محتويات
أسرار تسمية سورة الصافات
سُمّيت سورة الصافات بهذا الاسم؛ لأن الله -تعالى- أقسم في بدايتها بالصافات، في قوله: (وَالصَّافَّاتِ صَفًّا)،[١] وكلمة الصافات هُنا تعني الملائكة،[٢] ووصف الله -تعالى- الملائكة بالصافات؛ لأنهم يكونون مُتراصين صُفوفاً بجانب بعضهم البعض في طاعتهم لربهم، وقيل: لأنهم يصفون أجنحتهم في السماء لتنفيذ أوامر الله، وممن ذهب إلى هذا القول ابن عباس، وابن مسعود، وعكرمة، وغيرهم، وذهب بعض المُفسرين إلى أن المقصود بالصافات هي الطيور التي تصف أجنحتها في الهواء، ويرى آخرون: إنهم جماعات المُسلمين التي تصف في المساجد للصلاة.[٣]
ووجه التسمية بالصافات؛ لأن اللفظ وقع فيها بالمعنى الذي أُريد به الملائكة، مع أن اللفظ قد ورد في غيرها من السور مثل سورة الملك، ولكن كان المقصود بها في سورة الملك الطيور وصفتها،[٤] فأقسم الله -تعالى- في بداية السورة بالملائكة التي تصف عند عبادتها صُفوفاً، أو لأنها تصف أجنحتها في الهواء، لتنفيذ أوامر الله،[٥][٦] وأطلق بعض العُلماء عليها اسم الذبيح؛لأن قصة الذبيح لم ترد إلا فيها،[٧] وقسم الله -تعالى- في بدايتها بمخلوقٍ عظيمٍ من مخلوقاته وهو الملائكة؛ فيه دلالةٌ على عِظم القرُآن واستثارته للسماع، ودلالة على عظم الملائكة، وعظيم صفاتها في طاعتها لله.[٨]
أسرار ترتيب سورة الصافات
تأتي سورة الصافات في ترتيب المُصحف بعد سورة يس؛ والسر في هذا الترتيب أن كِلا السورتين تتحدثان في أحوال الأُمم السابقة، والسببُ في هلاكهم،[٩] وأمّا ترتيبها بحسب ترتيب المُصحف فهي السورة السابعةُ والثلاثون، وهي من السور المكيّة، وعددُ آياتها مئة وإحدى وثمانون آية على العد البصري وعد أبي جعفر، ومئة واثنان وثمانون آية على عد باقي القراء، والسر في هذا الاختلاف يعود إلى اختلافهم في مكان الوقف، وما كان منها رأسُ آية، وما لم يكُن.[١٠]
أسرار سورة الصافات في تاريخ نزولها
نزلت سورة الصافات قُبيل الهجرة، وكان نُزولها بعد سورة الأنعام التي نزلت بعد سورة الإسراء، وكان الغرض من نُزولها؛ إبطال الشرك بعبادة الملائكة، وزعمهم أنهم بناتٌ لله -تعالى-، وأنهم يتخذون من الشياطين قُرناء لهم، وزعمهم أن بينهم وبين الله نسباً، ويصعدون إلى السماء ويطلعون على أسرارها، فابتدأت السورة بإثبات الوحدانية لله،[٦][١١] واتفق المُفسرون على أنها من السور المكيّة، وهي السورة السادسة والخمسون من حيث عددُ النُزول، وكان نُزولها قبل سورة لُقمان، وكان نُزولها في السنة الرابعة أو الخامسة من البعثة.[٧]
أسرار سورة الصافات في موضوعاتها وأغراضها
تناولت سورة الصافات العديد من الموضوعات والأغراض، ومنها ما يأتي:[١٢][١٣]
- إثبات الوحدانية لله، والإخبار عن صفّ الملائكة والمصلّين للعبادة، ورجم الشياطين، وإذلال الظالمين، وعزة الطائعين، كما تناولت الحديث عن قصة إبراهيم وولده إسماعيل -عليهما السلام-، وهلاك قوم لوط، وحبس يونس في بطن الحوت، وبيان فساد عقيدة المشركين في إثبات النسبة، ودرجات الملائكة في مقام العبادة، وما أعطاه الله لأنبيائه من النصر والتأييد.[٥]
