أسلوب العلاج الفردي

كتابة:
أسلوب العلاج الفردي

العلاج النفسي

العلاج النفسي هو مصطلح عامّ يُقصد به تقديم الخدمات الصحّة العقليّة من قِبل الطبيب النفسيّ أو الأخصائيّ النفسيّ لعلاج المشاكل النفسية، ويساعد العلاج النفسي المريض على التعرف على وضعه الحالي وحالته المزاجيّة ومشاعره التي في حيّز الوعي وفي حيز اللاوعي، وأفكاره المسيطرة عليه وسلوكياته، فيتعلّم من خلال العلاج كيف يستطيع التحكم في حياته وزيادة مرونته النفسية ليكتسب مهارات التكيف الصحية، وقد تعدّدت أساليب العلاج النفسي لاختلاف وجهات النظر وأيضًا اختلاف المشكلات التي يتعرّض لها المرضى فكان العلاج النفسي يحتاج إلى عدد كبير من الأساليب التي يستخدمها ليتلقى المريض أسلوب العلاج المناسب حسب وضعه الفردي، ومن هذه الأساليب أسلوب العلاج الفردي وأسلوب العلاج الجمعي والعلاج بالحوار، ويكون العلاج النفسي مفيدًا لعلاج العديد من الأمراض مثل: اضطرابات القلق وحالات الإدمان واضطرابات الشخصية والاكتئاب، ويمكن أن يستفيد الناس من العلاج النفسي من دون التعرض لمرض نفسي، فيساعد العلاج النفسي على حلّ النّزاعات مع شريك الحياة أو التكيف مع الخبرات الصادمة.[١]

أسلوب العلاج الفردي

أسلوب العلاج الفردي هو أول أساليب العلاج وأكثرها شيوعًا ويُقصد به علاج مريض واحد وجهًا لوجه، فالعلاج الفردي علاقة مخطّط لها بين الأخصائي النفسي أو الطبيب النفسي مع المريض، ويعتمد هذا الأسلوب في العلاج على العلاقة التي تنشأ بين الطرفين، ويعدّ هذا النوع من العلاج شاملًا لعدّة أنواع من الأساليب مثل التحليل النفسي والعلاج المعرفي السلوكي، وغالبًا ما يستخدم هذا النوع من العلاج مع الحالات التي تغلب عليها الطابع الفردي مثل مشكلات مفهوم الذات أو الصدمة أو الأمراض النفسية الشديدة التي تحتاج إلى تركيز شديد واهتمام بالغ من المُعالج مثل الفصام أو اضطراب ما بعد الصدمة، ويستخدم مع الحالات التي تطلب السريّة التامّة، ومع الحالات التي لا يمكن علاجها باستخدام العلاج الجمعي، وأيضًا عندما يكون المريض خجولًا جدًا ويعجز بشكل تامّ عن التحدّث أمام الآخرين فيمكن أن يبدأ معه المعالِج من خلال أسلوب العلاج الفردي، ثم بعد تحسّنه ينتقل معه إلى أسلوب العلاج الجمعي، ويكون دور المعالج في العلاج الفردي من خلال تقبُّل المريض وعدم إصدار الأحكام عليه، والإصغاء والاستماع الفعّال للمريض من قبل المعالج، فمن المهم امتلاك مهارات التواصل، وفهم المريض وتوظيف كافة مهاراته لجعل عملية العلاج فعالة وسهلة.[٢]

نشأة أسلوب العلاج الفردي

قد تم ممارسة العلاج النفسي على مرّ العصور، وكان من أول الأساليب المتبعة هو أسلوب العلاج الفردي فاستخدمه فرويد في العلاج التحليلي وأدلر والكثير من المعالجين ولكن كان أول من يضع قوانين هذا العلاج والأسس التي يرتكز عليها هو كارل روجرز، فاستخدمه في مدرسة العلاج المتمركز حول الشخص، فيؤكد روجرز في مدرسته أن العميل أي المريض هو مركز العملية العلاجية وكان يؤمن أن لكل إنسان القدرة الكامنة على حل مشكلاته واستخراج كل ما في جعبته من قوة لإزالة كل ما يعيق نموّه الشخصي، وقد وضع كارل روجرز في عام 1951 بعض المبادئ التي يجب أن تكون في جلسة العلاج الفردي ومنها احترام المعالج للعميل يجب أن يكون من غير شروط ولا بدّ أن يشاركه وجدانيًا في مشاعره بصدق فيكون مرآة عاكسة لمشاعر العميل وبسبب أهمية هذه الشروط أصبحت جزءًا لا يتجزء من عملية العلاج النفسي والإرشاد النفسي في الأساليب كافّة، وبرأيه أنّ الاحترام الذي يكتسبه العميل من خلال الجلسات العلاجية يساعده على التحرك نحو تحقيق وتطوير الذات.[٣]

