محتويات
فن الرواية
إنّ الرواية هي نوعٌ من السّرد القصصيّ، تحتوي على عددٍ من الشخصيّات المستقلّة من حيث انفعالاتها الخاصّة وخَلَجاتها وتداخلاتها، وتُعدُّ أحدث نوع من أنواع القصّة، وكذلك هي النوع الأكثر تطوّرًا وتغيّرًا من جهة الشكل والمضمون، والرّواية تتناول الحياة العامّة ومشكلاتها، وكذلك المواقف الإنسانيّة من هذه المشكلات في ظلّ تطوّر الحضارة السريع الذي يَشهده المجتمع الإنسانيّ خلال القرن الذي تُكتَب فيه أو خلال القرون الماضية، وقد انتقل هذا الفن إلى البلاد العربيّة في مطلع القرن العشرين، وسيقفُ هذا المقال مع نخبة من أفضل الروايات العالمية.[١]
أفضل الروايات العالمية
قبل الحديث عن أفضل الروايات العالمية يجب معرفة الشروط التي يصبح بها الأدب عالميًّا، وكيف يمكن الحكم على عملٍ أدبيّ ما أنّه عالميّ، والأدب العالمي هو بلوغ عمل أدبيّ ما رتبة تجعله يصل إلى مرتبة الاعتراف العالميّ به خارج حدوده الوطنيّة والقوميّة والإقليميّة الضّيّقة، ومن سبل بلوغ الأدب رتبة العالميّة هو ترجمة العمل من لغته الأصليّة إلى اللغات العالمية، وجدير بالذكر أنّ مصطلح الأدب العالمي اشتُهر عندما استعمله الأديب الألمانيّ غوتّه حتى شاع عند معظم الناس أنّ غوتّه هو أوّل من استعمل مصطلح الأدب العالمي،[٢] ولكنّ البروفيسور عبد النبي اصطيف المُحاضر في جامعة دمشق يرى أنّ هناك رجلان ألمانيّان استعملا هذا المصطلح قبل غوتّه، وهما المؤرّخ الألمانيّ أوغست لودفينغ فون شلوتزر أورد هذا المصطلح في كتابه الأدب والتاريخ الآيسلنديان، والآخر هو كريستوف مارتن فايلاند، وسيقف هذا المقال مع نخبة من أفضل الروايات العالمية.[٣]
الجريمة والعقاب
هي رائعة من روائع الأديب الروسيّ الكبير فيودور دوستويفسكي، تُعدّ من أهمّ الرّوايات النفسيّة التي تعالج سلوك الإنسان وتدخل إلى أغوار النفس البشريّة فتكشفها للناس سهلة واضحة، تدور أحداث رواية الجريمة والعقاب حول شابٍّ اسمه روديون رومانوفيتش راسكولينكوف يدرس الحقوق، ويعيش هذا الطالب حالة فقر شديد ويسكن في شقّة في مدينة بطرسبرغ مكوّنة من غرفة واحدة صغيرة، يعاني هذا الشاب وأهله فقرًا شديدًا يحاول التخلّص منه وإعالة نفسه وأهله بكلّ الطرائق والسبل، وبعد أن يصل إلى مرحلة اليأس، وعندها يقرّر قتل مرابية عجوز جشعة تقرض الطلبة أموالًا بفوائد كبيرة، فيُجسّد هنا راسكولينكوف فكرة القاتل المثالي؛ أي الذي يقتل من أجل تخليص العالم من الأشرار، وبعد التخطيط لذلك يحين وقت الجريمة فيتسلّل راسكولينكوف إلى شقّة العجوز ويقتلها بفأس، وفي وقت الجريمة تدخل إلى الشقة شقيقة العجوز وترى راسكولينكوف وهو بحالة تلبّس بالجريمة فيقتلها، فيُصاب عندها بحالة من الذهول؛ إذ إنّ دوافع لقتل العجوز المرابية كان لها مسوّغات في نفسه، ولكن ما ذنب أختها ليقتلها، فلا يسرق راسكولينكوف عندها سوى بعض الأشياء وحقيبة صغيرة كانت في شقة العجوز، ويترك ثروتها وراءه.
