ابتهل
- يقول عبد الرحمن العشماوي:
ابتهلْ، فالسَّماءُ تفتَحُ باب
- ومضيقُ الأسى يَصير رحابا
ابتهلْ صادقاً، تَرَ النورَ يَهمي
- وترى ما طلبتَه مُستجابا
أنتَ لا تسألُ العبادَ، ولكنْ
- تسألُ الله رازقاً وهَّابا
تسألُ اللهَ قادراً، حين يقضي
- بقضاءٍ يطوِّع الأَسبابا
لا تَخَفْ سَطْوَةَ البُغَاةِ، إِذا م
- أشعلوا النارَ فتنةً واضطرابا
أيُّها السائلُ الحبيبُ، تمهَّلْ
- قبل أنْ تُلْبِسَ السُّؤالَ العتابا
آهِ، لو أنَّ ما بقلبي تجلَّى
- لك حِسَّاً ولوعةً واكتئابا
لو تأمَّلْتَ ما حَوَى الصَّدْرُ مني
- لرأتْ مقلتاكَ قلباً مُذَابا
ورأيتَ الذي يقوم بعذري
- في زمانٍ يفرِّق الأَحبابا
الحمدُ لله مَوْصُولا كما وجبا
- يقول لسان الدين الخطيب:
الحمدُ لله مَوْصُولا كما وجبا
- فهو الذي برداء العِزّة احْتَجَبا
الباطِن الظّاهرِ الحق الذي عَجَزَتْ
- عنه المدارِكُ لما أمْعَنَتْ طَلَبا
علا عنِ الوصْفِ مَن لا شيءَ يُدْرِكُه
- وجَلَّ عن سبَبٍ من أوْجَدَ السّببا
والشُّكرُ للهِ في بدْءٍ ومُخْتَتَم
- فالله أكرَمُ من أعْطى ومَنْ وَهَبا
ثم الصّلاة ُ على النُّورِ المبينِ ومن
- آياته لَمْ تَدَعْ إفْكاً ولا كَذِبا
مُحَمَّدٌ خيرُ من تُرْجى شَفاعتُهُ
- غداً وكُلّ امرىء ٍ يُجْزَى بما كَسَبا
ذو المعجزات التي لاحَتْ شواهِدُها
- فشاهَدَ القوْمُ من آياتِهِ عجَبَا
ولا كمِثْلِ كتابِ الله مُعجِزَة ٍ
- تبْقَى على الدَّهْرِ إنْ ولّى وإنْ ذهبا
صلّى عليه الذي أهْداهُ نُورَ هُدًى
- ما هبَّتِ الرِّيحُ من بعدِ الجنوبِ صَبا
ثمّ الرّضا عن أبي بكْرٍ وعن عُمَرٍ
- بَدْرانِ من بعده للمِلّة ِ انْتُخِبا
وبعدُ عُثْمان ذو النُّورَيْن ثالِثُهم من أحْرَزَ المجدَ مَوْروثا ومُكْتَسَبا
- وعن عليًّ أبي السِّبْطَيْن رابِعهم
- سيْفِ النّبي الذي ما هزَّه فَنَبا
وسائِرِ الأهلِ والصّحْب الكرامِ فهُمْ
- قد أشْبَهُوا في سماء الملَّة ِ الشُّهُبا
وبَعْدَ أنصارِهِ الأرضَيْن إنّ لهمْ
- فضائلاً أعْجَزَتْ منْ عدَّ أو حَسَبا
آوَوْه في الرَّوْع لمّا حَلّ دارَهُمْ
- وجالَدُ وأمنْ عَتا في دينِهِ وأبا
وأوْرَثُوا مِنْ بني نَصْرٍ لنُصْرَتِهِ
- خلائفاً وصلُوا من بعدِهِ السّببا
ولا كيُوسُفَ مولانا الذي كَرُمَتْ
- آثارُهُ وبنيهِ السّادة ِ النُّجَبا
وبعدَ هذا الذي قدَّمْتُ من كَلمٍ
- صِدْق يُقَدِّمُهُ من خَطّ أو خَطَبا
فإنني حُزْتُ من سامي الخلالِ مدًا
- أجَلْتُ فيه جِياحَ الفَخْرِ مُنْتَسَبا
إمارَة ٌ قد غدا نصْرٌ لقُبَّتِها
- عِمادَ عِزٍّ وكُنّا حولهُ طُنُبا
سلَكْتُ فيها نهْج الإمام أبي
- وطالما أشْبهَ النّجْلُ الكريمُ أبا
فكان أوّلَ ما قدَّمْتُ في صِغَري
- مِنْ بعد ما قد جَمَعْتُ الفضْل والأدَبا
إني جعَلْتُ كتاب الله مُعْتَمِدا
- لا تعرفُ النّفسُ في تحصيلِهِ تَعَبا
كأنني كُلّما رَدَّدْتُه بفمي
