محتويات
عاطفات الحب
عاطفات الحبِّ ما أبْدَعَها
- هذّبتْ طبعي وصفَّتْ خُلُقي
حُرَقٌ تملاء روحي رقةٍ
- أنا لا أُنكِرُ فضلِ الحُرَق
أنا باهَيْتُ في الهوى
- لا بشوقي أين من لم يَشْتَق
ثق بأن القلبَ لا تشغَلُهُ
- ذكرياتٌ غيرُ ذكراك ثق
لستَ تدري بالذي قاسيتُهُ
- كيف تدري طعمَ ما لم تَذُق
لم تدعْ مِنّيَ إلا رَمَقاً
- وفداءٌ لك حتى رمقي
مُصبحي في الحزن لا أكرهُهُ
- إنما أطيبُ منه مَغْبَقي
إن هذا الشعر يشجي نقلُهُ
- كيف لو تسمعُه من منطقي
ربّ بيتٍ كسرت نبرته
- زفرات أخذت في مخنقي
أنا ما عشت على دين الهوى
- فهواكم بَيْعةٌ في عنقي
بديعة
هُزِّي بنصفِكِ واتركي نصفا
- لا تحذَري لقَوامكِ القصفا
فبحَسْبِ قدِّكِ أنْ تُسنِّدَه
- هذي القلوبُ، وإنْ شكتْ ضَعفا
أُعجبتُ منكِ بكلِّ جارحةٍ
- وخصَصتُ منكِ جفونَك الوَطفا
عشررنَ طرفاً لو نُجمِّعها
- ما قُسِّمتْ تقسيمَكِ الطرفا
تُرضينَ مُقترباً ومُبتعِداً
- وتُخادعِينَ الصفَّ فالصفّا
أبديعةٌ ولأنتِ مُقبِلةً
- تستجمعينَ اللُّطفَ والظَّرفا
ولأنتِ إنْ أدبرتِ مُبديةٌ
- للعينِ أحسنَ ما ترى خَلْفا
ملءُ العيونِ هما وخيرُهما
- ما يملأُ العينينِ والكفّا
وكلاهما حسنٌ وخيرُهما
- ما خفَّ محمِلُه وما شفّا
هذا يرفُّ فلا نُحِسُّ بهِ
- ويهزُّنا هذا إذا رَفّا
وتصوّري أنْ قد أتتْ فُرَصٌ
- تقضي بخطفِ كليهما خطفا
فبدفَّتَيهِ ذاكَ يُبهضنا
- في حينَ ذاكَ لرقةٍ يخفى
ونَكِلُّ عن هذا فنَطْرَحُهُ
- ونُحِلُّ هذا الجيبَ والرفا
ونزورُه صبحاً فنلثِمُهُ
- ونَضُمُّهُ ونَشَمُّهُ ألفا
ونَبُلُّهُ بدمِ القلوبِ ، وإنْ
- عزَّتْ ، ونُنعِشُهُ إذا جفا
إليها
تَهَضَّمَني قَدُّكِ الأهيفُ
- وألهَبَني حُسنُك المُترَفُ
وضايَقَني أنَّ ذاك المِشَّدَ
- يضيقُ به خَصرُك المُرهَف
وقد جُنَّ وركُكِ من غَيظِه
- سَمينٌ يُناهِضُه أعجَف
فداءً لعَينَيك كلُّ العيون
- أخالَط جفنيهِما قَرْقفَ
كأنّي أرى القُبَلَ العابثاتِ
- من بينِ مُوقَيهِما تَنْطِف
ورعشةَ أهدابِك المثقلاتِ
- على فرْط ما حُمِّلَت تَحْلِف
كما الليلُ صَبَّ السَوادَ المُخيفَ
- صَبَّ الهوى شعرُك الأغدَف
تَلَبَّدَ مِثلَ ظَليلِ الغمام
- وراحتْ به غُمَمٌ تُكْشَف
أطار الغرورَ نثيرُ الجديلِ على
- دَورة البَدر إذ يُعقفَ
وراحَ الحُلُي على المِعصمَين
- على قَدَمَيكِ وتَستَعطِف
وطوعَ يَدَيك كما تَشْتَهين
- حياةٌ تجَدَّدُ أو تَتْلَف
مُنى النفسِ إنّ على وَجنَتيكِ
- من رَغبةٍ ظُلَلاً تزحف
تَعالي نَصُنْ مقلةً يرتمي
