محتويات
التواصل
يبدأ فن التواصل مع الآخرين من اللحظة التي تلتقي بها عيون الأشخاص، أو بتواجدهم في مكان واحد، وإن التواصل يمر بالعديد من الخطوات، فعندما يفكر الإنسان بالتواصل مع الآخرين، فإنه يملك في داخله اتجاهًا نحو ذلك التواصل، إما إيجابي وإما سلبي، وبالتأكيد لن يخلو التواصل من المحادثة والحوار، فلا بد أنّ لكل شخص شيئًا يقوله للآخرين، وأيضًا لغة الجسد من الأمور المهمة في عملية التواصل، وقد تكون في بعض الأحيان عملية الحوار قائمة عليها، ولهذا لا بُدّ من تعلّم أسلوب الحوار وآدابه للقيام بعملية تواصل إيجابية.[١]
تعريف الحوار
قبل البَدء في الكلام عن أسلوب الحوار وآدابه لا بُدّ من تعريف الحوار، وإن أصل كلمة الحوارهو حَوْر بفتح الحاء وسكون الواو وهو الرجوع عن الشيء وإلى الشيء، ويراد بالحوار في مصطلح الناس المناقشة بين طرفين أو مجموعة من الأطراف، ويقصد بها تصحيح الكلام، وإظهار الحجة، وإثبات الحق، ودفع الشبهة، ورد الفاسد من القول والرأي، ومن وسائل الحوار الطرق المنطقية والقياسات الجدليّة من المقدّمات والمسلّمات، وتتعدد الغاية من الحوار إما لإقامة الحجة أو إيجاد حل وسط يرضي الطرفين أو التعرف على وجهات النظر لدى الأطراف الأخرى أو البحث والتنقيب.[٢]
الفرق بين الحوار والجدال
لقد تمّ تعريف الحوار بأنه مراجعة الكلام وتداوله بين طرفين، فهو إذًا نوع من الحديث بين شخصين أو مجموعتين، يتم فيه تداول الكلام بينهما بطريقة متكافئة؛ أي لا يستأثر أحدهما دون الآخر، ويغلب على الحوار الهدوء والبعد عن التعصّب وهو نوع من الأدب الرفيع، أما المجادلة فهي من الجدل وهو الشدّة والمعنى اللغوي شدّ الحبل، أي شدّه شدًّا محكمًا، وبهذا فإنّ الجدال أقرب إلى الخصام، وهو المنازعة لا لإظهار الحقّ بل لإلزام الخصم برأيِه وفَرضه عليه، والجدال لا يؤدي إلى الخصام والمنازعة وهو مذموم من الناس، فالشخص الذي يحب الجدال لا يفضّل الناس التعامل معه، ويجدونه صعب الحوار والإقناع ولا يُرجى من التحدث معه شيء، وهو عكس الحوار، فأسلوب الحوار وآدابه لا يجب أن يكون فيه أي نوع من أنواع التعصب والمنازعة والجدال، ولا يلتقي الجدال مع مفهوم الإقناع، فللإقناع آداب أيضًا.[٣]
أركان الحوار
للحوار ثلاثة أركان رئيسة هي المُحاوِر والمُحاوِر الآخَر وموضوع الحوار، ولا يمكن إتمامُ الحوار دونَ أحد تلك الأركان، فإن أسلوب الحوار وآدابه يعتمد على وجود الأركان الرئيسة، ويمكن شرح تلك الأركان الرئيسة كالآتي:[٤]
المحاور
حيث في موضوع أسلوب الحوار وآدابه في الأصل لا بدّ من أن يكون المحاور منضبطًا بمنهج سليم، وعلى هذا فإن هناك شروط يجب أن تتوفّر في المحاور، ويجب أن يتحلّى بها قبل البدء بالحوار، وتلك الشروط الأساسية كالآتي:[٤]
- الإخلاص: ويعني بالإخلاص أن يكون الحوار في السبيل الله، مجرّدًا من الأهواء والشهوات النفسية أو النظر إلى الأغراض الشخصية، بعيدًا عن حب الرياء والسمعة وحب الظهور ونحوها من التكبر والغرور، وبذلك ينجح الحوار.
- العلم: لا بُدّ أن يمتلك المحاور العلم أي أن يكون المحاول على علم وبصيرة، إذ إنّ الجاهل يُفسد أكثر ممّا يصلح، فيجب أن يكون المحاور على علم في قضية الحوار، لمساعدته في إظهار الحق ومعرفة الشبهات والرد عليها.
- الالتزام بأسلوب الحوار وآدابه: فالمحاور يجب أن يكون منضبطًا في أقواله وأفعاله، وفي كلامه وحركاته، متبعًا منهج الآداب والسلوك والأخلاق، وهذا الشرط يشدد عليه، فلا بُدّ من التأكد من توفره للقيام بعملية الحوار.
