أسباب معركة اليرموك

كتابة:
أسباب معركة اليرموك


أسباب معركة اليرموك

تُعدُّ معركة اليرموك من الأحداث الإسلاميّة المُهمّة، وكان وراء وقوعها عدة أسباب تتلخص فيما يأتي:[١]

  • اتساع الخرق في الإمبرطوريّة البيزنطيّة؛ وذلك بعدما سقطت عدة مدن من بين أيديهم، منها مدينة حمص.
  • رغبة الإدارة البيزنطية باستعادة الهيمنة على الدّول العربية والإسلاميّة، وتحقيق انتصارات على المسلمين لاستعادة الهيبة لدولتِهم.
  • تخطيط هرقل للقضاء على جميع القادة المسلمين، وكان قد حشد جيشاً كبيرًا يتكون من البيزنطينين، ومن العرب الذين ينتمون للديانة النصراوية، وعمِل على الترويج لهذا الحشد؛ مما جعله صليبيَّ الهويّة.
  • انسحاب المسلمين من أمام الجيش البيزنطي بعدما توّجه الجيش البيزنطي من أنطاكية نحو حمص، مما جعلهم يتّبعون المسلمين ويحاولون تطويقهم وقطع التواصل بينهم وبين باقي الجيوش الإسلاميّة.
  • وصول خبر الحشود التي حشدها البيزنطينين لأبي عبيدة عامر بن الجراح، الذي عقد اجتماعاً مُستعجلاً لبقيّة القادة ليقرروا بعد ذلك مغادرة المسلمين من حمص إلى دمشق حيث يتواجد القائد خالد بن الوليد -رضي الله عنه-، ولكونها أقرب نقطة إلى الحدود في جزيرة العرب.



الاستعانة بجيش خالد بن الوليد في معركة اليرموك

بعدما كلّف خليفة المسلمين أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- القادة بفتح بلاد الشام انطلق قادة المعركة الأربعة بجيوشهم نحو بلاد الشام؛ وهم أبو عبيدة بن الجراح، وعمرو بن العاص، وشرحبيل بن حسنة، ويزيد بن أبي سفيان، ولما وصلوا إلى جنوب الشام ورأوا جموع الروم وأعدادهم الضخمة؛ أرسلوا إلى أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- ليبلغوه بأعداد الروم واستعدادهم.[٢]


وبلغ عددهم ما يُقارب مئتان وخمسون ألف مقاتلٍ من الروم يقودهم أخ هرقل واسمه تذراق، ومن العرب ستون ألفَ مُقاتل يقودهم جبلة بن الأيهم الغساني، فلما وصل الخبر إلى أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- وعلِم بطلبِهم للمدد، اختار لهم من ينقذ هذا الموقف وقال حينها: "والله لأُنسين الروم وساوس الشيطان بخالد بن الوليد"، ثمّ أرسل إليه مكتوبًا يُبلغه الأمر.[٢]

وقد قال فيه: "أما بعد فإذا جاءك كتابي هذا، فدع العراق، وخلف فيه أهله الذين قدمت عليهم وهم فيه وامضِ متخففاً فى أهل القوة من أصحابك الذين قدموا العراق معك من اليمامة، وصحبوك من الطريق، وقدموا عليك من الحجاز، حتى تأتي الشام، فتلقى أبا عبيدة بن الجراح ومن معه من المسلمين، فإذا التقيتم فأنت أمير الجماعة والسلام عليك".[٢]


وما كان من خالد بن الوليد إلّا طاعة أمر خليفة المسلمين أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-، حيث انطلق من العراق ومعه سبعة الآف مقاتلٍ، قاطعاً أكثر من ألف كيلو متر خلال ثمانية عشر يوماً، في ظلِّ ظروفٍ جويّة وجُغرافية صعبة، فكان المسير في طريقٍ صحراء قاحلة، ودرجات حرارة مرتفعة، وكانت مسيرة خالد بن الوليد هذه أعظم مسيرة عرفها التاريخ، واستمر حتى وصل إلى منطقة اليرموك وأخذ القيادة من أبي عبيدة بن الجراح.[٢]


أهم أحداث معركة اليرموك

كان خالد بن الوليد -رضي الله عنه- قائداً باسلاً للجيش الإسلامي، وخاض معركةً حاسمةً ضدّ الروم، وقد ذُّكر أنّ رجلاً من المسلمين قال لخالد بن الوليد -رضي الله عنه-: "ما أكثر الروم وأقلّ المسلمين"، فردّ عليه خالد بن الوليد بقوله: "ما أقلّ الروم وأكثر المسلمين إنما تكثر الجنود بالنّصر، وتقلُّ بالخذلان".[٣]


