محتويات
قصيدة في الغزل
يقول المتنبي في الغزل:
أرَقٌ عَلى أرَقٍ وَمِثْلي يَأرَقُ
- وَجَوًى يَزيدُ وَعَبْرَةٌ تَتَرَقْرَقُ
جُهْدُ الصّبابَةِ أنْ تكونَ كما أُرَى
- عَينٌ مُسَهَّدَةٌ وقَلْبٌ يَخْفِقُ
مَا لاحَ بَرْقٌ أوْ تَرَنّمَ طائِرٌ
- إلاّ انْثَنَيْتُ وَلي فُؤادٌ شَيّقُ
جَرّبْتُ مِنْ نَارِ الهَوَى ما تَنطَفي
- نَارُ الغَضَا وَتَكِلُّ عَمّا يُحْرِقُ
وَعَذَلْتُ أهْلَ العِشْقِ حتى ذُقْتُهُ
- فعجبتُ كيفَ يَموتُ مَن لا يَعشَقُ
وَعَذَرْتُهُمْ وعَرَفْتُ ذَنْبي أنّني
- عَيّرْتُهُمْ فَلَقيتُ فيهِ ما لَقُوا
أبَني أبِينَا نَحْنُ أهْلُ مَنَازِلٍ
- أبَداً غُرابُ البَينِ فيها يَنْعَقُ
نَبْكي على الدّنْيا وَمَا مِنْ مَعْشَرٍ
- جَمَعَتْهُمُ الدّنْيا فَلَمْ يَتَفَرّقُوا
أينَ الأكاسِرَةُ الجَبابِرَةُ الأُلى كَنَزُوا
- الكُنُوزَ فَما بَقينَ وَلا بَقوا
من كلّ مَن ضاقَ الفَضاءُ بجيْشِهِ
- حتى ثَوَى فَحَواهُ لَحدٌ ضَيّقُ
خُرْسٌ إذا نُودوا كأنْ لم يَعْلَمُوا
- أنّ الكَلامَ لَهُمْ حَلالٌ مُطلَقُ
فَالمَوْتُ آتٍ وَالنُّفُوسُ نَفائِسٌ
- وَالمُسْتَعِزُّ بِمَا لَدَيْهِ الأحْمَقُ
وَالمَرْءُ يأمُلُ وَالحَيَاةُ شَهِيّةٌ
- وَالشّيْبُ أوْقَرُ وَالشّبيبَةُ أنْزَقُ
وَلَقَدْ بَكَيْتُ على الشَّبابِ وَلمّتي
- مُسْوَدّةٌ وَلِمَاءِ وَجْهي رَوْنَقُ
حَذَراً عَلَيْهِ قَبلَ يَوْمِ فِراقِهِ
- حتى لَكِدْتُ بمَاءِ جَفني أشرَقُ
أمّا بَنُو أوْسِ بنِ مَعْنِ بنِ الرّضَى
- فأعزُّ مَنْ تُحْدَى إليهِ الأيْنُقُ
كَبّرْتُ حَوْلَ دِيارِهِمْ لمّا بَدَتْ منها
- الشُّموسُ وَليسَ فيها المَشرِقُ
وعَجِبتُ من أرْضٍ سَحابُ أكفّهمْ
- من فَوْقِها وَصُخورِها لا تُورِقُ
وَتَفُوحُ من طِيبِ الثّنَاءِ رَوَائِحٌ
- لَهُمُ بكُلّ مكانَةٍ تُسْتَنشَقُ
مِسْكِيّةُ النّفَحاتِ إلاّ أنّهَا
- وَحْشِيّةٌ بِسِواهُمُ لا تَعْبَقُ
أمُريدَ مِثْلِ مُحَمّدٍ في عَصْرِنَا
- لا تَبْلُنَا بِطِلابِ ما لا يُلْحَقُ
لم يَخْلُقِ الرّحْمنُ مثلَ مُحَمّدٍ
- أحَداً وَظَنّي أنّهُ لا يَخْلُقُ
يا ذا الذي يَهَبُ الكَثيرَ وَعِنْدَهُ
- أنّي عَلَيْهِ بأخْذِهِ أتَصَدّقُ
أمْطِرْ عَليّ سَحَابَ جُودِكَ ثَرّةً
- وَانظُرْ إليّ برَحْمَةٍ لا أغْرَقُ
كَذَبَ ابنُ فاعِلَةٍ يَقُولُ بجَهْلِهِ
- ماتَ الكِرامُ وَأنْتَ حَيٌّ تُرْزَقُ
قصيدة في وصف العمران
من قصائد البحتري:
يا مَنْ رَأى البِرْكَةَ الحَسْنَاءَ رُؤيَتُها
- والآنِسَاتِ، إذا لاحَتْ مَغَانِيها
بحَسْبِهَا أنّها، في فَضْلِ رُتْبَتِها
- تُعَدُّ وَاحِدَةً والبَحْرُ ثَانِيها
ما بَالُ دِجْلَةَ كالغَيْرَى تُنَافِسُها
- في الحُسْنِ طَوْراً وأطْوَاراً تُباهِيهَا
أمَا رَأتْ كالِئ الإسلامِ يَكْلئهَا
