أسباب ضعف التوكل على الله
إنّ التوكّل على الله من الأسس التي ينبغي أن تكون في قلب المسلم، فهو لبّ العبوديّة، وبهِ يرتقي الإنسان إلى أعلى المراتب، وقد ذكر ابن القيم تعريفًا لهُ، فقال: "هو اعتماد القلب على الله وحده، فلا يضره مباشرةُ الأسباب مع خلوِّ القلب من الاعتماد عليها والركون إليها، كما لا ينفعه قوله توكَّلتُ على الله مع الاعتماد على غيره وركونه إليه وثقته به".[١]
وللتوكّل على الله، أسبابٌ تجعله ضعيفًا في قلوب الناس، وتجعل الناس يزهدون في التوجّه إلى الله قبل كلّ شيءٍ، ومن هذهِ الأسباب:[٢]
- تعلّق قلوب الناس بالأسباب المادّية؛ فهم يفعلون الأسباب التي تعتمد عليها مصالحهم الدنيوية، ويصرفون قلوبهم عن الله -تعالى-، فيورث في القلب بُعدًا عن الله، وعدم الإيمان به.
- ظنّ الناس أنّ الأسباب هي التي تؤثّر بنفسها، وأنّ الله لا يجعلها مؤثِّرةً، وهذا شركٌ في الربوبية.
- عدم الأخذ بالأسباب مع وجود التوكل على الله، وهذا لا يصحّ، فأمر الله -تعالى- عبادهُ بأن يتوكّلوا عليه، ويأخذوا بالأسباب سويَّةً، وترك الأسباب لا يجعل أحدهم متوكِّلًا بل هو ضعفٌ في التوكّل.
ثمرات التوكّل على الله
إنّ التوكّل على الله -تعالى- لهُ فوائد عظيمةٌ، يلتمسها المسلم في حياته وظروفه وأحواله، ومنها:[٣]
- يجعل المسلم حصينًا من الشيطان، فيدفع عنهُ أذاه، وذلك بقول الله -تعالى-: (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ).[٤]
- يُبعد اليأس والتشاؤم والشكوك التي تنغّص حياة الإنسان، حيث يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (الطيرة شرك الطيرة شرك، الطيرة شرك، وما منا إلا، ولكن الله يذهبه بالتوكل).[٥]
- استشعار المتوكل على الله -تعالى- بالأمان والطمأنينة والسكينة والوقار، فيبعد عنه أذى الناس وعدوانهم وظلمهم، والأخطار التي تحيط به.
- يُدرك المتوكّل على الله عظمة الله -تعالى-، وقدرته على تيسير وتهيئة الظروف والأحوال، وفك الكربات وتفريج الهم، ونيل الرضا والسعادة.
- التوكل على الله -تعالى- يجلب الرزق للعبد، ويجعلهُ مباركًا من الله -تعالى-، قال الرسول -صلى الله عليه وسلّم-: (لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرُزِقْتُمْ كَمَا يُرْزَقُ الطَّيْرُ، تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا).[٦][٧]
- من أهم ثمرات التوكّل على الله أنّه سببٌ لدخول الجنّة، حيث قال الرسول -صلى الله عليه وسلّم-: (يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفًا بغير حساب، هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون).[٨]
الفرق بين التوكّل والتواكل
إنّ التوكّل على الله -تعالى- هو أمرٌ محمودٌ ومطلوبٌ من المسلم، والتواكل على الله أمرٌ مذمومٌ، فالتوكّل على الله هو الاعتماد على الله -تعالى- مع الأخذ بالأسباب، بينما التواكل هو الاعتماد على الغير من المخلوقات، وهو دليلُ عجزٍ وضعفٍ؛ فحريٌّ بالمسلم أن يعتمد على الله ومن ثمّ على نفسهِ، فلا يكون عالةً على الناس.[٩]
المراجع
- ↑ "التوكل على الله"، إسلام ويب. بتصرّف.
- ↑ أبو يعلى ابن الفراء، كتاب التوكل، صفحة 37. بتصرّف.
- ↑ "التوكل على الله"، الالوكة. بتصرّف.
- ↑ سورة النحل، آية:99
- ↑ رواه الألباني، في صحيح بن داود، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:3910.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم:2344.
- ↑ "التوكل على الله"، صيد الفوائد. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن تيمية، في مجموع الفتاوى، عن اا، الصفحة أو الرقم:1/328.
- ↑ "التواكل معناه وحكمه"، إسلام ويب.