أقوال ابن الجوزي عن الحب

كتابة:
أقوال ابن الجوزي عن الحب


قول ابن الجوزي في تعريف الحب والهوى وفي ذم الحب المفرط

"اعلم أن الهوى ميل الطبع إلى ما يلائمه وهذا الميل قد خلق في الإنسان لضرورة بقائه فإنه لولا ميله إلى المطعم ما أكل وإلى المشرب ما شرب وإلى المنكح ما نكح وكذلك كل ما يشتهيه فالهوى مستجلب له ما يفيد، كما أن الغضب دافعٌ عنه ما يؤذي، فلا يصلح ذم الهوى على الإطلاق وإنما يذم المفرط من ذلك وهو ما يزيد على جلب المصالح ودفع المضار".[١]


وقال: "ولما كان الغالب من موافق الهوى أنه لا يقف منه على حد المنتفع، أُطلق ذم الهوى والشهوات لعموم غلبة الضرر؛ لأنه يبعد أن يفهم المقصود من وضع الهوى في النفس ، وإذا فهم تعذر وجود العمل به وندر، مثاله أن شهوة المطعم إنما خلقت لاجتلاب الغذاء فيندر من يتناول بمقتضى مصلحته ولا يتعدى، فإن وجد ذلك؛ انغمر ذكر الهوى في حق هذا الشخص وصار مستعملا للمصالح [بمعنى من وقف عند حد الهوى ولم يفرط فيه لم يكن مذموماً في حقه]، وأما الأغلب من الناس فإنهم يوافقون الهوى فإن حصلت مصلحة حصلت ضمناً وتبعاً [بمعنى أنّ غالب الناس لا يقفون عند حد الهوى وينغمسون فيه وتحصل لهم مصالح عاجلةٌ وتغيب عنهم المفاسد الآجلة فيعتقدون أنّ الهوى مفيدٌ في جميع حالاته".[١]


قول ابن الجوزي في مراتب الحب

قال ابن الجوزي: "أول ما يتجدد الاستحسان للشخص، ثم يجلب إرادة القرب منه، ثم المودة وهو أن يود أن لو ملكه، ثم يقوى الود فيصير محبة، ثم يصير خلة، ثم يصير هوى؛ فيهوي بصاحبه في محاب المحبوب من غير تمالك، ثم يصير عشقاً، ثم يصير تتيماً والتتيم حالة يصير بها المعشوق مالكا للعاشق لا يوجد في قلبه سواه ومنه تيم الله، ثم يزيد التتيم فيصير ولهاً والوله الخروج عن حد الترتيب والتعطل عن أحوال التمييز".[٢]


قول ابن الجوزي في سبب الحب

قال ابن الجوزي: "سبب العشق مصادفة النفس ما يلائم طبعها فتستحسنه وتميل إليه، وأكثر أسباب المصادفة النظر ولا يكون ذلك باللمح، بل بالتثبت في النظر ومعاودته، فإذا غاب المحبوب عن العين طلبته النفس ورامت القرب منه، ثم تمنت الاستمتاع به؛ فيصير فكرها فيه وتصويرها إياه في الغيبة حاضراً وشغلها كله به؛ فيتجدد من ذلك أمراض لانصراف الفكر إلى ذلك المعنى وكلما قويت الشهوة البدنية قوي الفكر في ذلك".[٣]


قول ابن الجوزي في الأسباب التي تزيد العشق

قال ابن الجوزي: "ويتأكد العشق بإدمان النظر وكثرة اللقاء وطول الحديث، فإن انضم إلى ذلك معانقةٌ أو تقبيلٌ فقد تم استحكامه وقد ذكر حكماء الأوائل أنه إذا وقعت القبل بين المتحابين ووصلت بلة من ريق كل واحد منهما إلى معدة الآخر؛ اختلط ذلك بجميع البدن ووصل إلى جرم الكبد، وهكذا إذا تنفس كل واحد منهما في وجه صاحبه فإنه يخرج مع ذلك النفس شيء من نسيم كل واحد منهما فيختلط بأجزاء الهواء فإذا استنشقا من ذلك الهواء دخل في الخياشيم ووصل بعضه إلى الدماغ فسرى فهي كسريان النور في جرم البللور ووصل بعضه إلى جرم الرئة ثم إلى القلب فيدب في العروق الضوارب في جميع البدن فينعقد من بدن هذا ما تحلل من بدن هذا فيصيرمزاجا به يتولد العشق وينمى".[٤]


