أنواع الأساليب في اللغة العربية

كتابة:
أنواع الأساليب في اللغة العربية


الأسلوب الإنشائيّ

يمكن تعريف الأسلوب الإنشائي لغةً من المادّة الّلغويّة "أنشأ"، وأنشأ الشّيء أي أوجده، أمّا في اصطلاح الّلغة فيُعرّفه علي الجنديّ في كتابه (البلاغة الفنيّة) بأنّه الكلام الذي لا يحتمل صدقاً أو كذباً لذاته، وبمعنى آخر هو الأسلوب الذي لا يتحقق مضمونه إلّا إذا صُرِّح به كما ذُكر في كتاب (الأساليب البلاغيّة)؛ فطلب الفهم في أسلوب (الاستفهام)، وطلب الفعل في لفظ (افعَل)، وطلب الكف عن الفعل في لفظ (لا تفعل) هي تأكيد على الفكرة السابقة التي وردت في هذا الكتاب.[١]


أقسام الأسلوب الإنشائيّ

تنقسم الأساليب الإنشائية بشكل رئيسيّ إلى قسمين، وهما الطلبي وغير الطلبي، وتفصيل كلّ منهما كالآتي:

إنشاء غير طَلَبيّ

يُقصد بأسلوب الإنشاء غير الطلبي بأنّه إنشاء يتمثّل بعدم استدعاء شيء لطَلَبه وتحقيقه على عكس الإنشاء الطَّلَبيّ، ويكون على هيئة أساليب مُختلفة منها:

صيغ المدح والذّم

من هذه الصّيغ (نِعم)، و(بِئسَ)، مِثل: نِعمَ الصديقُ المخلصُ، وبِئس الخُلُق الكذبُ، كما أنّ من هذه الصّيغ الأفعال المُحوّلة إلى فِعل، مِثل كَبُر مقتاً أن تقول على الله كذباً، ومن الصّيغ الأخرى (حبّذا) مِثل: حبذا القناعةُ مع الرِّضا، و(لا حبّذا) مِثل: لا حبّذا الكسلُ.[١]

التّعجّب

يقع التّعجّب في صيغتين قياسيّتين، الأولى (ما أفعله) مِثل: ما أصبرهُ على قول النّاس!، والثّانية (أفْعِل به) مِثل: أجْمِل بتدريس المُعلّمين!، كما أنّ هُناك صيغة غير قياسيّة -سماعيّة- مِثل: لله درّك طالبَ عِلم مُجتهد.[١]

القَسَم

تتمثّل أحرف القسم بـ (الواو) المستخدمة في جملة والله لأكوننّ من الصّالحين، و(التّاء) مِثل: تالله لأصبرنّ على نوائب الدّهر، و(الباء) مثل: بالله سوف ينتصر العرب، كما أنّ (لَعمرُ) من صيغ القَسَم أيضاً، ومن الأمثلة عليها: لَعمرُك إنّ الحقّ مُنتصر.[١]

الرّجاء

إنّ الرجاء أسلوب قائم على الطّلب لأمر مُحبَّب وقريب الحدوث باستخدام (لعلّ)، مِثل: لعلّ النّتيجة تظهر قريباً، كم أنّ هناك أفعالاً تستخدم لنفس الغاية وتُسمّى أفعال الرّجاء، ومنها الفعل (عسى) مِثل: عسى أن يأتي الله بالنّصر، والفعل (حرى) مِثل: حرى خالد أن يدرس، والفعل (اخلولق) مِثل: اخلولق الكسلانُ أن يجتهدَ.[١]

صيغ العقود

تُعدّ هذه الصّيغ من أساليب الخَبَر، إلّا أنّ كونها لا تحمل معنى الكذب أو الصّدق أدى إلى خروجها من دائرة الإخبار، ومن هذه الصيغ (بِعتُ)، و(اشتريتُ)، و(وهبتُ)، و(قبلتُ)، وغيرها من ألفاظ العقود.[١]


إنشاء طَلَبيّ

يتمثّل الإنشاء الطَّلَبيّ في استدعاء مطلوب، ويتّصف هذا المطلوب بأنّه غير حاصلٍ في وقت طلبه، وتجب الإشارة إلى أنّ أهل البلاغة يعتنون بالإنشاء الطَّلَبيّ أكثر من عنايتهم بالإنشاء غير الطَّلَبيّ؛ لما لهذا الأسلوب من قُدرة على تجاوز الأغراض الحقيقيّة إلى أغراضٍ مجازيّة يتمّ فهمها من خلال سِياق الكلام،[٢] ويقع هذا الأسلوب في خمسة أنواع هي:

الأمر

هو الأسلوب الذي يُطلب فيه الفعل من الغير على وجه استعلاء وإلزام، وللأمر أربع صيغ هي:[٢]

  • فِعل الأمر

مِثل (خُذْ من النّاس ما هو خير).