فيهرب ولا يترك وراءَه أيّ دليل على جريمته، فيذهب ويغسل ثيابه وينظّف جسمه من أثر الدّماء على جسمه وثيابه، وفي اليوم التالي يُصاب بالحمّى، ثمّ بعدها يصبح يسير في شوارع المدينة وهو في حالة هذيان تلفت انتباه من حوله من الناس، ثمّ يلتقي في أثناء سيره في الشوارع بمحقّق ذكيّ اسمه بورفيري يصبح يشكّ بحالة راسكولينكوف ولكنّه لا يملك دليلًا لإدانته، وفي تلك الأوقات يلتقي راسكولينكوف بفتاة اسمها سونيا يحبّها ويعترف لها بجريمته، فتقنعه ليعترف بجريمته، وكذلك يحدّثه المحقّق بورفيري بأنّه سينال تخفيضًا في مدّة حكمه إذا اعترف، وفي يوم يذهب راسكولينكوف إلى الشرطة ويعترف بجريمته فينال حكمًا بالسجن مخفّفًا مدّته ثمانية أعوام في سجون سيبيريا مع الأشغال الشاقّة، ثمّ تلحق به حبيبته، وهذا ما يمكن الحديث عنه باختصار حول رواية من أفضل الروايات العالمية، إن لم تكن الأفضل.[٤]
آنا كارنينا
الرواية الثانية في سلسلة أفضل الروايات العالمية التي سيقف معها هذا المقال هي رواية آنا كارنينا للروائي الروسي الأشهر ليو تولستوي صاحب رواية الحرب والسلم، وتتحدّث الرواية عن المجتمع الروسي في وقت ما، وعن صراع الأُسَر المرموقة مع حكايات النُّبُل والشرف وإلى غير ذلك من الأمور التي تعانيها الأسر الأرستقراطيّة أو البرجوازيّة بمسمّى ثانٍ، وحكاية الرواية تدول حول آنّا المرأة المتزوّجة ذات المكانة الاجتماعيّة الكبيرة التي تحظى باحترام أينما ذهبت، فكانت مصلحة اجتماعيّة إن صحّ التّعبير، فكانت لا تتدخّل بمشكلة إلّا وحلّتها، فتبدأ الرواية معها عندما تصل إلى موسكو لتحلّ مشكلة بين شقيقها وزوجته، وبعد حلّ المشكلة تلتقي بشاب ضابط في الجيش اسمه فرونسكي، وفرونسكي هذا كانت تقع في حبّه كلّ امرأة تراه، وكانت تحبّه فتاة اسمها كيتي، ولكنّه لم يكن يحبّها فأخب ها بأنّ زواجه منها مستحيل، وبعد أن يلتقي بآنّا يقع في حبّها وتقع في حبّه هي الأخرى مع أنّها متزوّجة؛ فزوجها لا يهتمّ بها، ومشاعره باردة تجاهها، وكلّ ما يهمّه هو المنصب الذي يشغله وما يتبعه من أمور كوضعه بين الناس، ونظرة الناس إليه، وإلى ما هنالك من هذه الأمور السطحيّة، وعندما تشعر آنّا أنّها أحبّته تهرب منه إلى بطرسبرغ ولكنّه يلحق بها، ويواعدها ويلتقي بها، ويصبحان يلتقيان يوميًّا.
فيعلم زوج آنّا بهذا الأمر بسبب الشائعات التي تنتشر عن علاقة آنّا بفرونسكي في ذلك المجتمع الذي كان محافظًا ولا تحدث فيه هذه الأمور، وعندما واجهها طلبت منه الطلاق لتذهب إلى فرونسكي، ولكنّه رفض وطلب منها أنّه إن أرادت البقاء مع فرونسكي فلتبقَ ولكن ليكن ذلك سرًّا وبعيدًا عن أعين الناس، ولكنّها رفضت وبقيت تواعده أمام أعين الناس غير آبهةٍ بما يقولون، وفي يوم تحمل آنّا من فرونسكي، وتخبر زوجها بذلك وتطلب منه الطلاق ولكنّه يرفض، ويمنعها من مقابلة فرونسكي حتى تضع ابنتها التي في بطنها، وعندما تضعها تشعر بالذنب وتطلب من زوجها الغفران وأن يقبلها هي وابنتها، الأمر الذي ساء فرونسكي حتى إنّه حاول أن يطلق النار على نفسه ليموت، ولكن بعد أن تعافت هي وفرونسكي هربت معه إلى إيطاليا ولكنّها تركت هناك ابنها من زوجها، فتعيش مع فرونسكي الحب في إيطاليا، ولكنّ هذا الحبّ لم يدُم كثيرًا، إذ سرعان ما ملّ منها فرونسكي وصار يراها نحسًا يطارده ويقف أمام ترقّيه في الجيش وتحوّله إلى قائد عسكريّ كبير.