- أسْتنشِقُ المِسْك أو أسْتَطْعِمُ الضَّرَبا
حتى ظفِرْتُ بحظٍّ منهُ أحْكِمُهُ
- حِفْظاً فَيَسَّرَ منه الله لي أرَبا
وعن قريبٍ بحولِ الله أحْفظُهُ
- فرُبّما أدْرك الغاياتِ مَنْ طلبا
فالله يجْرزي أميرَ المسلمينَ أبي
- خيْر الجزاء فكَمْ حقٍّ لهُ وَجَبا
وأنْعُم غَمَرَتْني منه واكِفة ٍ
- وأنْشَأْت في سَماء اللُّطْفِ لي سُحُبا
قَيْسًا دَعاني وسَماني على اسْم أبي
- قَيْسٍ بن سَعْدٍ ألا فاعْظِم به نَسَبا
بأي شُكْرٍ نُوَفِّي كُنْهَ نِعْمَتِه
- لو أنّ سحْبان أو قُسّاً لها انْتُدِبا
وكافأ اللهُ أشْياخي برَحْمتِهِ
- ومن أعانَ ومن أمْلى ومن كَتَبا
والحمدُ للهِ ختْماً بعد مُفْتَتَحِ
- ما البارِقُ التاج أو ما العارِضُ انْسَكَبا
كن مع الله ترى الله معك
- يقول عبد المغني النابلسي:
كن مع الله ترى الله معك
- واترك الكل وحاذر طمعك
والزم القنع بمن أنت له
- في جميع الكون حتى يسعك
بالصفا عن كدر الحس فغب
- واطرح الأغيار واترك خدعك
لا تموّه بك واطلب منك ما
- فرّ من يوم بشأن ضيعك
وعوجا علي سفح ذاك اللوى
- وإن جئتما دار سلمى قفا
فإني مشوق كثير الجوى
- عسى الحب بالوصل أن يعطفا
وقولا لمن لام وربح الذي
- به كدربين أهل الصفا
مع الله
- عبد المعطي الدالاتي:
مع الله في القلب لما انكسرْ
- مع الله في الدمع لما انهمرْ
مع الله في التَّوب رغم الهوى
- مع الله في الذنب لما استترْ
مع الله في الروحِ فوق السما
- مع الله في الجسم لما عثرْ
يُنادي يناجي: أيا خالقي!
- عثرتُ.. زللتُ.. فأين المفرّ؟
مع الله في نسمات الصباح
- وعند المسا في ظلال القمر
مع الله في يقظةٍ في البكور
- مع الله في النوم بعد السهرْ
مع الله فجراً.. مع الله ظهراً
- مع الله عَصراً.. وعند السحر
مع الله سرّاً.. مع الله جهراً
- وحين نَجِدُّ، وحين السَّمَر
مع الله عند رجوع الغريبِ
- ولُقيا الأحبَّة بعد السفر
مع الله في عَبرةِ النادمين
- مع الله في العَبَرات الأُخَر
تبوح وتُخبر عن سرِّها
- وفي طُهرها يَستحمُّ القمر
مع الله في جاريات الرياح
- تثير السحاب فيَهمي المطرْ
فتصحو الحياةُ.. ويربو النباتُ
- وتزهو الزهورُ.. ويحلو الثمر
مع الله في الجُرح لما انمحى
- مع الله في العظم لما انجبر
مع الله في الكرب لما انجلى
- مع الله في الهمِّ لما اندثر
مع الله في سَكَناتِ الفؤادِ
- وتسليمهِ بالقضا والقدْر
مع الله في عَزَمات الجهاد
- تقود الأسودَ إلى من كَفَر
مع الله عند التحام الصفوفِ
- وعند الثباتِ، وبعد الظَفَر
مع الله حين يثور الضميرُ
- وتصحو البصيرةُ.. يصحو البصر
وعند الركوعِ.. وعند الخشوعِ
- وعند الصَّفا حين تُتلى السُّوَر
مع الله قبل انبثاق الحياة
- وبعد الممات.. وتحت الحُفَرْ
مع الله حين نجوز الصراط
- نلوذُ.. نعوذ به من سَقَر
مع الله في سدرة المنتهى
- مع الله حين يَطيبُ النظرْ