أعراض الوسواس القهري الجسدية

كتابة:
أعراض الوسواس القهري الجسدية

اضطراب الوسواس القهري

اضطراب الوسواس القهري OCD Obsessive–compulsive disorder، هو اضطرابٌ نفسيّ يشعر فيه الشخص بالحاجة إلى القيام ببعض السلوكيات الروتينية بشكل متكرّر والتي تسمّى السلوك القهري، أو أن تكون لديه أفكار معيّنة بشكل متكرّر والتي تسمّى الأفكار الوسواسيّة، ولا يستطيع الشخص التحكّم في هذه الأفكار أو الأنشطة لفترة زمنية قصيرة، وتشمل أهم أعراض الوسواس القهري الجسدية الشائعة أمثلة كثيرة، كالحاجة إلى غسل اليدين، أو عَدّ الأشياء، أو التحقّق لمعرفة ما إذا كان الباب مغلقًا، وقد يواجه البعض صعوبة في التخلص من الأشياء الماديّة، وتحدث هذه الأنشطة لدرجة أن حياة الشخص اليومية تتأثر سلبًا، وتتكرر هذه الحالات غالبا أكثر من مرة في اليوم، ومعظم البالغين يدركون أن هذه السلوكيات لا معنى لها، كذلك قد ترتبط هذه الحالات مع حصول تشنجات لا إرادية، واضطرابات القلق، وزيادة خطر الانتحار.[١]

انتشار اضطراب الوسواس القهري

إنّ الوسواس القهري هو من الاضطرابات العصابية -أو النفسية- واسعة الانتشار بين أفراد المجتمع، لكن لا توجد إحصاءات دقيقة حول معدل انتشاره، وبحسب الدراسات ذات العلاقة بالموضوع تتراوح نسبة انتشار الأمراض العصابية في المجتمع ما بين 3-4%، ونسبة انتشار الوسواس القهري حوالَيْ 0.05% من أفراد المجتمع بشكلٍ عامّ، وإن أكثر أعراض الوسواس القهري الجسدية انتشارًا بين المصابين هي الهواجس المتعلقة بالتلوث، ممّا يدفعهم إلى تكرار عملية التنظيف مرات عديدة، ونتيجة لتنوع الأمراض والاضطرابات النفسية تنوعت أساليب وطرق العلاج لأعراض الوسواس القهري الجسدية، وأصبح الأمر يتطلب من المعالج النفسي أن يعتمد على المنهجية العلمية والمعرفة الموثوقة من أجل بناء وتطوير أي برنامج علاجي يتصدّى من خلاله لأيّ حالة مرضيّة.[٢]

نشأة الوسواس القهري

تباينت وجهات النظر بشأنِ نشأة الوسواس القهري وتكوينه، إذ يذهب فريق من علماء النفس إلى أنّ أعراض الوسواس القهري الجسدية ترجع لأسباب وراثية تتمثل بالاستعداد للمرض، ويذهب فريق آخر إلى أنّ العوامل البيئية تعمل على تعلم الفرد للوساوس القهرية، وتنتمي المدرسة السلوكية في علم النفس إلى هذا الفريق، وفريق ثالث يرى أن أعراض الوسواس القهري الجسدية ترجع لاسباب إلى العوامل الوراثية والى العوامل البيئية الاجتماعية من ناحية ثانية، وينتمي إلى هذا الفريق رواد نظرية التحليل النفسي كسيجموند فرويد وآخرون.[٣] ويمكن تقسيم أعراض الوسواس القهري الجسدية إلى مجموعة من الأسباب، يمكن تلخيصها على النحو التالي:

الأسباب الوراثية

يرى أصحاب هذا الأنموذج وجود تأثير الوراثة الواضح في ظهور أعراض الوسواس القهري الجسدية، فقد أظهرت الدراسات أنّ اضطراب الوسواس القهري يتكرر ضمن الاسرة الواحدة وبالتالي يمكن اعتباره اضطرابا عائليًا، وقد يمتد مع الأجيال، وقد يظهر مع أقارب الأشخاص الذين يعانون من الوسواس القهري بشكل ملحوظ.[٤]