أهداف أسلوب العلاج الفردي

لكلّ أسلوب علاج أهدافه الخاصة وقد تلتقي بعض الأساليب في بعض الأهداف مثل وصول العميل إلى الصحة النفسية وزوال المرض النفسي، وهناك أهداف خاصة في أسلوب العلاج الفردي، ومن هذه الأهداف الآتي:[٢]

  • علاقة إرشادية قوية: من أهداف العلاج الفردي تقوية العلاقة بين المعالج والعميل فعند الوصول إلى علاقة أساسها الثقة والتقبل يبدأ العميل بالكشف عن نفسه بطريقة أوضح وصريحة أكثر.
  • الكشف عن المشاعر: إن من أهم أهداف العلاج الفردي هو الكشف عن اتجاهات ومشاعر وأفكار العميل، وأن يعي العميل بهذه المشاعر.
  • إثارة الدافعية: ويكون ذلك عن طريق تشجيع العميل على حل مشكلاته ووضع الخطط المناسبة لحل تلك المشكلات.
  • الوصول إلى الحل: وذلك من خلال دراسة المشكلة وتحليلها والكشف عن الحلول الممكنة أو طرق العلاج الممكنة.

آلية أسلوب العلاج الفردي

يتضمّن أسلوب العلاج الفردي بعض الآليات المتبعة من قبل المعالج للوصول إلى الأهداف، لذا فإن أي معالج نفسي يريد أن يتبع أسلوب العلاج الفردي لا بدّ أن يكون متقنًا لآلياته، ومن أهم الآليات المتبعة في أسلوب العلاج الفردي الآتي:

المقابلة الفردية

تعدّ المقابلة من أساسيات العلاج الفردي، وهي علاقة اجتماعية مهنية بين المعالج والعميل، ويسود جو هذه المقابلة الاحترام المتبادل بين الطرفين، ولهذه المقابلة عدة أنواع أولها المقابلة التشخيصية، وتكون في الجلسات الأولى للمريض ومن أهدافها الكشف عن العوامل التي تؤثر على المريض وأدت به إلى وضعه الحالي ومعرفة معلومات عنه مثل ماضيه وحاضره وشخصيته وطبيعة المشكلة التي يعاني منها، وتعد المقابلة التشخيصية من أفضل أدوات جمع المعلومات، ثم بعد ذلك ينتقل المعالج إلى النوع الثاني من المقابلات وهي المقابلة العلاجية، وتهدف بشكل أساسي إلى أن يصل المريض إلى الاستبصار بذاته وبسلوكه، وبالدوافع وراء ذلك السلوك، وتخليصه من مخاوفه وأيضًا الصراعات الشخصية التي تؤرقه، وجعله يطلق مشاعره وأفكاره بطريقة حرة تساعده في تحقيق ذاته وحل صراعاته، وتعد المقابلة من أفضل أدوات جمع المعلومات.[٤]

الاختبارات النفسية

إن من الآليات المتبعة في أسلوب العلاج الفردي هي الاختبارات النفسية، ويعني الاختبار النفسي إجراء قياسات موضوعية وفحوصات نفسية مصممة لإعطاء معايير لعينة من السلوك، والشكل الشائع للاختبارات هو الشكل الكتابي، وبعد أن يعد الاختبار بشكل موضوعي وقابل للقياس فإن درجة الاختبار تحدد وتعكس التركيب النفسي للمريض، وهو مصمم للكشف عن ما لا تستطيع المقابلة كشفه أي التراكيب الخفية للمريض، ولابد أن يمتلك الاختبار النفسي صفتين حتى يكون اختبارًا حقيقيًا، وهما المصداقيّة أي أنه يقيس ما صمم لأجله والثباث أي ثبات النتائج عند تكرار الاختبار، ويعد الاختبار النفسي من أهم الآليات التي يكشف بها عن مكنون شخصية المريض، ويعدّ جسرًا للوصول إلى العلاج؛ لأن من خلاله يتم تحديد المشكلة.[٥]

