أسباب تحقيق الرجاء

كتابة:
أسباب تحقيق الرجاء

مفهوم الرجاء وأنواعه

يُطلق الرجاء في اللغة على: الأمل أو ما يكون خلاف اليأس، وفي الاصطلاح الشرعي: تأمّل الخير وانتظار وقوعه في الزمن القريب، وفي الرسالة القشيرية: هو تعليق القلب بما يحبّ في أمرٍ من المستقبل، وعرّفه ابن القيم -رحمه الله- بأنه: النظر إلى سعة رحمة الله -تعالى-، وقيل هو التفاؤل، واستبشار الخير والفضل والجود من الله، ورضا القلب بما يأتي منه، وقيل هو الثقة بكرم الله، وقيل: هو انتظار ما فيه الفرح والسرور.[١]

ويُشترط في الرجاء لكي يكون صحيحًا أن يكون مقرونًا بالعمل، وهو ثلاثة أنواع؛ اثنان محمودان، والنوع الثالث مذمومٌ، على النحو الآتي:[٢]

  • رجاء من قام بفعل طاعةٍ يريد بها التقرّب من الله ونيل ثوابه، وهو من المحمود.
  • رجاء من ارتكب معصيةً ثمّ تاب منها؛ فهو يرجو من الله أن يغفر له، وهو من المحمود.
  • رجاء من يكثر من المعاصي والذنوب؛ ثمّ لا يقوم بما يغفرها من التوبة والاستغفار، لكنه مع ذلك يرجو من الله أن يغفر له، وهو من المذموم.

أسباب تحقيق الرجاء

يتحقق الرجاء بالعديد من الأسباب، وفيما يأتي بيان أبرزها.[٣]

الإيمان بالله ومعرفة أسمائه وصفاته

فإنّ تحقيق الرجاء يكون من خلال الإيمان بالله -تعالى-، ومعرفة أسمائه وصفاته، وسنّته في خلقه المطيعين والعاصين له، لقول الله -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أُولَـٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّـهِ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)،[٤]والمؤمن الحقّ لا يرجو سوى الله -عزّ وجلّ-؛ لعلمه بأسمائه وصفاته، ثمّ علمه بأثر معرفته لهذه الأسماء والصفات في حياته، فهم يرون ما لا يرى من لا علم له بهذه الأسماء والصفات وأثرها في الكون من حولهم.[٣]

الهجرة في سبيل الله

والهجرة بالجسد تتطلّب الهجرة بالقلب قبلها وإلّا فلن تكون؛ فقد كانت هجرة المؤمنين بأجسادهم من كلّ بلاد الكفر إلى المدينة المنورة؛ فرارًا بدينهم وعقيدتهم، وما دام الجهاد باقٍ، فهذه الهجرة باقية، والهجرة بالقلب تكون بهجر المسلم لما يكون من حوله من عادات الناس وتقاليدهم، واختلاف ثقافاتهم، ممّا يتعارض مع تعاليم دينه، ويرفض أن يعيش بينهم في وسط تملؤه السخافات والاعتقادات الباطلة؛ فكان بذلك مهاجرًا بقلبه من عبوديَّة غير الله، إلى عبوديّة الله وحده لا شريك له، وجعل خوفه منه، ورجاءه له، وتوكّله عليه، نصرته لدينه.[٣]

الجهاد في سبيل الله

والجهاد منه ظاهر ومنه باطن، فالجهاد الظاهر مقاتلة أعداء الله نصرةً لدين الله، وهو المكمّل للجهاد الباطن الذي هو جهاد النفس في الله -تعالى- ليعلم نفسه ما أمرها الله بالقيام به، وما نهاها عنه؛ فيلتزم شرع الله، ويصبر على مجاهدة نفسه فيه، ثمّ يصبر على مخالفة الناس له واعتراضهم عليه، ويبتعد عن مواضع الشبهات، ويجاهد في سبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأنواعه ودرجاته، ثمّ إذا سنحت له فرصةٌ للجهاد بماله ونفسه وكلّ ما يملك في سبيل الله؛ لن يتردّد في الإقبال على ذلك صادقًا مخلصًا، لأنّه قام بالأصل وهو مجاهدة النفس.[٣]

المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين ، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم (الطبعة 4)، جدة :دار الوسيلة ، صفحة 2022، جزء 5. بتصرّف.
  2. حسن الفيومي (2018)، فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب (الطبعة 1)، الرياض :مكتبة دار السلام، صفحة 303، جزء 13. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ث ياسر برهامي ، دروس للشيخ ياسر برهامي، صفحة 3-6، جزء 22. بتصرّف.
  4. سورة البقرة، آية:218
4712 مشاهدة
للأعلى للسفل
×