أشعار جديدة

كتابة:
أشعار جديدة


لن نفترق

من قصائد بدر شاكر السياب:

هبت تغمغم سوف نفترق

روح على شفتيك تخترق

صوت كأن ضرام صاعقة

ينداح فيه ... وقلبي الأفق

ضاق الفضاء وغام في بصري

ضوء النجوم وحطم الألق

فعلى جفوني الشاحبات وفي

دمعي شظايا منه أو مزق

فيم الفراق أليس يجمعنا

حب نظل عليه نعتنق

حب ترقرق في الوعود سنا

منه ورف على الخطى عبق

أختاه صمتك ملؤه الريب

فيما الفراق أما له سبب

الحزن في عينيك مرتجف

واليأس في شفتيك يضطرب

ويداك باردتان مثل غدي

وعلى جبينك خاطر شجب

ما زال سرك لا تجنحه

آه مأججة ولا يثب

حتى ضجرت به وأسأمه

طول الثواء وآده التعب

إني أخاف عليك وأختلجت

شفة إلى القبلات تلتهب

ثم إنثنيت مهيضة الجلد

تتنهدين وتعصرين يدي

وترددين وأنت ذاهلة

إني أخاف عليك حزن غد

فتكاد نتتثرالنجوم أسى

في جوهن كذائب البرد

لا تتركي لا تتركي لغدي

تعكير يومي ما يكون غدي

وإذا ابتسمت اليوم من فرح

فلتعبسن ملامح الأبد

ما كان عمري قبل موعدنا

إلا السنين تدب في جسد

أختاه لذّ على الهوى ألمي

فاستمتعي بهواك وابتسمي

هاتي اللهيب فلست أرهبه

ما كان حبك أول الحمم

ما زلت محترقا تلقفني

نار من الأوهام كالظلم

سوداء لا نور يضيء بها

جذلان يرقص عاري الفدم

هاتي لهيبك إن فيه سناً

يهدي خطاي ولو إلى العدم


شوقي يقول وما درى بمصيبتي

قصيدة إبراهيم طوقان أحد شعراء العصر الحديث:

شوقي يقول وما درى بمصيبتي

قم للمعلم وفّه التبجيلا

اقعد فديتك هل يكون مبجلاً

من كان للنشء الصغار خليلا

ويكاد يقلقني الأمير بقوله

كاد المعلم أن يكون رسولا

لو جرّب التعليم شوقي ساعة

لقضى الحياة شقاوة وخمولا

حسب المعلم غمَّة وكآبة

مرآى الدفاتر بكرة وأصيلا

مئة على مئة إذا هي صلِّحت

وجد العمى نحو العيون سبيلا

ولو أنّ في التصليح نفعاً يرتجى

وأبيك لم أكُ بالعيون بخيلا

لكنْ أصلّح غلطةً نحويةً

مثلاً واتخذ الكتاب دليلا

مستشهداً بالغرّ من آياته

أو بالحديث مفصلاً تفصيلا

وأغوص في الشعر القديم فأنتقي

ما ليس ملتبساً ولا مبذولا

وأكاد أبعث سيبويه من البلى

وذويه من أهل القرون الأُولى

فأرى حماراً بعد ذلك كلّه

رفَعَ المضاف إليه ولمفعولا

لا تعجبوا إن صحتُ يوماً صيحة

ووقعت ما بين البنوك قتيلا

يا من يريد الانتحار وجدته

إنَّ المعلم لا يعيش طويلا


لوعة

قصيدة الشاعر السوري عمر أبو ريشة التي تحتوي على مجموعة من الذكريات:

