محتويات
قيام الليل
إن قيام ليالي رمضان ومنها صلاة التراويح ولا سيما في العشر الأواخر من رمضان فضيلة عظمى، لا سيما إن صادف القيام ليلة القدر التي هي عند الله -تعالى- خير من ألف شهر؛ لأن هذا القيام سبب لمغفرة الذنوب، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ يَقُمْ لَيْلَةَ القَدْرِ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ).[١][٢]
ويستحب لمن قام هذه الليالي في المسجد أن يصبر حتى ينهي الإمام، ولا يتعجل في إنهاء صلاته قبل الإمام، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّهُ مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ).[٣][٢]
الدعاء والذكر
إن أبواب السماء تفتح في شهر رمضان الكريم، وفتح أبوابها دلالة على كثرة الخير النازل، وسرعة الاستجابة للصاعد في السماء من الأعمال الصالحة، ومنها الدعوات المستجابة، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن لله عُتَقَاءَ في كل يومٍ وليلة، لكل عبدٍ منهم دعوةٌ مُسْتجابةٌ).[٤][٥]
ويستحب الإكثار من الدعاء في ليلة القدر، وقد علّم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عائشة -رضي الله عنه- أن تقول في ليلة القدر: (اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي)،[٦] ويجوز الدعاء بما يشاء المسلم من خيري الدنيا والآخرة له أو لغيره.[٧]
قراءة القرآن وتدبره
حريٌّ بالمسلم أن يحرص على الاستزادة من تلاوة القرآن الكريم في أواخر شهر رمضان، وأن يخصّص لنفسه وردا يلتزم به طيلة الشهر الكريم؛ لأن تلاوة القرآن ومدارسته تنمّي في نفس المسلم فعل الخير، وتنشّطه، وتسهّل عليه القيام بذلك، كالجود والصدقة وسائر أعمال البر.
ولا سيما حفّاظ القرآن الكريم، فهم أولى بالقيام بهذه الميزة الكريمة، فقد ورد عن ابن عباس -رضي الله عنه-: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ).[٨][٩]
فعلُ الخير
إن الدخول في العشر الأواخر فرصة من أكبر الفرص لزيادة الأجور، ومضاعفة الحسنات ودخول الجنة، وينبغي على المسلم الواعي أن يستغل هذه الفرصة؛ فيكثر من أفعال الخير كلها، فقد كان من هدي النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- في شهر رمضان أن يكثر ويستزيد من العبادات والخير؛ فكان يكثر في العشر الأواخر من رمضان من قراءة القرآن، والصلاة، والزكاة، وأعمال البر كلها، وقيام الليل.[١٠]
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يخصّ رمضان بما لا يخص شهراً غيره من الشهور بالعبادة وأعمال الخير، ويستحبّ للرجل أن يوسّع على عياله وأقاربه في رمضان بلا تكلّف، وأن يكرم جيرانه وبشكل خاص في العشر الأواخر منه، وفيما يأتي بيان بعض أعمال الخير والبر المستحب فعلها في العشر الأواخر في رمضان:[١٠]
الإكثار من الصدقات
ثبت عن ابن عباس -رضي الله عنه- أنه قال: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ)،[٨] كما أنّ كثرة الحسنات والطاعات في رمضان لا سيما تلاوة القرآن الكريم غنى للنفس.
إن الجود في الشريعة؛ هو إعطاء ما ينبغي لمن ينبغي، والجود أعمّ من الصدقة والزكاة، فالجود يشمل كل أنواع الإنفاق، لا سيما أن رمضان فيه من البركة وكثرة النعم من الله تعالى على عباده ما لا يحصى، ولا يعدّ.
صلة الرحم
من أفضل الأعمال في رمضان وغيره هو صلة الرحم؛ لأن صلة الله -تعالى- مرهونة بها، فمن وصل رحمه وصله الله -تعالى- برحمته، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (خَلَقَ اللَّهُ الخَلْقَ، فَلَمَّا فَرَغَ منه قامَتِ الرَّحِمُ، فأخَذَتْ بحَقْوِ الرَّحْمَنِ، فقالَ له: مَهْ، قالَتْ: هذا مَقامُ العائِذِ بكَ مِنَ القَطِيعَةِ، قالَ: ألا تَرْضَيْنَ أنْ أصِلَ مَن وصَلَكِ، وأَقْطَعَ مَن قَطَعَكِ، قالَتْ: بَلَى يا رَبِّ، قالَ: فَذاكِ).[١١]
وحبذا الجمع بين فضيلتي الصدقة وصلة الرحم؛ وذلك بأن تكون الصدقة على ذوي الأرحام المحتاجين، وبهذا يكون الأجر بأجرَين؛ أجر الصدقة، وأجر صلة الرحم.[١٢]
إطعام الطعام
هناك ارتباط وثيق بين رمضان والصيام وبين إطعام الطعام؛ وذلك أن رمضان شهر الصيام، وترك الطعام، ثم يكون إطعام الطعام في موعد الإفطار من أكثر القربات، فمن فطّر صائما فاز بمثل أجره، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا).[١٣][١٤]
المراجع
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:35، صحيح.
- ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الدرر السنية، صفحة 473، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ رواه الترمذي، في السنن، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم:806، صحيح.
- ↑ رواه أحمد، في مسند الإمام أحمد، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:7443، صحيح.
- ↑ بدر الدين العيني، عمدة القاري شرح صحيح البخاري، بيروت:دار إحياء التراث العربي، صفحة 270، جزء 10. بتصرّف.
- ↑ رواه الترمذي، في السنن، عن عائشة، الصفحة أو الرقم:3513 ، حسن صحيح.
- ↑ ابن باديس (1403)، مجالس التذكير من حديث البشير النذير (الطبعة 1)، صفحة 209. بتصرّف.
- ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن ابن عباس، الصفحة أو الرقم:6، صحيح.
- ↑ عادل حسن يوسف الحمد (1431)، برنامجك في رمضان (الطبعة 1)، صفحة 19-20. بتصرّف.
- ^ أ ب السبكي، محمود خطاب (1397)، الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (الطبعة 4)، صفحة 367، جزء 8. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:4830، الصحيح.
- ↑ المرداوي (1415)، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، القاهرة - جمهورية مصر العربية :هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، صفحة 314، جزء 7. بتصرّف.
- ↑ رواه الترمذي، في السنن، عن زيد بن خالد الجهني ، الصفحة أو الرقم:807، حسن صحيح .
- ↑ محمد عزة دروزة (1383)، التفسير الحديث، القاهرة :دار إحياء الكتب العربية ، صفحة 303، جزء 6. بتصرّف.