- مِنْ أنْ تُعَابَ، وَبَاني المَجدِ يَبْنيهَا
كَأنّ جِنّ سُلَيْمَانَ الذينَ وَلُوا
- إبْداعَهَا، فأدَقّوا في مَعَانِيهَا
فَلَوْ تَمُرُّ بهَا بَلْقِيسُ عَنْ عَرَضٍ
- قالَتْ هيَ الصّرْحُ تَمثيلاً وَتَشبيهَا
تَنْحَطُّ فيها وُفُودُ المَاءِ مُعْجِلَةً
- كالخَيلِ خَارِجَةً من حَبْلِ مُجرِيهَا
كأنّما الفِضّةُ البَيضاءُ، سَائِلَةً
- مِنَ السّبائِكِ تَجْرِي في مَجَارِيها
إذا عَلَتْهَا الصَّبَا أبدَتْ لهَا حُبُكاً
- مثلَ الجَوَاشِنِ مَصْقُولاً حَوَاشِيهَا
فَرَوْنَقُ الشّمسِ أحْياناً يُضَاحِكُها
- وَرَيّقُ الغَيْثِ أحْيَاناً يُبَاكِيهَا
إذا النُّجُومُ تَرَاءَتْ في جَوَانِبِهَا
- لَيْلاً حَسِبْتَ سَمَاءً رُكّبتْ فيهَا
لا يَبلُغُ السّمَكُ المَحصُورُ غَايَتَهَا
- لِبُعْدِ ما بَيْنَ قاصِيهَا وَدَانِيهَا
يَعُمْنَ فيهَا بِأوْسَاطٍ مُجَنَّحَةٍ
- كالطّيرِ تَنقَضُّ في جَوٍّ خَوَافيهَا
لَهُنّ صَحْنٌ رَحِيبٌ في أسَافِلِهَا
- إذا انحَطَطْنَ، وَبَهْوٌ في أعَاليهَا
صُورٌ إلى صُورَةِ الدُّلْفِينِ، يُؤنِسُها
- مِنْهُ انْزِوَاءٌ بِعَيْنَيْهِ يُوَازِيهَا
تَغنَى بَسَاتِينُهَا القُصْوَى بِرُؤيَتِهَا
- عَنِ السّحَائِبِ، مُنْحَلاًّ عَزَاليهَا
كأنّهَا، حِينَ لَجّتْ في تَدَفّقِهَا
- يَدُ الخَليفَةِ لَمّا سَالَ وَادِيهَا
وَزَادَها زُِينةً مِنْ بَعْدِ رُتْبَتِهَا
- أنّ اسْمَهُ حِيْنَ يُدْعَى من أسامِيهَا
مَحْفُوفَةٌ بِرِياضٍ، لا تَزَالُ تَرَى
- رِيشَ الطّوَاوِيسِ تَحكِيهِ وَتحكيهَا
وَدَكّتَينِ كَمِثْلِ الشِّعرَيَينِ غَدَتْ
- إحداهُمَا بإزَا الأخرَى تُسَامِيهَا
إذا مَسَاعي أمِيرِ المُؤمِنِينَ بَدَتْ
- للوَاصِفِينَ، فَلا وَصْفٌ يُدانِيهَا
قصيدة في ذمّ البخل
يقول إيليا أبو ماضي:
وتينة غضة الأفنان باسقة
- قالت لأترابها والصيف يحتضر
بئس القضاء الذي في الأرض أوجدني
- عندي الجمال وغيري عنده النظر
لأحبسنّ على نفسي عوارفها
- فلا يبين لها في غيرها أثر
كم ذا أكلّف نفسي فوق طاقتها
- وليس لي بل لغيري الفيء والثمر
لذي الجناح وذي الأظفار بي وطر
- وليس في العيش لي فيما أرى وطر
إنّي مفصلة ظلّي على جسدي
- فلا يكون به طول ولا قصر
ولست مثمرة إلا على ثقة
- إن ليس يطرقني طير ولا بشر
عاد الربيع إلى الدنيا بموكبه
- فازّينت واكتست بالسندس الشجر
وظلّت التينة الحمقاء عارية
- كأنّها وتد في الأرض أو حجر
ولم يطق صاحب البستان رؤيتها
- فاجتثّها، فهوت في النار تستعر
من ليس يسخو بما تسخو الحياة به
- فإنّه أحمق بالحرص ينتحر
قصيدة عن الأم
- أحنّ إلى خبز أمي
- وقهوة أمي
- ولمسة أمي
- وتكبر في الطفولة
- يومًا على صدر يوم
- وأعشق عمري لأني
- إذا متّ،
- أخجل من دمع أمي!
