أشعار فاروق جويدة عن الشوق

كتابة:
أشعار فاروق جويدة عن الشوق

قصيدة: ولا شيء بعدك

قال الشاعر فاروق الجويدة:

لأنكِ سر
وكل حياتي مشاع، مشاع
ستبقين خلف كهوف الظلام
طقوسًا، ووهمًا
عناق سحاب، ونجوى شعاع
فلا أنتِ أرض
ولا أنتِ بحر
ولا أنتِ لقيا
تطوف عليها ظلال الوداع
وتبقين خلف حدود الحياة
طريقًا، وأمنًا
وإن كان عمري ضياعًا، ضياع
لأنكِ سر
وكل حياتي مشاع مشاع
فأرضي استبيحت
وما عدت أملك فيها ذراع
كأني قطار
يسافر فيه جميع البشر
فقاطرة لا تمل الدموع
وأخرى تهيم عليها الشموع
وأيام عمري غناوي السفر
أعود إليكِ إذا ما سئمت
زمانًا جحودًا
تكسر صوتي على راحتيه
وبين عيونك لا أمتهن
وأشعر أن الزمان الجحود
سينجب يومًا زمانًا بريئًا
ونحيا زمانًا، غير الزمن
عرفت كثيرًا
وجربت في الحرب كل السيوف
وعدت مع الليل كهلًا هزيلًا
دماء وصمت وحزن، وخوف
جنودي خانوا، فأسلمت سيفي
وعدت وحيدا
أجرجر نفسي عند الصباح
وفي القلب وكر لبعض الجراح
وتبقين سرًا

وعُشًا صغيرًا

إذا ما تعبت أعود إليه
فألقاك أمنا إذا عاد خوفي
يعانق خوفي، ويحنو عليه
ويصبح عمري مشاعًا لديه
أراكِ ابتسامة يوم صبوح
تصارع عمرًا عنيد السأم
وتأتي الهموم جموعًا جموعا
تحاصر قلمي رياح الألم
فأهفو إليكِ
وأسمع صوتًا شجي النغم
ويحمل قلبي بعيًدا بعيدا
فأعلو، وأعلو
ويضحى زماني تحت القدم
وتبقين أنت الملاذ الأخير
ولا شيء بعدك غير العدم.[١]

قصيدة: قد نلتقي

قال الشاعر فاروق الجويدة:

أترى يعود لنا الربيع ونلتقي
ونعيش مارس بين حلم مشرق؟
قد نلتقي يا حبي المجهول رغم وداعنا
كي نزرع الآمال تنشر ظلها
وستنبت الآمال بين دموعنا
لا تجزعي
لا تجزعي إن كانت الأيام قد عصفت بنا
فغدًا يعود لنا اللقاء
وتعود أطيار الربى
سَكرى تحلق في السماء
وسترجعين لتذكري أيامنا
فلنا وليد مات حزنًا بيننا
ثم انتهى
في كل يوم في المنام يزورني
فيثور جرح في الفؤاد يلومني
ما ذنبه المسكين مات ولم يزل
طفلًا تعانقه الحياة
ما ذنبه المسكين مات بلا أمل؟
سنزور قبر الطفل يا أمل الحياة
ونقيم فوق القبر أوقات الصلاة
ونعانق الأشواق بين ظلاله
وهناك نسجد في رحاب جماله
ونعود نذكر ما طوت منا السنين
وعلى تراب القبر سوف تضمنا أشواقنا
وهناك يجمعنا الحنين
فغدًا سأزرع في رباه الياسمين
كي نلتقي تحت الظلال مع المنى
ونعود مثل العاشقين
يا طفلنا المحبوب لا تخش النوى
فغدا سيجمعنا الربيع ونلتقي
ونراك في الثوب الجميل الأزرق
ونراك كالعمر القديم المشرق
إن كان صمت القبر في ليل الدجى
يضفي عليك مرارة الأموات
فسأرسل الأشعار لحنًا هادئًا
ينساب سحرًا في صدى كلماتي
ما كان لي في العمر غيرك بعدما
عفت الحياة فقد جعلتك ذاتي
إن عز في هذا الربيع لقاؤنا
سنعيش ننتظر الربيع الآتي
أترى يعود لنا الربيع ونلتقي؟
قد نلتقي.[٢]

قصيدة: ونشقى بالأمل

قال الشاعر فاروق الجويدة:

ويحملني الحنين إليكِ طفلا

وقد سلب الزمان الصبر مني

وألقى فوق صدركِ أمنياتي

وقد شقي الفؤاد مع التمني

غرست الدرب أزهارًا بعمري

فخيبت السنون اليوم ظني

وأسلمت الزمان زمام أمري

وعشت العمر بالشكوى أغني

وكان العمر في عينيك أمنًا

وضاع العمر يوم رحلتِ عني.[٣]

