيرة للقلق من مختلف الأنواع التي لها بعدًا أخلاقيًا.[٦]

أهمية أخلاقيات البحث العلمي والتربوي

بشكل عام، لا تختلف أهمية القضايا الأخلاقية التي تثيرها عملية البحث المتعلقة بالبشر عن أهمية القضايا الأخلاقية التي تثيرها أي حالة تفاعلية مع البشر، إذ تتطلب كل هذه المواقف أن يعامل البشر الآخرون باحترام، وأن لا يتعرضوا لهم بالأذى بأي شكل من الأشكال، وأن يكونوا على علم تام بما يجري معهم، ويمكن تطبيق العديد من هذه المبادئ الأخلاقية العامة على سياق البحث، ولكن هناك حالات أكثر تحديدًا قد توضح بصورة أكثر تفصيلًا أهمية الجانب الأخلاقي.

حالات الأطفال

قبل كل شيء، هناك مجموعة من المواقف التي قد لا يكون فيها المشاركون في مشروع البحث في وضع يمكنهم من فهم الآثار المترتبة على البحث بشكل كامل، فقد يكون المستجيبون أطفالًا لم يصلوا إلى مرحلة النمو المطلوبة، على سبيل المثال، فبالرغم من أنهم قادرون تمامًا على توفير بيانات البحث، فقد لا يكونون كبارًا بما يكفي لتقدير تفاصيل عملية البحث، في مثل هذه الحالة، قد تكون هناك حاجة لإجراء مناقشات تفصيلية مع أولياء الأمور والمعلمين وأي بالغين آخرين ذوي صلة، حول التدابير التي يجب اتخاذها من أجل حماية مصالح الأطفال، قد تعتمد التدابير الخاصة على عمر الأطفال وسياق البحث المحدد، وقد لا يكون من الممكن تحديد مجموعة قياسية من الإجراءات، ولكن بالأحرى قبول أن كل حالة بحثية تتعلق بالأطفال يجب التعامل معها كحالة فردية.[٧]

حالات المتوفين

قد لا يُنظر إلى الأشخاص المتوفين عادةً على أنهم مستجيبين إلى الأبحاث، ولكنهم ربما تركوا آثارًا واسعة في تاريخ حياتهم، وهي قيمة للباحثين، وقد تشمل الأمثلة البيانات الإحصائية التي تحتفظ بها المنظمات الرسمية، والمصنوعات اليدوية التي صنعوها خلال حياتهم، والمفكرات والمذكرات، والأهم من ذلك، الذاكرة البشرية التي يحتفظ بها الناس الأحياء عنهم، ومن الواضح أن الأشخاص المتوفين ليسوا في وضع يسمح لهم بإعطاء موافقتهم الواعية، مما يضع مسؤولية هامة على الباحثين ليكونوا متوازنين و موضوعيين قدر الإمكان في أي تفسير لحياة هؤلاء الأفراد وإنجازاتهم، وتشمل القضايا الأخلاقية الهامة هنا ما إذا كان يجب تسمية الشخص المتوفى في أي تقرير بحثي، وكذلك التأثير الذي قد يكون للبحث على الأقارب الأحياء.[٧]

حالات عدم فهم البحث

قد تكون هناك حالات بحث لا يفهمها المشاركون البالغون، لأسباب متنوعة، وهي نتيجة طبيعية لعملية البحث، وبالتالي لا يمكنهم الموافقة على مشاركتهم في البحث نتيجة موقفهم المبني على هذا الفهم، وقد تشمل مثل هذه المواقف البالغين الذين لديهم القليل من التعليم الأكاديمي الرسمي، أو المشاركين الذين لديهم لغة مختلفة عن الباحثين؛ وعلى الرغم من أنه قد يكون لديهم كفاءة في لغة ثانية، إلا أنه قد يكون ذلك غير كافٍ لمساعدتهم على فهم سياق البحث، ومن الواضح أن مثل هذه المواقف لا تزيل المسؤولية عن الباحث والأفراد المشاركين، إذ يجب على الباحث هنا اتخاذ التدابير اللازمة لحل مثل هذه الإشكاليات الأخلاقية.[٧]

الفروق الجوهرية بين البحث العلمي والبحث التربوي

يتم تطبيق مصطلح البحث بطرق عديدة في الحياة اليومية، بدءًا من البحث عن معرفة ما إلى كتابة بحث على مستوى الدكتوراه، حول استكشاف مشكلة في العمل، والبحث عملية منهجية لجمع وتحليل وتفسير المعلومات و البيانات من أجل فهم أفضل لظاهرة تهم الباحثين، إذ إنها عملية طويلة ومركزة ومحددة ومكثفة وتراكمية وتعليمية، وهي ليست مجرد جمع للمعلومات ونقل الحقائق من مكان إلى آخر. [٨] ويتم تعريف البحث العلمي على أنه: تحقيق منهجي في مشكلة أو موقف، إذ يكون القصد هو تحديد الحقائق، أو الآراء التي ستساعد في حل المشكلة أو التعامل مع الموقف، ويركز هذا البحث الأكاديمي أو العلمي على أهداف وأسئلة البحث، والتي تنشأ من الباحثين المستقلين، كما أنّه يستخدم إجراءات رسمية وعلمية ومنهجية لاكتشاف الإجابات، و يسترشد البحث العلمي بنظرية علمية موجودة بالفعل، من أجل رفض أو دعم هذه النظرية. [٩] ومن ناحية أخرى، يتم تعريف البحث التربوي على أنه البحث المنجز لتعزيز عملية تعليم وتعلم الفرد، وهو شكل من أشكال الدراسات النفسية والذي ينتج بطريقة احترافية من أجل تسهيل عملية التعلم، ويركز البحث التربوي على أهداف أو أسئلة البحث التي تنبثق من متطلبات العملية التعليمية والتربوية، ويستخدم، أو قد لا يستخدم في بعض الأحيان، الإجراءات العلمية والمنهجية لاكتشاف الإجابات.[١٠]

