محتويات
أقوال السلف في شهادة الزور
تعدّ شهادة الزّور من الآثام العظيمة، لما يترتب عليها من ضياع الحقوق في الأنفس والأموال والأعراض، وممّا ورد من أقوال السلف في حرمة شهادة الزور ما يأتي:[١]
- يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "تعدل شهادة الزّور بالشّرك، وقرأ (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ)[٢]".
- قال ابن عبّاس-رضي الله عنهما- في قوله -تعالى-: (وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ)؛[٢] يعني: "الافتراء على الله والتّكذيب".
- عن ربيعة بن أبي عبد الرّحمن قال: "قدم رجل من العراق على عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه- فقال: جئتك لأمر ما له رأس ولا ذنب، فقال عمر: وما ذاك؟ قال: شهادة الزّور ظهرت بأرضنا، قال: وقد كان ذلك؟ قال: نعم، فقال عمر بن الخطّاب: والله لا يؤسر رجل في الإسلام بغير العدول".
- قال ابن جرير الطّبريّ في قوله -تعالى-: (وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ):[٢] "واتّقوا قول الكذب والفرية على الله بقولكم في الآلهة: (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى)،[٣] وقولكم للملائكة هي بنات الله ونحو ذلك من القول، فإنّ ذلك كذب وزور وشرك".
- قال ابن كثير- رحمه الله- وقوله: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ)؛[٢] «من» ههنا لبيان الجنس؛ أي اجتنبوا الرّجس الّذي هو الأوثان، وقرن الشّرك بالله بقول الزّور.[٤]
آيات وأحاديث تذمّ شهادة الزور
آيات قرآنية تذمّ الزور
من الآيات القرآنية التي وردت في ذمّ الزور وإن لم تذكر شهادة الزور صراحةً ما يأتي:
- قوله تعالى: ﴿وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾،[٥] ومعنى اجتنبوا أي كونوا أنتم في ناحية والزور في ناحية ثانية بعيدة.[٦]
- قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً﴾؛[٧] أي يهربون مجالس الباطل ولا يحضرونها، ولا يقربونها أصلاً.[٨]
أحاديث نبوية تذمّ الزور
من الأحاديث النبوية في حرمة شهادة الزور ما يأتي:
- قوله صلى الله عليه وسلم: (أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ؟ ثَلَاثًا، قالوا: بَلَى يا رَسُولَ اللَّهِ، قالَ: الإشْرَاكُ باللَّهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ - وَجَلَسَ وَكانَ مُتَّكِئًا فَقالَ - أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ، قالَ: فَما زَالَ يُكَرِّرُهَا حتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ)؛[٩] ومعنى ليته سكت؛ أي إنّ الصحابة قد أشفقوا على النبي -صلى الله عليه وسلم- من كثرة ما كرّر شهادة الزور والتحذير منها، حتى تمنّوا لو أنه -صلى الله عليه وسلم- سكت رحمة به ومحبة له.[١٠]
- شهادة الزور من الكبائر، حيث سُئِلَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- عَنِ الكَبَائِرِ فقَالَ: (الإشْرَاكُ باللَّهِ، وعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وقَتْلُ النَّفْسِ، وشَهَادَةُ الزُّورِ).[١١]
- قوله -صلى الله عليه وسلم- محذرا من قول الزور: (مَن لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ به والجَهْلَ، فليسَ لِلَّهِ حاجَةٌ أنْ يَدَعَ طَعامَهُ وشَرابَهُ).[١٢]
- يعد ظهور شهادة الزور من علامات الساعة، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ بين يدي الساعةِ شهادةَ الزورِ وكتمانَ شهادةِ الحقِّ).[١٣]
معنى شهادة الزور
الشهادة تعني العلم بالشيء وبيانه، وحضور الأمر، ومنها الحلف واليمن، والشهادة في الاصطلاح تعني: إثبات الحق بالإخبار الصادق أمام القضاء،[١٤] وكلمة الزور ترجع إلى الجذر اللغوي (زور)، وتدل على الميل عن الحق، والميل إلى الباطل، والعدول عن الشيء إلى غيره، وهي هنا بمعنى العدول عن الحق إلى الباطل،[١٥] وشهادة الزور هي الشهادة الكاذبة التي تضيّع الحق في النفس أو في المال، أو تحلّل حراماً أو تحرّم حلالاً.[١٦]
حكم شهادة الزور
تعد شهادة الزور من كبائر الذنوب، وقد جمعت شهادة الزور مجموعة من الكبائر ومنها:[١٧]
- كبيرة الكذب والافتراء.
- كبيرة الظلم.
- كبيرة أكل مال الحرام.
- كبيرة تحليل ما حرم الله -تعالى- أو تحريم ما أحل الله -تعالى- في الأموال والأنفس والأعراض.
- كبيرة إقامة الشهادة لغير وجه الله تعالى.
المراجع
- ↑ مجموعة من المؤلفين، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم، صفحة 4780. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث سورة الحج، آية:30
- ↑ سورة الزمر، آية:3
- ↑ سورة الأعراف ، آية:33
- ↑ سورة الحج ، آية:30
- ↑ الكرماني، لباب التفاسير، صفحة 2951. بتصرّف.
- ↑ سورة الفرقان ، آية:72
- ↑ أبو البركات النسفي، تفسير النسفي مدارك التنزيل وحقائق التأويل، صفحة 550. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري ، في صحيح البخاري، عن أبي بكرة نفيع بن الحارث، الصفحة أو الرقم:2654، صحيح.
- ↑ النووي، شرح النووي على مسلم، صفحة 88. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري ، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك ، الصفحة أو الرقم:2653، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:6057، صحيح.
- ↑ رواه أحمد شاكر ، في مسند الإمام أحمد ، عن طارق بن شهاب، الصفحة أو الرقم:333، إسناده صحيح.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 219، جزء 20. بتصرّف.
- ↑ ابن فارس، مقاييس اللغة، صفحة 36. بتصرّف.
- ↑ ابن علان، الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية، صفحة 48. بتصرّف.
- ↑ شمس الدين الذهبي، الكبائر، صفحة 79. بتصرّف.