الطرف الآخر
شروط الطرف الآخر هي شروط المحاور السابقة نفسها، أمّا إذا كان لا يتميّز بتلك الصفات فهو بعيد عن الإخلاص وجاهل ولا يتّبع أسلوب الحوار وآدابه، فيشترط ألّا يتم الحوار معه، فهذا لا يحقق أركان الحوار كاملة، ويؤدي إلى إضاعة الوقت، ولكن في بعض الأحيان لا يشترط أن يكون الطرف الآخر فردًا آخر؛ فيمكن أن يتم الحوار مع الله -عز وجل-، أو الحوار مع النفس.[٤]
موضوع الحوار
إن موضوع الحوار ركن أساسي في عملية الحوار، فدون الموضوع لا يوجد ما يتحاور عليه المتحاورون، لذلك تتضح أهمية الموضوع الذي يقوم عليه الحوار في هذا السياق، وإنّ الضابط في الموضوع الذي ينبغي أن يتناوله الحوار هو ما يحقّق هدفًا مشروعًا، ومصلحة معتبرة، وعليه فإن كل موضوع يؤدي إلى نتيجة منهي عنها لا يجوز طرحه في ساحة الحوار.[٤]
أسلوب الحوار وآدابه
إن كان الفرد يريد أن يخرج بنتائج لحواره فلا بُدّ أن يتّبع أسلوب الحوار وآدابه، ومن المهم أن يستوعب المحاور آداب الحوار ليتبعها في الحديث، فالخروج بنتائج هو أصل من أصول الحوار، وإن لم يتحقق فلا فائدة من الحوار، ومن أهم آداب الحوار الآتي:[٥]
- الالتزام بالقول الحسن: يجب على المحاور أن يلتزم بالقول الحسن، ويتجنّب منهج التحدي والإفحام، فالمحاور العاقل لا يتّبع أسلوب الطعن والتجريح والهُزء والسخرية في كلامه، ولا يحق للمحاور إحراج الطرف الآخر حتى لو كانت حجته ظاهرة؛ فإن كسب القلوب مقدّم على كسب المواقف، ومن غاية الأدب واللباقة التحدث بعبارات تناسب مستوى استيعاب الطرف الآخر.
- الالتزام بوقت محدد للكلام: ينبغي أن يستقر في ذهن المحاور ألا يستأثر بالكلام ويستطيل الحديث ويسترسل بما يخرج به عن حدود اللباقة والأدب والذوق الرفيع، ومن أسباب إطالة الحديث إعجاب الفرد بنفسه وحب الشهرة والثناء وقلة المبالاة بالناس وبوقتهم، فإذا تجاوز المحاور حدود وقته هذا يؤدي إما للنزاع أو الملل، فمن الخير للمتحدث أن ينهي حديثه والناس متشوقة للمتابعة.
- حسن الاستماع: يتطلب الحوار حسن الاستماع واللباقة في الإصغاء والإنصات، وعدم قطع حديث الطرف الآخر، وإنه لمن الخطأ أن يحصر المحاور همه وتفكيره بما سيقول ولا يلقي بالًا للطرف الآخر.
- تقدير الطرف الآخر واحترامه: ينبغي في مجلس الحوار التأكيد على الاحترام المتبادل من الأطراف، وإعطاء كل ذي حق حقه، والاعتراف بمنزلته ومقامه، فيخاطب بالعبارات اللائقة، والألقاب المستحقة، والأساليب المهذبة.
المراجع
- ↑ روزالي ماجيو (2009)، فن الحوار والحديث إلى الأشخاص (الطبعة الثانية)، السعودية: مكتبة جرير، صفحة 5،7. بتصرّف.
- ↑ صالح حميد (1994)، أصول الحوار وآدابه في الإسلام (الطبعة الأولى)، جدة-السعودية: دار المنارة ، صفحة 6،7. بتصرّف.
- ↑ د. يحيى زمزمي (1994)، الحوار: آدابه وضوابطه في ضوء الكتاب والسنة (الطبعة الأولى)، مكة المكرمة-السعودية: دار التربية التراث، صفحة 22،23. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث يحيى د. زمزمي (1994)، الحوار: آدابه وضوابطه في ضوء الكتاب والسنة (الطبعة الأولى)، مكة المكرمة-السعودية: دار التربية والتراث، صفحة 71،72،73،74،75. بتصرّف.
- ↑ صالح حميد (1994)، أصول الحوار وآدابه في الإسلام (الطبعة الأولى)، جدة-السعودية: دار المنارة، صفحة 25،26،29،30،31،32. بتصرّف.