- بها شَرَرٌ وفماً يَرجِف
ونُطاقْ من الاسر رُوحاً
- تجيشُ في قفصٍ من دمٍ ترسِف
تعالي أُذقْكِ فكلُّ الثمار
- تَرفُّ ونوارُها يقطَف
صِراعٌ يطولُ فكمْ تهدفين إلى
- الروح مني وكم أهدِف
إلى الجسم مِنكِ وكم تَعرِفين
- أين المَحَزُّ وكم أعرِف
وما بينَ هذينِ يمشي الزمانُ
- ويُفنى مُلوكاً ويستخلِف
وميطي الرِداء عن البُرعُمَين
- يَفِضْ عَسلٌ منهما يَرعُف
ومُرِّي بكفي تَشُقُّ الطريقَ
- لعاصفةٍ بهما تعصِف
أميلى فيَنبوعُ هذا الجمالِ
- إلى أمَدٍ ثم يُستَنزَف
وهذا الشبابُ الطليقُ العنان
- سيُكْبَحُ منه ويُستوقَف
أميلي فسيفُ غدٍ مُصلَتٌ
- علينا وسمْعُ القَضا مُرهَف
عِدي ثُمَّ لا تُخلِفي فالحمام
- صُنوك في العنفِ لا يُخلِف
خَبَرتُ العنيفَ من الطارئات
- ما يَستميلُ وما يقصِف
وذُقتُ من الغِيد شرَّ السُموم
- طعْماً يُميتُ ويُستَلْطَف
وخضتُ من الحُبِّ لُجِّيه
- على مَتن جِنيَّة أُقذَف
فلا والهوى ما استَفزَّ الفؤادَ
- الطفُ منكِ ولا أعنَف
الأحاديث شجون
جَدِّدي ريحَ الصبَا عهد الصِبا
- وأعيدي فالأحاديثُ شُجونُ
إن أباحتْ لكِ أربابُ الهَوى
- سِرَّه فالحكمُ عندي أن يصونوا
جدِّدي عهدَ أمانيه التي
- قُرِنَ العيشُ بِها نِعمَ القرين
يومَ كنّا والهوى غضٌّ وما
- فُتِحَتْ إلاّ على الطُهْر العُيون
ما عَلِمنا كيفَ كُنّا، وكذا
- دينُ أهل الحبِّ والحبُّ جُنون
أشرقَ البدرُ على هذي الرُبى
- أفلا يُخسِفُه منكُمْ جَبين
جَلَّ هذا الجِرمْ قدراً فلقد
- كادَ يهتزُّ له الصخرُ الرزين
كل أوقاتيَ رهنٌ عندَه
- الدجُى الفجرُ الصبحُ المبين
سَألونا كيف كنتم ْ؟ إن مَنْ
- دأبُه ذكرُكمُ كيفِ يكون
هوَّن الحبَّ على اهل الهَوى
- أن تَركَ الحبِّ خطبٌ لا يهون
ما لهُمْ فيه مُعينونَ وما
- لذَّةُ الحب إذا كان مُعين
ميَّزَت ما بين أرباب الهوى
- ودَعاويهم : وجوٌ وجُفون
وهواكُمْ لا نَقَضْنا عهَدكُمْ
- وَضمينٌ لكُمُ هذا اليمين
ايفى النجمَ فيبقى ساهراً
- مُحيياً سودَ الليالي ونخون
ليلة معها
لا أكذبَنّكِ إنّني بَشَرٌ
- جَمُّ المساوي آثِمٌ أشِرُ
لا الحبُّ ظمآناً يُطامِنُ مِنْ
- نفسي وليس رفيقيَ النظَر
ولكم بَصُرْتُ بما أضيقُ به
- فودِدْتُ أنّي ليس لي بصر
أو أنني حجر وربتَّمَا
- قد بات أرْوَحَ منّيَ الحَجَر
لا الشيءُ يُعْجِبُهُ فَيَمْنَعُهُ
- فإذا عداه فكلّهُ ضَجر
ولكم ظَفِرتُ بما بصرتُ به
- فحَمِدْت مرأى بعدَهُ ظفَر
شفتاي مُطْبْقَتَانِ سيدتي
- والخُبْرُ في العينينِ والخَبَر
فاستشهِدِي النظراتِ جاحِمَةً