- دلائل وحدانية الله وقدرته على البعث، ومن ذلك؛ الكون وعجائبه، وما خلق الله فيه من خلقٍ عظيم كالملائكة، والسماوات، والكواكب، وكذلك مسؤولية الإنسان في الآخرة عن أعماله، وأن الحساب سيكون صعباً على من أشرك بالله، وترك الواجبات التي جاء بها الأنبياء والرُسل، كما أثبتت العدل الإلهي المُطلق، حيثُ أنه سيكون بناءً على الإيمان والعمل الصالح.[١٤]
- ابتدائها بوصف الملائكة، وبعض مشاهد يوم القيامة، ثُمّ ذكرها لبعض قصص الأنبياء؛ كنوح، وإبراهيم، وهارون، وغيرهم، ثُمّ تناولت تكذيب من يدعي نسبة الجن والملائكة إلى الله، وأن الملائكة من خلق الله المُلتزمين بطاعته.[١٥]
- ترسيخ العقيدة الصحيحة، ونفي الشرك عن الله، وأنّ الله هو الإله المُستحق للعبادة وحده، كما وصفت حال المُشركين يوم القيامة من الندم على عدم عبادتهم لله وطاعته.[١٦]
المراجع
- ↑ سورة الصافات، آية:1
- ↑ أحمد حطيبة، تفسير الشيخ أحمد حطيبة، صفحة 3، جزء 254. بتصرّف.
- ↑ محمد الأمين الشنقيطي (1995)، أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، بيروت:دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع، صفحة 301-302، جزء 6. بتصرّف.
- ↑ محمد الطاهر بن عاشور (1984)، التحرير والتنوير تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد، تونس:الدار التونسية للنشر ، صفحة 81، جزء 23. بتصرّف.
- ^ أ ب جعفر شرف الدين (1420)، الموسوعة القرآنية خصائص السور (الطبعة 1)، بيروت:دار التقريب بين المذاهب الإسلامية، صفحة 201، جزء 7. بتصرّف.
- ^ أ ب جعفر شرف الدين (1420)، الموسوعة القرآنية خصائص السور (الطبعة 1)، بيروت:دار التقريب بين المذاهب الإسلامية ، صفحة 205، جزء 7. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد طنطاوي (1997)، التفسير الوسيط للقرآن الكريم (الطبعة 1)، القاهرة:دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 63، جزء 12. بتصرّف.
- ↑ أحمد حطيبة، تفسير الشيخ أحمد حطيبة، صفحة 1، جزء 254. بتصرّف.
- ↑ جعفر شرف الدين (1420)، الموسوعة القرآنية خصائص السور (الطبعة 1)، بيروت:دار التقريب بين المذاهب الإسلامية، صفحة 209، جزء 7. بتصرّف.
- ↑ أحمد حطيبة، تفسير الشيخ أحمد حطيبة، صفحة 2، جزء 254. بتصرّف.
- ↑ محمود الزمخشري (1407)، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (الطبعة 3)، بيروت:دار الكتاب العربي، صفحة 33، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ محمد الطاهر بن عاشور (1984)، التحرير والتنوير تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد، تونس:الدار التونسية للنشر، صفحة 81-82، جزء 23. بتصرّف.
- ↑ محمد سيد طنطاوي (1997)، التفسير الوسيط للقرآن الكريم (الطبعة 1)، القاهرة:دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 64، جزء 12. بتصرّف.
- ↑ وهبة الزحيلي (1422)، التفسير الوسيط للزحيلي (الطبعة 1)، دمشق:دار الفكر، صفحة 2164-2170، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ جعفر شرف الدين (1420)، الموسوعة القرآنية خصائص السور (الطبعة 1)، بيروت:دار التقريب بين المذاهب الإسلامية، صفحة 202-203، جزء 7. بتصرّف.
- ↑ أحمد حطيبة، تفسير الشيخ أحمد حطيبة، صفحة 4، جزء 254. بتصرّف.