حكم أكل لحم النِّيص
حيوان النِّيص شبيه بالقنفذ؛ ضخم الحجم يعيش في الصحراء، ويسمى في كتب التراث: "الدلدل"، قال الأزهري: "الدلدل أعظم من القنفذ يشبهه أيضاً"،[١] وجمع ابن منظور الأقوال فيه؛ وهي أنَّ الدلدل: عظيم القنافذ، له شوك طويل، وإذا انتفض يرمي بشوك كالسهام.[٢]
ويرى ابن باز أنه مباح كباقي الحيوانات التي لا نصَّ يحرمها؛ لأنه يتغذى على النباتات والحشرات وليس بالمفترس،[٣] بينما ذكر ابن جبرين أنه من الحيوانات الملحقة بتلك التي تستقذرها العرب عند أكثر العلماء، ثم بنى الرأي على أن النفس تميل إلى النفرة منه؛ وأنَّ الإنسان يترك المشتبه به ورعاً، وخاصة حين لا تكون هنالك حاجة لأكله.[٤]
حكم أكل لحم الضبع
تعددت آراء أهل العلم في حكم أكل الضبع على أقوال، وفيما سيأتي بسط الآراء حولها:[٥]
- قول الحنفية بتحريم أكله
والدليل عندهم الحديث الصحيح العام في تحريم أكل كل ذوات الأنياب من السباع، قال أبو ثعلبة الخشني: (نَهَى رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- عن أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ)،[٦] ولحديث خزيمة بن جزء السلمي: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أكل الضبع، فقال: (أَوَ يَأْكُلُ الضَّبْعَ أحدٌ! وفي روايةٍ: ومَن يَأْكُلُ الضَّبْعَ).[٧]
- قول الجمهور والصاحبين من الحنفية بإباحة أكله
والدليل عندهم ما جاء عن ابن أبي عمار، قال: قلت لجابر: "الضبع أصيد هي؟ قال: نعم. قلت: آكلها؟ قال: نعم، قال قلت: أقاله رسول الله -صلى الله عليه وسلم؟- قال: نعم"،[٨] وردوا على دليل الحنفية بأنَّ إباحة أكل لحم الضبع تخصيص مِن عموم حديث تحريم كل ذي ناب من السباع، فيحرم كل ذي ناب من السباع إلا الضبع.
- رأي ابن جبرين أنَّه من المشتبهات
لأنه يلحق بالحيوانات آكلة الجيف، كما أن له ناب يفترس به، ومن الأفضل التورع في أكل لحم الضبع بإلحاقه بالمشتبهات.[٤]
حكم أكل لحم الغراب
تعددت آراء أهل العلم في حكم أكل لحم طائر الغراب على أقوال، وفيما سيأتي بسط الآراء حولها:[٩]
- إباحة أكلها
لأنه لم يرد عن الصحابة تحريمها، ولا يوجد نصٌّ يُحرِّم أكلها، وهذا رأي مالك وقتادة وأبو هاشم.
- تحريم أكله صغيراً وكبيراً
وهو رأي الشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي؛ لأنه من ذوات المخالب، فلا يُؤكل الغراب، ولا تُؤكل الحدأة حتى لو كانت صغيرة، كما استدلوا بأحاديث ذكرت الغراب من الفواسق التي تُقتل في الحِلِّ والحرم، وما يُباح قتله في الحرم لا يباح أكله.
- كراهية أكل الكبير منها
لكن لا بأس مِن أكل الصغير منها، وهذا رأي النخعي.
- كراهية أكل لحم الغراب الأسود والغراب الأحمر
وإباحة ما سوى ذلك، وهو رأي الحكم وحماد ومحمد بن الحسن الشيباني.
- إباحة أكل لحم الغراب الموجود في المزارع
لأنه يأكل الحبوب والزرع، ولا يأكل الميتة ولا الجيف، وهو رأي أبي يوسف الذي نقل عن أبي حنيفة أنه رخَّصَ في أكل غراب الزرع، وكرِهَ أكلَ كلِّ آكلٍ مِن الجيف مهما كان اسمه ونوعه، ولعل الرأيين السابقين ربطا التقسيم -حجماً ونوعاً- بأكل الجيف.
المراجع
- ↑ المديني، المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث، صفحة 670. بتصرّف.
- ↑ ابن منظور، لسان العرب، صفحة 249.
- ↑ ابن باز، مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، صفحة 35.
- ^ أ ب ابن جبرين، شرح عمدة الأحكام، صفحة 3. بتصرّف.
- ↑ محمد صالح المنجد، موقع الإسلام سؤال وجواب، صفحة 8032. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي ثعلبة الخشني، الصفحة أو الرقم:1932، صحيح.
- ↑ رواه الشوكاني، في نيل الأوطار، عن خزيمة بن جزء السلمي، الصفحة أو الرقم:291، ضعيف.
- ↑ رواه الألباني، في إرواء الغليل، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:2494، صحيح.
- ↑ ابن المنذر، الإشراف على مذاهب العلماء لابن المنذر، صفحة 156.