أعلام الشعراء في العصر الأموي والعباسي

كتابة:
أعلام الشعراء في العصر الأموي والعباسي


أعلام الشعراء في العصر الأموي والعباسي

لقد زخر العصر الأموي والعصر العباسي بكثير من الشعراء الأعلام الذين ينصرف الذهب إليهم بمجرد ذكر هذا العصر أو ذاك، وفيما يأتي تعريف بأبرز الشعراء في العصرين الأموي والعباسي:


جرير

هو جرير بن عطية بن حذيفة الخَطَفي بن بدر الكلبيّ اليربوعي "28هـ - 110هـ"، يعود نسبه إلى بني تميم، كان شاعرًا مُجيدًا من أعظم شعراء زمانه، وكان هجاؤه مرًّا فلم يثبت أمامه سوى الفرزدق والأخطل التغلبي، وكان شعره في الغزل من أعذب أشعار العرب، وقد عاش معظم حياته في اليمامة ومات فيها، كانت كنيته أبا حزرة.[١]


من قصائده ذائعة الصيت قصيدته التي يقول فيها:[٢]

إِنَّ العُيونَ الَّتي في طَرفِها حَوَرٌ

قَتَلنَنا ثُمَّ لَم يُحيِينَ قَتلانا

يَصرَعنَ ذا اللُبَّ حَتّى لا حِراكَ بِهِ

وَهُنَّ أَضعَفُ خَلقِ اللَهِ أَركانا

يا رُبُّ غابِطِنا لَو كانَ يَطلُبُكُم

لاقى مُباعَدَةً مِنكُم وَحِرمانا

أَرَينَهُ المَوتَ حَتّى لا حَياةَ بِهِ

قَد كُنَّ دِنَّكَ قَبلَ اليَومِ أَديانا


الفرزدق

هو همام بن غالب بن صعصعة التميمي، اشتُهر بلقب الفرزدق وكنيته أبو فراس (ت110هـ)، كان من الشعراء النبلاء الفرسان، ومثله في الشعراء الإسلاميين كمثل زهير بن أبي سُلمى في الجاهليين، وهما كذلك في الطبقة الأولى لشعراء عصرهما، اشتُهر بهجائه المر لجرير والأخطل، كان أحد أشراف قومهم ويجير المستجير به أو بقبر أبيه.[٣]


ذُكر أنّه لا ينشد الشعر بين يدي الخلفاء والأمراء إلّا قاعدًا، وحين أراده سليمان بن عبد الملك أن يقف فإنّ طائفة من تميم ثارت له فأذن له بالجلوس، ولد ومات بالبصرة وقد ناهز المئة عام،[٣] ومن أشعاره المشهورة قصيدته التي يصف فيها الذئب فيقول:[٤]

وَأَطلَسَ عَسّالٍ وَما كانَ صاحِباً

دَعَوتُ بِناري موهِناً فَأَتاني

فَلَمّا دَنا قُلتُ اِدنُ دونَكَ إِنَّني

وَإِيّاكَ في زادي لَمُشتَرِكانِ

فَبِتُّ أُسَوّي الزادَ بَيني وَبَينَهُ

عَلى ضَوءِ نارٍ مَرَّةً وَدُخانِ

فَقُلتُ لَهُ لَمّا تَكَشَّرَ ضاحِكاً

وَقائِمُ سَيفي مِن يَدي بِمَكانِ

تَعَشَّ فَإِن واثَقتَني لا تَخونَني

نَكُن مِثلَ مَن يا ذِئبُ يَصطَحِبانِ


عمر بن أبي ربيعة

هو عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي القرشي، كنيته أبو الخطاب (23هـ - 93هـ)، هو شاعر من شعراء الطبقة الأولى في العصر الأموي، يستوي مع جرير والفرزدق في الطبقة نفسها، كان شاعر قريش المقدّم، ولم يكن في قريش من يفوقه شعرًا، ولد في الليلة التي استُشهد فيها عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فسمّاه أهله عمر.[٥]


من قصائده المشهورة القصيدة التي يقول فيها:[٦]

