محتويات
مفهوم اللحن في التلاوة
الّلحن في اللّغة هو من الفعل لَحِنَ، ومعنى لَحَّنَ فلانًا: أي خطّأه في الكلام، وعندما يُقال ألحن الخطيب في كلامه: فمعناه أنّه وقع في خطأٍ لُغويّ أو نَحْويّ أثناء إلقائه، حيث قال الله تعالى:{وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ}[١] ولحن القول هو مقصده، وما يفهمه السّامع، متأملًا فيه ليعلم هدفه من لفظه، فمفهوم اللّحن هو التّكلم بطريقة مخالفة للصّواب في قواعد اللّغة العربيّة،[٢] وهو الميل والانحراف عن الصّواب إلى الخطأ،[٣] وأمّا اصطلاحًا فهو تلاوة القرآن الكريم بشكلٍ مخالفٍ لقواعد اللّغة العربيّة، كاستبدال حرفٍ بحرف أو حركة بأخرى، أو تلاوته بطريقة مخالفة لقواعد التّجويد، الذي يؤدّي إلى خللٍ في معناه فالقرآن الكريم نزلَ مرتلًا مُجوّدًا، وقد سمّى علماء القراءات القراءة من دون تجويد لحنًا؛ لذلك أفردوا له بابًا خاصّا؛ لحفظ مفردات القرآن الكريم التي نزلت على الرّسول-عليه السّلام- كما هي من غير خلل، وسيذكر هذا المقال أنواع اللحن في التلاوة وبعض الأمثلة عليها.
أنواع اللحن في التلاوة
إنّ تعلّم أحكام القراءة والتّجويد للقرآن الكريم واجب على كل مسلم، بالقدر الذي يحفظ لسانه من والوقوع في الخطأ، والذي قد يؤدي إلى إفساد المعنى، وأمّا حكم تعلّم الأحكام الخاصة بالمخارج والصّفات، والتي لا يتعلق بها إفساد في المعنى فهي مستحبة،[٤] وقد ذكر العلماء أنّ أنواع اللحن في التلاوة يُقسم إلى قسمين، أحدهما يسمى باللّحن الجليّ، والآخر يسمّى باللّحن الخفيّ، وكل نوعٍ له حقيقه تميزه عن غيره،[٥] وفيما يأتي تفصيلٌ عن ذلك:
اللحن الجلي
عندما يقرأ الإنسان القرآن الكريم، قد يصدر منه أخطاء في التّلاوة تخالف التّلاوة الصّحيحة المنقولة عن الرّسول عليه السّلام، فكل خطأ ظاهر جليّ يشترك في معرفته علماء القراءة، وعامة النّاس،[٥] يُسمى باللّحن الجليّ، وهذا الخطأ الظاهر قد يكون مخالفًا لقواعد اللّغة العربية ويخلّ ببناء الكلمة، كاستبدال حرف بحرف أو وضع حركة مكان أخر، وقد بيّن علماء القراءات حكم اللّحن الجلي فقالوا: من أخطأ في التّلاوة ووقع في لحنٍ جليّ فلا تصح قراءته ويأثم بسبب الإهمال ولا تصح الصّلاة خلفه [٦] إذا وقع في اللّحن الجليّ في أثناء قراءته لسورة الفاتحة وأدّى إلى خلل في المعنى، فتبطل صلاته،[٥] فقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيميّة قال: "لا ينبغي لطلبة العلم الصّلاة خلف من لا يقيم الفاتحة ويقع في اللّحن الجليّ".[٦]
أمثلة على اللّحن الجليّ
للّحن الجليّ صورًا كثيرة ذكرها علماء القراءات مشتركة بينهم وتمّ توضيحها حتى لا يقع فيها عامّة النّاس لذلك قد يكون اللّحن الجليّ في الحروف والكلمات وفي الحركات والسكنات، وفيما يأتي تفصيل ذلك:
- في الحروف: كإبدال حرف مكان أخر مثل إبدال حرف الحاء في قوله تعالى:{الْحَمْدُ لِلَّهِ}بحرف الهاء، وكذلك إبدال حرف الضاد من قوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ} بحرف بطاء.[٧]
- في الحركات: كإبدال فتح حرف الباء في قوله تعالى:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[٨] فيؤدي إلى فساد في المعنى.[٧]
- زيادة حرف على بناء الكلمة أو إنقاص حرف: مثل زيادة الفاء أو الواو في الآيات، مثل:وإذ قال بدلاً من: {إِذْ قَالَ}، وأمّا المثال على إنقاص حرف في قوله تعالى: {وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[٩] فتُقرأ بالشدة على النون حتى لا يؤدي ذلك إلى خلل في المعنى.[٧]
- في الكلمات: كوضع كلمة مكان أخرى، ومثاله: وضع كلمة رحيمٌ بدلًا من حليمٍ في قوله تعالى: {وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ}.[١٠][٧]
- إنقاص كلمة من آية، أو زيادة كلمة[٧]: مثاله في قوله تعالى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ}[١١]فكثيرٌ من يسقط كلمة {وما}في أثناء التّلاوة.
