محتويات
الدعوة إلى الله بالحكمة
تُعرّف الحكمة في اللّغة بأنّها المنع، لأنّها تمنع صاحبها من الأمور المذمومة، ومثال ذلك: المنع من الظلم أو الكذب وهلمّ جراً، وأمّا في المعنى الاصطلاحي، فهي: الدعوة إلى الله -تعالى- بالأدلّة البيّنة والبصيرة المقنعة التي تكشف عن الحق وتوضحه توضيحاً جليلاً.[١][٢]
وللحكمة أهميّة بالغة كما ورد في القرآن الكريم في قوله -تعالى-: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ).[١][٢]
ومن الجدير بالذّكر أنّ الحكمة من أنواع الحجّج القاطعة، كما أنّها مفيدةٌ للعقائد اليقينيّة، وهي من أعلى المقامات وأشرف الدرجات، حيث يكون فيها اقتناعاً كاملاً، وحكماً ظاهراً غير قابل للشكّ.[٣]
الدعوة بالموعظة الحسنة
إنّ الدعوة بالموعظة الحسنة نوعٌ من أنواع التأثير الخطابي الذي يتمتّع بالأساليب المبنيّة على الخصائص التي تُحرّك العواطف وتمتص انفعالات المدعوّ، وتكمُن أهميّة ذلك في التوجيه نحو الطريق الصحيح والعمل الخيّر.[٤]
ومن الأمثلة على ذلك؛ موعظة لقمان لابنه عندما نهاه عن شرك الله -سبحانه- وذلك واضحٌ في قوله -تعالى-: (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ).[٥][٤]
المجادلة بالتي هي أحسن
تعتمد المجادلة على المخاطبة بالإقناع والحجّة الصحيحة، وأهميّة ذلك؛ لعدم تأثّر عاطفة الشخص المقابل، حيث يقول الله -تعالى-: (وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)،[٦][٧] ومثال ذلك دعوة الرّسول -عليه السّلام- في مكة المكرمة عندما دعا أهلها إلى الإسلام، حيث كان يعتمد على المفاوضات القريبة إلى الرشد والبعيدة عن العنت.[٨]
الترغيب والترهيب
يعتمد هذا الأسلوب على تشويق المدعوّ للثبات على الحقّ وقبوله بسهولةٍ ويُسرٍ؛ لنيل رحمة الله -تعالى- ورضاه، وهذا ما يُسمّى بالترغيب، وأمّا الترهيب هو تحذير المدعوّ من غضب الله -تعالى- وعقابه في الدّنيا والآخرة، ويكون هذا الأسلوب تابعاً للترغيب وليس قبله.[٩]
ومن الأمثلة على ذلك؛ دعوة سيدنا نوح -عليه السّلام- لقومه، حيث قال -تعالى-: (إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ* أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ).[١٠][٩]
التدرج في تعليم الناس
يعتمد هذا الأسلوب على عدم الإتيان بالدعوة دفعةً واحدةً، وتكمن أهميّة ذلك في عدم وقوع المدعوّ بشيءٍ من الملل والتراجع، ومن الأمثلة على ذلك: دعوة الرسول -عليه السّلام- حيث كان يبدأ بالدعوة إلى التوحيد ومن ثمّ بقيّة أركان الإسلام؛ كالصلّاة، والزكاة وغيرها، ودليل ذلك قوله -عليه السّلام-: (فإنْ هُمْ أطاعُوا لذلكَ، فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم خَمْسَ صَلَواتٍ).[١١][١٢]
القدوة الصالحة
تُعرّف القدوة الصّالحة بأنّها: الصّفات الحميدة والأفعال الحَسَنة التي تجعل المدعوّ مثالاً يُحتذى به، وتكمُن أهميّة القدوة الصّالحة في إظهار جمال الدّين الحنيف، ومثال ذلك؛ الرّسول -عليه السّلام- حيث يُعدّ أفضل قدوةٍ للأمة؛ لأنّ أفعاله كانت مطابقةً لأقواله.[١٣]
وهو الصّادق الأمين الذي تأثّر به المشركين العرب من اليهود والنّصارى؛ ممّا جعلهم يدخلون إلى الإسلام؛ ودليل ذلك قوله -تعالى-: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً).[١٤][١٣]
المراجع
- ^ أ ب سورة النحل، آية:125
- ^ أ ب عبير الشلهوب، كتاب دعوة العاملات المنزليات إلى الله تعالى، صفحة 98-99. بتصرّف.
- ↑ فخر الدين الرازي، مفاتيح الغيب، صفحة 287. بتصرّف.
- ^ أ ب عبدالرحمن الميداني، كتاب الحضارة الإسلامية أسسها ووسائلها وصور من تطبيقات المسلمين لها ولمحات من تأثيرها في سائر الأمم، صفحة 353. بتصرّف.
- ↑ سورة لقمان، آية:13
- ↑ سورة النحل، آية:125
- ↑ محمد الحسن الددو الشنقيطي، دروس للشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي، صفحة 15-16. بتصرّف.
- ↑ أحمد أحمد غلوش، السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي، صفحة 496. بتصرّف.
- ^ أ ب عبدالكريم زيدان، أصول الدعوة، صفحة 437. بتصرّف.
- ↑ سورة نوح، آية:1-3
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم:19، صحيح.
- ↑ أحمد حطيبة، شرح رياض الصالحين، صفحة 5-6. بتصرّف.
- ^ أ ب عبير الشلهوب، دعوة العاملات المنزليات إلى الله تعالى، صفحة 113-114. بتصرّف.
- ↑ سورة الأحزاب، آية:21