أهداف الأبحاث العلمية

إن معرفة أهداف البحث العلمي هي إحدى الخطوات الهامة في سبيل إعداد الأبحاث العلمية، وهي تعبر عن الغاية من البحث، أو ما يصبو إليه الباحث العلمي في المجال الذي عمل به، وهذه المعرفة بالأهداف تنطوي على أهمية كبيرة، تسهم في الوصول إلى النتائج، ومن بعض الأمثلة على أهداف البحث العلمي الفهم للظّواهر والأشياء المحيطة بالفرد، ويتضمن إدراك الظّواهر وتفسيرها، والتي قد تكون اقتصاديّة أو اجتماعيّة أو طبيعيّة، والتّنبؤ، أي التّخمين الذّكي لما سيكون عليه الحال مستقبلاً، وهو مبنيٌّ على التّفسير والمعطيات، والتّحكم والضّبط، أي التّحكم بالظّواهر وضبطها والسّيطرة عليها، ووجود الأدوات التي تُساعد على ضبط هذه الظّواهر، والوصول إلى نتائج علميّةٍ ومعرفيّةٍ صحيحةٍ ودقيقةٍ في فهم الظّواهر الطبيعيّة، والبعد عن التّخمين والتّكهن عند دراسةِ الظّواهر الطّبيعية والاجتماعية، الأمر الذي يقود إلى نتائجَ أكثر دقّةٍ وشفافيّةٍ، ولا سيما في البحث عن المعلومات والحقائق ومن ثم اكتشافها، وإيجاد معارف جديدةٍ والعمل على تطويرها.[١١]

أهداف الأبحاث التربوية

الهدف من البحث التربوي هو تطوير معرفة جديدة حول وضع التعليم والتعلم لتحسين الممارسة التعليمية، ومن أهم أهداف الأبحاث التربوية، التعلم، أي تحسين تعلم الطلاب بشكل أفضل في الموضوعات المختلفة، والتدريس، ومعرفة ما هي أفضل ممارسات التدريس لتعزيز تحصيل الطلاب، ودافعهم، ويشمل تطبيق أفضل الممارسات للمعلمين لتحفيز طلابهم على تحقيق التحصيل، والنمو، ويشمل كيفية تغير الأطفال والبالغين بمرور الوقت، وبما في ذلك مهاراتهم المعرفية والاجتماعية والعاطفية، وإدارة الفصل الدراسي، وما هي ممارسات الفصل الدراسي أو المدرسة التي تجعل الفصل الدراسي مثاليًا لتعلم الطلاب، ومن خلال جمع البيانات العلمية حول هذه الموضوعات المهمة في التعليم، يمكن للبحوث التعليمية أن تحدد أفضل الممارسات التي يجب على المعلمين والمستشارين والإداريين والطلاب استخدامها لتحسين نتائج التعلم.[١٢]

المراجع

  1. "research-ethics", www.encyclopedia.com, Retrieved 2020-06-17. Edited.
  2. "Ethics, Reflexivity, and Ethically Important Moments in Research", www.researchgate.net, Retrieved 2020-06-18. Edited.
  3. "Ethics-and-Educational-Research", www.learnersfirst.net, Retrieved 2020-06-17. Edited.
  4. "Ethics in Educational Research", journals.sagepub.com, Retrieved 2020-06-17. Edited.
  5. "Howe_Moses_Ethics_in_Educational_Research", www.colorado.edu, Retrieved 2020-06-17. Edited.
  6. "index", www.niehs.nih.gov, Retrieved 2020-06-17. Edited.
  7. ^ أ ب ت "The Students Guide To Research Ethics", books.google.jo, Retrieved 2020-06-17. Edited.
  8. "Research", en.wikipedia.org, Retrieved 2020-06-18. Edited.
  9. "The_Similarities_Between_Research_in_Education_and_Research_in_the_Hard_Sciences", www.researchgate.net, Retrieved 2020-06-18. Edited.
  10. "What-is-Education-Research", www.aera.net, Retrieved 2020-06-18. Edited.
  11. "What are the research objectives?", www.soas.ac.uk, Retrieved 2020-06-18. Edited.
  12. "Fundamentals of Educational Research", books.google.jo, Retrieved 2020-06-18. Edited.
5094 مشاهدة
للأعلى للسفل
×