الجنين
خلق الإنسان هو من الأمور المُعجزة التي تحدَّى بها الخالق عبيده بأن يأتوا بمثله وجلَّ وعظُم عن أن يستطيع أحدٌ الإتيان بمثله، فكان عالم الأجنة هو واحدٌ من الأسرار التي قد يقف الطِّب عاجزًا عن فهممها، فتشرح آيات القرآن الكريم والأحاديث بعضًا من أسرار ذلك العالم، ففي الأربعين يوم الأولى يبدأ تشكل الجنين ما بين نطفةٍ وعلقة ومضغة؛ ليبدأ تشكله إنسانًا في الأربعين الثانية من الحمل، فقال ابن القيم: "الذي دل عليه الوحي الصادق عن خلاق البشر أن الخلق ينتقل في كل أربعين يومًا إلى طور آخر"، ودائمًا ما يلجأ المسلم لربه في السراء والضراء؛ لذلك ستقف الفقرة القادمة بالحديث عن أدعية لتيسير الولادة.[١]
أدعية لتيسير الولادة
خُلِق الإنسان ضعيفًا محتاجًا لقوى إلهيَّة تقف معه في أطوار حياته كلّها، فمن ساعات الفرح إلى ساعات الحزن مرورًا بالآلام والمشقات، يقف الإنسان داعيًا ربه مستغيثًا به في كلِّ حين، وقد اختُصَّت بعض المواقف بأدعية مأثورة مخصوصة فكان السؤال هل هناك أدعية لتيسير الولادة؛ ليأتي للمسلم الجواب على أنَّ الولادة لم يختصّ بها شيء من آيات الذكر الحكيم أو الأدعية المأثورة، لكنَّ الله -تعالى- أذن بالاستشفاء بالقرآن الكريم عن طريقة تلاوة آياته سواء كان الإنسان يُعاني من الأمراض الجسدية أو النفسية، فهو شفاء لما في الصُّدور، حيث قال -تعالى- في كتابه العزيز في سورة الإسراء: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا}،[٢] وقد أجاب عن ذلك ابن العثيمين -رحمه الله في فتواه- أنَّه من الممكن أن تقرأ الحامل على ماء بعضًا من آيات كتاب الله، مثل: {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ}،[٣] والآيات الأولى من سورة الزلزلة وهي: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا* وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا}.[٤]
وللحامل أن ترتقي بالقرآن ما شاءت من آيات كتاب الله تعالى؛ فهو النور المبين الذي يستشفي به العالمين، وما اختصاص الآيات السَّابقة إلّا لمعانيها التي تحملها من التيسير، وهذا ما يحتاج إلى إيمانٍ من القارئ بالمقروء وقوته وعظمته، وأثره في الشفاء العاجل بإذن الله، ومن الممكن كتابة بعض آيات الله وشربها بالزعفران أو غيره، وعلى ذلك فيكون المانع من الاستشفاء بالقرآن مرتكبًا لذنبٍ مخالفًا لنصٍّ من القرآن الكريم، فقد قال -تعالى- في سورة فصلت: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ}،[٥] وفي ذلك تفصيلٌ لأدعية تيسير الولادة، والله في ذلك هو أعلى وأعلم.[٦]
أحكام في النفاس
بعد أن تلد الأنثى خصَّها الله بالعديد من الأحكام التي لا بدَّ وأن تلتزم بها امتثالًا لأوامر الله تعالى، فعلى المرأة أن تُراقب الدَّم بعد الولادة فلا تُصلي ولا تصوم مدَّة نزول الدَّم، حتى إذا رأت أنَّها طهرت وانقطع دمها لها أن تغتسل وتعود إلى العبادات من الصوم والصلاة وغيرها التي تحرم في أوقات الدم، ولم يتفق العلماء على أقلِّ مدةٍ للطهر إذ لا يوجد قاعدة لذلك فكلّ امرأة وشأنها من ذلك، وعلى ذلك فإنَّ أكثر مدةٍ للنفاس هي أربعون يومًا لا تزيد، وأمَّا لو زاد الدم فوق الأربعين فحكمه حكم الاستحاضة، أمَّا لو طهرت ومن ثم تابعت صلاتها وصومها ومن ثم رأت الدم بعد مدة مثل أن تراه بعد عشرة أيام فهنا تجلس عن العبادات حتى تظهر وتكون صلاتها مقبولة فيما سبق من الأيام، فأما لو رأت قطرات قليلة من الدَّم مع استمرار الطهارة فإنَّ ذلك لا يكون نفاسًا ويستمر طهرها، أما لو كانت تلك القطرات مثل الدم المعتاد عادة في نفاسها فتجلس عن عباداتها حتى تلمس طهرها، وعلى ذلك فإنَّ الأيام التي ترى فيها دمًا تكون أيام النفاس غير طاهرة فيها، أما الأخرى التي تلمس فيها طهرها فتكون طاهرة، والله في ذلك هو أعلى وأعلم.[٧]
المراجع
- ↑ "أطوار الجنين وبدء نبض القلب ونفخ الروح "، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-02-2020. بتصرّف.
- ↑ سورة الإسراء، آية: 82.
- ↑ سورة الرعد، آية: 8.
- ↑ سورة الزلزلة، آية: 1-2.
- ↑ سورة فصلت، آية: 44.
- ↑ "آيات نفع الله بها وقت الولادة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-02-2020. بتصرّف.
- ↑ "أحكام النفساء "، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 23-02-2020. بتصرّف.