خــطُ أخـتـي لــم أكــن أجـهـله

إن أخــتـي دائــمـاً تـكـتب لــي

حـدثتني أمـس عن أهلي وعن

مـضـض الـشـوق وبُـعـد الـمنزل

مـا عـساها الـيـوم لــي قـائـلة؟

أيُّ شــيءٍ يــا تــرى لــم تـقـلِ

وفضضت الطرس.. لم أعثر على

غــيـر ســطـرٍ واحـــدٍ .. مـخـتـزلِ

وتــهــجـيـت بــجــهــدٍ بــعــضـه

إن أخــتـي كـتـبـت فــي عـجـل

فـيـه شـيءٌ... عـن عـليٍ مـبهمٌ

ربــمــا بــعــد قــلـيـل يـنـجـلـي

وتــوقـفـتُ.. ولـــم أتـمـمْ.. وبـي

رعــشــاتُ الــخـائـف الـمـبـتهل

وتــــرآءى لـــي عــلـيٌّ كـاسـيـاً

مـن خـيوط الـفجر أسـنى حُـلَلِ

مَـــرِحَ الـلـفـتةِ مـزهـو الـخـطى

سـلـس اللهجــة حـلـو الـخـجل

تـسـأل الـبـسمةُ فـي مـرشفه

عــن مـواعـيد انـسـكاب الـقُـبَلِ

طـلـعـةٌ اسـتـقـبل الـدنـيـا بــهـا

نــاعــم الــبـال بـعـيـد الـمـأمـل

كــم أتــى يـشـرح لـي أحـلامه

وأمــانـيـه عــلــى الـمـسـتـقبل

قـــال لـــي فـــي كـبـريـاء إنـــه

يــعـرف الـــدرب لـعـيش أفـضـل

إنــــه يــكــره أغــلالــي الــتـي

أوهـنت عـزمي وأدمـت أرجـلي

ســوف يـعـطي فـي غـدٍ قـريته

خــبـرة الـعـلـم وجــهـد الـعـمل

وسـيـبـنـي بـيـتـه فـــي غــايـةٍ

تـتـرامـى فــوق سـفـح الـجـبل

وســأعــتـز بـــــه فــــي غــــده

وأراه مــــــثــــــلاً لــــلــــرجـــل

عــدت لـلطرس الـذي لـيس بـه

غـيـر سـطـرٍ.. واحــدٍ.. مـختزلِ

وتــجــالـدت.. لــعــلـي واجــــد

فــيـه مـــا يـبـعد عـنـي وجـلـي

وإذا أقـــفـــل مــعــنـاه عـــلــى

وهـمـي الـضـارع.. كــل الـسبل

غــرقـت عـيـنـاي فـــي أحـرفـه

وتــهـاوى مِــزقـاً عـــن أنـمـلـي

قـلـبُ أخـتـي..لـم أكـن أجـهله

إن أخـتـي دائـمـاً تـحـسن لــي

مــا لـهـا تـنـحرني نـحـراً عـلـى

قـولها..مـات ابـنها.. مـات علي


أيها الليل

قصيدة الليل لأبي القاسم الشابي الملقب بشاعر الخضراء:

أيُّها الليلُ يا أبا البؤسِ والهَوْ

لِ يا هيكلَ الحَياةِ الرهيبِ

فيكَ تَجْثو عرائسُ الأمَلِ العذْ

بِ تصلِّي بِصَوتهِ المحبوبِ

فَيُثيرُ النَّشيدُ ذكرى حياةٍ

حَجَبَتها غُيومُ دَهْرٍ كئيبِ

وتَرُفُّ الشُّجونُ من حول قلبي

بسُكونٍ وَهَيْبَةٍ وقُطوبُ

أَنْتَ يا ليلُ أَنْتَ ذرّةٌ صَعَدَتْ لل

كون من مَوطئ الجحيمِ الغَضوبِ

أَيُّها الليلُ أَنت نَغْمٌ شَجيٌّ

في شفاه الدُّهورِ بَيْنَ النَّحيبِ

إنَّ أُنشودة السُّكونِ التي ترتج

في صَدرِكَ الرَّكودِ الرَّحيب

تُسْمِعُ النَّفْسَ في هدوء الأماني

رَنّةَ الحَقِّ والجمال الخَلوبِ

فَتَصوغ القلوبُ منها أغاريداً

تهزُّ الحياةَ هزَّ الخُطوبِ

تتلوّى الحياةُ من ألَم البؤْ

س فتبكي بِلَوْعَةٍ ونَحيبِ

وعلى مَسْمَعيكَ تَنْهلُّ نوحاً

وعويلاً مرًا شجونُ القُلوبِ

فأرى بُرقعاً شفيفاً من الأو

جاعِ يُلقي عليكَ شجوَ الكَئيبِ

وأرى في السُّكونِ أجنحة الجبَ

ار مُخْضَلّةً بِدَمعٍ حبيبِ

فَلَكَ الله من فؤادٍ رَحيمٍ

ولكَ الله من فؤادٍ كئيبِ

يَهْجَعُ الكَونُ في طمأنينةِ العُصْ

فورِ طِفْلاً بِصَدرِكَ الغِرِّيبِ

وبأحْضانكَ الرَّحيمةِ يستيقظُ في

نضرة الضَّحوكِ الطَّروبِ

شادياً كالطُّيوبِ بالأملِ العَذْ

بِ جميلاً كَبَهجةِ الشُّؤْبوبِ

يا ظلامَ الحياةِ يا رَوْعة الحُزْ

نِ ويا مِعْزَفَ التَّعيسِ الغَريبِ

وبقيثارةِ السَّكينةِ في ك

فَّيْكَ تَنْهَلُّ رَنَّةُ المَكْروبِ

فيكَ تنمو زَنابقُ الحُلُمِ العذْ

بِ وتَذوي لَدى لَهيبِ الخُطوبِ

خَلْفَ أعماقكَ الكئيبةِ تَنْسا

بُ ظِلالُ الدُّهورِ ذاتَ قُطوبِ

وبِفَوْديكَ في ضَفائِرِكَ

السُّود تَدبُّ الأيَّامُ أيَ دَبيبِ

صاحِ إنَّ الحياةَ أنشودةُ الحُزْ

نِ فَرَتِّلْ على الحياةِ نَحيبي

إنّ كأسَ الحياةِ مُتْرَعةٌ بالدَّ

مْعِ فاسكُبْ على الصَّباحِ حَبيبي

إنّ وادي الظَّلامِ يَطْفَحُ بالهَوْ

لِ فما أبعَدَ ابتسامَ القُلوبِ

لا يَغُرَّنَّكَ ابتسامُ بَني الأرْ

ضِ فَخَلْفَ الشُّعاعِ لَذْعُ اللَّهيبِ

أَنْتَ تدري أنَّ الحياةَ قُطو

بٌ وخُطوبٌ فما حياةُ القُطوبِ

إنَّ في غيبةِ الدُّهورِ تِباعاً

لِخَطيبٍ يَمُرُّ إثرَ خَطيبِ

سَدَّدَتْ في سكينة الكون للأعما

قِ نفسي لَحْظاً بعيدَ الرُّسوبِ

نَظْرةٌ مَزَّقَتْ شِعاف اللَّيالي

فَرأتْ مُهْجَةَ الظَّلامِ الهَيوبِ

ورأتْ في صميمَها لَوعَةَ الحُز

نِ وأصغَتْ إلى صُراخِ القُلوبِ

لا تُحاوِلْ أنْ تنكرَ الشَّجْوَ إنّي

إني قَدْ كَرِهْتُ فيها نصيبي

كُنْ كَما شاءتِ السَّماءُ كَثيباً

أيُّ شيءٍ يَسُرُّ نفسَ الأريبِ

أنُفوسُ تموتُ شاخِصةً بالهو

لِ في ظُلمةِ القُنوط العَصيبِ

أمْ قُلوبٌ مُحِطَّاتٌ على سا

حلِ لُجِّ الأسى بِمَوجِ الخُطوبِ

إنَّما النّاسُ في الحياةِ طيورُ

قَدْ رَماها القَضا بِوادٍ رَهيبِ

يَعْصُفُ الهولُ في جوانبه السو

دِ فَيَقْضي على صَدى العَندَليبِ

قَدْ سألتُ الحياةَ عن نغمةِ الفَج

رِ وعن وَجْمة المساء القَطوبِ

فَسمِعْتُ الحياة في هيكل الأحزا

نِ تشدو بِلَحْنِها لمحبوبِ

ما سُكوتُ السَّماءِ إلاَّ وُجومٌ

ما نشيدُ الصَّباحِ غيرُ نحيبِ

ليسَ في الدَّهرِ طائرٌ يتغنّى

في ضِفافِ الحياةِ غَيرَ كَئيبِ

خَضَّبَ الاكتئابُ أجنحَة الأيّا

مِ بالدَّمعِ والدَّم المَسْكوبِ

وعَجيبٌ أن يفرح الناسُ في كَه

فِ اللَّيالي بِحُزنِها المَشبوبِ


على قدرِ الهوى يأْتي العِتابُ

يقول أحمد شوقي:

اِختِلافُ النَهارِ وَاللَيلِ يُنسي

اُذكُرا لِيَ الصِبا وَأَيّامَ أُنسي

وَصِفا لي مُلاوَةً مِن شَبابٍ

صُوِّرَت مِن تَصَوُّراتٍ وَمَسِّ

عصفتْ كالصَّبا اللعوبِ ومرّت

سِنة ً حُلوة ً، ولذَّة ُ خَلْس

وسلا مصرَ : هل سلا القلبُ عنها

أَو أَسا جُرحَه الزمان المؤسّي؟

كلما مرّت الليالي عليه

رقَّ ، والعهدُ في الليالي تقسِّي

مُستَطارٌ إذا البواخِرُ رنَّتْ

أَولَ الليلِ، أَو عَوَتْ بعد جَرْس

راهبٌ في الضلوع للسفنِ فَطْن

كلما ثُرْنَ شاعَهن بنَقسْ

يا ابنة َ اليمِّ ، ما أبوكِ بخيلٌ

ما له مولَعًا بمنعٍ وحبس ؟

أَحرامٌ عَلى بَلابِلِهِ الدَو

حُ حَلالٌ لِلطَيرِ مِن كُلِّ جِنسِ

كُلُّ دارٍ أَحَقُّ بِالأَهلِ إِلّا

في خَبيثٍ مِنَ المَذاهِبِ رِجسِ

نَفسي مِرجَلٌ وَقَلبي شِراعٌ

بِهِما في الدُموعِ سيري وَأَرسي

وَاِجعَلي وَجهَكِ الفَنارَ وَمَجرا

كِ يَدَ الثَغرِ بَينَ رَملٍ وَمَكسِ

وَطَني لَو شُغِلتُ بِالخُلدِ عَنهُ

نازَعَتني إِلَيهِ في الخُلدِ نَفسي

وَهَفا بِالفُؤادِ في سَلسَبيلٍ

ظَمَأٌ لِلسَوادِ مِن عَينِ شَمسِ

شَهِدَ اللَهُ لَم يَغِب عَن جُفوني

شَخصُهُ ساعَةً وَلَم يَخلُ حِسّي

يُصبِحُ الفِكرُ وَالمَسَلَّةُ نادي

هِ وَبِالسَرحَةِ الزَكِيَّةِ يُمسي

وَكَأَنّي أَرى الجَزيرَةَ أَيكاً

نَغَمَت طَيرُهُ بِأَرخَمَ جَرسِ

هِيَ بَلقيسُ في الخَمائِلِ صَرحٌ

مِن عُبابٍ وَصاحَبٌ غَيرُ نِكسِ

حَسبُها أَن تَكونَ لِلنيلِ عِرساً

قَبلَها لَم يُجَنَّ يَوماً بِعِرسِ


ثلاث مفاجآت لامرأة رومانسية

قصيدة نزار قباني في حب المرأة:

سَتُفاجأ – سيِّدتي – لو تعلمُ
أني أجهلُ ما تعريفُ الحبّْ!!
وستحزن جداً.. حين ستعلمُ
أن الشاعرَ ليس بعلاّمٍ للغيبْ..
أنا آخرُ رجلٍ في الدنيا
يَتنبَّأُ عن أحوال القلبْ
سيّدتي.
إنّي حين أحبُّكِ..
لا أحتاجُ إلى (أل) التعريفْ
سأكونُ غيباً لو حاولتُ،
وهل شمسٌ تدخُلُ في ثقبْ
لو عندكِ تعريفٌ للشِعْرِ.
فعندي تعريفٌ للحُبّْ..
ستُفاجأ سيّدتي لو تعلمُ
أنّي أميٌّ جداً في علم التفسيرْ
إنْ كنتُ نجحتُ كتابياً في عَمَل الحُبّ
فما نَفْعُ التنظيرْ؟؟
أيصدِّقُ أحدٌ أن مليكَ العِشْقِ، وصيَّادَ الكلماتْ
والديكَ الأقوى في كلّ الحَلَباتْ
لا يعرفُ أينَ.. وكيفَ..
تبلّلنا أمطارُ الوجدْ
ولماذا هندٌ تُدخِلُنا في زمن الشِعر..
ولا تُدْخِلُنا دعدْ..
أيصدّقُ أحدٌ أن فقيهَ الحبِّ، ومرجعَهُ
لا يُحسِنُ تفسيرَ الآياتْ..
ستُفاجأُ سيّدتي لو تعلمُ،
أني لا أهتمُّ بتحصيل الدرَجَاتْ
وبأني رجلٌ لا يُرْعبُهُ تكرارُ السَنَواتْ
وتُفاجأُ أكثرَ..
حين ستعلمُ أني رغْمَ الشيب.. ورغْمَ الخبرةِ..
لم أتخرَّجْ من جامعة الحُبّْ..
إني تلميذٌ سيّدتي..
إني تلميذُكِ سيّدتي..
وسأبقى – حتى يأذَنَ ربّي – طالبَ علمْ
وسأبقى دوماً عصفوراً..
يتعلَّمُ في مدرسة الحُلْمْ...
3946 مشاهدة
للأعلى للسفل
×