  • المُضارع المصحوب بلام الأمر

مِثل (ليُنفقْ صاحب الرِّزق من ماله).

  • اسم فِعل الأمر

مِثل (عليكم) أي الزموا، مِثل:عليكم أنفسكم لا يهمّكم الظّالمون، ومِثله أيضاً (صهٍ) بمعنى اسكت، و(مه) بمعنى اكفف، و(آمين) بمعنى استجب، و(بله) كذلك بمعنى دع، و(رويده) بمعنى أمهله، ونزال بمعنى (انزل) و(دراك) بمعنى أدرِك.

  • المصدر النّائب عن فِعل الأمر

مثل (وبالأهل إحساناً).


النّهي

هو أسلوب طلَبيّ يُراد منه التّوقّف عن فعل شيء ما بصورة إلزاميّة من الغير، ويّتفق النّهي مع الأمر في استعلاء أحد الأطراف على الآخر، إلّا أنّهما يختلفان في الصّيغ، وفي الأمر يُطلب الشّيء، أمّا في النّهي فيُمنع عنه، كما يقع النّهي في صيغة واحدة، وهي الفعل المضارع المصحوب بـ(لا) النّهاية الجازمة، مِثل: لا تكذبْ.[٢]


الاستفهام

هو أسلوب يُستخدم للعِلم بأمرٍ غير معلوم بالنسبة للسائل، وهو ما قال فيه البعض أنّه طلب خبر ما ليس عند السائل به علم، وللاستفهام أداوت تُقسّم إلى قسمين:أحرف الاستفهام: تتمثّل في حرفين هُما (هل) التي تُكون إجابتها بنعم أو لا، مِثل: هل أتى أحمد؟، والحرف الثّاني هو (الهمزة) ويُجاب عن السؤال المبدوء بها بنعم أو لا أحياناً، كما في السؤال (أقام أحمد؟)، وفي صيغة أخرى يُجاب عنه بالتّحديد مِثل (أقام أحمد أم جلس؟).[٢]

أسماء الاستفهام:[٢]

  • ما

تُستخدم لطلب شرح الشيء، مِثل: ما القناعة؟.

  • مَن

تُستخدم للاستفسار عن الجنس، مِثل: من هذا؟.

  • أيّ

تُستخدم للسؤال عمّا يُميّز أحد المتشاركَين في أمر تعمُّهما، مِثل: أيّ الكُتب عندك؟.

  • كم

تُستخدم للاستفسار عن العدد، مِثل: كم وجبة أكلت اليوم؟.

  • كيف

تُستخدم للاستفسار عن الحال، مِثل: كيف حالك؟.

  • أين

تُستخدم للاستفسار عن المكان، مِثل: أين كان عليّ؟.

  • أنّى

تُستخدم بمعنى "كيف" مِثل: أنّى يعيش بعد موته؟، ومرّة بمعنى (من أين) مِثل: أنّى لك هذا الطّعام كلّه؟، وتَرِد كذلك بمعنى "متى" مِثل: أنّى تتخرّج؟.

  • متى

تُستخدم للاستفسار عن الزّمان، مِثل: متى تُسافر؟.

  • أيّان

تُستخدم للاستفسار عن الزّمان، مِثل: أيّان يوم القيامة؟.


التّمني

هو الأسلوب الطَّلَبيّ الذي يتمثّل بتوقُع أمر مُحبّب في الزمان المُستقبليّ، ويكمن الفرق بينه وبين التّرجي أنّ التّمني يدخل في نطاق طلب الأمور المُستحيلة على عكس التّرجي الذي يُصاحب المُمكنات، أمّا أداة التّمنّي فهي (ليت)، وقد تُستعمل بعض الحروف التي تُعطي معناها، وهي ثلاثة حروف هي: لو، وهل، والجدير بالذِّكر أنّ أهل البلاغة يُميّزون التّمني بنوعين هُما:[٢]

  • التّمنّي فيما هو مُستحيل

يكون التّمني في هذا النوع فيما لا يُرجى وقوعه، مِثل (ليت السّماء تُمطر ذهباً).

  • التّمنّي فيما لا يُمكن الحصول عليه

يكون التّمنّي في هذا النوع فيما لا يُمكن حصوله، مِثل (ليت لي مُلكاً مِثل قارون).


