محتويات
المصدر الصناعي
المصدر الصناعي هي أحد أنواع المصادر في اللغة العربية، وهي: المصدر الصريح، والمصدر المؤول، والمصدر المنسوب المعروف باسم السم المنسوب، والمصدر الصناعي، والمصدر الميمي، ومصدر المرّة، ومصدر الهيئة. ويعرف المصدر الصناعي بأنّه مصدر قياسيّ يُطلق على كل لفظ زِيد في آخره حرفا الياء المشددة والتاء المربوطة، وبهذا تنتقل الصفة إلى الاسمية ويصير اسم معنى مجرد، يدلّ على صفة اللفظ الذي صنع منه، أو ما فيه من خصائص. وعكسه المصدر الصريح الدال على حدث غير مقترن بزمن.[١] ويتشابه المصدر الصريح مع الاسم المنسوب، خاصّة مع زيادة الياء المشددة والتاء المربوطة، مع اختلاف دلالة كل منهما، وفيما يأتي تفريق بين المصدر الاسم المنسوب والمصدر الصناعي، وذكر أمثلة من القرآن على المصدر الصناعي.
المصدر الصناعي والمصطلح
لم يذكر مصطلح "المصدر الصناعي" في اللغة العربية عند القدماء إلا في أمثلة قليلة لهذا النوع من المصادر في كتبهم، رغم وجود أمثلة من القرآن على المصدر الصناعي، وكان اهتمامه به أقلُّ بكثير عن اِهتمامهم بباقي المصادر، وقد أدرجه الخليل بن أحمد الفراهيدي ضمن المصدر الصريح، فقال: "اللصوصية والتلصُّص، مصدر اللص"، ولم يستخدم سيبويه للمصدر الصناعي مصطلحًا ما، رغم ذكر أمثلة عليه وورود أمثلة من القرآن على المصدر الصناعي، فقال: "الجبريَّة والتَّقدمية"، وسمَّاه الفراء المصدر، وبه قال الأزهري، وابن قتيبة، وابن درستويه.[٢]
وكان أوّل مَن استخدم مصطلح المصدر الصناعي، فهو الشيخ أحمد الحملاوي ت. 1315هـ، حين قال: "يصاغ من اللفظ مصدرٌ، يقال له: المصدر الصناعي، وهو أن يزاد على اللفظة ياء مشدَّدةٌ، وتاءُ التأنيث؛ كالحرية، والوطنية والإنسانية، والهمجية والمدفعية". وقد سمّى الحملاوي هذه التاء تاءَ التأنيث، وهي وإن كانتْ تحمل هذه الدلالة، فإن البعض سمَّاها بتاء النَّقل؛ لأنها تَنقل اللفظ من الصفة إلى الاسم. وقد استعمل الحملاوي مصدر اللفظة، فاللفظ أعمُّ من الاسم، وفي ذلك نباهة وفَطانة، فكما يصاغُ المصدر الصناعي من الأسماء الذوات والصفات، فإنه يصاغ أيضًا من الضمير، فيقال: "الهوية" ومن الظرف يقال: "التحتية" و"الفوقية" و"الخلفية"، ويصاغ من لفظي (كل وبعض)، فيقال: "كلية" و"بعضية"، كما يُصاغ من الأعداد "الثلاثية" و"الرباعية" و"الخماسية" و"السباعية".[٢]
وعند البحث عن أمثلة من القرآن على المصدر الصناعي، يجد الباحث في بحثه عن دراسات مختصة بالمصدر الصناعي أنّ المستشرقين اهتمّوا بدراسة المصدر الصناعي، منهم الإنجليزي وليم رايت في كتابه "قواعد اللغة العربية"، ثم برجشتراسر في محاضراته المعروفة "بالتطور النَّحوي"، التي أطلق فيها على المصدر الصناعي "اسم المعنى"، ثم الأستاذ الدكتور فهمي محمود حجازي في كتابه "اللغة العربية عبر القرون"، التي بيَّن فيها أهميةَ المصدر الصناعي في الدلالة على الاتجاهات والمذاهب والنُّظم، وهو أمرٌ لم يكن مطروحًا في الجاهلية وصدر الإسلام، وقال: "إن صيغة المصدر الصناعي تكوَّنت من ياء النَّسب وتاء النَّقل من الوصفية إلى الاسمية في نهاية الكلمة".[٢]
إنّ وجود المصدر الصناعي في اللغة العربية وأمثلة من القرآن على المصدر الصناعي، يدلَّ على جدارة هذه اللغة وقدرتها على استيعاب المبتكرات العلمية، وعلى نقل المصطلحات العلمية الدقيقة، ومواكبة التقدم في مختلف المجالات، وهذا لا يعني بأنه لم يكن يستخدم قَبلًا، فقد وجدت أمثلة من القرآن الكريم على المصدر الصناعي، يمكن الاستشهاد بها على قدم هذا المصدر.[٢]
الفرق بين المصدر الصناعي والاسم المنسوب
يُصاغ المصدر الصناعي بزيادة ياء مشدّدة وتاء مربوطة على الاسم ليدل على ما يدل عليه المصدر، مثل: الإنسانيّة، والعبوديّة، والعربيّة، والعالميّة، وغيرها كثير. وقد تزاد الياء المشددة وتاء التأنيث دون أن يكون الاسم مصدرًا صناعيًا، وإنما اسمًا منسوبًا، ويوجد هذا في أمثلة من القرآن على المصدر الصناعي، وبالتالي يمكن التمييز بينهما من خلال ما يأتي:[٣]
- إذا كان هذا الاسم مسبوقًا بموصوف مؤنث لفظًا أو تقديرًا، فإنّ الاسم عندها يكون اسمًا منسوبا وليس مصدرًا صناعيًا، ويعرب نعتًا، فمثلا: الإنسانيّة مطلبُ الجميع في تعامل الآخرين معهم، فالإنسانيّة هنا مصدر صناعي وتُعرب مبتدأ. في حين جاءت الإنسانية في جملة المشاعر الإنسانيّة رائعة اسمًا منسوبًا، لأنها جاءت نعتًا مرفوعا لكلمة المشاعر.
