أشعار امرؤ القيس في ليلى

كتابة:
أشعار امرؤ القيس في ليلى

قصيدة طربت وعناك الهوى والتطربُ

يقول امرؤ القيس في وصف ليلى:

طَرِبتَ وَعنّاكَ الهَوى وَالتَطَرُّبُ

وَعادَتكَ أَحزانٌ تَشوقُ وَتَنصِبُ

وأَصبَحتَ من لَيلى هَلوعاً كَأَنَّما

أَصابَكَ مومٌ من تِهامةَ مورَبُ

أَلا لابَلِ الأَشواقُ هاجَت هُمومَهُ

وَأَشجانَهُ فالدَمعُ لِلوَجدِ يَسكُبُ

وَلَيلى أَناةٌ كالمَهاةِ غَريرَةٌ

منعَّمَةٌ تُصبي الحَليمَ وَتخلبُ

كأَنَّ ثَناياها تَعلَّلنَ موهِناً

غَبيقاً مِن الصَهباءِ بَل هيَ أَعذَبُ

وَما أُمُّ خِشفٍ شادِنٍ بخَميلةٍ

من الدَهسِ منه هايلٌ وَمُكَثَّبُ

يَعِنُّ لَها طَوراً يَروقُها

عَلى الأُنسِ منه جرأةٌ وَتَوثُّبُ

بأَحسنَ منها مُقلةً ومقَلَّداً

وَإِن هيَ لَم تُسعِف وَطالَ التَجَنُّبُ

وَما رَوضةٌ وسميَّةٌ حَمويَّةٌ

بِها مونقاتٌ من خُزامى وَحُلَّبُ

تَعاورَها وَدقُ السَماءِ وَديمَةٌ

يَظَلُّ عَلَيها وَبلُها يَتَحَلَّبُ

بأَطيبَ منها نَكهَةً بَعدَ هجعَةٍ

إِذا ما تَدلّى الكَواكبُ المتصَوِّبُ

فَدَع ذِكرَ لَيلى إِذا نأتكَ بوِدِّها

وَإِذ هيَ لا تَدنو إِلَيكَ فَتسقُبُ

أَتَتنا تَميمٌ قَضُّها بقَضيضِها

وَمَن سارَ من أَلفافِهم وَتأشَّبوا

بَرَجراجةٍ لا يُنفِدُ الطَرفُ عَرضَها

لَها زَجَلٌ قَد احزأَلَّ وَمَلحَبُ

فَلَمّا رَأَيناهم كأَنَّ زُهاءَهم

عَلى الأَرضِ إَصباحاً سوادٌ وَغُرَّبُ

سَمَونا لهم بالخَيلِ تَردي كَأَنَّها

سَعالٍ وَعِقبانُ اللِوى حينَ تُركَبُ

ضَوامِرُ أَمثالُ القِداحِ يَكُرُّها

عَلى المَوتِ أَبناءُ الحُروبِ فتحرَبُ

فَقالوا الصَبوحَ عِندَ أَولِ وَهلَةٍ

فَقُلنا لهم أَهلٌ تَميمٌ وَمَرحَبُ

أَلَم تَعلَموا أَنّا نَرُدُّ عدوَّنا

إِذا احشوا شَدوا في جَمعِهم وَتأَلَّبوا

بِضَربٍ يَفُضُّ الهامَ شِدَّةُ وَقعِهِ

وَوَخزٍ تَرى منه التَرائِبَ تَشخُبُ

فَلاقوا مِصاعاً مِن أُناسٍ كَأَنَّهم

أسودُ العَرينِ صادِقاً لا يُكَذِّبُ

فَلَم تَرَ منهم غَيرَ كابٍ لِوَجهِهِ

وآخرَ مَغلولٍ وآخر يَهرُبُ

وَلَم يَبقَ إِلّا خَيفَقٌ أَعوجيَّةٌ

وَإِلّا طِمِرُّ كالهِراوَةِ مِنهَبُ

وَفاءَ لنا منهم نِساءٌ كَأَنَّها

بِوَجرَةَ وَالسُلّانِ عينٌ وَرَبرَبُ

وَنحن قَتَلنا عامِراً وابنَ أُمِّهِ

ووافاهُما يَومٌ شَتيمٌ عَصَبصَبُ

وَغودِرَ فيها ابنا رِياحٍ وَحَبتَرٍ

تَنوشُهمُ طَيرٌ عِتاقٌ وأذؤُبُ

وَيعدو بِبَزّي هَيكلُ الخَلقِ سابِحٌ

مُمَرٌّ أَسيلُ الخَدِّ أَجرَدُ شَرجَبُ

كَأَنّي غَداةَ الرَوعِ من أُسدِ زارةٍ

أَبو أَشبُلٍ عَبلُ الذِراعَينِ مِحرَبُ

وَلَمّا رأَيتُ الخَيلَ تَدمي نُحورُها

كَررَتُ فَلَم أَنكُل إِذا القَومُ هَيَّبوا

حَبَوتُ أَبا الرَحالِ مِنّي بطَعنَةٍ

يَمُدُّ بِها آتٍ مِن الجَوفِ يَزعَبُ

فَلَم أَرقِهِ إِن يَنجُ منها وَإِن يَمت

فَجيَّاشَةٌ فيها عَوانِدُ تَثعَبُ

وَقَد عَلِمَت أَولى المُغيرَةِ أَنَّني

كَررَتُ وَقَد شَلَّ السوامُ المُعَزِّبُ

وَنَهنَهتُ رَيعانَ العَديِّ كَأَنَّهُ

غَوارِبُ تَيّارٍ من اليَمِّ يُجنَبُ

فَسائِل بَني الجَعراءِ كَيفَ مِصاعُنا

إِذا كَرَّرَ الدَعوى المُشيحُ المَثوِّبُ


قصيدة أمن ذكر سلمى إذ نأتك تنوص

ويقول في سلمى:

