أسباب نزع البركة من المال

أسباب نزع البركة من المال

إنّ لنزع البركة من المال وذهابها أسباباً كثيرة، ومن أهمّها ما يأتي:

الرّبا

قال الله تعالى: (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ)،^[١] والمحق يكون بإذهاب بركة هذا المال الذي حصل بسبب الربا،^[٢] وممّا يزيد الأمر سوءًا جهل العديد من الناس بأحكام الربا والبيوع وغيرها من المعاملات الماليّة، فيقعون في المحظور من حيث لا يشعرون.

كثرة الحلف على السّلعة عند البيع

حذّر من هذا الفعل نبيّنا الكريم صلّى الله عليه وسلّم، وبيّن أنّه من الأشياء التي تنزع البركة، قال صلّى الله عليه وسلّم: (الحَلِفُ مُنَفِّقَةٌ لِلسِّلْعَةِ، مُمْحِقَةٌ لِلْبَرَكَةِ)،^[٣] ويزداد محق البركة -وإن كان المال يزداد في ظاهره- إذا كان هذا الحلف على السلعة كاذبًا.^[٤]

كتمان عيب أو عيوب السّلعة عند البيع

بيّن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنّ هذا الفعل من الأسباب التي تنزع البركة من المال، فقال صلّى الله عليه وسلّم: (البَيِّعانِ بالخِيارِ ما لَمْ يَتَفَرَّقا -أوْ قالَ: حتَّى يَتَفَرَّقا- فإنْ صَدَقا وبَيَّنا بُورِكَ لهما في بَيْعِهِما، وإنْ كَتَما وكَذَبا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِما)،^[٥] فأن يبارك الله للبائع في ثمن سلعته التي سينقص ثمنها عندما يبيّن عيبها، فنقص ثمنها خير له من مالٍ كثيرٍ لا بركة فيه يجمعه بكتمان عيوب سلعته.

عدم شكر النعم وكفرانها

يتجلّى ذلك بعدم حمد الله على نعمه، أو إنكار فضل الله على الناس بتفضّله عليهم بنعمه التي لا تعدّ ولا تحصى، قال الله تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)،^[٦] والعذاب الشديد يعني سلب النعم من جاحدها -والعياذ بالله-.^[٧]

الذنوب

هي عمومًا سببٌ في أغلب ما يصيب الناس من بلاء، ومن البلاء أن ينزع الله عزّ وجلّ من المال بركته، فلا ترجع البركة إلّا برجوع العبد إلى ربّه بالتوبة، قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "ما نزل بلاءً إلا بذنب، ولا رُفِعَ بلاءً إلا بتوبة".^[٨]

منع الزكاة

يكون ذلك بعدم إخراجها إلى مستحقّيها، فمنعُها سببٌ في ذهاب بركة المال، بل يتعدّى بركةَ المال إلى بركاتٍ أخرى؛ كانحباس المطر الذي يرسله الله تعالى ليخرج به من بركات الأرض ما يشاء، قال الله تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ)،^[٩] وفي الحديث الصحيح الطويل قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (ولم يَمْنَعُوا زكاةَ أموالِهم إلا مُنِعُوا القَطْرَ من السماءِ).^[١٠]

البخل والإسراف وعدم التوسّط بينهما

قال الله تعالى: (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً)،^[١١] فالبخيل يحبس بركة ماله، فلا هو ينتفع ببركته ولا ينفع غيره بها، والمسرف يُضيّع بركة ماله سريعا،^[١٢]فالتوسّط في الإنفاق يديم البركة بدوام المال، فلا يحبسه ولا يذهبه سريعا.

المراجع

1. ↑ سورة البقرة، آية:276
2. ↑ شمس الدين القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، صفحة 362. بتصرّف.
3. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2087، صحيح.
4. ↑ ابن حجر العسقلاني، فتح الباري، صفحة 316. بتصرّف.
5. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن حكيم بن حزام، الصفحة أو الرقم:2079، صحيح.
6. ↑ سورة إبراهيم، آية:7
7. ↑ إسماعيل بن كثير، تفسير ابن كثير، صفحة 479. بتصرّف.
8. ↑ ابن القيّم الجوزيّة، الداء والدولء، صفحة 179. بتصرّف.
9. ↑ سورة الأعراف، آية:96
10. ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:7978، صحيح.
11. ↑ سورة الإسراء، آية:29
12. ↑ شمس الدين القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، صفحة 250. بتصرّف.