- حمراءَ لا تُبْقي ولا تَذر
ولرغبة في النفس حائرة
- مكبوتة يتطايرُ الشرر
إنا كلينا عارفان بما
- حَوَتِ الثّيابُ وضَمَّتِ الأزُر
فعلى مَ تَجتهدين مُرْغَمَةً
- أن تَسْتري ما ليس يَنْسَتِر
كذب المنافقُ. لا اصطبارَ على
- قدٍّ كَقَدِّكِ حينَ يُهتَصَر
ومُغَفَّلٌ من راح يُقنِعُه
- منك الحديثُ الحلوُ والسمر
يُوهي الحجى ويُذيبُ كلَّ تُقىً
- من مُدّعيهِ شبابُك النَّضِر
ويَرُدُّ حلمَ الحالمين على
- أعقابِهِ التفتيرُ والخَفَر
النَّفْسُ شامخةٌ إذا سعُدَتْ
- بك ساعةً والكونُ مُحْتَقَر
وفداء " محتضن " سمحتِ به
- ما تفجع الاحداثُ والغير
حلم أخو اللذاتِ مفتقد
- امثالُهُ وإليه مفتقِر
وسويعة لا أستطيعُ لها
- وصفاً فلا أمْنٌ ولا حَذَر
يدها بناصيتي ومحْزَمُها
- بيدي . فمنتَصِرٌ ومندَحِر
فلئن غَلَبْتٌ فَخَيْرُ متَّسَدٍ
- للشاعرِ الأعكانُ والسُرَر
ولئن غُلِبْتُ فغالبي مَلَك
- زاهٍ . بهِ صافحٌ عني ومغتفر
النشيد الخالد
تزاحمت الآمال حولكِ وانبرتْ
- قلوب عليهنَّ العُيون شواهدُ
مشت مهجتي في إثرِ طرفِكِ واقتفت
- دليل الهوى والكلُّ منهنَّ شارد
حُشاشةُ نفسٍ أجهدت فيك والهوى
- يطاردها عن قصدها وتطارد
أجابت نفوسٌ فيك وهي عصية
- ولانت قلوب منك وهي جلامد
أعلَّ السُّها مسرى هواك وأوشكت
- تَنازَلُ عن أفلاكهنَّ الفراقد
ورغبَني في الحب ان ليس خالياً
- من الحب إلا بارد الطبع جامد
إذا كان وحي الطرف للطرف مدليا
- بأسرار قلبينا فأين التباعد
خليلي ما العين في الحب ريبةٌ
- إذا كُرمت للناظرين المقاصد
ولي نزعات أبعدتها عن الخنا
- سجية نفس هّذبتها الشدائد
أقاويل أهل الحب يفنى نشيُدها
- وأما الذي تُملي الدموع فخالد
وما الشعر إلا ما يزان به الهوى
- كما زَيّنت عطلّ النحور القلائد
فرصوفيا
- "فرصوفيا": يا نجمةً تَلالا
- تُغازلُ السُهوبَ والتِلالا
- وتَسكبُ الرقَّةَ والدَلالا
- فوقَ الشفاهِ الضامئات الحامياتِ الحانيه
- وبين أهدابِ الجُفونِ الغافيان الوانيه
- "فرصوفيا" الحلوة يا ذاتَ القُطوفِ الدانيه
- من ذا يوفِّي سحرَكِ الحلالا ؟
- وحُسنَكِ المدمِّرَ القَتّالا
- يُجشِّمُ اللذّةَ والأهوالا
- حالانِ، الأحلى أمرُّ حالا
- غذا أجلتُ فكريَ الجوّالا
- في كيفَ صيغَ حسنُكِ ارتجالا
- أتعبَتِ الأسطورةُ الخيالا
- "فرصوفيا": إنَّ الصِبا فيكِ ارتغى فعرْبدا
- قِفي به عند الحَفافَين فقد جاز المدى
- كالأُفعُوانِ انسابَ في الرَملة كيما يَبرُدا
- تطلّبتْ عيونُ حسناواتِك الخضْرُ الفِدى
