أنواع الإحسان في الإسلام

كتابة:
أنواع الإحسان في الإسلام

معنى الإحسان

عرّف أهل العلم الإحسان بعدّة تعريفات، فهو عكس الإساءة، وفيه دلالة على ترك كلّ ما هو مُسيءٌ وقبيح، والإتيان بما هو حسن وجميل، وقيل هو القيام بما هو واجب شرعاً على أحسن وجه، وقيل الإحسان هو أن تعبد الله -عزّ وجلّ- كأنّك تراه، فإن لم تكن تراه فإنّه يراك، وأن تبذل ما تستطيعه من النفع والخير للبلاد والعباد، وممّا سبق يمكن القول أنّ الإحسان خُلُق طيب، يحمل كلّ المعاني الرفيعة في حقيقته، وهي صفة يحرص عليها كل مريد للخير، باحثٌ عن الودّ، يكسب النفوس، فيقرب من القلوب، فالإحسان عطاء بلا حدود، وبذل بلا تردد، وإنعام دونما منّ، وإكرام لا يلحقه أذى، وقد اتصف الله -عزّ وجلّ- بهذه الصفة، حيث أحسن إلى خلقه، وله الفضل كلّه يُنسب، فقد قال في محكم كتابه: {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّـهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}،[١] فأحسن -عزّ وجلّ- لعباده دون انتظار مقابل منهم، بنعمٍ لا يمكن عدّها أو إحصاؤها.[٢]


أنواع الإحسان في الإسلام

هناك عدّة صور وأنواع للإحسان ذكرها أهل العلم، وفيما يلي ذكر بعضها:[٣]


الإحسان في أداء العبادات

فقد أخبر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- جبريل -عليه السلام- عندما سأله عن معنى الإحسان فقال: (أن تعبدَ اللهَ كأنك تراه، فإن لم تكنْ تراه فإنه يراك)،[٤] وللإحسان في العبادة مرتبتان كما بيّن الحديث، الأولى أن يعبد المسلم الله تعالى وكأنّه يراه، أمّا المرتبة الثانية فهي أن يعبد الله لأنّه يراه، والمقصود من المرتبة الأولى هو الحثّ على أداء العبادات رغبةً وطمعاً، فإن لم يستطع المسلم ذلك فليعبد الله تعالى خوفاً ورهبةً، فيؤدي المسلم العبادة على أكمل وجه، باستكمال شروطها، وأركانها، وواجباتها، وسننها، مستشعراً مراقبة الله عز وجل له.


الإحسان في التعامل مع الوالدين

الإحسان إلى الوالدين، حيث أولى وأحقّ الناس إحساناً إليهم هم الوالدان، حيث أمر الله تعالى بذلك صراحة في القرآن الكريم، فقال: {وَقَضى رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا إِمّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُما أَو كِلاهُما فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ وَلا تَنهَرهُما وَقُل لَهُما قَولًا كَريمًا}.[٥]


الإحسان في التعامل مع الجيران

حثّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إلى الإحسان إلى الجار، فإذا أحسنت الأُسر في المجتمع إلى بعضها البعض؛ صلح المجتمع، وسادت المحبة والرحمة فيه، وقد قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ والْيَومِ الآخِرِ فَلْيُحْسِنْ إلى جارِهِ).[٦][٧]


الإحسان في التعامل مع المحتاجين والأيتام

فمن أكثر الأشياء التي ترقق قلب العبد الإحسان إلى الفقير، وقد أمر الله تعالى بذلك في قوله تعالى: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا}.[٨]


الإحسان في السوق بين التجّار

فينبغي على المسلم أن يتقي الله تعالى في معاملاته الماليّة، وأن يقيم العدل فيها، ويبتعد عن الظلم وأكل مال الحرام، حيث قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّـهَ يَأمُرُ بِالعَدلِ وَالإِحسانِ}.[٩]


الإحسان إلى من أساء للمسلم

صنّف الهروي -رحمه الله تعالى- منازل العبودية إلى ثلاثة منازل، فقال: "الدَّرجة الأولى ترك الخصومة، والتَّغافل عن الزلَّة، ونسيان الأذيَّة. والدَّرجة الثَّانية أن تقرِّب مَن يقصيك، وتكرم مَن يؤذيك، وتعتذر إلى مَن يجني عليك، سماحةً لا كظمًا، ومودَّةً لا مصابرةً"، وقد كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- خير قدوة في الإحسان للمسيئين له.


الإحسان في المجادلة

حيث فسّر الشوكاني -رحمه الله- قول الله تعالى: {وَجادِلهُم بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ}،[١٠] فقال: "بالطَّريق التي هي أحسن طرق المجادلة. وإنَّما أمر -سبحانه- بالمجادلة الحسنة لكون الدَّاعي محقًّا وغرضه صحيحًا، وكان خصمه مبطلًا وغرضه فاسدًا".


الإحسان إلى الحيوانات

ومن صور الإحسان إلى الحيوانات إطعامهم وإشرابهم، والاهتمام بهم، وتطبيبهم عند الحاجة إلى ذلك، وقد أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- بحدّ الشفرة عند ذبح الذبيحة حتى لا تتألم أثناء ذلك، كما نهى عن أن تُحدَّ الشفرة والشاة تنظر إليها، وقد نهى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن تذبح الشاة أمام الشاة رحمةً بهم.


الإحسان في القول

فينبغي على المسلم أن يختار أحسن الكلام والأقوال في نقاشاته، فيختار الكلمة الحسنة ليقولها، وذلك تفادياً لوقوع المنازعات بينهم، فيخرج من الكلام إلى الفعل بوسوسة الشيطان، فيقع المسلمون في المخاصمات والنزاعات، فيسود الشرّ في المجتمع بين الناس، لذلك أمر الله تعالى عباده في القرآن الكريم فقال: {وَقُل لِعِبادي يَقولُوا الَّتي هِيَ أَحسَنُ إِنَّ الشَّيطانَ يَنزَغُ بَينَهُم إِنَّ الشَّيطانَ كانَ لِلإِنسانِ عَدُوًّا مُبينًا}.[١١]


المراجع

  1. سورة سورة غافر، آية:64
  2. أحمد عماري (5/4/2015)، "الإحسان: فضله وحقيقته"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 24/12/2021. بتصرّف.
  3. "صور الإحْسَان"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 24/12/2021. بتصرّف.
  4. رواه البخاري ، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 50 ، حديث صحيح.
  5. سورة سورة الإسراء، آية:23
  6. رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن أبي شريح العدوي خويلد بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 48، حديث صحيح.
  7. أمين الشقاوي، الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة، صفحة 35. بتصرّف.
  8. سورة سورة البقرة، آية:83
  9. سورة سورة النحل، آية:90
  10. سورة سورة النحل، آية:125
  11. سورة سورة الإسراء، آية:53
5224 مشاهدة
للأعلى للسفل
×