أمثلة على الأضداد في القرآن الكريم

كتابة:
أمثلة على الأضداد في القرآن الكريم

أمثلة على الأضداد في القصص القرآني

أحياناً يأتي اللفظ لمعنيين متعاكسين، فيقولون: هذا اللفظ من الأضداد، فمثلاً لفظ "السليم" قد يطلق على الملدوغ وقد يطلق على غير المريض، ولعل في إطلاقه على الملدوغ سراً بيانياً لا علاقة له بوضع اللفظ -أي وضع لفظ ملذوغ-، والسر البياني هنا هو التفاؤل بسلامة الملدوغ، كتسميتهم للقافلة؛ تفاؤلاً بعودتها سالمة، والصحراء بالمفازة تفاؤلاً بالفوز في اجتيازها،[١] ومن الأمثلة عليها في القصص القرآني ما سيأتي بيانه:

  • وصف الجنة في قصة أصحاب الجنة الدنيوية

تنوّعت آراء العلماء في توجيه تشبيه الجنة الدنيوية التي أراد أهلها منع الفقراء منها؛ فنزل العذاب الإلهي عليها في قوله -تعالى-: (فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ)،[٢] هل المقصود تشبيهها بالليل في اسودادها، أم بالصبح في بيان أرضها لعدم وجود الشجر؟ فأصل كلمة "الصريم": الشيء المصروم؛ لأنَّ كلّ شيء قطِعَ من شيء فهو صريم ذلك الشيء، وعلى هذا فيكون الليل صريماً والصبح صريماً؛ لأنّ كلّ واحد منهما ينصرم عن صاحبه.[٣]

  • مكان السفينة بالنسبة للملك في قصة موسى والخضر

حين تحدّث الخضر عن سبب خرقه للسفينة، تعذَر بقوله: (فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا)،[٤] فالملك كان أمامهم، وكان ابن عباس يفسرها بذلك، ويرى بعض علماء اللغة العربية جواز استعمال كلمة "وراء" في موضع استعمال كلمة "أمام"؛ لأنه من الأضداد، واستشهدوا بقوله -تعالى-: (مِن وَرَائِهِم جَهَنَّمُ)، [5] أي مِن أمامهم وقدَّامهم جهنم.[٥]

أمثلة على الأضداد في وصف أحوال أهل النار

استخدم القرآن الكريم ألفاظاً من الأضداد في وصفه لأمور متعلقة بأصحاب النار، ومن الأمثلة عليها ما سيأتي بيانه:

  • وصف حال أصحاب النار وهم مقنعي رؤوسهم

جاء في وصف أصحاب النار: (مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ)،[٦] فالمقنِع: هو رافع رأسه، الذي يُقبل ببصره شاخصاً على ما بين يديه، والعرب تصف الإبل بالإقناع عند رؤيتهم لها وهي ترعى أعالي الشجر، ولكن يقال في اللغة: أقنع فلان رأسه، إذا نكَّسه وطأطأه، فهذا اللفظ من الأضداد.[٧]

  • إسرار أهل النار للندامة

تنوّعت آراء العلماء: هل سيُظهِر أهل النار الندامة حين يشاهدون العذاب أم يخفونها؟ وسبب اختلافهم هو تفسيرهم للإسرار في قوله -تعالى-: (وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ)،[٨] والراجح أنَّ "أسروا" هنا بمعنى أظهروا؛ لأن يوم القيامة ليس بيوم تصنُّع ولا تصبُّر، ويقول علماء العربية إن "الإسرار" من الأضداد؛ يقال: أسررت الشيء، بمعنى: أخفيته، وأسرته: أظهرته.[٩]

مثال على الأضداد في وصف حال الإنسان في الدنيا

من أصناف الناس في الدنيا: صنف المُقوين، قال تعالى -عن فوائد نار الدنيا-: (وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ)،[١٠] قيل: هم الفقراء الذين لا زاد معهم، ولا ناراً يوقدونها لصناعة الخبز، تقول العرب: "أقويت مُذ كذا وكذا"، أي: ما أكلت شيئاً، والمقوي من الأضداد: يكون بمعنى الفقر، ويكون بمعنى الغنى. يُقال: "أقوى الرجل"، إذا قويت دوابّه، وإذا كثر ماله،[١١] ولذلك اختلف العلماء في تفسير المقوين بالمسافرين وبالمستمتعين.[١٢]

المراجع

  1. صبحي الصالح، دراسات في فقه اللغة، صفحة 310. بتصرّف.
  2. سورة القلم، آية:20
  3. الثعلبي، الكشف والبيان عن تفسير القرآن، صفحة 16. بتصرّف.
  4. سورة الكهف، آية:79
  5. الماوردي، النكت والعيون، صفحة 322. بتصرّف.
  6. سورة إبراهيم، آية:43
  7. أبو حيان الأندلسي، البحر المحيط في التفسير، صفحة 443. بتصرّف.
  8. سورة يونس، آية:54
  9. ابن الجوزي، زاد المسير في علم التفسير، صفحة 335. بتصرّف.
  10. سورة الواقعة، آية:73
  11. الثعلبي، الكشف والبيان عن تفسير القرآن، صفحة 513. بتصرّف.
  12. النيسابوري، إيجاز البيان عن معاني القرآن، صفحة 799. بتصرّف.
6122 مشاهدة
للأعلى للسفل
×