أدب النثر في العصر العباسي الأول

كتابة:
أدب النثر في العصر العباسي الأول


أدب النّثر في العصر العبّاسي الأوّل

ازدهر أدب النّثر في العصر العبّاسي الأوّل ازدهارًا عظيمًا، وشهد تطوّرًا واضحًا في مختلف جوانب الحياة؛ فأخذ يَستوعب علومًا مختلفةً تنوّعت ما بين عقليّة وسياسية واجتماعيّة وثقافية، كما امتدّ النّثر في ذلك العصر ليَشمل الفلسفة، وكلّ ما يَتّصل بالثّقافات الأجنبيّة والفكر اليوناني، وظهر عددٌ من الكُتّاب والمفكّرين والمترجمين والمتكلّمين الّذين حافظوا على هذه العلوم، وساهموا في تطوّرها وحمايتها من الضّياع.[١]


فتميّز العصر العبّاسي الأوّل بأنّه عصر الكتابة، لِما شهده من تطوّر الكتابة فيه باستخدام أدوات الكتابة الماديّة المختلفة من أقلامٍ وأوراقٍ، إلى غير ذلك من التطوّر في الشؤون الاجتماعيّة والثّقافيّة، وممّا أسهم في حركة النّثر كثرة الدّخول في الإسلام وانخراط الأقوام والشّعوب المختلفة في الثّقافة العربيّة والإسلاميّة، ويُمكن تقسيم الفنون النّثريّة إلى قسمين، هما الآتي:[٢]

فنون النّثر الشّفاهي

وهي فنونٌ نثريّة شفاهيّة تَعتمد على الإلقاء مشافهةً بقصْد الوعظ والإرشاد والحكمة والتّوجيه، وهي لا تَتطلّب الكتابة إلّا إذا كان المقصود بالكلام بعيدًا عن الكاتب، باستثناء فنّ المناظرات فلا تُكتب، والفنون النّثريّة الشّفاهيّة تأتي على النحو الآتي:

  • فنّ الخَطابة

الخَطابة فنّ من الفنون النّثريّة العربيّة القديمة، عرفت مع بداية نشوء العصر الجاهلي وقيل قبله، ومع ظهور الإسلام تطوّر هذا الفنّ النّثري وازدهر، ونشط نشاطًا باهرًا في العصر الأموي نتيجةً لمجيء الأمويين إلى السلطة، واستمرّ هذا النّشاط في بدايات العصر العبّاسي حيثُ مثّلت الخَطابة أداةً سياسيّة لتبيين شؤون الحكم والخلافة للعبّاسيين، واعتمد عليها في بثّ الحماس في نفوس الجنود العسكريين.

  • فنّ المُناظرات

كان للعبّاسيين دورٌ مهمٌّ في نموّ المناظرات حيثُ اكتمل في القرن الهجري الثّاني، كما أنها قيلت في مناسباتٍ مختلفةٍ وموضوعاتٍ عديدةٍ، وكانت في أكثرها تَقع بين الخطباء فيَتحاورون ويَتجادلون ويَتناقشون، وأسهم المعتزلة في هذا الفن إسهامًا واضحًا فراحوا يَبحثون في بلاغة القول، ويُكثرون من ملاحظاتهم في ذلك.

  • فنّ الوصايا

بدأ بالظّهور بشكلٍ تدريجيٍّ حيثُ إنّ الثّقافات الوافدة الّتي امتزجت بالثّقافات العربيّة أسهمت في تزويد الوصايا بمعانٍ متنوّعة، ومواضيع جديدةٍ، مأخوذةً من الدّين والحضارات المختلفة، وانتشرت الوصايات بين الحكّام والخلفاء في توصيتهم لأبنائهم بالقول الحَسَن، واللّفظ البليغ، إضافةً إلى الوصايا والمواعظ الّتي قدّمها الوعّاظ والنسّاك بين يديّ الخلفاء والوزراء.


ثم كانت الأمثال والحِكَم وبينهما صلةٌ وثيقةٌ، فمع مرور الوقت تحوّلت الحِكَم إلى أمثالٍ سائرةٍ بين النّاس، والأمثال تُعبّر عن حياة الآخرين بعاطفةٍ صادقةٍ، تُشبّه به الحالة الجديدة بالحالة الّتي سبقتها.

فنون النّثر الكتابي

وهي الفنون الّتي تَعتمد على التّوثيق والكتابة، تَختلف عن فنون النّثر الشّفاهيّة في أنّها تُكتب ولا تَكون مشافهةً إلّا في حالاتٍ نادرةٍ تَنطبق على الرّسائل، أمّا فنون النّثر الشّفاهيّة فيَمكن أن تُكتب كما سبق باستثناء فنّ المناظرات، وهذه الفنون الكتابيّة فيما يأتي:

مع كثرة الفتوحات الإسلاميّة انتشر هذا الفن وتطوّر، كما أنّ الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- كان يَدعو إلى هذا الفن ويُشجّع على الكتابة وأهميّة تعلّم القراءة، فيَقوم بإرسال الرّسائل الدّعويّة إلى القبائل المجاورة، كما استعان الخلفاء بهذا الفنّ في كتابة الرّسائل لأغراضٍ مختلفةٍ، على سبيل المثال: رسائل العهود، ورسائل المبايعات.

اختصّ هذا الفن على الخلفاء والأمراء والوزراء في تلقيهم الشّكاوى من المظلومين، وكانوا يُوقّعون بآيةٍ قرآنيّة أو حديثٍ نبويٍّ أو شعرٍ أو حكمةٍ. 

المراجع

  1. شوقي ضيف، العصر العباسي الأول، صفحة 448. بتصرّف.
  2. شوقي ضيف ، العصر العباسي الأول، صفحة 441-506. بتصرّف.
5745 مشاهدة
للأعلى للسفل
×