أَمِن ذِكرِ سَلمى إِذ نَأَتكَ تَنوصُ

فَتَقصِرُ عَنها خُطوَةً وَتَبوصُ

وَكَم دونَها مِن مَهمَهٍ وَمَفازَةٍ

وَكَم أَرضُ جَدبٍ دونَها وَلُصوصُ

تَراءَت لَنا يَوماً بِجَنبِ عُنَيزَةٍ

وَقَد حانَ مِنها رِحلَةٌ فَقُلوصُ

بِأَسوَدَ مُلتَفِّ الغَدائِرِ وارِدٍ

وَذي أُشُرٍ تَشوقُهُ وَتَشوصُ

مَنابِتُهُ مِثلُ السُدوسِ وَلَونُهُ

كَشَوكِ السِيالِ فَهوَ عَذبٌ يَفيصُ

فَهَل تَسلِيَنَّ الهَمَّ عَنكَ شِمِلَّةٌ

مُداخَلَةٌ صُمُّ العِظامِ أَصوصُ

تَظاهَرَ فيها النِيُّ لا هِيَ بَكرَةٌ

وَلا ذاتُ ضِغنٍ في الرِمامِ قَموصُ

أَؤوبٌ نَعوبٌ لا يُواكِلُ نُهزُه

إِذا قيلَ سَيرُ المُدلِجينَ نَصيصُ

كَأَنّي وَرَحلي وَالقِرابُ وَنُمرُقي

إِذا شُبَّ لِلمَروِ الصِغارِ وَبيصُ

عَلى نَقنَقٍ هَيقٍ لَهُ وَلِعُرسِهِ

بِمُنعَرَجِ الوَعساءِ بيضٌ رَصيصُ

إِذا راحَ لِلأُدحِيِّ أَوباً يَفُنُّه

تُحاذِرُ مِن إِدراكِهِ وَتَحيصُ

أَذَلِكَ أَم جَونٌ يُطارِدُ آتُن

حَمَلنَ فَأَربى حَملُهُنَّ دُروصُ

طَواهُ اِضطِمارُ الشَدِّ فَالبَطنُ شازِبٌ

مُعالى إِلى المَتنَينِ فَهُوَ خَميصُ

بِحاجِبِهِ كَدحٌ مِنَ الضَربِ جالِبٌ

وَحارِكُهُ مِنَ الكُدامِ حَصيصُ

كَأَنَّ سُراتَهُ وَجُدَّةَ ظَهرِهِ

كَنائِنُ يَجري بَينَهُنَّ دَليصُ

وَيَأكُلنَ مِن قُوٍّ لَعاعاً وَرَبَّةً

تُجَبَّرَ بَعدَ الأَكلِ فَهُوَ نَميصُ

تَطيرُ عِفاءٌ مِن نَسيلٍ كَأَنَّهُ

سُدوسٌ أَطارَتهُ الرِياحُ وَخوصُ

تَصَيَّفَها حَتّى إِذا لَم يَسُغ لَه

حُلِيٌّ بِأَعلى حائِلٍ وَقَصيصُ

تُغالِبنَ فيهِ الجَزءَ لَولا هَواجِرٌ

جَنادِبُها صَرعى لَهُنَّ فَصيصُ

أَرَنَّ عَلَيها قارِباً وَاِنتَحَت لَهُ

طُوالَةُ أَرساغِ اليَدَينِ نُحوصُ

فَأَورَدَها مِن آخِرِ اللَيلِ مَشرَب

بَلائِقُ خُضراً ماؤُهُنَّ قَليصُ

فَيَشرَبنَ أَنفاساً وَهُنَّ خَوائِفٌ

وَتَرعُدُ مِنهُنَّ الكُلى وَالفَريصُ