وتقارن الرواية بين علاقة الحبّ التي يعيشها فرونسكي وآنّا وبين الفتاة التي أحبّت فرونسكي ولكنّه رفضها من أجل آنّا، فهذه الفتاة تصاب بأزمة نفسيّة تجعل الأطبّاء ينصحون أهلها بأن يجعلوها تسافر من روسيا حتى تتعافى، وفعلًا تسافر الفتاة إلى ألمانيا، وهناك يتقرّب منها شابّ كان يحبّها منذ زمن ولكنّه عندما علِمَ أنّها تحبّ فرونسكي قرّر أن يدعها وشأنها، ولكن عندما علمَ بما حدث مع فرونسكي قرّر أن يتقرّب منها، وفعلًا أحبّته الفتاة وتزوّجا وعاشا حياة رائعة لا ينكّد عليها أيّ شيء مع أنّ الرّجل كان يغار على زوجته كثيرًا، تعود آنّا إلى موسكو برفقة فرونسكي لترى ابنها المريض، ولكنّها عندما تصل تجد أنّ ابنها قد مات، فيُجنّ جنونها، وتصبح هي وفرونسكي يكيلان التهم لبعضهما بعضًا، وعندها تشعر آنّا أن فرونسكي يشعر بأنّه قد تورّط بها وأنّه لم يعد يحبّها، فتلمع في ذهنها فكرة أن تجعله يعيش بقيّة حياته في ألم الندم والمعاناة لفقدها، فتذهب إلى محطّة القطار وتلقي بنفسها تحت عجلاته، واضعة نهاية لحياتها التي صارت منبوذة فيها، وصار الناس يتحاشون النظر إليها أو الاحتكاك بها لسمعتها السيئة، أمّا فرونسكي فيأكله الندم والعذاب النفسيّ فيتقدّم بطلب للاشتراك في الحرب الصربيّة التّركيّة ليضع حدًّا لحياته هو الآخر، وبذلك تنتهي رواية آنّا كارنينا إحدى أفضل الروايات العالميّة.[٥]
جريمة في قطار الشرق السريع
المحطّة الثالثة التي يقف معها مقال أفضل الروايات العالمية هي رواية لأجاثا كريستي الروائية الإنكليزيّة المعروفة، وروايتها هذه هي من سلسلة الروايات التي يكون بطلها المحقّق هيركيول بوارو، وهي واحدة من أهم روايات أجاثا كريستي وأمتعها، فتقع جريمة في قطار متّجه من تركيا إلى إنكلترا، ويكون سبب وجود السيد بوارو هناك هو طلب من القتيل نفسه وهو ثريّ أمريكيّ اسمه راتشيت؛ إذ طلب راتشيت من المحقق بوارو ذائع الصيت أن يحميه، ولكنّه يرفض ذلك، ليموت السيد راتشيت في اليوم التالي، وتتبيّن شخصيّته الحقيقيّة واسمه الحقيقيّ، فاسمه هو كاسيتي ويتبيّن أنّ ثروته هي من الفديات التي يجنيها من اختطاف الأطفال، وقبل مقتله بعدّة سنوات اختطف فتاة من أسرة آرمسترونغ تبلغ من العمر ثلاث سنوات في الولايات المتحدة الأمريكيّة ومع استلامه للفدية إلّا أنّه قتلها، وأفلت من السجن بعد ذلك ليظهر باسم جديد.[٦]
ويرى المحقّق بوارو أنّ كلّ من في القطار لديه دافع لقتل الرجل الأمريكيّ راتشيت، والغالب أنّ جميع من في القطار اشترك في قتله، فيكشف الذين قتلوه ويخبر مالك القطار بأنّ عنده حلّين ليقدّمهما للشرطة: إمّا أن يقول إنّ رجلًا من خارج القطار اقتحمه في أثناء تعطه بسبب الثلوج قرب يوغسلافيا حيث حدثت الجريمة، وإمّا أن يعترف أنّ ركّاب القطار البالغ عددهم 13 شخصًا شاركوا بقتله، فتقف عجوز اسمها هوبارد تعترف أنّ الحلّ الثاني هو الصحيح، ويتبيّن أنّ اسمها الحقيقيّ ليندا آردين، وهي جدّة الطفلة ديزي آرمسترونغ التي قتلها راتشت أو كاسيتّي، وبذلك تنتهي قصة رواية جريمة في قطار الشرق السريع إحدى روائع أجاثا كريستي وإحدى أفضل الروايات العالمية.[٦]
رواية العجوز والبحر