وأبرز أحداث معركة اليرموك كانت بدايةً بالخطّة المُحكمة التي وضعها القائد المحنّك خالد بن الوليد -رضي الله عنه-، والتي تقتضي ثبات المسلمين أمام ما يتعرضون له من هجماتٍ بيزنطيه، حتى تضعف قوة الجيش البيزنطي وتختل صفوفه، ولم يغفل عن وضع احتمال لعدم صمود المسلمين أمام الهجمات، وبأيِّ حال يكون قد وصل إلى مراده وهو إضعاف الروم ليتمكن من الهجوم عليهم.[٤]


واستمرت المعارك بين المسلمين والروم لمدة خمس أيامٍ من غير توّقف، وكان خلال هذه الأيام النصر حليفاً للمسلمين، حتى قرّر المسلمون في اليوم الخامس إنهاء هذه المعركة في يوم الواقوصة الذي صادف يوماً شديد الحرارة وترافقه عواصف رملية أدت إلى انتشار الغبار في وجوه الجنود الرومانين؛ حيث كانت الريح تحمل الغبار باتجاه وجوههم.[٤]


وذلك أدى إلى تشتتهم وضعف تركيزهم، سيما وأنّهم كانوا يتجنّبون القتال في الأوقات التي ترتفع بها الحرارة، وهو ما مكّن خالد بن الوليد من استغلال هذه الظروف بالقيام بهجمةٍ شرسةٍ ضدهم في ظل هذه الظروف، التي كانت صعبةً على البيزنطينين، حتى بدأ يظهر عليهم التعب والإرهاق، وظهرت في وجوههم ملامح الخذلان.[٤]


نتائج معركة اليرموك

كانت معركة اليرموك من المعارك الحاسمة والفيصليّة في تاريخ المسلمين، وقد أسفرت معركة اليرموك عن العديد من النتائج، ومن بينها ما يأتي:

  • انتصار المسلمين

على الرّوم انتصاراً ساحقاً سُطِّر في التاريخ الإسلامي إلى اليوم الحاضر، خاصةً وأن الجيش البيزنطي كان من أقوى جيوش المنطقة آنذاك.[٥]


  • فرار الروم من المعركة

وخروجهم بالخسارة والخذلان المبين، بعد المعارك الساحقة التي خاضوها ضدّ جيش المسلمين، مع أنّهم كانوا قد استعدوا للمعركة وكانوا يمتلكون العُدّة والعتاد، وقام المسلمون بأسر العديد من جيش البيزنطينين، ونيل العديد من الغنائم بعد نصرهم عليهم.[٥]


  • تقرير مصير بلاد الشام

وما ستؤول إليه مستقبلاً، إذ تُعدّ معركة اليرموك بدايةً للانتصارات المتتابعة التي شهدتها بلاد الشام بعد هذه المعركة.[٦]


  • إيقاف أطماع هرقل

وهو إمبراطور الروم في البلاد العربية، حيث أنهى المسلمون جيوشه التي جمع مبالغ طائلة لتجهيزها، حتى أنّه كان قد تديّن أموال الكنيسة لتجهيز جيشه ليكون قادراً على مواجهة الجيش الإسلامي.[٦]


  • تحطيم أسطورة الجيش البيزنطي

والعمل على تشتيته وضياعه؛ حيث أدت معركة اليرموك إلى تحطيم قدراته العسكريّة، وانتكاسه بعدما كان قد جُّهز بأدق التجهيزات، وضمّ العديد من الجند، فكانت معركة اليرموك تُشكل منعطفاً تاريخياً في سيرة الجيش الروماني.[٦]

المراجع

  1. محمد سهيل طقوش، تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحات والإنجازات السياسية، صفحة 249. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث مجموعة من المؤلفين، موسوعة سفير للتاريخ الإسلامي، صفحة 76. بتصرّف.
  3. مجموعة من المؤلفين، مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 465. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت محمد سهيل طقوش، تاريخ الخلفاء الرّاشدين الفتوحات والإنجازات السياسية، صفحة 257. بتصرّف.
  5. ^ أ ب أحمد معمور العسيري، موجز التاريخ الإسلامي من عهد آدم إلى عصرنا الحاضر، صفحة 111. بتصرّف.
  6. ^ أ ب ت محمد سهيل طقوش، تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحات والإنجازات السياسيّة، صفحة 259. بتصرّف.
4715 مشاهدة
للأعلى للسفل
×