فَأَصدَرَها تَعلو النِجادَ عَشِيَّةً

أَقَبُّ كَمِقلاءِ الوَليدِ خَميصُ

فَجَحشٌ عَلى أَدبارِهِنَّ مُخَلَّفٌ

وَجَحشٌ لَدى مِكَرِّهِنَّ وَقيصُ

وَأَصدَرَها بادي النَواجِذِ قارِحٌ

أَقَبٌّ كَسِكرِ الأَندَرِيِّ مَحيصُ


قصيدة لمن طلل أبصرته فشجاني

ويقول في هند:

لِمَن طَلَلٌ أَبصَرتُهُ فَشَجاني

كَخَطِّ زَبورٍ في عَسيبِ يَمانِ

دِيارٌ لِهِندٍ وَالرَبابِ وَفَرتَني

لَيالِيَنا بِالنَعفِ مِن بَدَلانِ

لَيالِيَ يَدعوني الهَوى فَأُجيبَهُ

وَأَعيُنُ مَن أَهوى إِلَيَّ رَواني

فَإِن أُمسِ مَكروباً فَيا رُبَّ بَهمَةٍ

كَشَفتُ إِذا ما اِسوَدَّ وَجهُ جَبانِ

وَإِن أُمسِ مَكروباً فَيا رُبَّ قَينَةٍ

مُنَعَّمَةٍ أَعمَلتُها بِكِرانِ

لَها مِزهَرٌ يَعلو الخَميسَ بِصَوتِهِ

أَجَشُّ إِذا ما حَرَّكَتهُ اليَدانِ

وَإِن أُمسِ مَكروباً فَيا رُبَّ غارَةٍ

شَهِدتُ عَلى أَقَبِّ رَخوِ اللَبانِ

عَلى رَبَذٍ يَزدادُ عَفواً إِذا جَرى

مِسَحٍّ حَثيثِ الرَكضِ وَالزَأَلانِ

وَيَخدي عَلى صُمٍّ صِلابٍ مَلاطِسٍ

شَديداتِ عَقدٍ لَيِّناتِ مَتانِ

وَغَيثٍ مِنَ الوَسمِيِّ حُوٍّ تِلاعُهُ

تَبَطَّنتُهُ بِشيظَمٍ صَلِتانِ

مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقبِلٍ مُدبِرٍ مَع

كَتَيسِ ظِباءِ الحُلَّبِ الغَذَوانِ

إِذا ما جَنَبناهُ تَأَوَّدَ مَتنُهُ

كَعِرقِ الرُخامى اِهتَزَّ في الهَطَلانِ

تَمَتَّع مِنَ الدُنيا فَإِنَّكَ فاني

مِنَ النَشَواتِ وَالنِساءِ الحِسانِ

مِنَ البيضِ كَالآرامِ وَالأُدمِ كَالدُمى

حَواصِنُها وَالمُبرِقاتِ الرَواني

أَمِن ذِكرِ نَبهانِيَّةٍ حَلَّ أَهلُه

بِجِزعِ المَلا عَيناكَ تَبتَدِرانِ

فَدَمعُهُما سَكبٌ وَسَحٌّ وَدَيمَةٌ

وَرَشٌّ وَتَوكافٌ وَتَنهَمِلانِ

كَأَنَّهُما مَزادَتا مُتَعَجِّلٍ

فَرِيّانِ لَمّا تُسلَقا بِدِهانِ


قصيدة قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزِل

ويقول في فاطمة:

قِفا نَبكِ مِن ذِكرى حَبيبٍ وَمَنزِلِ

بِسِقطِ اللِوى بَينَ الدَخولِ فَحَومَلِ

فَتوضِحَ فَالمِقراةِ لَم يَعفُ رَسمُه

لِما نَسَجَتها مِن جَنوبٍ وَشَمأَلِ

تَرى بَعَرَ الآرامِ في عَرَصاتِه

وَقيعانِها كَأَنَّهُ حَبُّ فُلفُلِ

كَأَنّي غَداةَ البَينِ يَومَ تَحَمَّلو

لَدى سَمُراتِ الحَيِّ ناقِفُ حَنظَلِ

وُقوفاً بِها صَحبي عَلَيَّ مَطِيِّهُم

يَقولونَ لا تَهلِك أَسىً وَتَجَمَّلِ

وَإِنَّ شِفائي عَبرَةٌ مَهَراقَةٌ

فَهَل عِندَ رَسمٍ دارِسٍ مِن مُعَوَّلِ

كَدَأبِكَ مِن أُمِّ الحُوَيرِثِ قَبلَه

وَجارَتِها أُمِّ الرَبابِ بِمَأسَلِ

فَفاضَت دُموعُ العَينِ مِنّي صَبابَةً

عَلى النَحرِ حَتّى بَلَّ دَمعِيَ مِحمَلي

أَلا رُبَّ يَومٍ لَكَ مِنهُنَّ صالِحٌ

وَلا سِيَّما يَومٍ بِدارَةِ جُلجُلِ

وَيَومَ عَقَرتُ لِلعَذارى مَطِيَّتي

فَيا عَجَباً مِن كورِها المُتَحَمَّلِ

فَظَلَّ العَذارى يَرتَمينَ بِلَحمِه

وَشَحمٍ كَهُدّابِ الدِمَقسِ المُفَتَّلِ

وَيَومَ دَخَلتُ الخِدرَ خِدرَ عُنَيزَةٍ

فَقالَت لَكَ الوَيلاتُ إِنَّكَ مُرجِلي

تَقولُ وَقَد مالَ الغَبيطُ بِنا مَع

عَقَرتَ بَعيري يا اِمرَأَ القَيسِ فَاِنزُلِ

فَقُلتُ لَها سيري وَأَرخي زِمامَهُ

وَلا تُبعِديني مِن جَناكِ المُعَلَّلِ

فَمِثلُكِ حُبلى قَد طَرَقتُ وَمُرضِعٍ

فَأَلهَيتُها عَن ذي تَمائِمَ مُحوِلِ

إِذا ما بَكى مِن خَلفِها اِنصَرَفَت لَهُ

بِشِقٍّ وَتَحتي شِقُّها لَم يُحَوَّلِ

وَيَوماً عَلى ظَهرِ الكَثيبِ تَعَذَّرَت

عَلَيَّ وَآلَت حَلفَةً لَم تُخَلَّلِ

أَفاطِمَ مَهلاً بَعضَ هَذا التَدَلُّلِ

وَإِن كُنتِ قَد أَزمَعتِ صَرمي فَأَجمِلي

وَإِن تَكُ قَد ساءَتكِ مِنّي خِلقَةٌ

فَسُلّي ثِيابي مِن ثِيابِكِ تَنسُلِ

أَغَرَّكِ مِنّي أَنَّ حُبَّكِ قاتِلي

وَأَنَّكِ مَهما تَأمُري القَلبَ يَفعَلِ

وَما ذَرَفَت عَيناكِ إِلّا لِتَضرِبي

بِسَهمَيكِ في أَعشارِ قَلبٍ مُقَتَّلِ
3320 مشاهدة
للأعلى للسفل
×