تُعدّ رواية العجوز والبحر للكاتب الأمريكيّ إرنست همنغوي واحدة من أفضل الروايات العالمية التي يزخر بها الأدب العالميّ، وقد نالت هذه الرواية جائزة نوبل للآداب عام 1954م، وتدور فصول الرواية في كوبا وبطله هو عجوز بحّار اسمه سانتياغو، وهو رجلٌ عجوزٌ قد صار أضحوكة الصّيّادين لأنّه لم يعد باستطاعته اصطياد السمك، وقد مرّ عليه بعد تلك الأحاديث أربعون يومٌا لم يستطع اصطياد سمكة واحدة خلالها، وكان يرافقه في تلك الأيّام الأربعين فتًى صغير السن كان يرى في سانتياغو ملهمًا له، ولكنّ أهله يمنعونه بعد اليوم الأربعين من مرافقة العجوز "المنحوس" كما يصفونه، فيترك الفتى سانتياغو ويرافق صيّادًا آخر، ويصيد ثلاث سمكات في الأسبوع الأوّل، ولكنّ الفتى يبقى على احترامه لسانتياغو، فيساعده في لمّ الشّباك ولفّ الشّراع على سارية زورقه إذا ما عاد مساءً، ويستمرّ سانتياغو العجوز في رحلته بحثًا عن صيد ثمين يُعيد إليه هيبته التي استباحها الصيّادون، فيخفق مدّة أربعة وثمانين يومًا.[٧]
وفي اليوم الخامس والثمانين يخرج إلى البحر ليحظى عندها بسمكة المارلين العملاقة التي يعاني كثيرًا قبل الإمساك بها؛ إذ تسحب تلك السمكة الزورق بعيدًا وتحاول الإفلات بشت الوسائل، وينازعها وتنازعه ولا يستطيع أيّ منهما حسم الموقف، فيستطيع بعد عناءٍ ولَأيٍ شديد أن يصرعها ويسحبها معه إلى الشاطئ، ولكن في عودته تحاصره أسماك القرش التي تشمّ رائحة الدم في البحر فتنقضّ عليه من كلّ الجهات، فتبدأ معركته في الدفاع عن الحياة ضدّ أسماك القرش، وهو المتعب والمرهق ممّا فعلته به سمكة المارلين، وهنا يستعيد العجوز شيئًا من ماضيه الحافل بالانتصارات في البحر والبرّ والحانات والبارات، فيتذكّر -مثلًا- كيف كان يهزم الرجال في حانات الدار البيضاء في المغرب، أو كازابلانكا كما يُطلق عليها أيضًا، ما يعطيه دفعة معنويّة ترفع من همّته، فيتمكّن عندها من هزيمة القروش والقضاء عليها والإفلات بحياته، ولكنّ تلك الأسماك قد التهمت السمكة، ولم تُبقِ له سوى الهيكل والرّأس، فيعود يجرّ وراءه أذيال خيبة ممزوجة بالنّصر على سمكة المارلين، فيضع الهيكل على الشاطئ ليراها وليعود بعدها سانتياغو شيخ البحر وكبير الصيّادين بلا منازع، وبذلك تنتهي أحداث تلك الرّواية التي هي بحقّ إحدى الرّوائع الإنسانيّة، وتستحقّ بذلك أن تكون من أفضل الروايات العالمية.[٧]
رواية الغريب
تُعدُّ رواية الغريب من أفضل الروايات العالمية للكاتب الفرنسيّ المولود في الجزائر أيّام الاحتلال الفرنسيّ الصّليبيّ ألبير كامو، تعدّ رواية الغريب من الأعمال الأدبيّة التي رسّخت لمفهوم العبثيّة من خلال الأدب، والرواية باختصار تنقسم قسمين: قسم قبل جريمة القتل، وقسم بعد الجريمة، وتدور أحداثها حول شابّ فرنسيّ يعيش في الجزائر أثناء الاحتلال الفرنسيّ اسمه مورسو، تبدأ رواية بحديث للبطل يُخبر فيه أنّ أمّه قد ماتت، ولكن لا يذكر تمامًا متى ماتت، فيذهب لمأوى العجزة لحضور العزاء، فيتصرّف تصرّفات غريبة هناك، وكذلك فإنّه لم يبكِ على وفاة أمّه، بل ربّما لم يحزن، ورفض رؤيتها قبل الدّفن؛ فشخصيّة البطل على ما يبدو عابثة وغير مبالية نهائيًّا ويؤكّد ذلك ما فعله ليلة العزاء الأولى، وفي اليوم الثّاني حين تعرّف على فتاة وذهب معها ليشاهدا فيلمًا ساخرًا ومن ثَمّ ذهبا إلى البحر، وكذلك فقد أقام معها علاقة، ويصف الكاتب بعدها تصرّفات مورسو العبثيّة بالتّفصيل وبدقّة عالية لا تتأتّى لأيّ كاتب، ثُمّ بعد أن تمرّ الأحداث تصل الرواية إلى المشهد المفصليّ وهو أنّ مورسو يذهب مع أصدقائه إلى الشّاطئ، وهناك يلتقون بشباب من العرب الجزائريّين، وتحدث مشكلة بين أحد العرب وبين صديق مورسو، وبعد أن تنتهي المشكلة ويذهب كلّ واحد إلى جهة.[٨]
