محتويات
الضغوط النفسيّة
يتعرَّض الإنسان في حياته للكثير من التجارب، والخبرات المُتنوِّعة، فيتحتَّم عليه خَوضُ بعض التجارب القاسية وغير المرغوب فيها، والتي قد تتَّسم بالتحدّي، والقسوة، والصعوبة؛ ممّا يعني زعزعة التوازُن، والاستقرار النفسيّ، والجسميّ للفرد؛ وبالتالي التسبُّب له بالكثير من الاضطّرابات النفسيّة؛ نتيجة تعرُّضه للضغوط بشكل مُستمِرٍّ، أو مُبالَغٍ فيه؛ ممّا يُؤدّي إلى إمكانيّة وقوع الفرد تحت تأثير الإنهاك، والإرهاق، والإجهاد، والحالات الانفعاليّة المُبالَغ فيها؛ لذا فإنَّ تعلُّم أساليب، وطُرق، واستراتيجيّات مُواجَهة الضغوط النفسيّة، هي من الأمور التي لَقِيَت اهتماماً كبيراً في الوقت الحالي من قبل أخصّائيّي الصحّة النفسيّة، والمُهتمِّين بها.[١]
تعريف الضغوط النفسيّة
اختلفَت تعريفات الضغوط النفسيّة باختلاف موضوعاتها؛ حيث أجمعَت التعريفات كلُّها على مفاهيم تُساهمُ في بَلورة الأبعاد المُختلِفة للضغوط النفسيّة، ومن أهمِّ هذه التعريفات ما يأتي:
- تعريف هانز سيلي؛ حيث يعرّفه بأنّه: "استجابة غير نوعيّة يقوم بها الجسم لأيِّ مَطلب أو حَدث خارجيّ، لحدوث تكيّف مع مُتطلَّبات البيئة عن طريق استخدام أساليب جديدة لجهاز المناعة".
- تعريف مونتا لازاروس؛ حيث يقول بأنّه: "حالة تنتجُ عن عَدم حدوث توازُن بين المطالب البيئيّة، والداخليّة، والموارد التكيُّفيّة للفرد".
- تعريف علي اسماعيل علي؛ حيث يعرّفه بأنّه: "استجابة داخليّة لما يدركُه الفرد من مُؤثِّرات داخليّة، أو خارجيّة؛ تسبِّب تغييراً في توازُنه الحاليّ، وهناك نوعان من الضغوط : الضغط الإيجابيّ، ويتمثَّل في مستوى الاستجابة الداخليّة التي تُحرِّك أداء الفرد السليم لوظائفه، وهو موجود في جميع أشكال النشاط البيولوجيّ؛ إذ إنّه يُعَدُّ مفيداً في زيادة نشاط الفَرد في ما يتعلّق بأسلوب الحياة، والمُحافَظة على حياته، وزيادة سعادته، والضغط السلبيّ، ويتمثَّل في مستوى الاستجابة الداخليّة التي تجعلُ الفَرد أقلَّ قُدرة على أداء وظائفه".
طُرق التعامل مع الضغوط النفسيّة وأساليب مُواجَهتها
إنّ الاستجابة السلبيّة للضغوط النفسيّة التي قد يُبديها بعض الأفراد تُشكِّل خطراً كبيراً على توازُن الفَرد واستقراره النفسيّ؛ فعدم قُدرة الفرد على التكيُّف السليم مع مُجريات حياته الصعبة والقاسية، ستؤدّي به إلى عَجزٍ في مُمارَسة أنشطته اليوميّة الروتينيّة، وانخِفاض مستوى الدافعيّة للعمل، والإنجاز، أمّا مفهوم مُواجَهة الضغوط النفسيّة، فمن الممكن تعريفه بأنّه مجموعةٌ من الوسائل والطُّرق التي تُسهِّل عمليّة التكيُّف مع المواقف، والمُثيرات الخارجيّة البيئيّة، كما أنّها عبارةٌ عن عمليّة تعلُّم بعض الأنماط السلوكية، التي يُبذَل الجُهد في سبيل اكتسابِها؛ بحيث تستهدفُ حلَّ المشكلة؛ وبالتالي إمكانيّة السيطرة عليها، وضَبطها، والتحكُّم بها، والتقليل والحدِّ من آثارها الجانبيّة السلبيّة قَدْرَ الإمكان، ومن أهمّ طُرق مُواجَهة الضغوط النفسيّة ما يأتي:[٢]
تنمية الوعي الذاتيّ
ويتمّ ذلك بتوصُّل الفرد إلى حالة من إمكانيّة سيطرته على مشاعره وانفعالاته، وضَبطِها، من خلال وَعيِه بحقوقه، وواجباته، ومن أهمّ النقاط التي تُعالج هذا الموضوع ما يأتي:
- تنمية الاهتمامات الشخصيّة خارج نطاق العمل، كالاشتراك بالأنشطة، والفعاليّات البديلة، التي تأخذُ الفَرد بعيداً عن أجواء العمل، والتي غالباً ما تتَّسم بالضغط والجدِّية، وبذلك فإنّه من المُفيد أن يجعلَ الفَرد لنفسه بيئة إيجابيّة بديلة.
- التمارين البدنيّة؛ حيث تُعتبَر التمارين الرياضيّة، والأنشطة البدنيّة من الوسائل الفعّالة؛ لمساعدة البيئة الجسميّة على التعامُل مع الضغوط المُختلِفة والتكيُّف معها.
