محتويات
ألفاظ الفقر في القرآن الكريم
ورد لفظ الفقر في كتاب الله -تعالى- في أربعة عشر موضعًا، وفي جميع هذه المواضع وردت الكلمة بصيغة الاسم، ولم ترد صيغة الفعل من الفقر ولا في آية منها،[١]وكما وردت مجموعة من المصطلحات المترادفة التي تحمل معنى الفقر والحاجة بشكل أساسي، إلّا أنّ هناك اختلافات بسيطة في كلّ منها سيتمّ بيانها فيما يأتي:
- الفقر
الأصل اللغوي لكلمة الفقر هو (فَ قَ رَ)، وتشير إلى الانفراج في شيء، ومنها الفِقار وواحده الفَقارة؛ وتطلق على الحزوز التي في الظّهر، وقيل أن كلمة (فقير) اشتقّت منها لأنّه من فاقته كأنّه مكسور الفقار الذي في ظهره، والفاقرة من مشتقاتها ويقصد بها الدّاهية،[٢]قال تعالى: (تَظُنُّ أَن يُفعَلَ بِهَا فَاقِرَة)؛[٣]أي تتوقّع أن يفعل بها داهية تكسر فقار الظهر من شدّتها.[٤]
- الخصاصة
لم ترد كلمة (الخصاصة) في القرآن الكريم إلا في قوله تعالى: (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ)،[٥]والأصل اللغوي لها يحمل معنى الفرجة بين الأصابع، وتطلق الخصاصة على الثقب الصغير وعلى الخلل أيضًا، ويقال: ذوو الخصاصة؛ أيّ ذوو الفقر، فالخصاصة هنا هي الحاجة والعوز والخلّة.[٢]
- الإملاق
أصل كلمة الإملاق هو الإنفاق، فيقال: أملق ما معه؛ أي أنفقه، وكذلك يقال: مَلَقَ ما معه؛ بمعنى أنّه أخرجه من يده، والافتقار تابع لهذا المعنى، فوضع السبب مكان المسبّب حتى اشتهر به، وبالمحصّلة يكون الإملاق معناه: كثرة الإنفاق الذي يؤدي إلى الحاجة والعوز، وللإملاق معانٍ أخرى، منها؛ الفساد والإسراف والفاقة، والفاقة هي المعنى الذي اتّفق عليه علماء اللغة والتفسير لهذه الكلمة.[٢]
وقد وردت كلمة إملاق في القرآن الكريم في موضعين؛[٢]الأول في سورة الإسراء، فقد قال تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ۚ)،[٦]أما الثاني ففي سورة الأنعام في قوله تعالى: (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ).[٧]
- العَيلة
العيلة تعني الفقر والحاجة، ومثلها العالة، وأصلها (عال) ويقال: عال الرجل؛ أي افتقر، أما أعال الرجل، فتعني: كثر عياله، ومثلها أعالت المرأة، ويقال رجل مَعيل، وامرأة مَعيلة إن أصبح لهما عيال، والواحد من العيال عَيْل، وتجمع على عيائل.[٧]
وقد ورد لفظ عيلة في القرآن الكريم في ثلاثة مواضع، الأول باللفظ نفسه في قوله تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ)،[٨] وجاء فعلًا في قوله تعالى: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُوا)،[٩]أما في الموضع الأخير، فقد جاء اسم فاعل، قال تعالى: (وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى).[١٠][٧]
معاني الفقر في القرآن الكريم
جاءت ألفاظ الفقر في القرآن الكريم في عدد من المواضع، وهي تحمل معنيين رئيسيين وآخرين فرعيين سيتمّ بينهما فيما يأتي:
معاني الفقر الرئيسية في القرآن
ورد لفظ الفقر في القرآن الكريم بشكل رئيسي يحمل المعنيين الآتيين:
- الافتقار إلى الله تعالى
هذا المعنى عامّ ينطبق على جميع البشر مهما كانت أحوالهم أو أشكالهم أو أزمانهم، وهو فقر معنوي؛ فالبشر محتاجون إلى الله -سبحانه وتعالى في كلّ شيء؛ في الحركات وفي السكنات، ويفتقرون إليه في تسيير أمورهم كلّها، والله -تعالى- غنيّ عنهم جميعهم لا يحتاج أحدًا منهم.
وقد ورد هذا المعنى في أكثر من موضع، منها قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ).[١١][١]
- الفقراء من الناس عمومًا
هذا المعنى هو أكثر ما قُصد في القرآن الكريم، وهو يشير إلى الفقر المادي؛ أي الفاقة والحاجة إلى المال، فقد قال تعال: (وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)،[١٢][١] والفقراء من مصارف الزكاة التي وردت في قوله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).[١٣]
معاني الفقر الفرعية
ورد الفقر في القرآن الكريم بمعانٍ فرعية لم تذكر إلا قليلًا، وهي كما يأتي:
- الفقراء من المهاجرين خاصة
قال -تعالى- في كتابه العزيز: (لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ)[١٤]ويُقصد بالفقراء هنا المهاجرين من قريش الذين قدموا إلى المدينة وليس معهم ما ينفقون به على أنفسهم، فأمروا أن يتصدّقوا عليهم، وقيل: إنّ المقصود بهم أهل الصفّة، وقيل غير ذلك،[١٥]كما قصد الفقراء من المهاجرين في قوله تعالى: (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ).[١٦][١]
- الطعام
ورد لفظ الفقر في القرآن الكريم بمعنى الطّعام مرّة واحدة على لسان موسى عليه السلام، فقد قال تعالى: (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ)،[١٧] وقد روي أنّ موسى -عليه السلام- لم يسأل الله -تعالى- إلا الطعام.[١]
آيات ورد فيها لفظ الفقر في القرآن الكريم
وردت كلمة الفقر في القرآن الكريم بلفظها ذاته وبمشتقاتها المختلفة، وفيما يأتي آيات ذكر فيها الفقر:
- قال تعالى: (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ).[١٨]
- قال تعالى: (وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ).[١٩]
- قال تعالى: (إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).[٢٠]
- قال تعالى: (وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ).[٢١]
- قال تعالى: (إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا).[٢٢]
- قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ).[٢٣]
المراجع
- ^ أ ب ت ث ج وليد المهدي، بغية السائل من أوابد المسائل، صفحة 927. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث "ألفاظ (الفقر) في القرآن الكريم"، إسلام ويب، 14/08/2005، اطّلع عليه بتاريخ 21/1/2022.
- ↑ سورة القيامة، آية:25
- ↑ النسفي، تفسير النسفي، مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ الجزء 3، صفحة 573. بتصرّف.
- ↑ سورة الحشر، آية:9
- ↑ سورة الإسراء، آية:31
- ^ أ ب ت سورة الأنعام، آية:151
- ↑ سورة النساء، آية:3
- ↑ سورة التوبة، آية:28
- ↑ سورة الضحى، آية:8
- ↑ سورة فاطر ، آية:15
- ↑ سورة النور ، آية:32
- ↑ سورة التوبة، آية:60
- ↑ سورة البقرة، آية:273
- ↑ السيوطي، الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ الجزء 2، صفحة 89.
- ↑ سورة الحشر ، آية:8
- ↑ سورة القصص، آية:24
- ↑ سورة البقرة، آية:268
- ↑ سورة النساء، آية:6
- ↑ سورة النور، آية:32
- ↑ سورة محمد ، آية:38
- ↑ سورة النساء، آية:135
- ↑ سورة فاطر، آية:15