يعود مورسو بعد قليل من الوقت إلى مكان المشكلة، فيرى الشّابّ العربيّ من بعيد يحمل سكّينًا، وتكون الشّمس وقتها حارّة جدًّا، فيمسك مورسو المسدّس الذي كان قد أخذه من صاحبه وتحت وطأة حرارة الشّمس يطلق مورسو خمس رصاصات إلى صدر العربيّ فيرديه قتيلًا، فيؤخذ إلى السّجن، وتجري محاكمته، ولكنّ الغريب أنّ مورسو لا يرى أنّ الذي ارتكبه جرمًا يحتاج إلى هذه الأهميّة، بل يرفض توكيل محامٍ؛ لأنّه يرى أنّه لم يرتكب جرمًا عظيمًا، وإنّما المسألة بسيطة جدًّا، ولكنّ المحكمة توكّل له محاميًّا، وأثناء محاكمة مورسو تستند المحكمة إلى أدلّة تراها تثبت عدم مبالاته، كتصرّفاته يوم دفن أمّه والأيّام التي بعدها، وكذلك ردوده وإجاباته للقاضي في أنّ سبب قتله للعربيّ هو الشّمس التي أحرقته وأفقدته التّركيز على تصرّفاته، ما يثير سخرية كلّ من كان في المحكمة، ثمّ بعدها وهو في السّجن يأتيه الحرس ليخبروه أنّ كاهنًا يريد أن يجلس معه ليطهّره من ذنوبه أو ما شابه ذلك، فيرفض متذرّعًا بأنّه لا يؤمن بالله تعالى؛ ممّا يزيد من غضب المحكمة عليه، وتُثبت أنّه قتل العربيّ عمدًا؛ إذ لو كان خطأً كما قال لضربه برصاصة على الأقلّ وليس خمسًا، وهكذا يحكمون على مورسو بالإعدام، ويُساقُ في يوم إلى المقصلة ليُنفّذ فيه الحكم، وفي هذا اليوم تصل عبثيّة مورسو وعدم مبالاته إلى ذروتها، وتدور في رأسه مشاعر كثيرة تسردها رواية الغريب، ولكن أهمّها أنّه ليس نادمًا على القتل، وأيضًا فهو كان سعيدًا وما زال.[٨]
رواية الأم
رواية الأمّ للكاتب الكبير مكسيم غوركي، تُعَدُّ إحدى الروائع العالمية، وليس غريبًا أن تكون إحدى أفضل الروايات العالمية للقراءة، وتدور أحداث الرواية حول امرأة متزوّجة من رجل يعمل في معمل ما لرجل برجوازيّ ظالم يعطي عمّاله أجورًا زهيدة، وهم يعملون أكثر من ذلك، وكان معظم العمّال يلجؤون بعد عودتهم من العمل إلى شرب الخمر لينسَوا واقعهم المظلم، وكان الزوج يضربها ويظلمها، ولكنّه يموت بسبب شربه وإدمانه وأمراض أخرى، فيدور في ذهن ابنه بافل أن يمشي على خطى والده، ولكنّ الأمّ تمنعه وتقول له إنّ والده قد شربَ عنهما معًا؛ أي: عن نفسه وعن ابنه، فيصحو الابن من هذا العالم ويصبح يبحث عن سبب معاناته هو وشعبه، فيقرأ الكتب التي تُعرّي أولئك البرجوازيّين الذين يجعلون العمّال يعملون عندهم كالعبيد وفي نهاية المطاف لا يعطونهم إلّا الفُتات، وتلك الكتب كانت ممنوعة أيّام حكم قيصر لروسيا، وهذه الرواية قد أسّست للثورة البلشفيّة في روسيا ضدّ الحكم القيصريّ.[٩]