- التقييم المعرفيّ؛ حيث إنّ من مُسبِّبات الضغوط النفسيّة عمليّة التقييم المعرفيّ الذي يقوم به الفَرد في تحليل مُجرَيات الأحداث والوقائع التي يمرُّ بها بشكل سلبيّ، وتفسيرها بطريقة غير توافُقيّة؛ وللتخلُّص من هذه الضغوط، يمكنُ للفرد أن يعيدَ برمجته لعمليّة تفسيره، وتقييمه للضغوط الخارجيّة إيجابيّاً، وتحفيزيّاً.
تصنيف كوتن لاستراتيجيّات مواجهة الضغوط
ظهرَت الكثير من الطُّرق والأساليب التي وضعها الكثير من العلماء؛ لتفسير تصنيفات وأساليب مُواجَهة الضغوط النفسيّة، ومن أهمّ هذه التصنيفات، تصنيف كوتن؛ حيث يحتوي على الاستراتيجيّات الآتية:
- الاستراتيجيّات الفسيولوجيّة التي تتركَّزُ حول المشكلة: وتُستعمَل هذه الطُّرق غالباً إذا كان مصدر الضغوط فسيولوجيّاً، كإصابة الفَرد بمرض مُزمِن؛ حيث تعملُ على إضافة بعض التعديلات على أسلوب حياة الفَرد، وطريقة تفاعُله وتكيُّفه مع مَرَضه.
- الاستراتيجيّات المعرفيّة التي تدور حول المشكلة؛ حيث تُستخدَم في تعديل طريقة إدراك الإنسان للمواقف التي تُشعِرُ الفَرد بأنّه واقعٌ تحت تأثير الضغوط، وطريقته في تحليل هذه الضغوط، والأساس الذي سبَّب المُشكلة التي أدَّت إليها، ومن أساليبها: التغلُّب على أنماط التفكير غير السليمة، وغير المنطقيّة، بالإضافة إلى توظيف الفرضيّات، واختيارها، واختبارها في عمليّة حل المُشكلات.
- الاستراتيجيّات السلوكيّة التي تتركَّز حول المشكلة: وهي بعض الطُّرق والأساليب التي تُساعدُ الفَرد في وَضعِ بعض التعديلات على طبيعة المواقف الضاغطة، كامتلاك مهارة إدارة الوقت، والانفِتاح على اكتساب المهارات والخبرات الجديدة، بالإضافة إلى السَّعي المُتواصِل؛ لتوحيد الذات.
- الاستراتيجيّات الفسيولوجيّة التي تدور حول آليّة الانفِعال؛ حيث تهدفُ إلى وصول الفَرد إلى إمكانيّة التعامُل السليم مع الأعراض الفسيولوجيّة الناجمة عن الضغوطات المُختلِفة، كالتدريب على الاسترخاء، وتعديل بعض الأساليب الحياتيّة المعيشيّة؛ لتصبح أكثر إيجابيّة وفائدة.
- استراتيجيّات سلوكيّة تدور حول الانفعال: وتهدفُ إلى تعلُّم الآليّة السليمة؛ للاستجابة لهذه الضغوط، أي تعلُّم اكتساب أنماط جديدة، كاستخدام المرح، واللعب، والدعابة؛ لتخفيف حدّة الاستجابة للمواقف الصعبة، والمُسبِّبة للضغوط النفسيّة المُختلِفة.
أضرار الضغوط النفسيّة على الصحّة الجسميّة
للضغوط النفسية الكثير من الآثار الجانبيّة، والنتائج السلبيّة، التي تعود على صاحبها بالضَّرَر البالغ على حالته الصحيّة؛ حيث إنّ الإجهاد، والضغوط المُختلِفة، تُؤثِّر على العضلات المُختلِفة في جسم الإنسان، والتي تستجيب بدورها إلى الانفِعالات، والتوتُّر، والإجهاد، بالتشنُّجات العضليّة، والشد العضليّ الذي يمكن أن يكونَ التغلب عليه صعباً، خاصّةً في منطقتي الكتفَين، والرقبة، إلا أنّ التعرُّض لفترات طويلة من الإجهاد، والضغط النفسيّ، والشدّ العضليّ، قد يُؤدّي إلى ظهور الأعراض المُزمِنة الأخرى، كالصداع النصفيّ المُزمِن، أمّا الأوعية الدمويّة، والقلب، فإنّها تَتأثَّر وبشكل بالغ على المدى الطويل بارتفاعات نبضات القلب، وارتفاع إنتاج هرمونات التوتُّر، والخلل في مُستوى ضغط الدم؛ حيث يصبحُ الفَرد المُصاب بالإجهاد لفترات طويلة أكثر عُرضة للسكتات الدماغيّة، والنوبات القلبيّة.[٣]
المراجع
- ↑ بغيجة لياس (2005-2006)، استراتيجيات التعامل مع الضغوط النفسية "الكوبين" وعلاقتها بمستوى القلق والاكتئاب لدى المعاقين حركيا، الجزائر: جامعة الجزائر، صفحة 65.
- ↑ بغيجة لياس (2004-2005)، استراتيجيات التعامل مع الضغوط النفسية "الكوبين" وعلاقتها بمستوى القلق والاكتئاب لدى المعاف=قين حرميا، الجزائر: جامعة الجزائر، صفحة 100-101.
- ↑ "Stress effects on the body"، www.apa.org، اطّلع عليه بتاريخ 20-5-2018.