النداء

هو الأسلوب الطَّلَبيّ الذي فيه طلب بالإقبال من المدعوّ (المُنادى) على الداعي ( المُنادي)، ولهذا الأسلوب العديد من الأدوات، وهي:الهمزة: أداة تُستخدم لنداء القريب، مِثل (أفاطم مهلاً بعض هذا التدلّل).[٢]

  • (أ)

أداة تُستخدم لنداء البعيد، ولم يذكره سيبويه لكنّ غيره ذكره.

  • أيا

أداة تُستخدم لنداء البعيد، والبعض قال أنّه يستخدم للقريب والبعيد، مِثل: (أيا ساع للعلم، قُم).

  • أي، وآي

أداة تُستخدم لنداء البعيد، مِثل: (أي أخي، لا تستسلم).

  • هيا

أداة تُستخدم لنداء البعيد، مِثل: (هيا غاضباً، اهدأ).

  • وا

أداة تُستخدم لنداء البعيد، وهذا الأسلوب أسلوب "النّدبة" ومن مثله: (وامُعتصماه).

  • يا

أداة تُستخدم لنداء البعيد، كما تُستخدم لنداء القريب عند التّوكيد، وعند البعض هي مُشتركة بين القريب والبعيد، وتُعدّ هذه الأداة أكثر أدوات النّداء استعمالاً، مِثل (يا عليّ أين أنت؟).


الأسلوب الخَبَريّ

يُعرّف الخَبَر بأنّ الأسلوب الذي يحمل كلاماً قابلاً للتّصديق أو التّكذيب في ذات الشّيء، فإذا قِيل (سامرٌ شجاعٌ) فهذا خبر صادق إذا وافق الواقع، ومن هُنا يُمكن تحديد مدى صحّة الكلام أو كذبه، وذلك من خلال ضابط (النّسبة الكلاميّة) التي يُدلّل عليها سياق الكلام بفهمه وإثبات مدى صحّته.[٣]


بالإضافة إلى ضابط آخر يُسمّى (النّسبة الخارجيّة، أو الواقعيّة)، وينطبق هذا فيما يُمكن مُلاحظته، فعندما يقول أحدهم (القمر ظاهر)، فسيُعلم مدى صحّة كلامه إذا تمّت رؤية القمر حقيقةً، أو كالذي يقول (الشّمس ساطعة) فإثباته للقول هو سطوع الشّمس في عالم "الخارج"، وهذا ما جعل ضّابط الخارجيّة يتّسم بالواقعيّة، كما يُمكن استخلاص فِكرة الخبر في تطابق النّسبة الكلاميّة مع النّسبة الخارجيّة للحُكم على القول بأنّه صادق، وإلّا فهو كاذب.[٣]


أنواع الجمل الخبريّة

بناء على ما سبق ستكون الجُملة في حالاتٍ ثلاثة، الإثبات، أو النّفي، أو التّأكيد، وفيما يلي بيان لها:

الجُملة المُثبتة

هي الجُملة الخالية من حُروف التّوكيد وأدواته، وأدوات النّفي كذلك، وتقع هذه الجملة في أوجه مُختلفة سواء كانت جُملاً اسمية تُستخدم فيها الضمائر مثل: هو الأوّل والآخر، أو أسماء الإشارة مثل: ذلك هو النّصر الكبير، أو فعلية تُستخدم فيها الأفعال المبنيّة للمجهول مِثل: خُلق الإنسان، أو الماضية مِثل: خَلَق الإنسان، أو المُضارعة المُثبتة مِثل: يُحيي الزّرع بالمطر.[٣]

الجُملة المنفيّة

هي الجملة التي تضمّ أدوات النّفي على اختلافها، وتجب الإشارة هُنا إلى أهميّة وُجود النّفي؛ إذ قال (السيوطي): "من أقسام الخَبَر النّفي، بل هو شطر الكلام كلّه"، وشطر الشّيء هو نصفه، وهذا يجعل أهميّته كبيرة في الأسلوب الخَبَريّ، كما أنّ من أدوات النّفي التي ترافق هذه الجُملة لا المشبهة بليس غير العاملة، ولا النّافية للجنس، وما، ولم، وليس، وغير، وإنْ، ولَنْ، ولاتَ، ولمّا)، ومِثالُها (مالكم لا تعقلون).[٣]