- الحركات والسكنات: كوضع الفتحة في كلمة: {الْحَمْدُ} بدل الضمة.[٧]
- ترك المدود الطبيعية: كقوله تعالى:{وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى}[١٢] فيؤدي إلى ذهاب ذات الحرف.[١٣]
- الوقف القبيح: كوقوف أحدهم على النّفي من كلمة التّوحيد في قوله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ}.[١٤][١٣]
اللحن الخفي
وأمّا النوع الثاني من أنواع اللحن في التلاوة، فهو اللّحن الخفيّ، ومعنى كلمة الخفيّ في اللّغة هو المستتر،[٦] وقد عرّفه العلماء بأنّه الخطأ المتعلق بالنّطق، أيّ الخطأ المتّعلق بإتقان اللّفظ، وقد سميّ باللحن الخفيّ؛ لأنّه لا يميزه إلا المختصّين من العلماء في القراءة،[١٥] ويخفى على عامّة النّاس، وهو نوعان أحدهما يعرفه عامّة القراء؛ كتركالإقلاب والإخفاء وترقيق المفخَّم وغيره من الأحكام، وأمّا النوع الآخر فهو من يعرفه المهرة في القراءات كزيادة المد عن مقداره أو إنقاصه، وقد بيّن علماء القراءات حكمه فقالوا: من وقع في اللحن الخفيّ فحكمه أخف من اللحن الجلي، بسبب قلة إتقانه، وتصح الصلاة خلفه، إلّا أنّه يتطلب منه أن يجاهد نفسه ويتدرب على أحكام التجويد حتى لا يقع في الإثم.[٥]
أمثلة على اللحن الخفي
ذُكر سابقًا أنّ من أنواع اللحن في التلاوة، هو اللّحن الجليّ الذي له حكمٌ خاصٌ فيه، وله صورٌ عديدة، وكذلك الّلحن الخفيّ له صورٌ كثيرة، قد تكون في الحروف والكلمات، وقد تكون في الحركات وفيما يأتي ذكرٌ للأمثلة:
- عدم ضبط مقادير المدود: فمن يقرأ آية {وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً}[١٦]من غير أن يأتي بالمد المتصل فلا يؤدي إلى خلل في المعنى، ولكنّ المهرة من القرّاء يدركون عدم الإتقان في التّلاوة.[٦]
- عدم تطبيق الأحكام، وتحقيق الصّفات: كمن يزيد في تكرار الرّاءات، ومن يُشبع الحركات فيضيف بعد الفتحة ألفًا، كمن تلا كلمة {تلكَ}[١٧] بلفظ تلكا.[٦]
- في الحركات: كنطق الضمة التي بعدها سكون حركة ما بين الضمة والفتحة مثال:{كنتم}.[١٨][٥]
- اللحن الخفي في صفة الهمس : كجهر التاء والكاف والهاء، مثل:{فَتْرَةٍ}.[١٩][٢٠]
- اللحن الخفي في صفة الجهر: فيهمس القارئ حروف الجهر في القاف والضاد واللام والراء والجيم والطاء والباء، مثاله:{الْحَرِيقِ}.[٢١][٢٠]
المراجع
- ↑ سورة محمد، آية:30
- ↑ "اللحن"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-19. بتصرّف.
- ↑ "اللحن"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-19. بتصرّف.
- ↑ " هل قراءة القرآن بالتجويد واجبة"، www.aliftaa.jo، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-11. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج "اللحن في قراءة القرآن الكريم"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-12. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج "معنى اللحن الجلي واللحن الخفي"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-12. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج ح "اللحن في قراءة القرآن الكريم 1"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-20. بتصرّف.
- ↑ سورة الفاتحة، آية:1
- ↑ سورة آل عمران، آية:102
- ↑ سورة البقرة، آية:225
- ↑ سورة النساء، آية:132
- ↑ سورة الضحى، آية:1
- ^ أ ب "معنى اللحن الجلي واللحن الخفي"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-20. بتصرّف.
- ↑ سورة محمد، آية:19
- ↑ "اللحن الخفي"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-12.
- ↑ سورة المؤمنون، آية:18
- ↑ سورة هود، آية:49
- ↑ سورة آل عمران، آية:110
- ↑ سورة المائدة، آية:19
- ^ أ ب "نماذج من اللحون التي تجري في بعض الأحكام "، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-12.
- ↑ سورة البروج، آية:10