أنواع الدعاء

كتابة:
أنواع الدعاء

أنواع الدعاء

إنّ الدعاء هو أحد العبادات العظيمة التي حثّ الإسلام عليها، وبيّنت النصوص الشرعية أهمّيته وعظيم نفعه، وللدعاء الكثير من الآداب والأحكام المتعلّقة به، ومنها أنّ الدعاء أنواع وليس نوعًا واحدًا، وأنواعه هي: دعاء العبادة، ودعاء المسألة، ولكلّ نوع من هذه الأنواع تعريفٌ خاصٌّ به يُبيّن ماهيته ويشرح كيفيته ويوضّح حكمه ووقته.

دعاء العبادة

إنّ لدعاء العبادة تعريفات عدّة؛ ومنها أنّ دعاء العبادة هو: "التوسّل إلى الله -تعالى- لحصول مطلوب، أو دفع مكروه، أو كشف ضرٍّ بإخلاص العبادة له وحده"،[١] ومنها أنّه: "الطلب والمسألة بامتثال الأمر واجتناب النهي"،[٢] ويمكن التعبير عن دعاء العبادة بأنّها العبادة نفسها، فالمسلم عندما يقوم بعباداته ويُطيع ربّه فيما أمر وفيما نهى فإنّه يكون في حالة دعاء وهو طلب الثواب والجزاء.[٣]

ومن تعريفات دعاء العبادة أنّه: "عبادة الله -تعالى- بأنواع العبادات؛ من الصلاة، والذّبح، والنَّذْر، والصّيام، والحجّ، وغيرها، خوفًا وطمعًا، يرجو رحمته، ويخاف عذابه، وإن لم يكن في ذلك صيغة سؤال وطلب، فالعابد الذي يريد الجنة ويهرب من النار، وهو سائل راغب راهب، يرغب في حصول مُراده ويرهب من فواته، وهو سائل لما يطلبه بامتثال الأمر في فعل العبادة".[٤]

ومن الأدلّة على دعاء العبادة ما يأتي من الآيات القرآنية:

  • قال -تعالى-: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).[٥][٣]
  • قال -تعالى-: (وَمَن يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلَٰهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ).[٦][٧]

دعاء المسألة

إنّ دعاء المسألة هو دعاء الطّلب، ولهذا فقد ورد في تعريفه أنّه: "طلب العبد من ربه بالصيغة القولية"، وعُرّف أيضًا بأنّه: "دعاؤه -سبحانه- في جلب المنفعة ودفع المضرة، بقطع النظر عن الامتثال"، وقد سُمّي دعاء المسألة بهذا الاسم؛ لأنّ الدّاعي يطلب ما يريد ويسأل الله -عزّ وجلّ- تحقيقه بلسان المَقال، فهو يُعبّر عن ذلك بالألفاظ والكلمات.[٤]

والأمثلة على دعاء المسألة كثيرة، ومنها قول العبد "اللهم ارحمني"، "اللهم اغفر لي"،[٨] وقد ورد الأمر بدعاء المسألة والحثّ عليه في الكثير من الآيات القرآنية، ومنها قول الله -تعالى- في سورة غافر: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ).[٩][٧]

دعاء المسلم لأخيه في ظهر الغيب

إنّ دعاء المسلم لأخيه في ظهر الغَيب ليس قَسماً لنوعي الدعاء السابقيْن، وإنّما هو شكل من أشكال دعاء المسألة، وهو من الأدعية التي يُرجى إجابتها، والدليل قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (دَعْوَةُ المَرْءِ المُسْلِمِ لأَخِيهِ بظَهْرِ الغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ، عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ كُلَّما دَعَا لأَخِيهِ بخَيْرٍ، قالَ المَلَكُ المُوَكَّلُ بهِ: آمِينَ وَلَكَ بمِثْلٍ).[١٠][١١]

ومعنى الدعاء في ظهر الغَيْبة أي إنّه يكون في غَيبة المَدعوّ له، وفي سرّ الداعي؛ لأنّه أبلغ في الإخلاص، وفضله عظيم، فهو من الأدعية المستجابة -بإذن الله تعالى- والتي يُؤمّن عليها الملائكة، ويدعون لصاحبها بمثلها، ولهذا كان السلف يحرصون على الدعاء لإخوانهم في الأشياء التي يريدونها، وتُرجى هذه الفضيلة أيضًا عند الدعاء لكافة المسلمين بالخير والبركة، وغير ذلك من الأمور التي يُستحب الدعاء بها.[١٢]

المراجع

  1. التويجري، محمد بن إبراهيم، كتاب مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة، صفحة 891.
  2. شمس الدين الأفغاني، كتاب جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية، صفحة 1399-1397. بتصرّف.
  3. ^ أ ب سعيد بن وهف القحطاني، شروط الدعاء وموانع الإجابة في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 8-9. بتصرّف.
  4. ^ أ ب محمد بن عبد الله باجسير، كتاب القواعد في توحيد العبادة، صفحة 882-881. بتصرّف.
  5. سورة الأنعام، آية:162
  6. سورة المؤمنون، آية:117
  7. ^ أ ب عبد الرحيم السلمي، كتاب تأصيل علم العقيدة، صفحة 18.
  8. عبد العزيز الراجحي، كتاب دروس في العقيدة، صفحة 24. بتصرّف.
  9. سورة غافر، آية:60
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن صفوان بن عبدالله بن صفوان، الصفحة أو الرقم:2733، حديث صحيح.
  11. محمد علي محمد إمام، كتاب الحق المبين في معرفة الملائكة المقربين، صفحة 70.
  12. حسن بن علي الفيومي، كتاب فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب، صفحة 360-361. بتصرّف.
4715 مشاهدة
للأعلى للسفل
×