- قد يكون هذا الموصوف لفظًا مُقدّرًا يدل على السياق، مثل: يحرص أبناؤنا على تعلّمِ العربيّةِ وإتقانها. فجاءت كلمة "العربية" في الجملة مقصود بها اللغة العربية، وبالتالي فهي اسم منسوب، وليست مصدرًا صناعيًا؛ فالموصوف اللغة جاء مُقدّرًا دلّ عليه السياق.
أمثلة من القرآن على المصدر الصناعي
عند البحث عن أمثلة من القرآن على المصدر الصناعي، يجد الباحث ورود هذا المصدر فيه، مع تكرره بكثرة في كلمات بعينها دون أخرى، وفيما يأتي سيظهر ذلك من خلال استعراض أمثلة من القرآن على المصدر الصناعي:
- قال تعالى: {قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ۖ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ}،[٤] والشاهد في قول تعالى كان في كلمة "ذُرِّيَّةً"، وهي مصدر صناعي من الفعل "ذَرَرَ"، و"ذُرِّيَّةً" مفرد وجمعها "ذُريَّات وذَراريُّ"؛ أي نسل وأولاد. و"ذُرِّيَّةً" في الآية تعرب مفعولا به منصوبًا للفعل "هَبْ". ويلحظ أن كلمة ذُرِّيَّة من الكلمات التي يكثر ورودها في أمثلة من القرآن على المصدر الصناعي.
- قال تعالى: {وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ}،[٥] وكلمة "ذُرِّيَّةٌ" في قوله تعالى، هي مصدر صناعي، وموقعها من الإعراب: مبتدأ مؤخر مرفوع وعلامة رفعه الضم لشبه الجملة الخبرية "له".
- قال تعالى: {وَءَايَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ}،[٦] والشاهد في قوله تعالى هو كلمة "ذُرِّيَّتَهُمْ"، وقد جاءت هنا مفعولا به منصوب للفعل "حَمَلْنَا"، وهي مضاف، و"هم" ضمير متصل في محل جرّ بالإضافة.
- قال تعالى: {فَمَا ءَامَنَ لِمُوسَى إلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ}،[٧] والشاهد في "ذُرِّيَّةٌ" أنها جاءت مصدرًا صناعيًا، وموقعها من الإعراب، فاعلُ للفعل آمن، بعد مجيئها بعد أدة الحصر "إلا".
- قال تعالى: {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ}،[٨] والشاهد في قوله تعالى جاء في كلمة "الْجَاهِلِيَّةِ"، فهي مصدر صناعي من جاهل، بمعنى الضلالة والجَهالة، وتعرب مضافًا إليه لكلمة "حَمِيَّةَ"، وهي من الكلمات التي يكثر ورودها في أمثلة من القرآن على المصدر الصناعي.
- قال تعالى: {وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ}،[٩] وكلمة "الْجَاهِلِيَّةِ" هنا أيضًا جاءت مصدرًا صناعيًا، وتعرب مضاف إليه مجرور.
المراجع
- ↑ "مصدر صناعي"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 18-09-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث "وظيفة المصدر الصناعي في صناعة المصطلح"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-09-2019. بتصرّف.
- ↑ "مصدر (لغة عربية)"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 18-09-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 38.
- ↑ سورة البقرة، آية: 266.
- ↑ سورة يس، آية: 41.
- ↑ سورة يونس، آية: 83.
- ↑ سورة الفتح، آية: 26.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 154.