- وكالأقاحي إذ تعُبُّ سَحرةً قطْرَ الندى
- تذوّبتْ خمرُكِ في الخدِّ الذي تورَّدا
- وانفرَجَ البُرعُم في النَهد الذي تَنهَّدا
"فرصوفيا": يا روعةَ اليومِ الذي يُنسي غدا
- غدٌ سرابٌ لا أُحِبُّ الآلا
- ما دمتُ أرعى روضةً مِحلالا
- بها الظِلالُ تَزحَمُ الظِلالا
- مُخلِفةً بكورُها الآصالا
سأقول فيك
سأقول فيكِ ولا أخافْ
- قولاً يُهابُ.. ولا يُعافْ
سأقول فيكِ من الضمير
- من الصميم.. من الشَّغافْ
سأقولُ فيكِ بدون
- تعميةٍ ، ولا حَذْفِ المضاف
سأجاذبنَّ لك النجومَ
- لينسجمنَ مع القوافْ
سأُنَزِّلَنَّ .. لِيخَدُمّن
- سريركِ .. السُّوَرَ اللِطاف
سأوُججُ النيرانَ من
- نهديك في الشَّبم النطاف
سأقولُ فيكِ .. ولا أخافْ
- أوَ ثَمَّ غيرُكِ من يُخاف؟
سأقول فيك ولا أخاف
- فليس يملِكُني أحدْ
لا ، ليس في عنقي مَسَدْ
- لا ، لستُ موعوداً بغد
يا من أقمتِ على الأسَد
- من سِحْر عينيكِ الرَّصَد
لم ترفعي عنكِ المِشَدّ
- حتى تَبَلَّد ذو اللِّبد
لم تدر قبلكِ أيّةُ
- لبوةٍ .. هذا الجسد
سأجرر الدنيا إليكِ
- ليستشفوا ما لديكِ
سأقول: مُدّي نحوهم
- عَشْرَ الأنامل من يَدَيك
ودعي شذا "العُضّاب"
- يذكي جمرهم من خنصريك
سأريهم غرف الجنان
- ولا أُزحزح ما عليكِ
سأقول : هم أدنى ..
- وأضعف أن يَرَوْك بصَفحتيك
ألْوي بوجهكِ عنهُمُ
- لا يقربوا من وجنتيك
سأقول: حسبُهُمُ من
- الأفضال رعشة مقلتيك
حَبيبَتي منذُ كان الحبُّ في سَحَرٍ
حَبيبَتي منذُ كان الحبُّ في سَحَرٍ
- حُلوَ النسائمِ حتى عَقَّهُ الشَّفقُ
ومذ تلاقى جَناحانا على فَنَنٍ
- منه إلى العالَم المسحورِ ننطلقُ
نَصونُ عهدَ ضميرَيْنا وبينهما
- نجوى بها همساتُ الروح تُستَرَق
يا حلوةَ المُجْتَلَى والنفسُ غائمةٌ
- والأمرُ متخلِطٌ، والجوُّ مختنق
ويا ضحوكةَ ثغرٍ والدُّنَى عَبَسٌ
- ويا صفيّة طبعٍ والمُنى رَنَق
ويا صبوراً على البلوى تلطِّفُها
- حتى تعودَ كبنتِ الْحانِ تُصْطَفَق
مني إليك سلامٌ لا يقومُ له
- سِنُّ اليراعِ، ولا يَقوى به الورق
كأن نفسيَ إذ تغشَيْنَ وَحْدَتها
- إنسانُ عينٍ بمرأى أختِها غَرِق
حبيبتي لم تخالِفْ بيننا غِيَرٌ
- إلا وعُدْنا لماضينا فنتَّفقُ
ولا اشتكى جانبٌ فَرْطَ الجفافِ بهِ
- إلا ارتمى جانبٌ مخضوضرٌ أنِق
نَهَشُّ لُطْفاً بلُقياهُمْ كما انتفضتْ
- غُنُّ الرياض سَقاها الرائحُ الغَدِق
حبيبتي والهوى، كالناسِ، خِلْقتُهُ
- تُمَلُّ ما لم تغايَرْ عنده الخِلَق
ما لذة الوصل لم يلوِ الصُّدودُ بهِ
- والحبِّ لم يختلِسْ من أمنه الفَرَق