يصبح بيت الأم، واسمها بيلاجي نيلوفنا، مسرحًا لاجتماعات ابنها ورفاقه الذين يقررون التخطيط لثورة لاستعادة حقوقهم المنهوبة، وتشعر الأمّ أنّ ابنها في خطر ولكنّها لا تستطيع تغيير الواقع ولا ردّ ابنها ورفاقه عن دربهم، بل تصبح تدعمهم وتغطّي عليهم وتحاول ألّا يصل إليهم أحد، وهي تعلم أنّ ابنها يخطو على مسألة كبرى ربّما سيدفع حياته ثمنًا لها، فتركّز الرواية على فكرة التّعليم قبل كلّ شيء، ويوزّع بافل ورفاقه منشورات على العمّال لتوعيتهم بما يحصل، وهذا العمل خطير مع وجود الجواسيس والعيون التي تراقب بافل ورفاقه، ويكون بافل قد حضّر أمّه للحظة اعتقاله التي كان يرى ألّا بدّ منها نظرًا للثّورة التي أشعلها، وفعلًا يُعتقل بافل من رجال القيصر الروسي، فتتابع أمّه مواصلة طريقه في توزيع المنشورات وتوعية الشعب، ليس لأنّها تؤمن بذلك ولكن لأنّ ابنها يحبّ ذلك، وشيئًا فشيئًا تؤمن الأمّ بأفكار ابنها، وتواصل دربها إلى أن تندلع ثورة شعبيّة ويهاجم الثوّار السجن ويقتلوا الجند ويحرّروا ابنها، وعندما تلتقي بابنها يُقتل بين يديها، فتحمل الراية من بعده وتكمل طريقها في الثورة، وبذلك ينتهي ما يمكن من الحديث عن رواية الأم إحدى روايات مكسيم غوركي وإحدى أفضل الروايات العالمية.[٩]
رواية العمى
رواية العمى للكاتب البرتغاليّ جوزيه ساراماغو هي المحطّة ما قبل الأخيرة في هذا المقال الذي يتناول أفضل الروايات العالمية التي تستحقّ القراءة، والرواية باختصار تقول إنّ رجلًا يصاب بالعمى، ولكنّه كان عمًى من نوع مختلف، فالمُصابُ به لم يفقد الرؤية تمامًا، وإنّما هو يرى الأشياء، ولكنّه يراها باللون الأبيض، ثمّ ما يلبث هذا الداء -أي داء العمى الغريب- أن يُصيبَ اللص الذي سرق سيّارة هذا الرجل عندما ركنها تحت بيته، وبعده يُصاب به طبيب ثمّ المرضى في عيادة ذلك الطّبيب، وهكذا يُصاب الجميع بالعمى، إلّا امرأةً واحدةً لم تُصَب به، ولكنّها بعد أن ترى ما يحدث حولها تصبح تتمنّى أن تُصاب بالعمى لكثرة ما تشاهده من الانحطاط والطغيان وأعمال السرقة والسلب والنهب التي يمارسها الآخرون لكسب لقمة العيش، وما يُمارس على الشعوب من استبداد ودكتاتورية وغير ذلك، فما أصعب أن يكون المرء مبصرًا في مجتمع من العميان، وهذه باختصار نبذة عن رواية العمى للكاتب العبقريّ جوزيه ساراماغو التي تستحقّ بلا منازع أن تكون إحدى أفضل الروايات العالمية الجديرة بالقراءة.[١٠]
رواية الأصل
تعدّ رواية الأصل للكاتب الأمريكيّ دان براون إحدى الروائع العالمية التي تجعلها من أفضل الروايات العالمية التي يُنصح بقراءتها، وهي من السلسلة التي يكون البطل فيها الدكتور روبرت لانغدون البروفيسور المتخصّص بالرّموز في جامعة هارفرد الأمريكيّة الذي رافق القرّاء قبل ذلك في رواية شيفرة دافنشي وملائكة وشياطين والجحيم، وفي هذه الرواية يحاول دان براون الإجابة عن أكثر سؤالين سُئلا في التاريخ الحديث، وهما: من أين أتينا، وإلى أين نحن ذاهبون، يكون بطل الرواية الثانويّ مخترع ملحد اسمه إدموند كيرش يتوصّل إلى إجابة عن سؤال من هذين السؤالين، ويعرض ذلك على مجلس دينيّ مكوّن من رجل دين نصرانيّ ويهوديّ ومسلم، ولكنّه لا يُريهم سوى جزء صغير من اكتشافه ليجعلهم في حيرة من أمرهم، وعندما يقرّر إدموند كيرش إظهار اختراعه للعلن يُقتل على يد ضابط سابق في البحريّة الإسبانيّة بأمر ممّن سمّى نفسه "الوصي"، ويتابع لانغدون حلّ الجريمة بمساعدة نظام حاسوب ذكي يخترعه إدموند كيرش كان لانغدون بداية يعتقد أنّه رجل.