الجُملة المُؤكّدة

هي الجُملة التي تحتوي على أدوات التّوكيد، عندما يكون المخاطب في هذه الجُملة مُنكراً أو شاكّاً، كما ذكر حسن عبّاس أهميّة هذه الجُملة فقال "أمّا إذا كُنت تدرك من الذي تُخاطبه شكّاً، فيحسن أن تُؤكّد له الخَبَر؛ لتُزيل ما بنفسه من شكّ"، أمّا بالنّسبة لأدوات التّوكيد، فهي (إنّ، ولام الابتداء، وضمير الفصل، والقسم، وإمّا الشّرطيّة، وحرفا التّنبيه (ألا، وأما)، والحروف الزّائدة (إنْ، وأنْ، وما، ومن، والباء، وقد، والسّين الداخلة على الفعل الدّال على الوعد أو الوعيد، وسوف، وتكرير النّفي، وإنّما، ونونا التّوكيد)، ومن الأمثلة على الجُمل المُؤكّدة (قد أفلح المُصلّون)، و(إنّ كلّ شيء بخير)، و(إنّك لعالِمٌ عظيم).[٣]


أغراض الأسلوب الخَبَريّ

يتناول الأسلوب الخَبَريّ في ثناياه غرضيْن أساسيّيْن أولهما إفادة الخَبَر، والذي يتمثّل في إفادة الشّخص المُخاطب غير العالِم بحُكم موجود في جُملة ما، مِثل: الدّين التّسامح، أمّا ثانيهما فهو لازم الفائدة، ويُراد من هذا الغرض إعلام المُخاطب بأنّ المتكلّم على دراية بالحُكم المُتضمَّن في الجُملة أيضاً، فيُقال لشخص أخفى تخرجه من الجامعة مثلاً: أنت تخرّجت من الجامعة، والجدير بالذِّكر أنّ الأسلوب الخَبَريّ يقع في أغراض أخرى مجازيّة تُفهم من السّياق، وفيما يلي أهمّها:[٤]

  • الاسترحام والاستعطاف

مِثل (إنّي فقير إليك ربّي).

  • تحريك الهمّة

مِثل (ليس سواءً المؤمن والكافر).

  • إظهار الضّعف والخشوع

مِثل (ربّ إنّي أصابني الوهن).

  • إظهار التّحسّر

مِثل (إنّي وُلدتُ فقيراً).

  • إظهار الفرح بمُقبِل، والشّماتة بمُدبِّر

مِثل (انتصر الحقّ وخاب الظّالم).

  • التّوبيخ

مِثل قول (النّهار طالع)، للشّخص العاثر.

  • التّذكير بالتّفاوت بين المراتب

مِثل (لا يستوي المُتعلِم وغير المُتعلِّم).


تدريبات على أنواع الأساليب في اللغة العربية

فيما يأتي تدريبات على الأسلوب الإنشائي الطلبي، والأسلوب الإنشائي غير الطلبي:


بيان نوع الإنشاء غير الطلبيّ

بيّن نوع الإنشاء في الأمثلة الآتية:


المثال
نوع الإنشاء غير الطَّلَبيّ
نِعم القول الصّدق.
(................)
بِعتُك البيت بخمسين ألف دينار.
(................)
ما أجمل السّماء!
(................)
والله، لأجتهد.
(................)
عسى الشّر ينتهي.
(................)


الحل

  1. إنشاء غير طلبي، صيغ المدح والذم، المدح بـ (نِعْمَ).
  2. إنشاء غير طلبي، صيغ العقود، استخدام الفعل (بِعْتُكَ).
  3. إنشاء غير طلبي، التعجب، صيغة (ما أفعل!).
  • إنشاء غير طلبي، القسم (والله).
  1. إنشاء غير طلبي، الرجاء، استخدام فعل الرجاء (عسى).


بيان نوع الإنشاء الطلبيّ

بيّن نوع الإنشاء الطلبي في الأمثلة الآتية:


المثال
نوع الإنشاء الطَّلَبيّ
لا تدخنْ السّجائر فإنها سمّ.
(................)
عليك بالصّبر.
(................)
يا خالد، تعالَ إليَّ.
(................)
ليت الأمس يعود.
(................)
متى تبدأ المباراة ؟
(................)


الحل:

  1. إنشاء طلبي، النهي بـ (لا)، أفاد التوبيخ.
  2. إنشاء طلبي، الأمر (عليك)، أفاد النصح والإرشاد.
  3. إنشاء طلبي، النداء بـ (يا)، أفاد التنبيه.
  4. إنشاء طلبي، التمني بـ (ليت).
  5. إنشاء طلبي، الاستفهام بـ (متى)، أفاد الاستبطاء.




المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج ح أحمد مطلوب، أساليب بلاغية، صفحة 86-131. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث ج ح خ السيد أحمد الهامشي، جواهر البلاغة، صفحة 69-92. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ث ج مرتضى عبدالنبي الشاوي، سورة الحديد درساة أسلوبية، صفحة 3-8. بتصرّف.
  4. علي الجارم، البلاغة الواضحة، صفحة 144-147.
5991 مشاهدة
للأعلى للسفل
×