بَينَما يَذكُرنَني أَبصَرنَني

دونَ قَيدِ المَيلِ يَعدو بي الأَغَر

قالَتِ الكُبرى أَتَعرِفنَ الفَتى

قالَتِ الوُسطى نَعَم هَذا عُمَر

قالَتِ الصُغرى وَقَد تَيَّمتُها

قَد عَرَفناهُ وَهَل يَخفى القَمَر

ذا حَبيبٌ لَم يَعَرِّج دونَنا

ساقَهُ الحَينُ إِلَينا وَالقَدَر

فَأَتانا حينَ أَلقى بَركَهُ

جَمَلُ اللَيلِ عَلَيهِ وَاِسبَطَر

وَرُضابُ المِسكِ مِن أَثوابِهِ

مَرمَرَ الماءَ عَلَيهِ فَنَضَر


المتنبي

هو أحمد بن الحسين الجعفي الكوفي الكندي، المعروف بأبي الطيب المتنبي (303هـ - 354هـ)، هو من الشعراء الذين يصنّفون ضمن مفاخر الأدب العربي، حتى لقد حدا الأمر ببعض الباحثين أن يجعلوه أشعر شعراء الإسلام مبالغة في تقديره، ولد في الكوفة في العراق في محلّة اسمها كندة فسمّي بالكندي نسبة لها.[٧]


قيل إنّ لقب المتنبي جاءه من ادعائه النبوة في بادية السماوة، وقد تبعه خلق كثير ولكنّ أمير حمص خرج إليه وسجنه حتى رجع عن دعواه، له كثير من الأشعار التي قد صارت حكمًا وأمثالًا سائرة ما يزال الناس يتداولونها،[٧] ومن أشعاره المشهورة قوله:[٨]

يا أعدَلَ النّـاسِ إلاّ فِـي مُعامَلَتـي

فيكَ الخِصامُ وَأنتَ الخصْمُ وَالحكَـمُ

أُعِيذُهـا نَظَـراتٍ مِنْـكَ صادِقَـةً

أن تحسَبَ الشّحمَ فيمن شحمـهُ وَرَمُ

وَمَا انْتِفَـاعُ أخـي الدّنْيَـا بِنَاظِـرِهِ

إذا اسْتَوَتْ عِنْـدَهُ الأنْـوارُ وَالظُّلَـمُ

سَيعْلَمُ الجَمعُ مـمّنْ ضَـمّ مَجلِسُنـا

بأنّني خَيـرُ مَنْ تَسْعَـى بـهِ قَـدَمُ

أنَا الذي نَظَـرَ الأعْمَـى إلى أدَبـي

وَأسْمَعَتْ كَلِماتـي مَنْ بـهِ صَمَـمُ

أنَامُ مِلْءَ جُفُونـي عَـنْ شَوَارِدِهَـا

وَيَسْهَـرُ الخَلْـقُ جَرّاهَـا وَيخْتَصِمُ


أبو العلاء المعري

هو أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخيّ المعري (363هـ - 449هـ)، كان شاعرًا فيلسوفًا من أهل معرة النعمان، لم يغادرها إلا قليلًا، أصيب بالجدري في عمر الرابعة فنتج عن ذلك إصابته بالعمى، لم يأكل اللحم خلال 45 سنة، وكان يحرّم أكل الحيوانات،[٩] ومن أشعاره المشهورة:[١٠]

غَيْرُ مُجْدٍ في مِلّتي واعْتِقادي

نَوْحُ باكٍ ولا تَرَنّمُ شادِ

وشَبِيهٌ صَوْتُ النّعيّ إذا قِيـ

ـسَ بِصَوْتِ البَشيرِ في كلّ نادِ

أَبَكَتْ تِلْكُمُ الحَمَامَةُ أمْ غَنْـ

ـنَت عَلى فَرْعِ غُصْنِها المَيّادِ

صَاحِ هَذِي قُبُورُنا تَمْلأ الرُّحْـ

ـبَ فأينَ القُبُورُ مِنْ عَهدِ عادِ

خَفّفِ الوَطْء ما أظُنّ أدِيمَ الـ

ـأرْضِ إلاّ مِنْ هَذِهِ الأجْسادِ.

المراجع

  1. الزركلي، الأعلام، صفحة 119. بتصرّف.
  2. "بان الخليط ولو طوعت ما بانا"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 3/2/2022.
  3. ^ أ ب الزركلي، الأعلام، صفحة 93. بتصرّف.
  4. "وأطلس عسال وما كان صاحبا"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 3/2/2022.
  5. الزركلي، الأعلام، صفحة 52. بتصرّف.
  6. "هيج القلب مغان وصير"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 3/2/2022.
  7. ^ أ ب الزركلي، الأعلام، صفحة 115. بتصرّف.
  8. "الخيل والليل والبيداءُ تعرفني"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 3/2/2022.
  9. الزركلي، الأعلام، صفحة 157. بتصرّف.
  10. "غير مجد في ملتي واعتقادي"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 3/2/2022.
4587 مشاهدة
للأعلى للسفل
×