قول ابن الجوزي في أنواع العشق وحكمه عليهما

قال ابن الجوزي: "قلت وفصل الحكم في هذا الفصل أن نقول: أما المحبة والود والميل إلى الأشياء المستحسنة والملائمة فلا يذم ولا يعدم ذلك إلا الحبيس من الأشخاص [بمعنى أنّ ميل النفوس إلى ما تحبه هو طبيعي في الأشخاص ولا يوجد شخصٌ إلا ويميل إلى شيءٍ يحبه] فأما العشق الذي يزيد على حد الميل والمحبة فيملك العقل ويصرف صاحبه على غير مقتضى الحكمة فذلك مذموم ويتحاشى من مثله الحكماء [بمعنى أنّ الحبّ إذا زاد عن الميل وأصبح يستحكم في القلب حتى يصرف العقل عن الصواب فهو مذموم].[٥]


قول ابن الجوزي في أنّ العشاق الذين أفرطوا في الهوى فقد جاوزا حد البهائم

قال ابن الجوزي: "واعلم أن العشاق قد جاوزوا حد البهائم في عدم ملكة النفس [بمعنى أنهم لم يستعملوا عقولهم في ضبط نفوسهم] في الانقياد إلى الشهوات لأنهم لم يرضوا أن يصيبوا شهوة الوطء _وهي أقبح الشهوات_ عند النفس الناطقة [الإنسان] من أي موضع كان [بمعنى أنّ شهوة الوطء مذمومة مطلقاً]، حتى أرادوها من شخص بعينه فضموا شهوة إلى شهوة وذلوا للهوى ذلاً على ذل، والبهيمة إنما تقصد دفع الأذى عنها فحسب وهؤلاء استخدموا عقولهم في تدبير نيل شهواتهم [بمعنى أنّ الحيوانات وهي التي لا تعقل تحاول دفع الضرر عن نفسها أما من أفرط في الهوى فإنه يستعمل عقله في جلب الضرر لنفسه].[٦]


قول ابن الجوزي في اختيار من تحب ولزوم كتم حبك عنه

قال ابن الجوزي: "من أراد اصطفاء محبوبٍ، فالمحبوب نوعان: امرأةٌ يقصد منها حسن الصورة، وصديق يقصد منه حسن المعنى، فإذا أعجبتك صورة امرأة، فتأمل خلالها الباطنة مديداً[بمعنى تأمل أخلاقها وتصرفاتها] قبل أن يتعلق القلب بها تعلقا محكماً، فإن رأيتها كما تحب -وأصل ذلك كله الدين، كما قال صلى الله عليه وسلم: "عليك بذات الدين" - فمل إليها، واستولدها، وكن في ميلك معتدلاً، فإنه من الغلط أن تظهر لمحبوبك المحبة، فإنه يشتط عليك، وتلقى منه الأذى من التجني والهجران، والإدلال وطلب الإنفاق الكثير -وإن كانت تحبك- لأن هذا إنما يجتلبه حب الإدلال والتسلط على المقهور.[٧]


قول ابن الجوزي في كتمان الحب عن الولد

قال ابن الجوزي: "وكذا ينبغي أن تكتم بعض حبك للولد؛ لأنه يتسلط عليك، ويضيع مالك، ويبالغ في الإدلال، ويمتنع عن التعلم والتأدب".[٨]

المراجع

  1. ^ أ ب ابن الجوزي، ذم الهوى، صفحة 12.
  2. ابن الجوزي، ذم الهوى، صفحة 293.
  3. ابن الجوزي، ذم الهوى، صفحة 296.
  4. ابن الجوزي، ذم الهوى، صفحة 305.
  5. ابن الجوزي، ذم الهوى، صفحة 306.
  6. ابن الجوزي، ذم الهوى، صفحة 313.
  7. ابن الجوزي، صيد الخاطر، صفحة 356.
  8. ابن الجوزي، صيد الخاطر، صفحة 357.
5748 مشاهدة
للأعلى للسفل
×