وبعد جهد وبحث وتفكيك لعدد من الرموز ومقتل رجلي الدين اليهودي والمسلم وتهديد النصراني، وبعد مساعدة الحسناء الإسبانيّة أمبرا فيدال للبروفيسور وتقديم التسهيلات له يصل إلى الإيقاع بالقاتل، ولكنّ البروفيسور لم يستطع معرفة الوصي الذي أمر الضابط بأعمال القتل تلك، ولكنّ الوصيّ يكشف عن نفسه لروبرت لانغدون فيكون النظام الرقمي الذي اخترعه إدموند، وذلك بتوصية له من إدموند قبل مقتله؛ وذلك ربّما ليجعل الناس يشكّون بأنّ رجال الدين الذين لم يريدوا ظهور هذا الاكتشاف إلى العلن هم من ساهم بقتله، فيُصاب لانغدون بنوع من الذهول وكأنّه لم يصدّق ما حدث، ولعلّ ما جعل إدموند كيرش يقدم على هذا العمل هو أنّه مصاب بمرض خطير ولم يبقَ على موته سوى أيّام معدودة فلم يُرِد أن يرحل بصمت، بل أراد أن يرحل مع ضجّة كبيرة وجلبة يتركها وراءه، وهذا أبرز ما يمكن قوله عن رواية الأصل إحدى أفضل الروايات العالمية..[١١]
المراجع
- ↑ "رواية"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 26-01-2020. بتصرّف.
- ↑ "الأدب العالمي"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 26-01-2020. بتصرّف.
- ↑ أ. د. عبد النبي اصطيف (2018)، "عالمية الأدب العربي"، مجلة جامعة دمشق، العدد الأول، المجلد 34، صفحة 15. بتصرّف.
- ↑ فيودور دوستويفسكي (2010)، الجريمة والعقاب (الطبعة الأولى)، بيروت: المركز الثقافي العربي، صفحة 15 وما بعدها، الجزء الأول. بتصرّف.
- ↑ ليو تولستوي، آنا كارنينا (الطبعة الأولى)، بيروت: دار القلم، صفحة 2 وما بعدها. بتصرّف.
- ^ أ ب أجاثا كريستي، جريمة في قطار الشرق السريع (الطبعة الأولى)، القاهرة: دار الاجيال للترجمة والنشر، صفحة 7 وما بعدها. بتصرّف.
- ^ أ ب إرنست همنغواي (1998)، العجوز والبحر (طبعة خاصة بالدار المصرية اللبنانية)، القاهرة: الدار المصرية اللبنانية، صفحة 11 وما بعدها. بتصرّف.
- ^ أ ب ألبير كامو (2014)، الغريب (الطبعة الأولى الأولى)، بغداد: دار الجمل، صفحة 7 وما بعدها. بتصرّف.
- ^ أ ب مكسيم غوركي (2007)، الأم (الطبعة الثانية)، بيروت: دار التنوير، صفحة 5 وما بعدها. بتصرّف.
- ↑ جوزيه ساراماغو (2013)، العمى (الطبعة الثالثة)، بيروت: دار المدى، صفحة 7 وما بعدها. بتصرّف.
- ↑ دان براون (2018)، الأصل (الطبعة الأولى)، بيروت: الدار العربية للعلوم ناشرون، صفحة 7 وما بعدها. بتصرّف.