قصيدة: ومال زال عطرك

قال الشاعر فاروق الجويدة:

وإن صرتِ ليلًا كئيب الظلال
فما زلت أعشق فيكِ النهار
وإن مزقتني رياح الجحود
فما زال عطركِ عندي المزار
أدور بقلبي على كل بيت
ويرفض قلبي جميع الديار
فلا الشط لملم جرح الليالي
ولا القلب هام بسحر البحار
فما زال يعشق فيكِ النهار.[٤]

قصيدة: في موكب الشوق يمضي زماني

قال الشاعر فاروق الجويدة:

سيأتى إليكِ زمان جديد
وفي موكب الشوق يمضي زماني
وقد يحمل الروض زهرًا نديًّا
ويرجع للقلب عطر الأماني
وقد يسكب الليل لحنًا شجيًا
فيأتيكِ صوتي حزين الأغاني
وقد يحمل العمر حلمًا وليدًا
لحب جديد سيأتي مكاني
ولكن قلبكِ مهما افترقنا
سيشتاق صوتي وذكرى حناني
سيأتي إليكِ زمان جديد
ويصبح وجهي خيالًا عَبَرْ
ونقرأ في الليل شعرًا جميلًا
يذوب حنينًا كضوء القمر
وفي لحظة نستعيد الزمان
ونذكر عمرًا مضى واندثر
فيرجع للقلب دفء الحياة
وينساب كالضوء صوت المطر
ولن نستعيد حكايا العتاب
ولا من أحب، ولا من غدر
إذا ما أطلت عيون القصيدة
وطافت مع الشوق حيرى شريدة
سيأتيكِ صوتي يشق السكون
وفي كل ذكرى جراح جديدة
وفي كل لحن ستجرى دموع
وتعصف بي كبرياء عنيدة
وتعبر في الأفق أسراب عمري
طيورًا من الحلم صارت بعيدة
وإن فرقتنا دروب الأماني
فقد نلتقي صدفة في قصيدة
ستعبر يومًا على وجنتيكِ
نسائم كالفجر سَكْرَى بريئة
فتبدو لعينيكِ ذكرى هوانا
شموعًا على الدرب كانت مضيئة
ويبقى على البعد طيف جميل
تودين في كل يوم مجيئه
إذا كان بعدكِ عني اختيارًا
فإن لقانا وربى مشيئة
لقد كنتِ في القرب أغلى ذنوبي
وكنتِ على البعد أحلى خطيئة
وإن لاح في الأفق طيف الخريف
وحامت علينا هموم الصقيع
ولاحت أمامكِ أيام عمري
وحلق الغيم وجه الربيع
وفي ليلة من ليالي الشتاء
سيغفو بصدركِ حلم وديع
تعود مع الدفء ذكرى الليالي
وتنساب فينا بحار الدموع
ويصرخ في القلب شيء ينادي
أما من طريق لنا للرجوع
وإن لاح وجهكِ فوق المرايا
وعاد لنا الأمس يروى الحكايا
وأصبح عطركِ قيدًا ثقيلًا
يمزق قلبي ويدمى خطايا
وجوه من الناس مرت علينا
وفي آخر الدرب صاروا بقايا
ولكن وجهكِ رغم الرحيل
إذا غاب طيفًا بَدَا في دِمَايَا
فإن صار عمركِ بعدي مرايا
فلن تلمحى فيه شيء سوايا
وإن زارنا الشوق يومًا ونادى
وغنى لنا ما مضى واستعادا
وعاد إلى القلب عهد الجنون
فزاد احتراقًا وزدنا بعادا
لقد عاش قلبي مثل النسيم
إذا ذاق عطرًا جميلًا تهادى
وكم كان يصرخ مثل الحريق
إذا ما رأى النار سكرى تتمادى
فهل أخطأ القلب حين التقينا
وفي نشوة العشق صرنا رمادا
كؤوس توالت علينا فذقنا
بها الحزن حينًا، وحينًا سهادا
طيورٌ تحلق في كل أرض
وتختار في كل يوم بلادا
وتوالت على الروض أسراب طيرٍ
وكم طار قلبي إليها وعادا
فرغم اتساع الفضاء البعيد
فكم حن قلبي، وغنى ونادى
وكم لمته حين ذاب اشتياقا
وما زاده اللوم إلا عنادا.[٥]

المراجع

  1. " ولا شيء بعدك"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 9/12/2021.
  2. "قد نلتقي"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 9/12/2021.
  3. "ونشقى بالأمل"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 9/12/2021.
  4. "ومال زال عطرك"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 9/12/2021.
  5. "في موكب الشوق يمضي زماني"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 9/12/2021.
6235 مشاهدة
للأعلى للسفل
×