- خذيني، إذا عدت يومًا
- وشاحًا لهدبك
- وغطّي عظامي بعشب
- تعمّد من طهر كعبك
- وشُدّي وثاقي..
- بخصلة شعر..
- بخيطٍ يلوَّح في ذيل ثوبك..
- عساني أصيرُ إلهاً
- إلهاً أصيرْ.
- إذا ما لمستُ قرارة قلبك!
- ضعيني، إذا ما رجعتُ
- وقوداً بتنور ناركْ...
- وحبل غسيل على سطح دارك
- لأني فقدتُ الوقوف
- بدون صلاة نهارك
- هَرِمْتُ، فردّي نجوم الطفولة
- حتى أُشارك
- صغار العصافير
- درب الرجوع...
- لعُشِّ انتظارِك!
قصيدة عن الظلم
يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن الظلم:
أَما وَاللَهُ إِنَّ الظُلمَ شُؤمٌ
- وَلا زالَ المُسيءُ هُوَ الظَلومُ
إِلى الديّانِ يَومُ الدينِ نَمضي
- وَعِندَ اللَهِ تَجتَمِعُ الخُصومُ
سَتَعلَمُ في الحِسابِ إِذا الِتَقَينا
- غَداً عِندَ المَليكِ مَنِ الغَشومُ
سَتَنقَطِعُ اللِذاذَةُ عَن أُناسٍ
- مِن الدُنيا وَتَنقَطِع الهُمومُ
لِأَمرٍ ما تَصَرَّفَتِ اللَيالي
- لِأَمرٍ ما تَحَرَّكَتِ النُجومُ
سَلِ الأَيّامَ عَن أُمَمٍ تَقَضَّت
- سَتُخبِرُكَ المَعالِمُ وَالرُسومُ
تَرومُ الخُلدَ في دارِ المَنايا
- فَكَم قَد رامَ مِثلَكَ ما تَرومُ
تَنامُ وَلَم تَنَم عَنكَ المَنايا
- تَنبَّه لِلمَنِّيَةِ يا نُؤومُ
لَهَوتَ عَنِ الفَناءِ وَأَنتَ تَفنى
- فَما شَيءٌ مِنَ الدُنيا يَدومُ
تَموتُ غَداً وَأَنتَ قَريرُ عَينٍ
- مِنَ الفَضَلاتِ في لُجَحٍ تَعومُ
قصيدة عن شعب مصر
يقول عبد الرحمن العشماوي:
تهبُّ الرِّياحُ ولا مَهْرَبُ
- فأرضُ الكِنَانَةِ لا تَلْعبُ
ومِصرُ الكِنانَةِ تاريخُها
- ينابيعُ تُعطي ولا تنْضُبُ
وشعبُ الكِنانَةِ لا ينْزوي
- ولا يَتَوارَى ولا يهرُبُ
صبورٌ على ضيقِ أيَّامِهِ
- يُداري ويرْضَى ولا يشْغُبُ
ولكنَّهُ حينَما يصْطلي
- بِنَارِ الإهانَةِ لا يرْهَبُ
ومَا شَعْبُ مِصرَ سوى قصَّةٍ
- بأقلامِ أمْجادِنا تُكْتَبُ
كذلكَ أُمَّتُنا، قلبُها
- سليمٌ ومعْدِنُها طيِّبُ
وفيها شعوبٌ بإسلامِها
- تعزُّ ومنْ نبْعِهِ تشْربُ
شُعُوبٌ تمدُّ لحكَّامِها
- يَدَ الحبِّ إلاَّ إذا خرَّبوا
توطِّيء أكْنَافَها حينَما
- تُصانُ الحقوقُ ولا تُسْلَبُ
تُسَلِّمُ حكَّامَها أمرَهَا
- إذا لمْ يخُونوا ولمْ ينْهبوا
شعُوبٌ كرامَتُها دُرَّةٌ
- فلا تُسْتباحُ ولا تُثْقبُ
شعوبٌ مشَاعِرُها عذْبةٌ
- ومَنْهَلُ إيمَانِها أعْذَبُ
تُحِبُّ الهدوءَ وتَرْضى بهِ
- ويُعْجِبُها روضُهُ المُعْشِبُ
ولكِنَّها حينما تُزْدرَى
- وعن حقِّها في الورَى تُحْجَبُ
تصيرُ الشُّعوبُ هُنَا جَمْرةً
- مؤَجَّجَةً، نارُها تَلْهُبُ
أَيا شعبَ مِصرَ ويا نِيلَها
- ويا دوْحةً روضُها مُخْصِبُ
يُحَييكمُ المجْدُ مُستبشِراً
- بشمسٍ منَ العدْلِ لا تَغْرُبُ
هوَ الحقُّ فجرٌ لأنْوَارِهِ
- بلاَبِلُ أُمَّتِنا تطْرَبُ
إذا انْتَشرَ العدْلُ في اُمَّةٍ
- سَمَا قدْرُها ونَجَا المَرْكَبُ