أنواع أسلوب العلاج الفردي

هناك طرائق وأنواع متعددة لأسلوب العلاج الفردي، لأن أسلوب العلاج الشائع هو أسلوب العلاج الفردي، ومن المهم أن يكون الأخصائي النفسي على علم تام بهذه الأنواع ليتمكن من استخدامهم حسب حاجة العميل، ومن أنواع العلاج الآتي:[٦]

العلاج المباشر

وهو علاج متمركز حول المعالج، وفيه يقوم المعالج بالدور الأكبر ويكون دوره إيجابيًّا ونَشِطًا، ويتحمل فيه المسؤولية كافة، ويستخدم هذا العلاج كأسلوب علاج سريع وعندما تكون مشكلة العميل واضحة ومحددة وبسيطة مثل المشكلات ضعف التحصيل الدراسي، ومن الجدير بالذكر أن العلاج المباشر يعطي حلولًا جاهزة، وهذه الحلول قد تناسب العميل وقد لا تناسبه، ولهذه الطريقة خطوات محددة أولها التركيب، أي تركيب المعلومات التي يجمعها من العميل ثم تحليل هذه البيانات وبالتالي يتم التوصل إلى تشخيص للمشكلة وتحديد طريقة العلاج ثم بعد الانتهاء من العلاج يتم متابعة الحالة لرؤية ما إذا كان لأسلوب المتبع حل مشكلة العميل أم لا، ومن عيوب هذا النوع أنه يعطي حلولًا جاهزة ويكون دور العميل فيه مهمّشًا.[٦]

العلاج غير المباشر

وهو العلاج المتمركز حول العميل وحول ذاته، وهدفه الأساسي مساعدة العميل على تمكينه من النمو النفسي السويّ والسليم، وأن يعي العميل مفهوم ذاته الواقعية ومفهوم ذاته المدركة ومفهوم ذاته المثالية ومفهوم ذاته الاجتماعية ويتم التطابق فيما بينهم، واستعمال هذا النوع من العلاج مع العملاء الذين يتمتعون بذكاء متوسط وأعلى من المتوسط وأيضًا لديهم طلاقة لفظية، ويمكن أن يفيد هذا الأسلوب في الإرشاد الزواجي، وفي حل المشاكل الشخصية للشباب، ومن مشكلاته أنه يستغرق وقتًا أطول نسبيًا.[٦]

تأثير أسلوب العلاج الفردي

إنّ لهذا الأسلوب العلاجي تأثيرًا كبيرًا في حياة من يخضع له، فإنّ هذا العلاج يؤثر على طريقة إدراك الفرد للحياة ويحسّن منها، فيزيل تفكيك المشاعر لدى الفرد، ويغيّر من أسلوب معايشة الخبرة فإن الفرد يرى في البداية أن المشكلة خارج نطاق تحكمه لكن في العلاج يعلم أنه مسؤول بشكل أساسي عن حياته ويستطيع التحكم بها، ومن تأثيرات العلاج أنه يعي التناقضات التي في شخصيته ويبدأ التغيير من عدم التطابق إلى التطابق، وأيضًا يتم إزالة الحواجز التي كانت تمنع الفرد عن التعبير عن مشاعره فيعي بشكل تامّ مشاعره، ويعيش الشعور الذي حُبس بداخله لفترة طولية، وبهد انتهاء العلاج يبدي الفرد رغبته في الاستمرار وقوة دافعيته، ويؤثر ذلك على جوانب حياته كافّة، وعلى المشكلات المستقبلية التي يمكن أن يتعرض لها.[٧]

المراجع

  1. "العلاج النفسي"، www.mayoclinic.org، اطّلع عليه بتاريخ 17-05-2020. بتصرّف.
  2. ^ أ ب د. محمد مشاقبة (2008)، مبادئ الإرشاد النفسي للمرشدين والأخصائيين النفسيين، السعوديّة: دار المنهج، صفحة 165. بتصرّف.
  3. "العلاج المتمركز حول العميل"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 17-05-2020. بتصرّف.
  4. "المقابلة"، www.uobabylon.edu، اطّلع عليه بتاريخ 18-05-2020. بتصرّف.
  5. "اختبار نفسي"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 18-05-2020. بتصرّف.
  6. ^ أ ب ت "ملزمة الإرشاد"، www.uobabylon.edu، اطّلع عليه بتاريخ 18-05-2020. بتصرّف.
  7. د. أحمد أبو سعد، د. أحمد عربيات (2012)، نظريات الإرشاد النفسي والتربوي، عمّان - الأردنّ: المسيرة، صفحة 268. بتصرّف.
4078 مشاهدة
للأعلى للسفل
×