الأسباب الأسرية

يعتقد أصحاب هذا النموذج أنّ أعراض الوسواس القهري الجسدية ترتبط بالظروف الأسرية، مثل الحرمان من الحب والدّفء العاطفي، ومشاعر الحماية والتقبل، خاصة في مراحل الطفولة المبكرة، إذ إنّ الاتجاهات الوالدية في تربية الأولاد تؤدي دورًا محوريًا في تكوين الأعراض القهرية لديهم، إذ غالبًا ما يشجع الآباء أبناءهم على اكتساب صفات خاصة بهم، ومن المحتمل أن يشجع الآباء الذين يظهرون سمات قهرية أبناءهم على تعلم هذه السمات وتنميتها لديهم، وقد يقومون بذلك بطريقة غير مقصودة حين يشعرون بالارتياح لظهور السمات الخاصة بهم في شخصية أبنائهم.[٥]

الأسباب الاجتماعية

يرى أصحاب هذا الانموذج أن هناك أساسًا اجتماعيًا وثقافيًا وراء أعراض الوسواس القهري الجسدية، حيث يعدّ المجتمع مسؤولًا عن ظهور أعراض الوسواس القهري الجسدية، وذلك حين يفضل المجتمع وجود بعض السمات القهرية، مثل النظافة والتنظيم والدقة والترتيب في الهندام واللباس، وهي صفات مرغوبة، ولكنها تتحوّل إلى اضطراب عند المبالغة في سمة أو أكثر منها.[٦]

الأسباب البيولوجية والفسيولوجية

إذ تشير بعض الدراسات إلى أن أعراض الوسواس القهري الجسدية هي نتيجة تغيّر كيميائيّ في جسم الفرد المصاب، أو في أداء دماغه، وتشير بعض الدراسات إلى أسباب ترتبط بوجود درجة غير كافية أو أقل من اللازم من السيروتونين في الدماغ، مما يسهم في نشوء اضطراب الوسواس القهري، وقد أوضحت هذه الدراسات أن أعراض اضطراب الوسواس القهري تتقلص وتخف حدتها لدى الأشخاص الذين يتعاطون عقاقير تزيد من فاعلية السيروتونين.[٧]

أعراض الوسواس القهري الجسدية

إنّ الوسواس القهري عادة لا يحدث فجأة بشكلٍ كامل، بل تبدأ الأعراض صغيرة، وقد تبدو سلوكيات طبيعية، ويمكن أن يكون سببها أزمة شخصية أو سوء معاملة أو شيء سلبيّ يؤثر كثيرًا على الفرد، مثل وفاة أحد أفراد الأسرة، ومن المرجح أن يعاني أفراد الاسرة الواحدة من اضطراب الوسواس القهري أو اضطراب آخر في الصحة النفسية، مثل الاكتئاب أو القلق، وتشمل أعراض الوسواس القهري الأفكار الوسواسية، والسلوكيات القهرية، أو كليهما، ومن أعراض الوسواس القهري الجسدية ما يأتي:[٨] وتشمل الأعراض الجسدية والفكرية مايلي:

  • وجود وساوس تسلطية أو أفعال قهرية، أو كلاهما، وتشمل أفكارًا أو اندفاعاتٍ أو صورًا متكرّرة وثابتة، تُختبر في وقت ما أثناء الاضطراب باعتبارها مقتحمة متطفلة وغير مرغوبة، وتُسبّب عند معظم الأفراد قلقًا أو إحباطًا ملحوظًا، ويحاول المصاب تجاهل أو قمع مثل هذه الأفكار أو الاندفاعات أو الصور أو تحييدها بأفكار أو أفعال أخرى، أي بأداء فعل قهري، أمّا الأفعال القهرية فهي سلوكيات متكررة مثل: غسل اليدين، الترتيب، والتحقُّق، أو أفعال عقلية، مثل: الصلاة، العَدّ، تكرار الكلمات بصمت، والتي يشعر المريض أنه مُساقَ لأدائها استجابةً لوسواس، أو وفقاً لقواعد ينبغي تطبيقها بصرامة، وتهدف السلوكيات أو الأفعال العقلية إلى منع أو تقليل الإحباط أو القلق، أو منع حادث أو موقف فظيع، بَيْدَ أن هذه السلوكيات أو الأفعال العقلية إمّا أنّها ليست مرتبطة بطريقة واقعية بما هي مُصمَّمة لتحييده أو منعه أو أنها مُفرطة، أمّا الأطفال الصغار فقد لا يكونون قادرين على التعبير عن أهداف هذه السلوكيات أو الأفعال العقلية.
  • التشخيص التفريقي، أو تشخيص الاضطراب عن غيره من الأمراض النفسية، إذ يجب التأكّد أنه لا يمكن تفسير الاضطراب بشكلٍ أفضل باستعمال أعراض اضطراب نفسي أو عقلي آخر، فلا يمكن عزوه مثلًا إلى المخاوف المفرطة، كما في اضطراب القلق المعمم، أو الانشغال بالمظهر، كما في اضطراب تشوه شكل الجسم، وصعوبة التخلص من أو فراق المقتنيات، كما هو الحال في اضطراب الاكتناز، ونتف الشعر، كما في هوس نتف الأشعار اضطراب نتف الشعر، أو نزع الجلد، كما هو الحال في اضطراب نزع الجلد، أو النمطية، كما هو الحال في اضطراب الحركة النمطية، أو طقوس سلوك الأكل، كما هو الحال في اضطرابات الأكل، أو الانشغال بالمواد أو بالمقامرة، كما هو الحال في الاضطرابات الإدمانيّة وذات الصلة بالمواد، أو الانشغال بوجود المرض، كما هو الحال في اضطراب قلق المرض، أو التخيلات الجنسية، كما هو الحال في اضطرابات الولع الجنسي، أو الاندفاعات كما هو الحال في اضطراب السلوك والسيطرة على الانفعالات، أو اجترار الذنب، كما هو الحال في الاضطراب الاكتئابي الجسيم، أو زرع الأفكار أو الانشغالات التوهميّة، كما في طيف الفصام والاضطرابات الذهانية الأخرى، أو الأنماط المتكررة من السلوك، كما في اضطراب طيف التوحد.
  • تكون الوساوس والأفعال القهرية مستهلِكة للوقت، أي تستغرق أكثر من ساعة يوميًّا مثلًا، أو تسبب إحباطًا مرضيًا مهمًا أو ضعف الأداء، في المجالات الاجتماعية والمهنية أو غيرها من مجالات الأداء المهمة الأخرى.
  • لغرض تشخيص المرض، يجب الانتباه الى أن أعراض الوسواس القهري لا تُعزى للتأثيرات الفيزيولوجية لمادة معيّنة، مثلًا إساءة استخدام عقار أو دواء، أو حالة طبية أخرى.
  • من المهم تحديد ما إذا كانت أعراض المرض مع بصيرة جيّدة أو مناسبة، أي أنّ الفرد يدرك بشكلٍ مؤكّد أو بشكلٍ محتمل أن معتقدات الوسواس القهري ليست صحيحة، أو أنها قد تكون أو لا تكون صحيحة، او أن يكون مع بصيرة فقيرة، أي أنّ الفرد يظن أن معتقدات الوسواس القهري صحيحة على الأرجح، أو أن يكون لدى الفرد غياب للبصيرة أو معتقدات وهمية، بحيث يكون الفرد مقتنعًا تمامًا بأن

معتقدات الوسواس القهري صحيحة.

المراجع

  1. "Obsessive–compulsive_disorder", en.wikipedia.org, Retrieved 2-8-2019. Edited.
  2. Nancy Calley (2009), "Comprehensive Program Development in Mental Health Counseling: Design, Implementation, and Evaluation", Journal of Mental Health Counseling, Issue 31, Folder 1, Page 9-21. Edited.
  3. محمد جاسم محمد (2009)، مشكلات الصحة النفسية، اسبابها وعلاجها (الطبعة الأولى)، الاردن: دار الثقافة، صفحة 237-250. بتصرّف.
  4. Gerald Nestadt, Jack Samuels, Mark A Riddle, et al. (2000), "A family study of obsessive-compulsive disorder", Archives of General Psychiatry, Issue 57, Folder 4, Page 358-363. Edited.
  5. , Joseph Himle, Robert Taylor, Ann Nguyen, et al (2017), "Family and Friendship Networks and Obsessive-Compulsive Disorder Among African Americans and Black Caribbeans", The Behavior therapist, Issue 40, Folder 3, Page 99-105. Edited.
  6. "social-signs", www.healthline.com, Retrieved 2-8-2019.
  7. Thomas Insela, Edward Muellera, Ina Alterman, et al. (1985), "Obsessive-compulsive disorder and serotonin: Is there a connection?", Biological Psychiatry, Issue 20, Folder 11, Page 1174-1188. Edited.
  8. James Leckman, Dorothy Grice, James Boardman, et al. (1997), "Symptoms of Obsessive-Compulsive Disorder", American Journal of Psychiatry, Issue 154, Folder 7, Page 911-917. Edited.
5473 مشاهدة
للأعلى للسفل
×